رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

إبراهيم رضوان يكتب: مشوار المشاوير مع (زكريا أمان).. (5)

إبراهيم رضوان يكتب: مشوار المشاوير مع (زكريا أمان).. (5)
كوباية شاي تقيلة

بقلم الشاعر الكبير: إبراهيم رضوان

وفعلا.. كان المشوار قد بدأ.. شاب صغير جدا.. فقير جدا.. حضر من قريه صغيرة اسمها  طلخا.. إلى مدينه كبيرة بلا قلب.. ولا ضمير.. ولا إحساس.. ولا تتعامل مع الغرباء برحمة.. لم يعد إلا أنا و(زكريا أمان).. نصل الليالي بالليالي ونصر أن يصبح الليل طويلا حتي نحكي ونحكي علي كل أو بعض الأحداث التي عايشناها و سنعيشها.

(زكريا أمان) يقوم بعمل كل شيء لأنني لا أجيد عمل أي شئ باستثناء الشعر الذي أجمعت الصحف على أنه مدرسة جديدة في العامية.. نتناقش في كل دقائق تمر لنعيد ترتيب ما لم نستطع ترتيبه..

مرة أخرى وثانية وعاشرة.. نشرب الشاي الثقيل جدا.. لا أظن أننا شربنا ولا مرة واحدة القهوه.. كان (زكريا أمان) يدخل بعد أن يشتري كل شئ..لا أذكر أنني فعلتها مره لأن ظروفي تختلف عن ظروف زكريا..

(زكريا أمان) معه وأنا مفلس تماما.. كان (زكريا أمان) يحضر من الشركه التي يعمل بها وهيىشركه التوزيع الخاصه بكل الصحف والمجلات.. ومعه كميه كبيرة جدا من المجلات والصحف المصريه والعربية والأجنبيه.. أتصفح بعضها لفترة قصيرة حتي نجلس معا.. ومع الجرائد والمجلات كميه من البقسماط والجبنة والحلاوة.. مثلها الفاكهة..

يخرج من حقيبته أروصة سجائر سوبر التي كانت كمنوعه في هذا الوقت ولكنها موجودة في السوق السوداء.. يخرج علبة.. ياخذ منها سيجاره.. ويعطيني سيجارة.. ثم يتركها أمامي ويقوم بفتح علبة سجائر أخري جديدة.. يفتحها ويعيطيني منها سيجارة وياخذ سيجارة..

وهكذا حتى تنتهي علبته فيفتح علبة جديدة وتظل العلبة التي تركها لي بها 18 سيجارة تكفيني للذهاب إلى الإذاعه والعودة مرة أخرى لأنني أصبحت مدمنا للتدخين.. بعد العشاء كان يحضر (زكريا أمان) لنا صديق له من حلوان اسمه حافظ..

إبراهيم رضوان يكتب: مشوار المشاوير مع (زكريا أمان).. (5)
كان حافظ يحضر حبوب لتوسيع الشريان

ضربات شديده في القلب

كان يأخذ لي حبوبا تقوم بتوسيع الرئة والمساعدة على السهر.. وأنا لا بد أن أظل حتي الصباح مستيقظا لأكتب ما يطلب مني في الإذاعة.. هذه الحبوب التي كان يعطيها لنا حافظ أثرت  جدا على قلبي، لأنها كانت تؤدي إلى الإصابه بضربات شديده في القلب..

ولكنني كنت أحبها لأنني كنت آخذ الحبة مع كوب من الشاي ثم أدخن سيجارة بسعادة كبيرة.. خصوصا في الليالي التي لا يحضر فيها (زكريا أمان) إلا في الفجر..

(زكريا أمان) يعلم أنني في غيابه أعيش علي سندوتشات الفول والطعمية.. لذلك كان يأخذني عند أي محل كباب مشهور ويطلب لي كميه كبيرة من اللحوم والكفتة.. ويطلب لنفسه مثل هذه الكمية..

يظل يأكل ببطء حتى أنتهي من طبقي فيضع لي ما تبقى من طبقه في الطبق الخاص بي، ويقسم لي أنه يشعر بالشبع.. ولا يستطيع أخذ لقمة واحدة.. وليثبت ذلك يقوم بإشعال سيجارة ويتركني أكمل أكلي

في بعض الاوقات كان (زكريا أمان) يأخذني إلى شارع زين العابدين ونذهب إلى الرجل الذي يبيع كوكاكولا في أفران من الثلج، يشرب نصف زجاجته وبعد أن أفرغ من زجاجتي يعطيني نصف زجاجته بحجة أن القولون عنده لا يتحمل الكوكاكولا أو الخيار..

أسأله: لماذا لم تشرب نوعا آخر من المشروبات.. يقول لي أنه يحاول أن يحب كل ما أحبه ثم يردد أغنية أم كلثوم:

زرعت في كل ودادي..

ورد الأمل وانت رويته

وكل شئ في الدنيادي..

وافق هواك أنا حبيته

في بعض الليالي يذهب بي (زكريا أمان) إلي محل معروف يبيع الكبدة وكان مشهورا جدا.. يطلب لي طبقا ويطلب لنفسه طبقا.. كنت أترك له القطعه التي يحبها وهى الطحال.. فيأخذها سعيدا جدا.. ثم يترك لي كل قطع القلب الموجود مع الكبده في طبقه على اساس انه لا يحب لحوم القلب..

وهكذا كان (زكريا أمان) الذي كان في بعض الأوقات التي سيضطر فيها إلى الذهاب إلى عمله صباحا.. يأخذني في تاكسي ليصلني إلى الإذاعة.. ثم يكمل رحلته إلى عمله في ميدان رمسيس.

إبراهيم رضوان يكتب: مشوار المشاوير مع (زكريا أمان).. (5)
شندوتشات الكبدة

خمس سندوتشات كبدة

أنتهي من الإذاعه لأذهب له إلى مقر عمله هناك.. كان بجانبه أشهر بائع كبدة موجود على بعد خطوات منه.. فيحضر لي خمس سندوتشات كبدة صغيرة.. ويحضر لنفسه خمس سندوتشات أخري ولا أظن انه في يوم من الأيام لم يترك أي شيئا من أي طبق نأكله معا.. يترك لي أحلى الموجود في الطرشي وبعض السندوتشات الأخرى التي يقنعني أن ما أكله قد أشبعه..

 ثم بعد أن نعود إلى المكتب يرسل لشراء بعض السندوتشات الأخري ليكمل بها وجبته.

 في يوم من الأيام.. أخبرني (زكريا أمان) أن العمدة الحاج (علي أمان) قد اختار له عروسا قريبة له لا يعرف شيئا عنه غير أنها مقيمة في القاهرة، ولا يدري ماذا سيفعل.. قلت له  يا زكريا.. العمدة عنده حق.. ولا بد أن توافق.

قال لي: قابلتها أكثر من مرة وأعجبتني.. ولكنني أجلت كل شئ حتي آخذ رأيك..لا بد أن تجلس معها وحدك وتناقشها ثم تفول لي رأيك.. سأخذك أنت وهى على (الأمريكين) لتجلسا معا فترة طويلة ثم تحكم لي عليها.. هل تصلح زوجة لشاعر تحبه أم لا؟

 بالفعل أخذني (زكريا أمان) إلى نفس هذا المكان الذي حدده.. ثم عاد لنا بعد ساعات طويلة.. قمنا بتوصيلها الى منزلها..ث م أقسم لي على كتاب الله أن ما أحكم به سينفذه فان كانت تصلح له من وجهة نظري فسيتزوجها.. وإن كان العكس فلن يفكر في ذلك أبدا.

و

ماشي في بلاد الله

ماشي في بلاد الله ملهوف..

والحزن فاير في عروقي

 كل الشجر بزتون مقطوف..

 مين اللي ها يبل في ريقي

 من يوم فراقك مش طايق..

 عنب الدروب أو برقوقه

 حتى الطريق كان متضايق..

لما الدموع نزلت فوقه

……………………………

 يا غزالتي لما نزلتي الموج..

 زلزلتي في البحر الساكن

 بصيت عليكي.. مفيش

 معووج..

فيكي ولا لونك داكن

فجأه الرياح هزت فيا ..

ضاع اللي كان غالي عليا

من يوم فراقك مش طايق..

 عنب الطريق أو برقوقه

 حتى الطريق كان متضايق

 لما الدموع نزلت فوقه

……………………………

 قاللي القمر في الليل كمل..

 بسمة عيونك رجعها

مين يا حبيبتي هايتحمل..

 دمع الرجال أو مواجعها

ومشيت في حضن طريق ماشي..

 شايفك ما بين دمع رموشي

 من يوم فراقك مش طايق..

عنب الطريق أو برقوقه

حتي الطريق كان متضايق..

لما الدموع نزلت فوقه

……………………………

ياما نفسي أقدر أنساكي..

وابدأ حياتي بدون أحزان

لما افتكر ليله أساكي..

باتمنى أغرق في النسيان..

قادر في لحظه ينسيني

ويرجع النوم لعيوني

من يوم فراقك مش طايق..

عنب الطريق أو برقوقه

 حتى الطريق كان متضايق

 لما الدموع نزلت فوقه

..و للحديث بقيه..

من كتاب ( مدد مدد..)

سيرة ذاتية لبلد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.