رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

كمال زغلول يكتب: رسول الله نوح.. رمز (الماء) في الحضارة القديمة

كمال زغلول يكتب: رسول الله نوح.. رمز (الماء) في الحضارة القديمة
أسطورة الخلق المصرية تنص على ما وصلنا من البرديات باختصار وجود محيط مائي محاط بالظلام والفوضى

بقلم الباحث المسرحي الدكتور: كمال زغلول

يشكل (الماء) رمزا مهما في الحضارة المصرية القديمة، وعندما تكلمنا عن المكان المسرحي لعرض الأسرار في المعابد المصرية القديمة، كان مكان العرض يحوي بحيرة، وكما ذكر هيرودوت، وتكلمنا في مقالة سابقة عن رمز (الماء) في الحضارة المصرية القديمة.

وهذا الرمز يشكل معضلة للباحثين في التعرف عليه، حيث أن أسطورة الخلق المصرية تنص على ما وصلنا من البرديات باختصار وجود محيط مائي محاط بالظلام والفوضى، وأن أول ما ظهر من هذا المحيط هو بن بن التل (شكل هرمي)، ثم ظهرت الشمس، وتشكلت الحياة . 

والمحيط المائي هذا يطلق عليه اسم نوو أو نون، و: نون هو (الماء) الأزلي، والخواء، حيث انبعثت أولي مظاهر الحياة ، ومنه تولدت العناصر الأولي في العالم، وكذلك الآلهة وجميع الكائنات الحية.

وهذا الرمز (الماء) وقصة الخلق هذه تعد من المشكلات في دراسة التاريخ المصري، فلا تفسير مقنع يحاول تفسير رمز الماء الذي هو نوو.

ونذكر القارئ بأن مصر كانت على عقيدة التوحيد الخالص (تعبد إلهاً واحداً، خالق الأرض: إنه إله الفخراني، حرفي، قام بتشكيل خلقه بواسطة الطين الصلصالي ومياه النيل. بعد ذلك نفث فيه من روحه، كما ذكر تيبو في كتابه موسوعة الأساطير والرموز المصرية القديمة.

وأضيف إلى الإله الواحد، مجموعة من الآلهة المزعومة ، ومن تلك الفقرة ننتقل إلي المسرح المصري القديم ، لنتعرف على أهم ما كتبه المصريون عن نفسهم في بداية الخلق.

والحقيقة أن المصريين القدماء ، لم يتعرضوا لخلق السموات والأرض، ولكنهم  قاموا بالتأريخ لأنفسهم، بعد نهاية طوفان رسول الله نوح عليه السلام، وهذا ما نحاول استنباطه من الأسماء والرموز ونبدأ من نوو.

ونتساءل من هو نوو؟ لقد رمزوا المصريون إلي نوو بالمحيط والسفينة، التي أظهرت قرص الشمس فيما بعد، ونوضح أن حادث الطوفان موجود في ذاكرة الشعوب، وكان مهول تقشعر له الأبدان.

كمال زغلول يكتب: رسول الله نوح.. رمز (الماء) في الحضارة القديمة
أمطرت السماء ماء منهمر والأرض خرج منها (الماء)

ارتفعت المياه ارتفاع مهول

وبالطبع عندما حدث الطوفان كانت السماء غائمة والشمس غائبة، وأمطرت السماء ماء منهمر والأرض خرج منها (الماء) فكان الظلام يعم الأرض، وكانت المياه هى الظاهرة في كل الأرض فقد ارتفعت المياه ارتفاع مهول غطت الجبال.

ومن هنا يؤرخ المصريون لهذه الحادثة، بعد أن هدأت الأمطار وبدأ عدم خروج (الماء) من الأرض، وفي هذه الأثناء عم الهدوء وبقي (الماء) وبدأت الشمس في الظهور، ولكن ماذا كان يوجد على سطح هذه المياه، كانت توجد السفينة التي حملت رسول الله نوح مع أتباعه.

ومن هنا نري اسم (نوو) في المصرية القديمة حيث ورد في كتاب البوابات المصري: (أنه في الساعة الثانية عشر يصور نوو وهو يحمل مركب شمسي أو قارب، ويحتل المركب ثمانية آلهة، وهم خبري، وهو مظهر رع الصباحي، يقفون في المنتصف ويحيط بهم سبعة آلهة).

(وقد صور نوون في الفن المصري القديم كرجل ملتحي ذو بشرة مائلة إلى زرقة وحمرة و الذي يمثل (الماء)، وفي عصر الدولة الوسطى أعتبر نوو أو نوون أبو الآلهة).

وكان في مصر مدرسة هيرموبوليس (الأشمونيين حاليا)، والتي اعتقد كهنتها أن بداية الخلق مع نون (وهو نوح عليه السلام)، وكان لهم ثامون يرمز لذلك يسمى (أجدود)، وربما يعني الاسم الجدود.

أما مدرسة هليوبوليس، فتتفق معها في (الماء): (المحيط الأزلي)، ولكنها نسبت الخلق إلي أتوم وهو أدم عليه السلام.

وعن مدرسة ممفيس فقد نسبت الخلق لبتاح، الذي كان الإله الراعي للحرفيين، وعلى هذا النحو، فقد مثل قدرة الحرفي على تصور منتج نهائي، وتشكيل المواد الخام لإنشاء هذا المنتج، وقال لاهوت ممفيس أن بتاح خلق العالم على نحو مماثل.

وهذا، على عكس المخلوقات المصرية الأخرى، لم يكن خلقًا ماديًا بل خلقًا فكريًا من خلال كلمة الله وعقله،  وقد اتخذت الأفكار التي تطورت داخل قلب بتاح (التي اعتبرها المصريون مقر الفكر البشري) شكلًا عندما أطلق عليها أسماء بلسانه، وبنطق هذه الأسماء، أنتج بتاح الآلهة وجميع الأشياء الأخرى.

كمال زغلول يكتب: رسول الله نوح.. رمز (الماء) في الحضارة القديمة
كانت الراية نتر neter  توضع عادة في مختلف أركان المعبد

كلمة (نتر –neter)

هذا بخلاف مدرسة طيبة التي اعقدت في أمون.. وهكذا نرى أن الديانة المصرية القديمة، كانت توحيدية خالصة، ثم انحرفت وألهت بعض أنبياء الله سبحانه وتعالي.

ولتأكيد وجهة النظر نعود إلى كلمة (نتر -neter  )، فنرى أنها معنى غير واضح إذ أن نتر – neter :  تعنى هذه العبارة إله نتر.

وتمثل سواء من خلال صاري سفينة ينتهي براية صغيرة على شكل مثلث؛ أو سواء في شكل رجل ضئيل الحجم جالسا، وهو ملتح بذقن مستعارة ويمسك بعلامة عنخ، وأحيانا في صورة صقر جاثم فوق سارية علم، أو في هيئة نجمة ذات خمسة أفرع.

وفي البداية كانت الراية نتر neter  توضع عادة في مختلف أركان المعبد، لتعبر عن تواجد الإله في هذا البناء المقدس نفسه، ولذلك فقد لقبت بكلمة إله: دون تحديد لطبيعته، أو أسمه الشخصي.

ونلاحظ عدم تحديد طبيعة الإله في كلمة نتر، لأنه إنسان، وعلامته الكتابية صورة شخص ملتحي ونحيف، وهو نفس الصورة التي يظهر بها نوو في الحضارة المصرية القديمة على الجداريات، الذي يظهر فيها حاملا المركب وقد خرجت منها الشمس.

ونوضح أن أساطير الخلق في وادي النيل وبابل وسومر والهند تشترك جميعها في المحيط  المائي الذي خرجت منه المخلوقات، وذلك لأنهم يؤرخون من عصر الطوفان، وكل هذه الأساطير تتحدث عن رسول الله نوح بصور محرفة.

ولهذا فإن أساطير الخلق التي وجدت في مصر والرافدين والهند إلخ، ما هي إلا أحداث الطوفان، وليس لها علاقة أساسا بالخلق من العدم، إذ أن البشرية غرقت في (الماء) ولم ينجو سوي نوح والذين آمنوا معه في السفينة، وبدأت البشرية عهد جديد بالمؤمنين.

ومع التحريفات الكهنوتية والبشرية اعتبروا أن بعد الطوفان يعد خلق، ولهذا تظهر طيور ونباتات، كالوزة والطائر وزهرة البردي، تصور أحداث في قصة (الماء)، فهي لم تخلق لأنها كانت موجودة فعلا.

ولهذا لا يمكن بحال من الأحوال أن نقول على هذه الأساطير خلق، ولا يمكن مقارنتها، بما جاء في الكتب السماوية التي تنص على أن الله يخلق من العدم، وكفي عبثا بالعقول، بكلمة أساطير الخلق، بل هى كتابات محرفة حولت رسل وأنبياء الله إلي آلهة مثل آدم  ونوح في مصر القديمة، وخلقوا خرافات، ومزجوا بين القصص والشخصيات.

كمال زغلول يكتب: رسول الله نوح.. رمز (الماء) في الحضارة القديمة
نوح في ديانة الصائبة هو واحد من أنبياء ديانة الصابئة المندائيين

تشابهات بين تلك الخرافات

ولذلك نجد تشابهات بين تلك الخرافات في العالم القديم مثل مصر وسومر وبابل والهند إلخ.. فجميع هذه الأساطير ليس لها علاقة بخلق السموات والأرض بل تتكلم عن عالم الطوفان، الذي كان محيط مائي؛ غارقة فيه الأرض والسموات، ثم ظهرت السماء والأرض من جديد.

وهذا ما وجدناه في المسرح المصري القديم عن رسول الله نوح، وأن أسطورة الخلق المصرية وما يشباها ما هي إلا بداية الحياة الجديدة بعد الطوفان مع عباد الله المؤمنين، ونشير إلى نوح في ديانة الصائبة هو واحد من أنبياء ديانة الصابئة المندائيين ويدعى نو بالمندائية الآرامية.

وهكذا نلاحظ أن مصر بمسرحها القديم وضح لنا موضوع أساطير الخلق الخاصة بالطوفان لأنها كتبت بشكل منظم ، نستطيع أن نعرف منه أسباب التشابه بين جميع تلك الأساطير ، ونعرف منها أنها أساطير ليس لها علاقة بالخلق أساسا.

ولكن اعتقد المحرفين بعد الطوفان أن بعد هذه المرحلة حدث خلق، ولكن الحقيقة أن الغيوم الكثيفة الممطرة حولت النهار إلي ليل، واختفت الشمس ، كما أن الماء كان مرتفعا جدا على اليابسة وغطى قمم الجبال، ولذلك لم يظهر أي شيء أثناء الطوفان سوى السفينة.

وهكذا تري هذه الروايات أن البداية كانت (الماء) لأنه غطى كل شيء وعم الظلام وبعد أحداث الطوفان عاد النهار والليل ثانية ولهذا يقال أن الظلام كان موجود والماء ، وهكذا نكتشف في مصر القديمة المعني الحقيقي لكل هذه الأساطير التي يطلق عليها أساطير الخلق.

ونعرف الأنبياء والرسل في مصر القديمة ، بحقيقتهم الإنسانية ، ومنهم رسول الله نوح عليه السلام ، الذي كان المصريون القدماء قبل انحرافهم، على دينه وهو الإسلام وشريعته  التي يطلق عليها الصابئة.

والدليل ما هو موجود في كتاب الموتى وغيره من البرديات بأن الله واحد أحد ، ليس كمثله شيء ، خالق كل شيء ، سبحانه وتعالى  ، وقد ورد في كتاب الموتي أن الله  (واع واعو نن سنو) وبالعربية (واحد أحد لا ثاني له) سبحانه وتعالى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.