رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

كمال زغلول يكتب: (الكورس).. في المسرح المصري القديم

استخدم المسرحي المصري القديم، في بناء العرض المسرحي ، طرق مختلفة من الأداءات التمثيلية

بقلم الباحث المسرحي الدكتور: كمال زغلول

استخدم المسرحي المصري القديم، في بناء العرض المسرحي ، طرق مختلفة من الأداءات التمثيلية، وهذا واضح من خلال النصوص التي وصلت إلينا، ومن خلال الوصف القليل، الذي احتوى على كيفية تمثيل هذه العروض في ظل وجود الجوقة (الكورس).

ولا ينكر مسرحي درس الفنون القديمة هذا الأمر، إلا أن الغرب صنع لنفسه تاريخ مسرحي بادئا من اليونان القديمة، ولذلك معظم من كتبوا في تاريخ المسرح يذكرون المسرح المصري، ولكنهم يمرون عليه بدون تفصيلات تؤكد فنية المسرح المصري.

ولكن توجد إشارة إلى السبق المصري في فنون التمثيل المسرحي لـ (Allardyce Nicoll)، إذ ينوه بقوله: ولعل التسلية المسرحية كانت موجودة قبل ذلك بمئات السنين، وغالب الظن أن (إيسخيلوس) وقدامى كتاب المسرح  اليوناني كانوا مدينين بدين كبير في موضوع مسرحياتهم وشكلها للممثلين من رجال الدين، الذين كانوا يمثلون المسرحيات المقدسة في مصر القديمة.

وهذه الإشارة تؤكد على أن المسرحيين اليونانيين، قد تعلموا من مصر فنون المسرح، متخذين من البناء النصي للعرض المسرحي مع (الكورس)، وطرق التمثيل وسيلة لهم في تقديم عروضهم التي تعد محاكاة باهته للعروض المسرحية المصرية القديمة.

وهذا ما اكتشفه الأثري المصري (سليم حسن) من خلال تحليل طرق العرض اليونانية والمصرية، بل والنصوص المسرحية القديمة، وقد قدم هذا الأثري وصف لكيفية العروض في اليونان القديمة، من وجهة النظر الأثرية المؤكدة من خلال علم الآثار، وعقد مقارنة أثرية فينة بين المصري واليوناني.

والنتيجة كانت التفوق الكبير للمسرح المصري القديم وطرق تمثيلة، كما قدمناه في المقالات السابقة من خلال التحليلات الفنية للمسرح المصري، ولكن سليم حسن قدم لنا نصوص مصرية قديمة أبرز فيها دور الجوقة (الكورس) أو مجموعة المغنيين).

وكان للجوقة (الكورس) في النص اليوناني دور كبير في التراجيديا الإغريقية، وإذا ما عدنا إلي إشارة (نيكول) نجد أنه تحدث عن شكل ومضمون المسرحية، وأن اليونانيين تعلموا من المصريين.

الجوقة (الكورس) كانت موجودة في العروض المسرحية المصرية القديمة

الجوقة (الكورس) كانت موجودة

سوف نجد أن الجوقة (الكورس) كانت موجودة في العروض المسرحية المصرية القديمة، وكان لها دور هام في العرض المسرحي ، ونسوق بعض الأمثلة، من خلال عرض انتصار حورس على ست:

فرقة المغنين (الكورس – الجوقة)

 إن حليك المتخذة من شعر النعام لجميلة

وكذلك أحبولتك التي هي أحبولة الإله (مين)    

وسهمك الذي هو سهم حربة الإله (أنوريس)

وذراعك كانت أولى من رمى بالمقمعة..

وهؤلاء الذين على الشاطئ يفرحون عند رؤيتك

كما يفرحون عند طلوع الزهراء في أول العام

وعندما يشاهدون أسلحتك تمطر في وسط النهر

 كأشعة القمر عندما تكون السماء صافية.

وإن حور في قاربه مثل ونتي حينما يبطش بأفراس البحر من سفينته البحرية

فرقة المغنين والمتفرجين: اقبض بشدة يا حور، اقبض بشدة!

ونلحظ من المثال السابق، كيفية استخدام هذه الجوقة (الكورس) داخل العرض المسرحي، وبالطبع هذه الجوقة مكونة من عدد كبير  من الممثلين ، وعندما يقومون بالتمثيل ، فإن هذا الصوت يحدث تأثيرا قويا ، على الشاهدين وكأنه  في معركة حقيقية ، ولقد ذكر نيكول إسخيلوس في إشارته وأنه تعلم  من المصريين  ، وهذا ليس من فراغ ، فإذا عدنا إلي مسرحية الفرس ، سنجد أنه قدم الجوقة بالشكل المصري ، ونسوق مثال آخر:

حور : إن المقمعة الثانية قد ارتشقت بشدة] في جبهته، وشجت أم رأس الأعداء هكذا

فرقة المغنين: اقبض بشدة على المقمعة

وتنفس هواء خميس يا سيد مسن و يا آسر فرس البحر و يا خالق السرور،

والصقر الطيب الذي ينزل قاربه ويسبح في النهر في سفينته الحربية رجل أول ورقة بشنين.. حور المحارب، ورجل أول ورقة بشنين

وأولئك الذين في الماء يخافونه

والوجل منه في قلوب الذين على الشاطئ

أنت يا مخضع كل واحد، وأنت يا من.. قوي

والخبيث الذي في الماء يخافك

وإنك تضرب وتجرح كأن (حور) هو الذي يرمي بالخطاف

والثور المنتصر رب البطولة

وإن ابن (رع) قد عمل لحور كما عمل حور نفسه (حقٍّا)

أن ابن رع قد عمل بالمثل

دع مخالبك تقبض المقمعة الثانية

مصر هى البلد التي أسست العرض المسرحي

(حور) يحارب (ست)

فرقة المغنين والمتفرجين: اقبض بشدة يا حور.. اقبض بشدة!

ونلاحظ أن (حور) يحارب (ست)، وهذا المنظر يصور الطعنة الثانية، ونلاحظ تحفيز الجوقة لحورس، ووصف ما يقوم به من قتال (ست) بأن هو من الأعمال الكبيرة ويشجعونه، بأن يستمر ويقبض عليه بشدة ويطعنه حور الطعنة الثالثة وتستمر الجوقة (الكورس):

حور: إن المقمعة الثالثة قد ارتشقت بشدة في رقبته، وشوكها يعضُّ رقبته

ونقدم مثال آخر من الطعنة الثامنة ، لنرى بوضح ما تفعله الجوقة (الكورس):

حور: إن المقمعة الثامنة قد التصقت بشدة في مؤخرته وشقت فخذيه

فرقة المغنين: دع مقمعتك المقدسة تنفذ في وجهه. يا حور لا تكن؟

بسببه إن (أنوريس) هو حامي مخالبك الممزِّقة

كم تطعن حينما تستولي مخالبك وحينما يشرع سهمك في يدك،  وإنك تقطع؟

اللحم في الصباح، وسهامك هيىسهام سيد طير؟.. وإن رضا؟.. حنجرتك منحت إياه، هكذا يقول الصناع الصغار

الذي منحك إياه مرح يا( حور)،. وإنه بتاح الذي منحك إياه

مرح يا حور محبوب رجال البطاح

تأمل إنك طائر خبس الغطاس الذي يرشق السمك في الماء

تأمل!..أنك نمس مثبت على مخالبه والذي يقبض على الفريسة بكفه

تأمل!.. إنك كلب صياد يقبض على شحم الرقبة ليأكل اللحم

تأمل!.. إنك شاب قوي البناء يقتل الأقوى منه

تأمل!.. إنك أسد هصور متحفِّز للنزال على شاطئ النهر، ويقف بقدميه على جثة

فريسته

تأمل! إنك لهيب.. تبعث الخوف وتثور على تل من الحطب

فرقة المغنين والنظارة: اقبض بشدة يا حور!.. اقبض بشدة

ومما سبق نتخيل، مدى تأثير الجوقة (الكورس) في العرض المسرحي على المشاهدين، عدد كبير، يمثل في صوت واحد، لنحظ التأثيرات الحسية على الجمهور

ونقدم مثال آخر: 

فرقة المغنين: الكورس: اجعل مقمعتك تمسك به يا حور يا صاحب الوجه

الغضوب، يا ابن رب العالمين اليقظ، وتشاهد تجوالك عند انبثاق الفجر مثل تجوال حور

الكبير على شاطئ النهر. هل من الممكن أن يكره أخ أخًا له أكبر منه؟ فمن سيحبه إذن؟

إنه سيسقط بحبل شسموغنيمة لسيدتنا صاحبة الصيد

(الكورس): أمسكوا أنتم واستولوا أنتم يا أرباب القوة، انهبوا أنتم يا

أصحاب الحيوانات المفترسة!.. اشربوا أنتم دماء أعدائكم ودماء نسائهم.. اشحذوا سكاكينكم

ونصالكم، واغمسوا أسلحتكم فيها .. في الدم!.. إن أجسامكم أجسام أسود في السر الخفي.. وإن أجسامكم أجسام أفراس البحر التي لعنتها.. وإن أجسامكم أجسام (إوز)

تجري على الشاطئ وقلوبها متطلعة أن تحط هناك

ونكتفي بهذا القدر من الأمثلة، والتي تؤكد على أن العرض المسرحي المصري، هو الذي تعلم منه اليونانيين، وأنهم في الحقيقة، كانوا يحاكون (يقلدون) المسرح المصري القديم، بطريقة باهتة، وبهذا نؤكد على أن مصر هى البلد التي أسست العرض المسرحي، وأنه يتشابه كثيرا مع العروض المسرحية الحديثة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.