كتب: أحمد السماحي
من أجمل الأغنيات التى تغنت بها المطربة (شادية) أغنية (آخر ليلة) كلمات الشاعر الغنائي محمد حمزة، وألحان الموسيقار العبقري بليغ حمدي، وهذه الأغنية من الأغنيات الدرامية الناجحة التى قدمها (بليغ جمدي) لدلوعة الشاشة.
حيث كان (بليغ حمدي) يعتبر (شادية) فنانة غير عادية، وهى الوحيدة القادرة على دعمه موسيقيا، وقدم لها أغنيات كان يحاول (التجريب) من خلال صوتها.
ولمس إنها أقوى الأصوات القادرة على الغناء الدرامي بعد نجاحها في الغناء العاطفي، وبعد أن عبرت مرحلة الأغنية القصيرة، الشقية أحيانا، الموجعة أحيانا أخرى.
ومن التجارب الفنية التى حاول فيها التجريب، وجعل (الكورس) بطلا يشاركها الغناء أغنية (خلاص مسافر) حيث يبدأ الكورس قائلا : (في الفرح موال، وفي الجرح موال، والصبر موال، وأصبح على دي الحال غريب، ولا حد جنبي، قلت أسافر.
بعدها تبدأ (شادية) الغناء قائلة: وخايفة لما تسافر على البلد الغريب، تنسى إنك فايت في بلدك حبيب، مستني بأشواق، تعبان من الفراق).
ولم تكن أغنية (خلاص مسافر) هى الأغنية الدرامية الوحيدة التى قدمها لها، فقدم لها مجموعة كبيرة آخرى من الأغنيات التى حققت شهرة كبيرة.
شادية ومصطفى أمين
من الأغنيات الدرامية التى لحنها بليغ حمدي لشادية (آخر ليلة) كلمات محمد حمزه، والتى سنتوقف عندها هذا الأسبوع في باب (حواديت الأغاني) خاصة بعد أن كتب عنها قصص كثيرة على صفحات (السوشيال ميديا) وكلها غير حقيقية، وسنتوقف عند هذه القصص، كما جاءت، وبعد الإنتهاء من سردها، سنذكر الحقيقة.
الحكاية الأولى التى جاءت على موقع الفنانة (شادية) وحققت قراءات ضخمة اقتربت من الـ 10000 قراءة، و900 شير، وحوالي 600 تعليق.
تقول : (تزوجت شادية بعد طلاقها من عزيز فتحي، وقبل صلاح ذوالفقار مباشرة، من الكاتب الصحفي الكبير (مصطفي أمين) ولكن زواج عرفي لأنه كان له زوجة أولي وأولاد كبيرة، كما أن شادية تم طلاقها بصعوبة من (عزيز فتحي).
وفي هذه الفترة تم إتهام (مصطفى أمين) فى قضية تخابر مع أمريكا، وتم إلقاء القبض عليه، عام 1965 ، وهو بصحبة زوجته (شادية) فى فيلا بالإسكندرية، كما أن ضابط المخابرات الذى تم تكليفه بالتحفظ على كل أوراق (مصطفى أمين) بجريدة الأخبار، الضابط الذى غادرنا قبل بضع سنوات كان زوجا للإعلامية الكبيرة د.درية شرف الدين.
قال إنه وجد عقد الزواج العرفى فى درج مكتبه، وتسربت بعض أخبار عن وثيقة زواج (مصطفى أمين) من مطربة شهيرة، الكل أعتقد أنها أم كلثوم.
وكان الطباخ في فيلا (مصطفى أمين، وشادية) كان ضابط مخابرات للتجسس على (مصطفى أمين)، وتعلم كل فنون الطبخ لكي يراقبه، بعد إلقاء القبض على (مصطفى أمين)، خضعت (شادية) للتحقيقات، ولكن ثبت براءتها وعدم معرفتها بأي شييء.
تأثرت (شادية)، وذهبت لـ (بليغ حمدي) باكية في وجود الشاعر(محمد حمزة)، وحكت له عن أيامها الجميله مع (مصطفى أمين) وسهراتها معه وكيف أخذوه منها.
وأنه أخبرها أنه سوف يعود إليها سريعا، ولكن طالت فترة سجنه ومن هنا بدأت ولادة أغنيه (آخر ليلة)!
وتم تداول هذا (البوست) بشكل واسع، وجاء زميل صحفي، وكتب هو الآخر هذا التقرير عن أغنية (آخر ليلة) : (بعد طلاق شادية من عماد حمدى، ثم المهندس الاذاعى عزيز فتحى، جمعتها قصه حب بالكاتب الكبير (مصطفى أمين) الذى أثر فيها ثقافيا وفكريا، ثم تزوجها، ولم يتم الكشف عن هذا الزواج، وظل فى طى الكتمان حتى تم القبض على (مصطفى بك أمين) فى قضية التجسس لصالح أمريكا عام 1965..
وتم العثور على وثيقه الزواج ضمن أوراقه المتحفظ عليها، ولتاثر وتعلق (شادية) بمصطفى أمين كلفت صديقها الشاعر (محمد حمزة) بكتابه هذا الرثاء ولحنه بليغ حمدى.
وأحد الزملاء كتب: (تعرف على أغنية شادية التى تغنيها لزوار الفجر في عصر جمال عبدالناصر)، وكتب نفس القصة السابقة، مع إضافة (التاتش) الخاص به عن زوار الفجر!
حقيقة غناء شادية لمصطفى أمين
هذا ما تم تداوله بشكل كبير جدا على مواقع (التواصل الإجتماعي)، والحقيقة أن ما تم تداوله غير صحيح بالمرة، ومن يقرأ (البوست الأول) بحكم أنه الذي كتب الأول..
وبحكم أيضا أنه الأكثر شهرة وانتشارا يجد مجموعة متناقضات أولها: أن القبض على (مصطفى أمين) كان عام 1965، والأغنية ظهرت للنور أول مرة في حفل شادية على مسرح (قصر النيل) عام 1971، أي بعد القبض على مصطفى أمين بستة أعوام.
ثانيا: كانت الفنانة (شادية) في هذا الوقت متزوجة من الفنان الكبير (صلاح ذوالفقار)، وتعيش معه منذ سنوات حالة سعادة بالغة، وليس معقولا أن تغني شادية لزوجها السابق أغنية، وهى في عصمة رجل آخر كانت تحبه جدا وتتمنى أن تنجب منه أولاد، وبالفعل حملت منه أكثر من مرة، لكن الحمل لم يكن يكتمل.
ثالثا: طالما كان هناك ضابطا يعمل طباخا في فيلا (مصطفى أمين، وشادية) فلماذا لم يبلغ رؤسائه بأن الفنانة (شادية) متزوجة من الكاتب الكبير، بدلا من أن يظن الجميع، وبما فيهم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر أن عقد الزواج العرفي يخص أم كلثوم!
رابعا: وهذا هو المهم أن الموسيقار (بليغ حمدي) ذكر في أحد حوارته أنه بداية من عام 1970، ومع رجوع (شادية) مرة أخرى للغناء بعد ابتعاد سنوات تفرغت خلالها للتمثيل فقط، قرر أن يقدم لها مع الشاعر (محمد حمزه) مجموعة من الأغنيات الدرامية مثل (آخر ليلة)، وبعضها مستلهم من التراث المصري، مثل (خدني معاك، قطر الفراق، خلاص مسافر، لا لينا اهالي يا با، عطشان يا صبايا) وغيرها.
افتكاسات رواد السوشيال ميديا
معني هذا أن أغنية (آخر ليلة) لاعلاقة لها بالكاتب الكبير (مصطفى أمين)!، ولا (شادية) بكت، ولا تأثر محمد حمزه فكتب، ولا شيئ من هذا كله، ولكن ما تم تداوله (افتكاسات) من التى تتردد بصفة منتظمة على الفنانيين على (السوشيال ميديا)!.
وهذه الافتكاسات تتكرر بصفة منتظمة، لكن يغيب عن من يرددها السنة التى يحكي عنها، فيحكى (حدوتة) ليس فيها زمن، وعندما تتحرى الدقة تجد أنه يوجد سنوات بين زيف ما يحكيه، وبين الحقيقة!