تعرف على هدية (فاطمة جعفر) إلى (إبراهيم نصير) التى أصبحت أغنية شهيرة لـ (هاني شاكر)

كتب: أحمد السماحي

(إبراهيم نصير)، ملحن لون أيامنا وأحلامنا بألوان قوس قزح من خلال ألحانه التى أبدعها لعدد كبير من رموز الأغنية المصرية الراهنة، من يستمع إلى ألحانه، يجد أنها تمنحه زادا روحيا يساعده على التأمل واستصفاء صدره، وفرز مشاعره.

وذلك لأن ألحان (إبراهيم نصير) تقدم لك المجهر الذي يمتعك بأعذب النغمات والكلمات مجسدة واضحة، ومهما كان المستمع الذي يسمع ألحانه محدود الثقافة، لابد أن يجد في ألحانه ما يمتعه، ويحرك خياله، ويستنفر قدراته، ويستفز مداركه.

وكلما عمقت الاستماع إلي ألحان (إبراهيم نصير) أدركت ما في هذه الألحان من تجدد على الأنماط والنمطية، وعلى الأفكار اللحنية البالية، يجوز لأن بعض ألحانه حتى العاطفية منها تتميز بروح وجدانية صوفيه.

كانت بدايات (إبراهيم نصير) مع المطرب المتميز (إيمان البحر درويش)، في منتصف الثمانينات من خلال ألحان (ضميني وإنسي الدنيا، وقول يا قلم، وحروف الحق، وعاشق سمار لونك).

وبعد النجاح المدوي لهذه الألحان، توالت ألحان (إبراهيم نصير) لعدد كبير من المطربيين، فتعاون مع أمير الغناء العربي (هاني شاكر)، في أغنيات (من حق مينا فينا، وكان وعد، وما تلومش، وحكاية قلب).

ولحن للمطرب الكبير مدحت صالح (الله يعوض عليك يا صاحبي، وماشي والدنيا سكات، وقلبك ده سكتي وعنواني)، ولحن لهشام عباس، (إتمنيتك إنت)، ولليلى غفران الأغنية الدرامية (أيوه ببكي).

وأعطى لرائعة الصوت (ذكرى) واحدة من روائعها وهى (مش فاضلك غير دقيقة) التى تنتمي إلى لون (أكابيلا)، وهو فن استعراض سمعي لا بصري.

 وهو لون يستغنى عن المصاحبة الموسيقية بالآلات، ويستعين بدلا منها بالصوت البشري من كل الطبقات من السوبرانو إلى الباص، وهو لون يشكل تحديا لألوان الغناء المألوف.

 ويحتاج إلى دراسة متعمقة لعلم الأصوات البشرية، طبيعتها ومساحاتها، وعلم التأليف الموسيقى (هارموني) و(كونتر بوينت counterpoint.

إبراهيم نصير يتذكر

وكانت آخر ألحان (إبراهيم نصير) التى ظهرت للجمهور الأغنية الوطنية (شبك يا مصري إيديك) التى كانت عبارة عن (تريو) قام بغنائها (علي الحجار، محمد ثروت، مدحت صالح) وغيرها.

المثير أن من يرى (إبراهيم نصير) هذا الرجل المتواضع إنسانيا، يصعب عليه أن يصدق أنه صاحب كل الألحان الإبداعية التى شرفت بها الأغنية المصرية منذ منتصف الثمانينات وحتى منتصف التسعينات، والتى كانت ملمحا بارزا في أعمال جيله.

شهريار النجوم دق باب المبدع (إبراهيم نصير) الذي طمئنا على نفسه، وكشف لنا أنه بصدد تجهيز مفاجأت غنائية قادمة، تعوض سنوات غيابه عن الأغنية المصرية، بسبب سفره إلى عمان، واستقراره بها حوالي عشر سنوات.

وعن الأغنية التى لها (حدوتة) يمكن أن يقصها علينا لباب (حواديت الأغاني) قال : هناك أغنية جاءتني في رسالة، وعرضتها على مطرب كبير فأعجب بها، وقام بغنائها على الفور، وإليكم تفاصيل الحدوتة..

في البداية يقول (إبراهيم نصير): من بين ألبومات المطرب الكبير (هاني شاكر) التى تعاونت معه فيها بثلاث ألحان، ألبوم (ليه ما نحلمش) حيث تعاونت معه في أغنيتين هما (من حق مينا فينا) و(كان وعد) كلمات وائل هلال، توزيع عمرو عبدالعزيز.

لحنت الأغنية في نص ساعة

أثناء عملي في هذين الأغنيتين، كنت أتنقل ما بين القاهرة والإسكندرية، وقابلتني في الإسكندرية الشاعرة المبدعة (فاطمة جعفر) صاحبة الأغنية الشهيرة (شنطة سفر) لأنغام، وقالت لي : (أنا أعرف أنك بتلحن الآن للمطرب الكبير هاني شاكر، فهل ممكن تعطيه رسالة؟!).

فرحبت جدا بهذا الطلب، وأخذت الرسالة دون أن أفتحها، وسافرت إلى القاهرة، وأثناء عملنا في أستديو (إم ساوند) في مصر الجديدة، وفي فترة الأستراحة من الغناء، وكان معي (هاني شاكر)، ومهندس الصوت المبدع أحمد جودة، تذكرت الرسالة، فأخرجتها من جيبي، وقلت لهاني شاكر: (فيه رسالة لحضرتك من الشاعرة فاطمة جعفر).

فقال لي: (أفتحها يا إبراهيم، ففتحتها فوجدتها أشعار غنائية تحمل عنوان (ما تلومش)، تقول في بدايتها:

 تبقى في قلبك يا صاحبي لكن تقسم لغيرك

حبيتها وليه تخبي، ليه تسجن فيك شعورك

مش حيعود الزمان، ما خلاص فات الاوان

ما خلاص فات الاوان ما تلومش يا قلبي غيرك

وقرأ (هاني شاكر) كلمات الأغنية، ونالت إعجابه جدا، وقال لي: (لحنتها يا إبراهيم؟)، ورغم أنني لم أفتح الرسالة فقلت له كذبا: (بدأت في تلحينها)!

فقال لي: طب سمعني؟! قلت له: (لما أرجع البيت، هسمع حضرتك بالإيقاع أحسن) وأخذت كلمات الأغنية، وعدت إلى بيتي، وجلست على (الأورج)، وربنا فتح علي بالمذهب، فقلت أسمع الأستاذ هاني شاكر.

فاتصلت به على التليفون الأرضي، لم يكن هناك بعد تليفونات محمولة، وأسمعته المذهب، فنال إعجابه جدا، وطلب أن يسمع (الكوبليه الأول)، فتحججت بإصلاح بعض الإيقاعات، والحقيقة أنني لم أكن لحنت (الكوبليه)!

لكن حماس (هاني شاكر) وإعجابه (بالمذهب) جعلني ألحن باقي الأغنية في نص ساعة، وعاودت الإتصال به وأسمعته، فأعجب أيضا بما لحنته، وسألني ومن سيوزع الأغنية؟

 فقلت له: (هناك موزع جديد جميل، ومتميز، لسه طالع إسمه عادل عايش، وزع لي من قبل حاجات حلوة، أيه رأيك نعطيه فرصة؟!

فرحب (هاني شاكر على الفور)، وقال لي: (خلاص احجز الاستديو الأسبوع اللي جاي، وخلي (عادل عايش) يسمعني اللي هيعمله؟)، وقد كان.

 وخرجت الأغنية للنور، وقام (هاني شاكر) بتصويرها بطريقة الفيديو كليب، مع المخرج محمد العجمي، وظهر في هذا الكليب الطفل شريف هاني شاكر.