رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

نكشف عن أول أغنيات (محمد رشدي) العاطفية والوطنية في ذكراه العشرين

نكشف عن أول أغنيات (محمد رشدي) العاطفية والوطنية في ذكراه العشرين
محمد رشدي في مرحلة شبابه

كتب: أحمد السماحي

نحيي هذه الأيام الذكرى العشرين لرحيل فارس الأغنية الشعبية (محمد رشدي) الذي يذكرنا طول الوقت بالعمال والفلاحين، ومن مفارقات القدر أن يرحل (محمد رشدي) ثاني يوم من شهر مايو، هذا الشهر الذي نحتفل في أول أيامه بعيد العمال، الذي غنى لهم أروع أناشيدهم.

وكان صوتهم الذي إرتبط بجهادهم في الحياة، وبعملهم الشاق من أجل أن تثمر الأرض، ومن أجل أن تتحول التربة السمراء إلى زرع أخضر، يستفيد منه الناس الغلابة في القرى والمدينة.

كان غناء (محمد رشدي) عميقا صافيا لأنه غناء المتعبين الذين يجدون في الفن قوة تساعدهم وتجدد مافيهم من قدرة على الحياة، وتخفف العرق، ويخلق في الجهد الذي يبذلونه هؤلاء العمال والفلاحين متعة وجمالا وفرحا حقيقيا يملأ القلوب.

وبعد وقت العمل، وفي المساء كان (محمد رشدي) يعلم بحكم مولده في قرية (رشيد) التى تبعد عن دسوق حوالي 50 كيلو متر، أن العمال والفلاحين بعد أن ينقضي يومهم الشاق الذي لا هدوء فيه ولا كسل ولا خمول، تبدأ الليالي الساهرة.

ويحاول هؤلاء الغلابة أن يجدوا في ليل الصيف تحديدا، نسمة أخرى جديدة من نسمات الفرح، وهنا تأتي أغنيات (محمد رشدي) التى أبدعه له مجموعة من أولاد مصر المبدعين مثل (عبدالعظيم عبدالحق، بليغ حمدي، محمد الموجي، ومحمد حمزة، عبدالرحمن الأبنودي، عبدالرحيم منصور) وغيرهم.

فيغني (محمد رشدي) ويغني كل أهالي القرى والمدن الصغيرة (تحت الشجر يا وهيبة، وعدوية، وعرباوي، ونجاة، وهنادي، وقولوا لمأذون البلد، وعلى الرملة، وطاير يا هوا، وميتى أشوفك، ومغرم صبابة) وغيرها.

ومن هذه الأغنيات كان يستمد هؤلاء الغلابة طاقة حلوة تعينهم على العمل والكفاح في معركة الحياة، وتزودهم بالفرح الحقيقي، فصوت (محمد رشدي) صوت قوي عذب جميل، يرسم في خيال من يسمعه صورة للنيل في القرية.

ويرسم صورة لشاطئ النيل والحقول، والليل والقمر والنسمات المطلقة في الفجر، وفي أول المساء، كل هذه الصور الجميلة الرائعة  كان يرسمها لنا ـ ومازال ـ صوت محمد رشدي، لأنه صوت شرعي لأرضنا وأهلنا وحياتنا الحقيقية.

نكشف عن أول أغنيات (محمد رشدي) العاطفية والوطنية في ذكراه العشرين
وكان واحدا من أربعة من نجومنا أناديهم (يا عم محمد) نظرا للحب الذي ربط بيننا وروح الأبوة

عم محمد رشدي

من حسني حظي أنني أقتربت كثيرا من المطرب الكبير (محمد رشدي) وكان واحدا من أربعة من نجومنا أناديهم (يا عم محمد) نظرا للحب الذي ربط بيننا وروح الأبوة التى كنت ألمسها بقربي منه.

ومن بين الأشياء التى ذكرها لي (محمد رشدي) أن طريقه لم يكن مفروشا بالورود، ولكنه عانى كثيرا جدا حتى يجد مكان تحت شمس النجومية.

 فعندما جاء من قريته، كان الموسيقار (محمد عبدالوهاب) هو واجهته، فسعى بالتعرف إليه عن طريق واحد من أهل قريته كان يعمل في (بوفيه) مكتب موسيقار الأجيال اسمه (أحمد المنشاوي).

وتكررت زيارة (محمد رشدي) لبلدياته (المنشاوي)، وفي مكتب (محمد عبدالوهاب) شاهد وهو جالس في (البوفيه) كل نجوم الأربعينات، ومنهم (شادية وفاتن حمامه، ورجاء عبده، وراقية إبراهيم، ورؤوف ذهني) وغيرهم.

 لكنه لم يجرأ على مقابلة محمد عبدالوهاب) لخجله الشديد، ووعده لبلدياته (المنشاوي) بعدم ترك (البوفيه) لأي سبب من الأسباب، وكان على (محمد رشدي) أن يعمل.

نكشف عن أول أغنيات (محمد رشدي) العاطفية والوطنية في ذكراه العشرين
عمل (محمد رشدي)  في البداية في صالة (بديعة مصابني)

نقابة العوالم و(علي فايق زغلول)

عمل (محمد رشدي)  في البداية في صالة (بديعة مصابني)، لكن سرعان ما استغنت عنه (الست بديعة)، نظرا لخجله الشديد وهو يغني والراقصات حوله، فكان يقف جامدا وكأنه (تمثال) وعلى حد قوله لي.

وأثناء ذلك كان يذهب إلى (نقابة العوالم) وتعرف على الفنان (عبدالعليم خطاب)، والمخرج عبدالرحمن الشريف، والفنانة (فيفي السعيد)، وغنى (محمد رشدي) في (نقابة العوالم) ولاقى تشجيعا كبيرا.

وفي أحد الأيام فكرت (فيفي السعيد) في إقامة حفل للنقابة، دعت إليه عدد كبير من مسئولي الإذاعة، كان من بينهم المذيع في الإذعة (علي فايق زغلول).

وغنى (محمد رشدي) في هذا الحفل بعض أغنيات (ليلى مراد، ومحمد عبدالمطلب، وأم كلثوم) ويومها غنى بحماس برغم قسوة الحياة التى كان يعيشها إلا أن القدر والفرصة كانت في انتظاره.

فعندما سمعه (علي فايق زغلول) تحمس له كثيرا، وطلبه في مكتبه في اليوم التالي، وقدمه للمسئولين في الإذاعة حيث تم إعتماده كصوت جديد، ولم يصدق (محمد رشدي) نفسه حيث كانت الإذاعة حلم كل مطرب في ذاك الوقت، حتى لو غنى نصف دقيقة.

نكشف عن أول أغنيات (محمد رشدي) العاطفية والوطنية في ذكراه العشرين
عثر على كلمات أغنية جديدة بعنوان (سامع وساكت ليه) تأليف حسين طنطاوي

من سلة مهملات عبدالوهاب

أثناء ذلك تشجع (محمد رشدي) ذات مرة، وتسلل إلى مكتب الموسيقار محمد عبدالوهاب، ولفت نظره سلة المهملات بالمكتب فأحذ ينبش بها حتى عثر على كلمات أغنية جديدة بعنوان (سامع وساكت ليه) تأليف حسين طنطاوي.

وعلى الفور أخذها، وقام بتلحينها نظرا لضيق ذات اليد وعدم قدرته على التعاقد مع ملحني تلك السنوات، وقام بغنائها في الإذاعة، فبعد إعتماده، أسندت له الإذاعة عام 1950، تقديم ربع ساعة أسبوعيا.

ومن خلال هذا النطاق الزمني قدم أغنيته الأولى (سامع وساكت ليه)، وفجأة وصلت برقية إلى رئيس الإذاعة يطلب صاحبها وهو الشاعر (حسين طنطاوي) مؤلف الأغنية أن يتم وقف المطرب الجديد (محمد رشدي) عن الغناء لأنه سرق كلمات أغنيته!

وبعد أن تقابل كل من (محمد رشدي، وحسين طنطاوي) كتب (محمد رشدي) على نفسه وصل أمانة بحق الأغنية، وأعطاه للمؤلف، الذي سمح للإذاعة بإذاعة الأغنية.

ومن مفارقات القدر أن يتم إذاعة الأغنية يوم 26 مايو عام 1951، وهو الشهر الذي رحل فيه محمد رشدي.

نكشف عن أول أغنيات (محمد رشدي) العاطفية والوطنية في ذكراه العشرين
من أغنيات البدايات المجهولة في مشوار (محمد رشدي) أغنية (يا ناسي حبيبي)

ع الجبين مكتوب

من أغنيات البدايات المجهولة في مشوار (محمد رشدي) أغنية (يا ناسي حبيبي) كلمات كامل شبل، و(ع الجبين مكتوب) كلمات أحمد المنشاوي والتى يقول مطلعها :

يا شاغل في البعاد قلبي، وحبك ع الجبين مكتوب

دا مهما القلب بيحبني ماليش غيرك ولا ليا حبيب

يا شاغل في البعاد قلبي

أول أغنية وطنية

كما غنى (محمد رشدي) أول أغنية وطنية، وكانت بعنوان (يا مصر يا بلادي) كلمات محمد فتحي مهدي، ألحان سعيد فؤاد، والتى يقول مطلعها :

يا مصر يا بلادي المولى حاميكي

أول ما حتنادي بروحي أفديكي

النيل بيتكلم عن مجدك الخالد

والدهر يبتسم ويقول أنا شاهد

عن وحدة الوادي وعز ما فيكي

يا مصر يا بلادي بعنيه أفديكي

نكشف عن أول أغنيات (محمد رشدي) العاطفية والوطنية في ذكراه العشرين
محمد رشدي مع زوجته
نكشف عن أول أغنيات (محمد رشدي) العاطفية والوطنية في ذكراه العشرين
محمد رشدي وبليغ حمدي أثناء بروفات الهوا هوايا

قولوا لمأذون البلد

ظل (محمد رشدي) يقدم أغنيات عاطفية، ولم يشعر به أحد، وظل على هذا الحال حتى جاءت بداية الإنطلاق من خلال أغنية (قولوا لمأذون البلد) التى لحنها لنفسه، وكتب كلماتها الشاعر (محمد فتحي مهدي).

وكانت هذه الأغنية الشعبية أول نجاح حقيقي يشهده محمد رشدي، بعد مرحلة من الأغنيات العاطفية التى لم تكن ملائمة لصوته ولهذا لم ينجح فيها.

 بعدها ومع انطلاق ثورة يوليو 1952 بدأت مرحلة جديدة للمطرب (محمد رشدي) شهد فيها نجاحات قوية خاصة بعد عودته من حادث الموت الذي تعرض له عام 1959.

وأسفر عن مصرع  زميلته المطربة (نادية فهمي) صاحبة الأغنية الشهيرة (يا سلام على الهوى) ولطف الله بـ (محمد رشدي) حيث أقتصرت الحادثة على معاناته على الكسور المضاعفة التى يشفي منها عام 1959.

 بعدها جاءت ملحمة (أدهم الشرقاوي) التى قدمها في الإذاعة، وجعلت إسمه يتردد على كل لسان في مصر، وكانت هذه الملحمة سببا في تربعه على عرش الأغنية الشعبية.

وبدأ بعدها مشوار (محمد رشدي) الحقيقي المليئ بالنجاحات والعلامات البارزة التى قدمها للأغنية المصرية والعربية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.