رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود حسونة يكتب: (مدفع محمد رمضان).. رياء باسم العطاء !

من يتاجرون بقيم العطاء، وهم لا يختلفون عن المتاجرين بقيم الدين

بقلم الكاتب الصحفي: محمود حسونة

وتعلمنا أن شهر رمضان هو شهر العطاء والجود والإحسان، وعشنا هذه القيم وشاهدناها تتجسد في الكثير من الشخصيات التي تعيش بيننا والسلوكيات من حولنا؛ كثير من أهل الخير يفضلون العطاء من دون أن تعلم يمينهم ما تصدقت به شمالهم أملاً في أن يكون من السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله.

وقليل بل قليل جداً لا يكون عطاؤهم ابتغاء مرضات الله مثل (محمد رمضان)، ولكنه يكون رئاء الناس، يتبعون إنفاقهم بالمن والأذى، مخالفين بشكل صريح أوامر الله سواء عن قصد أو جهل، والأذى الذي يمارسه بعضهم ليس أذى بدنياً ولكنه أذى نفسي، يؤلم نفس المحتاج ويجرح مشاعره ويستغل حاجته للتباهي والتفاخر أمام الخلق.

ما أكثر الأعمال الخيرية التي يفعلها أهل العطاء، ولعل ما يوضح ذلك كثرة المؤسسات الخيرية التي تتولى جمع التبرعات وإعادة توزيعها على من يستحقون، وكثرة المستشفيات التي تم بناؤها من خلال تبرعات أهل الخير وكثرة الدور الخيرية التي ترعى الأيتام والفقراء والمحتاجين.

ففعل الخير والإنفاق في سبيل الله فعل أصيل في الشخصية المصرية، ولكن هذا لا ينفي أن بيننا من يتاجرون بقيم العطاء، وهم لا يختلفون عن المتاجرين بقيم الدين، وكل من هؤلاء وأولئك يستهدفون القفز على الدين لتحقيق مكاسب دنيوية سواءً الشهرة أو السلطة أو المال، نعم المال فالبعض ينفق القليل ليجني الكثير أو ينفق الكثير ليجني الأكثر.

(محمد رمضان) المثير للجدل، والمتباهي بذاته التي تكاد أن تنفجر من التضخم

(محمد رمضان) المثير للجدل

الفنان (محمد رمضان) المثير للجدل، والمتباهي بذاته التي تكاد أن تنفجر من التضخم، وبأمواله وممتلكاته وكأنه محدث نعمة لا يعلم أن الله يعطي من يشاء بغير حساب حتى وقت يشاء أو حتى وقت الحساب، والمتوهم أنه (نمبر وان) في الفن وحب الناس.

 فاجأنا (محمد رمضان) هذا العام ببرنامج يستغل فيه حاجة الفقراء في مصر ليصنع لنفسه نجومية وهمية ويرسم لذاته المتضخمة صورة فاعل الخير، من خلال برنامج (مدفع رمضان)، والذي انحرف به عن جوهر جميع البرامج الإنسانية سواء تلك التي قدمها التليفزيون المصري عبر تاريخه، أو التي تقدمها تليفزيونات عربية مثل برنامج (قلبي اطمأن) الذي يعرضه تليفزيون أبوظبي.

ويتجول فيه حول العالم باحثاً عن أصحاب حاجة ليقضي لهم حاجتهم من دون أن يظهر وجه المذيع، ومن دون من ولا أذى ولا رياء ولا سعي وراء نجومية وهمية، وهذا العام يقدم التليفزيون السعودي برنامجاً باسم (إنسان) يقدمه الفنان (فايز المالكي) من دون أن يعلي من شأن نفسه فوق أهداف البرنامج الإنسانية.

البرامج الإنسانية يكون البطل فيها الفعل لا الفاعل، أي العمل الخيري لا فاعل الخير، كذلك يكون فيها الإنسان البسيط صاحب الحاجة بطلاً، ولكن في (مدفع رمضان) فالبطل هو المذيع أو الفنان الذي لا يركز على حاجة الناس بقدر تركيزه على نفسه وأعماله التي لا يكف عن الحديث عنها طوال الحلقة، وهو ما يتنافى مع سمو أهداف هذه النوعية من البرامج.

الغريب أن برنامج (محمد رمضان)، من إنتاج المتحدة للخدمات الإعلامية والتي جندت إمكانياتها ليس لخدمة المحتاجين في شهر العطاء ولكن لبروزة فنان لا ينشغل سوى بذاته ولا يكف عن الحديث عن نفسه ويتوهم أنه أرفع درجات عن زملائه الفنانين، فما بالكم برؤيته للفقراء والمحتاجين.

الغريب أن تسمح الأجهزة المعنية في الدولة بتصوير البرنامج في مواقع الازدحام الجماهيري

زيادة جماهيرية محمد رمضان

والغريب أن تسمح الأجهزة المعنية في الدولة بتصوير البرنامج في مواقع الازدحام الجماهيري مثل محطة مصر ومناطق الزحام في وسط القاهرة، حتى يلتف حوله الناس وكأنه تجاوز كونه فناناً وأصبح زعيماً سياسياً يحمل على عاتقه إصلاح أحوال الأمة.

من حق (محمد رمضان) أن يطمع في استغلال المتاح لإشباع رغباته في زيادة جماهيريته وتعظيم ذاته والاستسلام لنهم الأنا لديه، ولكن كان من حق الجهات الممولة أن تعي أن الأموال سيتم استغلالها لتلميع صورته واسمه في المقام الأول، وفي المقام الأخير الهدف الإنساني والهدف الدعائي للجهة الممولة.

وكان من حق الجهة المنتجة أن تعي أنها تنتج برنامجاً لشخص وليس لهدف إنساني ولا إعلامي، ومن حق القناة العارضة أن تعي أنها خصصت مساحة البرنامج الزمنية لدعاية شخصية خالية من الرسالة الإعلامية.

لا يخفى على أحد أن (محمد رمضان) يعزف منذ سنوات على وتر الفلوس، سواءً من خلال استعراضه لأسطول سياراته مستفزاً من لا يجدون لأنفسهم مكاناً في وسائل النقل العام، أو من خلال القائه بالدولارات في حمام السباحة مستفزاً الدولة التي تبذل الغالي من أجل توفير العملة الصعبة.

أو من خلال أعماله التي تروج للقيم المادية وتتمحور حول البلطجي الذي ينجح بين غمضة عين وانتباهتها بالانتقال من حال الفقر المدقع إلى الثراء الفاحش، ويأتي برنامج (محمد رمضان) ليفرّغ قيمة العطاء من جوهرها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.