
بقلم الباحث المسرحي الدكتور: كمال زغلول
من الموضوعات التي عثر؛ عليها في المسرح المصري القديم، مسرحية تتويج الملك سنوسرت الأول، وهذه (المسرحية الوثائقية) من أهم المسرحيات؛ التي تعرض لها المسرحي المصري القديم.
فهي تعرض الكيفية التي يتم بها تتويج الملك الجديد في صورة عرض تمثيلي، أوضح من خلاله معظم المراسم التي تتبع في تتويج الملك الجديد وتبدأ الأحداث من وفاة الملك السابق حتى يتولى الملك الجديد الحكم.
وهذه (المسرحية الوثائقية) لها أسلوب خاص في عرضها، يعتمد على عرض المراسم بلا حوار، وكأنه يعرض مسرحية توثيقية، مثل (الأفلام الوثائقية) التي تعرض في عصرنا الآني، ونتعرض لهذا العمل، لنرى كيف قدم المسرحي المصري القديم (المسرحية الوثائقية).
المنظر الأول والثاني:
(وهذان المنظران يتعرضا لموت الملك (أمنمحات الأول)، ونرى تجهيز السفينة التي سوف تحمل جثمانه).
وفي هذا المنظر التمثيلي يعرض المسرحي المصري الطريقة التي يتم بها إعداد هذه السفينة الخاصة بحمل جثمان الملك، والتي سوف تقله إلي جهة الغرب، وهذه الجهة الغربية كانت من المعتقدات المصرية القديمة، حيث أنها أماكن الموتى.
المنظر الثالث والرابع:
(يتعرض المسرحي في هذين المشهدين إلى تقديم ضحية للملك، وهذه الضحية عبارة عن ثور يذبح ويقطع، ويتم تقديمة كوجبة).
ومن التفسيرات التي وصلت إلينا عن هذا أن المعنى من الثور رمزي وخاص بالمعتقدات المصرية القديمة عن أوزيريس وست، إذ إن الثور يرمز لست الذي قتل أخاه أوزيريس، وهذا التفسير ساقه الأثري (سليم حسن).
ولكن يمكننا وضع تفسير آخر خاص بالعفو عن ست، من خلال أحداث أسطورة أوزيريس، فقد حاول ست قتل أوزيريس ولكنه فشل، وأمر القضاء بمنع دخول ست دخول قصر أوزير.

مؤامرات ودسائس ست
وقد أثار ست بعد ذلك جزء من شعب مملكة الأمنتت مستعينا ببعض عبارته الخادعة، وتمكن بذلك من إحداث انقسام بين أفراد الشعب إلى قسمين متعارضين شرقي وغربي، والجانب الشرقي بقى على ولائه لأوزير أما الجانب الغربي فقد إنساق وراء مؤامرات ودسائس ست.
وخرج أوزير قائدا لجيشه وانهزم ست وأعوانه وللمرة الثانية عندما أراد أوزير تنفيذ حكم الاعدام في أخيه ست، وبالرغم من صيحات الجموع الحاشدة بإعدامه، عفى عنه ووضع خنجره بجانبه وأحل مكان ست بعض الثيران والكباش، وكذلك فعل الأمراء نفس الأمر في الأسرى التابعين لست.
وقد يكون أن المقصود بالثور هو عفو الملك الميت عن بعض المعارضين أو السجناء، ومن الغريب أن هذه العادة مازالت مستمرة إلى الآن في مصر، وهى خاصة بالثأر (التار).
فعندما يقوم شخص بقتل شخص آخر، فإن عائلة المقتول تطلب الثأر من العائلة الأخرى، ويستهدفون القاتل إن وجد أو شخص قريب منه في حالة غياب القاتل الأصل.،
ولكن إذا جاء الرجل الذي سوف يأخذون الثأر منه إلي عائلة القتيل حاملا كفنه على يديه إلي العائلة الطالبة بالثأر تقوم هذه العائلة باستقباله، وينام على الأرض ويضعوا بجانه خروف، ويحمل السكين الرجل الذي سوف يأخذ بالثأر، ويقوم بذبح الخروف ويعفى عنه.
ولكن في هذه الحالة يكون في ينظر إليه في مجتمع الثأر على أنه جبان، ولا يلقي استحسان ويظل على هذه الحالة، ولكن يمكن يكون تفسير (سليم حسن) هو الأقرب ، خاصة أن أحداث (المسرحية الوثائقية) بعد ذلك تشير إلى هذا التفسير، وقد تفسير العفو لكى نبرز العادة التي لازالت مستمرة إلي الآن.
المنظر الخامس والسادس:
يطحن الشعير، ويتم إعداد كعك يقدم للملك.
المنظر السابع:
يتم في هذا الم نظر تجهيز سفينتين لأولاد الملك.
المنظر الثامن:
تظهر شارات الملك الجديد (الخاصة بحور)، ويتم استخراجها من محراب حور، وبعد ذلك يتم تجهيز موكب للملك، وهذا الموكب يمر به الملك الجديد في الجبل (الجبانة – مكان الدفن).
المنظر التاسع:
(في هذا المنظر ،يظهر عمال يقومون بدرس الشعير، وحمله إلى المخزن).
ويرمز درس الشعير إلي قيام حور بتقطيع أوصال ست عدو أبيه انتقامنا منه.

أهم مناظر (المسرحية الوثائقية)
ولكي لا نطيل في عرض هذه (المسرحية الوثائقية) الكبيرة نركز على أهم المناظر بها.
وهم المناظر من الثامن عشر إلى الحادي والعشرين:
وفي هذه المناظر تحدث مبارزة بين بين شخصية حور، وشخصية ست، وهى إعادة تمثيل المعركة التي دارات بين حور ست، والتي فقد فيها حور عينه، وفي هذه المناظر، يوجد أيضا مرضعتين (حيث أن اللبن كان من أهم القرابين التي تقدم للمتوفى).
ويوجد أيضا نجارين يقومون بصنع مائدة قربان للملك، ويظهر الكاهن الخاص بتقديم القرابين يعد المائدة.
والمناظر التالية تعبر عن اقتلاع عين حورس، في المعركة بينه وبين ست، وأنها ردت إليه ثانية.
وبعد ذلك في المناظر الأخرى يقدم للملك شارات ملكه الخاصة، وهى الريشتان والصولجان والخاتم، وبعد ذلك يهلل عظماء الوجه البحري والقبلي فرحا، بتتويج الملك الجديد.
والمشاهد الأخيرة يظهر الملك في ملابس الحزن على أبيه الميت، ويتم استعراض أدوات التحنيط، ويظهر الكهنة ويحملون تمثال الملك الميت، وتظهر امرأتان للنحيب على الملك الميت في رمزية إلى إيزيس ونفتيس.
وفي المنظرين الأخيرين وبهما تنتهي تنهى (المسرحية الوثائقية)، يتم إحضار كل معدات التطهير، وبخاصة النطرون الذي كان يستعمل لهذا الغرض للملك الميت، وتوضع في المحراب المقدس الذي هو مكان الدفن للملك الميت، وهو هرم الخاص به.
وبهذا تكون مصر من أوائل الدول في العالم القديم التي قدمت (المسرحية الوثائقية) خاصة بتتويج الملك، لتظهر الكيفية التي كانت تتم بها احتفالات التتويج.