رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شمروخ يكتب: (صعيدي فى الجامعة الأمريكية).. أخطر سؤال فى الفيلم

محمد شمروخ يكتب: (صعيدي فى الجامعة الأمريكية).. أخطر سؤال فى الفيلم
ذكاء صناع الفيلم أعطاه بعداً جاداً بطرح القضية الفلسطينية

بقلم الكاتب الصحفي: محمد شمروخ

مع أن فيلم صعيدي في الجامعة  الأمريكية) مصنف على أنه فيلم كوميدي، بل صار أحد علامات الكوميديا على الشاشة الكبيرة، إلا أن ذكاء صناع الفيلم أعطاه بعداً جاداً بطرح القضية الفلسطينية بشكل كان في منتهى الذكاء لم يخل بالقصد العام من الفيلم.

وزد على ذلك أخرجه من دائرة التفاهة والتسطيح التى يمكن أن تلجأ لها ظروف الإنتاج والتسويق، ليترسخ مبدأ مهم جداً في الكوميديا بأنها يمكن أن تطرح قضايا في منتهى الجدية.

ومن هذا المنطلق الجدى جاء سؤال كان يبدو عارضاً على لسان الطالب الثوري (أحمد/ فتحى عبد الوهاب) وجهه إلى الأستاذ سراج (هانى رمزى) عقب مشادة بينهما في محاضرة، حيث كان سراج كمدرس في الجامعة الأمريكية، يدين بالولاء للثقافة والسياسة والحياة الأمريكية عامة.

لكن السؤال المهم في فيلم (صعيدي في الجامعة الأمريكية)، لم يكن خاصا لا بالثقافة ولا بالسياسة ولا حتى بنموذج الحياة الأمريكية، فسراج كمثقف أو مدرس او حتى سياسي من حقه اعتقاد ما يشاء من أفكار.

لكن السؤال كان من الطالب الثوري والموجه لاستاذه، عن تمتع الأخير بالجنسية الأمريكية بجانب الجنسية المصرية، حيث تسمح قوانين كلا البلدين بالجمع بين أكثر من جنسية مع شروط خاصة تنظمها قوانين كل بلد.

وجاء السؤال في (صعيدي في الجامعة الأمريكية)، عن أى انتماء سيفضله (سراج) لو تولى وظيفة ما في الأمم المتحدة على سبيل المثال!.

إذن فالقضية ليست فقط مجرد إجراء شكلى بالحصول على جنسية الولايات المتحدة الأمريكية لتسهيل حركة الحياة والتنقل من وإلى الولايات المتحدة، فقد تتحول هذه الجنسية إلى أزمة حقيقية.

محمد شمروخ يكتب: (صعيدي فى الجامعة الأمريكية).. أخطر سؤال فى الفيلم

محمد شمروخ يكتب: (صعيدي فى الجامعة الأمريكية).. أخطر سؤال فى الفيلم
لقد أفزعنى هذا السؤال في فيلم (صعيدي في الجامعة الأمريكية)

أفزعنى هذا السؤال

ليس فحسب عند تولى وظيفة دولية من بين مهامها الفصل في خلاف بين بلد الجنسية الأصلية وبين بلد الجنسية المكتسبة ولو لأغراض برجماتية خالصة، لكن الأمر يصير إلى الأزمة الحقيقية عند حدوث خصومة حادة حول قضية ما قد تؤدي إلى حرب أو ما يشبه الحرب.

كما نحن نعيش الآن قريباً من هذه الأجواء بين مصر والولايات المتحدة بما لم يحدث منذ نكسة 67 التى لعبت فيها الولايات المتحدة دورا منحازا لإسرائيل كاد أن يسفر عن تدخل مباشر بعدها بست سنوات عند تحقق النصر في معركة عبور 73.

حقاً لقد أفزعني هذا السؤال في فيلم (صعيدي في الجامعة الأمريكية)، وسارعت بعده بالبحث عن عدد المصريين من حاملى الجنسية الأمريكية سواء من المقيمين هناك أو المقيمين هناك أو المترددين بين هنا وهناك.

وعبثاً جاءت محاولتى، فلم يسعفني محرك البحث جوجل بأرقام مؤكدة أو حتى شبه مؤكدة، لكنهم على أى حال، هم كثير!.

الأمر لا يتعلق بمجرد نيل جنسية لتيسير الحياة، فعند نقطة ما يجب الفصل، فحينئذ لن يكون الأمر أمر ازدواج جنسية تحت أى ميرر، بل سيكون نقطة اختيار حاسمة فلا مكان لازدواج الولاء.

المصيبة الكبرى أن عقد النقص لعبت دورها حيث صار من يحمل الجنسية الأمريكية في مصر يرى نفسه مميزا على نحو ما عالج فيلم عسل أسود هذه القضية فيما بعد بشكل أكثر تفصيلاً.

لكنه لم يطرح قضية الولاء لأن الفيلم ركز على عقدة النقص هذه والتى لا نلمسها في تفاخر حامل الجنسية وشعوره بالامتياز  على إخوته الأصليين، بل قد يتسع التفاخر إلى دوائر الأهل والأصدقاء لكل من يحمل جواز سفر أمريكي يقرر بوضوح في متن الجواز نفسه أن جيوش وأساطيل الولايات المتحدة يمكن أن تتحرك لحماية حامل هذا الجواز.

ليست أزمة واحدة، بل أزمات، فهناك مسئولون ورجال أعمال ومفكرون وأدباء وفنانون وشخصيات عامة وعاملون في وظائف مهمة هنا وهناك، لا يمكن تجاهل مواقفهم.

محمد شمروخ يكتب: (صعيدي فى الجامعة الأمريكية).. أخطر سؤال فى الفيلم
لقد جاء سؤال الطالب الثورى في فيلم (صعيدي في الجامعة الأمريكية)، خاطفا

الطالب الثورى في الفيلم

لقد سبق أن لمسنا جميعاً أهمية الحصول على الجنسية الأمريكية في أزمة أحد الراغبين في الترشح للرئاسة في أعقاب ثورة يناير 2011، فلم يكن هو الحاصل على الجنسية، بل والدته، كذلك تمتع بعض أبناء رئيس سابق من التيار نفسه بالجنسية الأمريكية.

فانت ترى أيضاً من بين من يزعمون أنهم أعداء أمريكا، يهرعون إليها كى تتعطف عليهم أو على أى من ذويهم، بجنسيتها الذهبية.

لقد جاء سؤال الطالب الثورى في فيلم (صعيدي في الجامعة الأمريكية)، خاطفا، لكنه يلقى وراءه هماً ثقيلاً، أمام ظاهرة تتجسد فيها بكل وضوح أزمة اضطراب الهوية.

الأزمة أيضاً لا تتعلق بالجنسية الأمريكية وحدها، فهناك جنسيات أخرى على المنوال نفسه، كذلك يعرض اكتساب جنسيات معينة إسقاط الجنسية المصرية عن حامليها من المصريين، وكذلك تفعل دول كثيرة حيال كل أو بعض من يحمل جنسية غير جنسيتها.

ها نحن أمام أزمة حاضرة بقوة تجاه تغير تزداد درجة حدته في العلن أو في الكواليس ما بين مصر والولايات المتحدة جيال سياسة رئيس أمريكي يتوقع منه أى شيء ضد مصر،

رئيس أمريكي لأول مرة يدلى بتصريحات لا يعترف فيها بالثوابت التاريخية حتى مع جيرانه ومن بنى جنسه في كندا في الشمال التى يريد محوها كدولة مستقلة ليضمها الى بلاده، والمكسيك في الجنوب، حيث يدخل معها في سجال عنيف وإجراءات أشد عنفاً منذ فترته السابقة، والدانمارك التى يريد انتزاع جرينلاند منها.

نحن الآن أمام رئيس أمريكي يريد أن يفرض هويتين على العالم:

الأولى: الهوية الأمريكية

والثانية: الهوية اللاأمريكية!.

فماذا موقف المصريين الأمريكيين؟!

أو بالأحرى ما موقف الأمريكيين المصريين؟!

وشتان ما بين تقديم هذه وتأخير تلك!

وسؤال أكثر صراحة:

ما موقف الدولة المصرية نفسها حيال سؤال الطالب الثائر في مواجهة المدرس مزدوج الولاء؟!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.