بقلم الإعلامي : علي عبد الرحمن
أطلق السيد الرئيس دعوته بإجراء الحوار الوطني منذ شهر رمضان قبل الماضي، وفي إفطار العائله المصريه، بين مكونات وخبراء المجتمع المصري، لتشكل نتائجه خارطة طريق مستقبليه لمصر، وطول عام وأكثر تم اختيار المنسق العام، وأمناء اللجان و المحاور وتحديد أصحاب الدعوات للمشاركه فيه، والوقوف علي قائمة القضايا وتقسيمها إلي عدة محاور إقتصاديه وسياسيه وإجتماعيه وأخرى.
ومنذ أيام انطلقت جلسات الحوار الوطني بمعدل ثلاث أيام أسبوعيا وبدأ المهتمون يتابعون الأخبار والجلسات والموضوعات المطروحه للنقاش والباحثه عن مقترح حلول، ووجدت عنوانا حول الهوية والإنتماء ولم أجد داخله ملف المشهد الإعلامي حيث لامحتوي هادف ولا مضمون تنافسي، ولا تنوع، ولا رسائل إيجابيه ولا تثقيف ولا تنوير ولا تدعيم لقوي مصر الناعمه.
إقرأ أيضا : علي عبد الرحمن يكتب : الحوار الوطني ليس مناظرة !
واستغربت لأن ملف الهوية والإنتماء يلامس بشده ملفي جودة المحتوي الإعلامي وروافد القوه الناعمه لمصر، وظننت أن أهمية دور الإعلام قد تجعله ملفا خاصا في الحوار الوطني، وتجعل من أهمية ملف استرجاع القوى الناعمة لمصر ملفا مستقلا خاصا، ولكن للأسف لم أجد ملف الإعلام مدرجا ولا ملف القوه الناعمه لمصر والمحاولات المستميته لسحب البساط من تحتها تسير وفق خطط موضوعه بعنايه وإنفاق باهظ، ومظاهر وأحداث وفعاليات وإنتاج وإصرار علي أرض الواقع تنذر بمستقبل قوى ناعمة لدول شقيقة حولنا تسعي وراء هذا الهدف الإستراتيجي لديها.
الميديا والفن في الحوار الوطني
رغم مانراه يوميا من تمدد دول حولنا في مجال الميديا والفن والكتاب والتلاوة واللهجة وغيرها من مفردات القوة الناعمة علي حساب مساحة مصر في مجال القوي الناعمة، ورغم أن معظم القائمين على جلسات الحوار الوطني إعلاميين، إلا أن ملفي الإعلام والقوى الناعمه لم يثر اهتمام القائمين علي جلسات الحوار الوطني أو واضعي أجندته وملفاته، ويبدوا أنهم حسموا الأمر بأنه لامشكله ولا عوار ولا خطورة جراء انحراف هذين الملفين عن مسارهما المرسوم.
وكذا ملف معوقات الاستثمار وتعدد جهاته وتعقد إجراءاته وتعدد مصطلحات إصلاحه دون إصلاح ومعاناة المستثمر وبطئ التغيير والإنجاز ورتابة كلمات تيسي ر الإجراءات،وتبسيط الخطوات وفلسفة الشباك الواحد، ومصطلح الحكومه الذكيه والإداره الرقميه وعصر التحول الرقمي وملامح الجمهوريه الجديدة، ورغم تحديات الدور المصري في ملفات وصراعات حولنا من السودان ثم ليبيا ثم اليمن ثم سوريا وأخيرا لبنان وسعى دول شقيقه للقيام بدور مصر او منافستها او حتي إبعادها
إقرأ أيضا : علي عبد الرحمن يكتب : بشاير الحوار الوطني وطموحه
لم أجد جلسة أو ملفا في في جلسات الحوار الوطني يناقش تحديات وفرص الدور المصري عربيا ودوليا حتي نستطيع مجابهة السعي الدؤوب من حولنا ضد دور مصر في كثير من الملفات والقضايا، ولم أجد في قضايا الحوار الوطني وملفاته قضايا شعبيه هامة منها الغلاء وتناميه ومحاولة كبحه وإنهاء معاناة الأسر المصريه، وجشع التجار، وغياب الرقابه والردع، والبطالة وآثارها من انحراف شبابنا وضعف ولائهم وجعلهم فريسة للتطرف وأحلام الثراء السريع، وهموم أقاليم أطراف الوطن من محافظات ومدن وقري ونجوع ومهمشون خارج دائرة الاهتمام، ووضع أجندة وطنيه للتحرك المستقبلي متفق عليها تجمع بين أولويات الوطن وأمال المواطن.
جودة التعليم في الحوار الوطني
ملف جودة التعليم وضعف مستواه وجهل الخريج وانصراف الإخوه العرب عنه، وجودة التداوي، وماتلاه من غياب سياحة علاجية وصحية، والسياحات الأخري المرتبطه بهما، حتي ملف مئات الألاف من طلابنا الذين يدرسون بالخارج لم ندري لماذا سافروا، وكم ينفقون، ولماذا لم نوفر لهم ما سافروا من أجله؟، ولماذا ندفعهم للسفر للتعلم ولدينا كل صنوف التعليم وكل أنواع الجامعات ولاندع شملهم يتفرق وأسرهم تعاني التكلفة والفراق، كلها ملفات غير موجودة في الحوار الوطني.
أما ملف تكاثر عدد الأحزاب الذي وصل إلي 104 حزب دون تواجد حقيقي بين الجماهير ودون المشاركة في حل مشاكل الوطن ودون تثقيف وتربية الكوادر جعل منها أحزاب كرتونية عبارة عن مقر وشعار وبرنامج يشبه كل البرامج، مما جعل الساحه المصريه تعاني من فراغ حزبي وغياب لتعدد الآراء وإهمال لملف التعدد الحزبي، وتعدد الآراء وغياب لمشاركات وطنيه صادقه لصالح الوطن والمواطن.
إقرأ أيضا : محمد حبوشة يكتب : الحوار الوطني يمكن أن ينتشل الصحافة من كبوتها
ولم أجد مبررا لإغفال هذه الملفات في جلسات الحوار الوطني، ولم أتوصل إلى آلية اختيار القضايا، ومن إختارها؟، وماذا عن الملفات المهمشه، وبعد انتهاء جلسات الحوار الوطني ورفع توصياته إلي السيد الرئيس: هل سيصدر بها قرارا للتنفيذ، أم سيحيلها لمجلس النواب أو الحكومه للمضي قدما في تنفيذها؟، أم ماذا سيحدث لقضايا الوطن وهموم وآمال المواطن، ونحن وسائر شعب المحروسة في انتظار نتائج الحوار الوطني وإنعكاسات ذلك علي صورة الحياه في مصر مستقبلا.
إن الحوار الوطني لهو أول لقاء جماهيري لنخب وأطياف مصرية تجمع في حب الوطن وأهله علي أمل صناعة مستقبل ينتظره أهل مصر، يعيشون فيه في كنف جمهورية جديدة، ذات ملامح عصرية واعدة تزدهر فيها الطموحات وتقل فيها المعاناة والمغالاة، ونعرف قضايانا وطرق حلها بعقول مصرية، وفي جو أخوي داخل وطن يعيش بداخلنا ونعيش بداخله، نجاهد بين أهله ومعهم لرسم صورة مصر الحديثة التي ننتظرها جميعا ونعلي فيها قيم الانتماء والولاء، وقيم المواطنه وقيمة المواطن، حتي تتبوأ مصر مكانتها اللائقة بقيمتها وقامتها وعظمة وتضحيات شعبها الصبور.
فاللهم أفلح حوارنا في الحوار الوطني، ووفق أهله، وأخلص توصياته، وأصلح جميع أحوالنا .. حمي الله مصر وأهلها، وتحيا دوما مصر .. آمين.