نكشف لأول مرة سر عدم ظهور لحن (رسالة من امرأة) لبليغ حمدي، بسبب (عبدالوهاب)!

كتب: أحمد السماحي

من أجمل القصائد التى غنتها المطربة الكبيرة فايزة أحمد للشاعر السوري الكبير نزار قباني، من تلحين زوجها الملحن المبدع محمد سلطان، قصيدة (رسالة من امرأة) التى غنتها في منتصف السبعينات.

هذه القصيدة لحنها العبقري (بليغ حمدي) قبل ظهورها بصوت (فايزة أحمد) بحوالي 13 عاما، حيث لحنها عام 1962، ولم تخرج للنور بسبب الموسيقار (محمد عبدالوهاب) ولحنه (لا تكذبي)!

والحكاية ببساطة أنني وأنا أبحث في أرشيفي وجدت صرخة (بليغ حمدي) منشوره في إحدى المجلات، وسأنقلها لكم كما جاءت في المجلة التى لن أذكر اسمها حتى لا يتم سرقة الموضوع من بعض المدعين وينسبون المعلومات إلى أنفسهم من خلال فيديوهاتهم المصورة على الإنترنت!.

قصيدة سينمائية

عام 1961 قرأ (بليغ حمدي) قصيدة (رسالة من امرأة) للشاعر (نزار قباني) فنالت القصيدة إعجاب (بليغ حمدي) جدا، لأنه وجدها قصيدة سينمائية المشاهد، فهي قصة قصيرة، تدمج ما بين الشعروالنثر.

وفيها من الدراما والسينما، بحيث لا يشعر المتلقي أنه أمام نص يغوي على التخيل، فقصيدة (رسالة من امرأة) تبدأ بجملة مكثفة صادمة ، لكنها مشوقة (لا تَدخُلي ..لا لا).

وكلم (بليغ حمدي) الشاعر الكبير (نزار قباني) تليفونيا، واستأذنه في تلحين قصيدة (رسالة من امرأة)، فوافق، وبدأ (عبقري مصر) في التلحين الذي استغرق منه عاما كاملا، وخلال العام اتصل بالمطربة (نجاة) وعرض عليها غناء القصيدة بعد نجاحها الكبير في غناء قصيدة (أيظن) لنزار قباني، فوافقت وسعدت جدا بهذا الترشيح.

وبدأ (بليغ حمدي) مع انتهاء تلحين القصيدة يسمعها في جلساته لأصدقائه، وعرف (محمد عبدالوهاب) بقصة اللحن، وكانت لديه القصيدة ويعتزم تلحينها.

عبدالوهاب يدعو بليغ لمنزله

أثناء ذلك دعا (محمد عبدالوهاب) الملحن الشاب (بليغ حمدي) إلى منزله، واستمع منه إلى اللحن، وأعجب (عبدالوهاب) بما فعله الملحن الشاب في ترجمة القصيدة إلى موسيقى ونغمات.

خاصة مقدمة القصيدة التى كان ينوي (بليغ حمدي) أن يجعل الفنان الكبير (محمد الطوخي) يقول بصوته الإذاعي الجميل الآسر الجهوري الجملة الأفتتاحية للقصيدة (لا تدخلي.. لا لا).

وفي هذه الفترة كان الموسيقار (محمد عبدالوهاب) يلحن قصيدته (لا تكذبي) كلمات الشاعر الكبير (كامل الشناوي)، وغناء عبدالحليم حافظ، فأقتبس جملة البداية في لحن بليغ حمدي لقصيدة (لا تدخلي)! وجعلها مقدمة لقصيدته (لا تكذبي)!.

تشابه بين لا تدخلي، ولا تكذبي

بعد أن انتهى (بليغ حمدي) من لحن(رسالة من امرأة)، اسمعه لـ (نجاة) لتقول رأيها، ففوجئت (نجاة) أن مقدمة قصيدة (لا تدخلي) هي نفسها مقدمة قصيدة (لا تكذبي)!، التى استأذنت أستاذها محمد عبدالوهاب أن تغنيها ضمن أحد مشاهد فيلمها الجديد (الشموع السوداء) إخراج عز الدين ذوالفقار.

واندهشت واستغربت (نجاة) من تشابه المقدمتين، لكنها لم تذكر لـ (بليغ حمدي) أي شيئ عن مقدمة قصيدة (لا تكذبي)، وطلبت فقط أن يقوم بتعديل المقدمة، ورفض (بليغ) أن يقوم بأي تعديل في لحن القصيدة! وخرج من منزلها وهو غاضب، وقرر أن يعطي القصيدة لمطربة أخرى.

ثورة بليغ حمدي

بعد أيام قليلة من لقاءه بنجاة، أذيعت قصيدة (لا تكذبي) في الإذاعة، وثار (بليغ حمدي) على (عبدالوهاب) وتعاطف معه عدد كبير من زملائه الذين سمعوا منه القصيدة ومنهم الملحن محمد الموجي، والشاعر عبدالوهاب محمد، والشاعر محمد حلاوة.

وأقسم الشاعر (مأمون الشناوي) أنه استمع إلى (بليغ حمدي) يغني اللحن أمام (عبدالوهاب)، وأيده مخرج المنوعات (محمد سالم) الذي كان من المقرر أن يخرج أغنية (بليغ حمدي) ويصورها كفيلم سينمائي إلى التليفزيون.

ويومها قال بليغ حمدي وهو في حالة غضب لكل من يسأله عن أصل الحكاية : (اسألوا المطرب عبدالغني السيد، فهو أول من نقل اللحن لعبدالوهاب، وأسألوا نزار قباني فعنده تسجيل كامل للحن، وأسألوا أحد أشقاء عازف الكمان المرحوم أنور منسي فاللحن مسجل عنده بصوتي.

وأسألوا أيضا عبدالوهاب محمد، ومهندس الديكور حسن رمضان، واسألوا محمد الطوخي، فكل هؤلاء لديهم فكرة عن اللحن، وأنا اللي أستاهل!).

زيارة بليغ لمكتب عبدالوهاب

وسط ثورة (بليغ حمدي) جاءه اتصال من الموسيقار (محمد عبدالوهاب) وطلب منه أن يزوره في مكتبه، وبعد تردد من (بليغ حمدي) نصحه بعض الزملاء أن يذهب ويسمع ماذا سيقول له (محمد عبدالوهاب)؟!

وبالفعل ذهب (بليغ حمدي) وبمجرد أن دخل من الباب وجد (محمد عبدالوهاب) في انتظاره، واحتضنه، وقال له باسما: لا تزعل مني يا بليغ جملتك اللحنية أسرتني، سحرتني، جننتني، ووجدتني لا أستطيع النوم بسببها، فغيرت جملتي اللحنية، واستبدلتها بجملتك، أرجو أن يتسع صدرك، ولا تثار هذه المشكلة!

ووقف (بليغ حمدي) المعروف بخجله الشديد حائرا لا يدري ماذا يقول لأستاذه، فوجد نفسه يردد كلمات مقدمة لحنه الجديد لنجاة : (كل شيئ راح وانقضى)!