إعداد: أحمد السماحي
نحيي هذه الأيام الذكرى الـ 30 لفارس النغم (محمد الموجي) الموهوب بقوة الذي انطلق على سجيته في عالم الألحان، فأبدع لنا مجموعة من كنوز النغم التى أعادت بناء الوجدان الغنائي الموسيقي العربي.
وتثبيت أسسه، وترسيخ أعمدته ليستطيع مقاومة القبح الذي تسلل إلينا في غفلة من الزمن في الثلاثين سنة الأخيرة.
بحثنا كثيرا في أرشيف (محمد الموجي) حتى وجدنا شهادة نادرة، قام فيها الطبيب النفسي الدكتور (عادل صادق) بتحليل إجابات (الموجي) من خلال باب كان يحرره الكاتب الصحفي (سيد فرغلي) في مجلة (الكواكب).
حيث كان يسأل (ضيفه) عدة أسئلة، ويأخذ، إجابات الضيف، ويعرضها على الدكتور (عادل صادق) ليحللها، دون أن يعرف من هو صاحب هذه الإجابات، فإليكم الأسئلة التى جاوب عليها (محمد الموجي) ورد (عادل صادق).
يقول (سيد فرغلي) في بداية الباب، تردد (محمد الموجي) كثيرا في قبوله لتجربة الاختبار النفسي، قرأ الكلمات عدة مرات، واستوقفه بعضها، وقال لي بعد فترة: أنني فعلا أريد أن أجيب على هذه الكلمات.
هذه هى نتيجة الاختبار
وأريد أن يعرف الناس رأيي وردود فعلي عليها، وهذه هى نتيجة الاختبار الذي أجريته للملحن (محمد الموجي):
الحياة: طريق علينا أن نسيره.
الحب: أجمل ما في الحياة.
الزواج: النهاية السعيدة للحب.
الأطفال: زينة الحياة الدنيا.
الأمومة: عطف وحنان.
الأبوة: قيادة وعزم وطيبة.
العزوبية: حرية مؤقتة.
الحرية: شيئ يكتسب.
النوم: بروفة للموت.
البحر: أخاف منه.
الربيع: الحب والزهور.
الخريف: لا أحسه.
الشتاء: نشاط وعمل.
الصيف: كسل وخمول.
المطر: أحبه، وأحب أسير فيه.
الخضرة: أحب أعيش فيها.
الجمال: متعة للنظر
الطيور: أكثر المخلوقات إيمانا.
الألوان: يجب أن تختارها بنفسك.
المرأة: مكملة للرجل ولا غنى عنها.
الرجل: شيال أرزاق.
القراءة: زيادة معرفة.
الموسيقى: غذاء الروح.
الهواية: حب العمل.
الإحتراف : مكاسب
الشر: كثير.
الكذب: أكرهه.
الصدق: منجي.
الشباب: تعرف قيمته عند الشيخوخة.
الشيخوخة: عزلة وانطواء ومشاهدة.
الموت: حق.
الصحة: نعمة من عند الله.
المرض: تنبيه للحفاظ على قيمة الصحة.
العطش: يوضح قيمة الإرتواء.
الجوع: يذكرنا بالعطف على الفقير.
الطعام: كثيره مفسد.
الأجازة: استعداد للعمل.
المسئولية: لابد أن تحترم.
الهدوء: كثيرة قاتل.
الضجيج: أهرب منه إليه.
الصمت: تأمل وتفكير.
المال: يجيئ ليذهب.
…………………………………………
عادل صادق يحلل محمد الموجي
كما استوقفت (محمد الموجي) بعض الكلمات التى أجاب عليها، استوقفت الدكتور (عادل صادق) بعض إجابات (الموجي) وتوقف أمامها طويلا، وراح يتمتم بكلمات لم أتبين معانيها، ثم راح يكتب هذا التحليل..
كل إنسان عنده شيئ جديد يقوله، شيئ لم يقله أحد من بلايين البشر التى خلقت من قبله، شيئ يعبر به عن ذاته هو، ولكل إنسان ذاته الفريدة التى تختلف عن ذات إي إنسان آخر، وهذه هي حكمة الخالق وقدرته.
استوقفني مفهوم النوم، ومن هذا المفهوم أيقنت مدى انشغال صاحب الإجابات بالموت، وانشغاله بنهاية الحياة، أي نهاية الطريق الذي كتب علينا أن نسيره، كيف تموت؟ ولماذا تموت؟، وماذا نشعر حينما نموت؟، وماذا نشعر بعد أن نموت؟
وأين نذهب؟، وماذا يحدث لنا؟، أقرب صورة للموت هو النوم، ولهذا فهو قد أعتبر النوم (بروفة) للموت، أدهشتني كلمة (بروفة) ذكرتني إجابته بإنسان طيب، طلب من زوجته أن تصوره بالفيديو وهو نائم.
وحين شاهد الفيلم، أخذ يبكي، وحين سألته زوجته عن سر بكائه قال: (أنني أشبه الموتى، وأنا نائم)، هذا الرجل أيضا يشغله كيف يكون حاله وهو ميت، ولهذا طلب من زوجته أن تصوره وهو نائم.
وصاحب شخصية اليوم يملك موهبة التصوير بالكلمات، لقد وصف الحياة بأنها طريق علينا أن نسيره، ثم وصف الرجل بأنه شيال أرزاق، وبذلك تكتمل الصورة، الطريق، والشيال.
والمعنى أن الرجل هو وحده الذي يحمل الحياة فوق أكتافه، وهو يرسم صورة بديعة أيضا للإيمان حين وصف الطيور بإنها أكثر المخلوقات إيمانا، وهي صورة جديدة، صورة لا أعتقد أن هناك من سبقه في رسمها.
فالطيور هى المحلقة من علوها على كل ما صنعته يد الله، وهى أقرب منا بالسماء، ونومها ويقظتها بميقات الله، يبزغ الفجر فتنهض، تأوى الشمس فترقد، حركتها من أجل الرزق، وبيوتها فوق الأشجار من صنع الله.
وغذاءها حبوب تأكلها بصورتها التى خلقها عليها الله، إذن فالطيور بحق أكثر المخلوقات إيمانا.
يرتقي فوق مستوى الوصف
صاحب شخصية اليوم لم يصف الألوان، وإنما حدد علاقة الإنسان بها، فالألوان يجب أن تختارها بنفسك، صاحبنا يرتقي فوق مستوى الوصف إلى مستوى المعنى، من مستوى الشكل إلى مستوى المضمون.
فاللون علاقة، وليس مجرد لون تراه العين، علاقة تبدأ من عندك لأنك أنت الذي تختار، فالإختيار إرادة، والإرادة هي الحرية المطلقة، إذن فهي علاقة نابعة من ذاتك، لا سلطان لا أحد عليك.
أكاد أظن أن صاحب شخصية هذا الأسبوع يعمل بالرسم، وأكاد اتخيله في صورة ذلك الرسام البوهيمي الطويل الشعر، الطويل اللحية، يلطخ بالألوان ملابسه وكأنه صنع بإحدى لوحاته ثوبا له، يعيش ويعربد داخل مرسمه.
وذلك لأن أعظم قيمة إنسانية عنده، هى الحرية، الانطلاق، الإرادة، إرادته هى التى تهلو فوق كل إرادة، إرادة الطيور المحلقة في الفضاء، لتكون شاهدة على مخلوقات الله.
ومازالت الأجنحة قوية تهرب به من الضجيج لتعود به إليه، إنه يحب الأرض عن السماء، حتى تحين الشيخوخة فلا يبقى إلا مشاهدة الآخرين.