رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

كمال زغلول يكتب: مسرح (أوزيريس) علم الإنسان الحضارة بالجهاز الحسي

كمال زغلول يكتب: مسرح (أوزيريس) علم الإنسان الحضارة بالجهاز الحسي
وصف حكم الملك (أوزيريس) بالعصر الذهبي

بقلم الباحث المسرحي الدكتور: كمال زغلول

الحضارة المصرية، من الحضارات المتميزة، بين جميع حضارات العالم القديم، ويعود هذا التمايز إلي كونها الحضارة الوحيدة في العالم التي وثقت بشكل تفصيلي للعلوم التي تعلمتها من أقوام سابقين عليهم بحوالي أربعين ألف سنة، وكان ملوك هذه الأزمنة السحيقة مثل (أزويريس) يسمون نثراً neter  ولا يقل طول كل منهم عن حوالي خمسة أمتار.

ولقد عملت هذه المخلوقات الخارقة للعادة على تعليم وتأهيل سكان وادي النيل وتموينهم وهذا ما ذكرة تيبو في كتابه (موسوعة الأساطير والرموز المصرية القديمة).

ومن أهم ما ذكر في هذا الكتاب، وصف حكم الملك (أوزيريس) بالعصر الذهبي، وأن هذا الملك علم المصريين الكثير والكثير من العلوم، والتي من خلالها تحضر المصريون ، وصارت لهم مملكة حضارية كبيرة في الزمن القديم .

وإذا ما عندنا إلى المسرح المصري نجد توثيق تفصيلي عن هذه الفترة، ويظهر في لوحة البروج ، وفي الجداريات المصورة لهذه المعارف والعلوم، ويبدو أن هذه الجزء قد مثل في (مسرحية الأسرار) الخاصة بأوزيريس ، أو اعتمد المؤلف على ذاكرة المشاهد في تخيله، ونستعرض الأن بعض الأمثلة من خلال ما تعلمه المصريون من (أوزيريس):

كمال زغلول يكتب: مسرح (أوزيريس) علم الإنسان الحضارة بالجهاز الحسي
يظهر أوزير على المسرح، في زيه المميز، والتاج، وصولجان الحكم

مسرحية آلام أوزيريس:

يظهر أوزير على المسرح، في زيه المميز، والتاج، وصولجان الحكم.

الجهاز الحسي: الجمهور

الذاكرة: (أوزيريس) المعلم

مشهد (1)

لقد علمنا أوزير الزراعة ، وهى تعني الاستقرار في الأرض والتمكين، هذا ما يدور في ذاكرة المشاهد، وما تدل عليه اللوحات الجدارية ، التي تصور حرث الأرض وبذر البذور.

مشهد (2)

أهم المحاصيل الزراعية  التي علمها أوزير للمصريين: القمح وصناعة رغيف الخبز، فقد علَّم أوزيريس البشر كيف يزرعون القمح، ويصنعون الدقيق، ويعدون الخبز. ولذلك نجد المصريين كانوا يعتبرون الخبز دائما غذاءً إلهياً مقدساً .

ذاكرة المشاهد تسترجع طرق الزراعة، وطرق عمل رغيف الخبز، ولكن الأهم تحرك مشاعر الجمهور الداخلية إلى الخبز باعتباره غذاء مقدس، وقد ظهر الخبز في المعتقد المصري القديم في صورة قرابين تقدم للآلهة المزعومة كغذاء لهم.

مشهد (3)

علم (أوزيريس) البشر ري الأرض الزراعية، لكي يتم زراعة الأرض بعد ذلك بأسلوب الري من النيل.

ذاكرة المشاهد: تسترجع أحداث الأجداد، وتعلمهم من أوزيريس، ونقل هذه المعارف والعلوم إليهم.

مشهد (4)

علم (أوزيريس) وبين للبشر كيفية التمييز بين الخير والشر، ثم سن من أجلهم قوانين عادلة قوية، وشجعهم على توخي الحقيقة والإقبال عليها، وفتح عقولهم على المبادئ التي تنظم العالم.

مشهد (5)

علم (أوزيريس) البشر الفلك، وتأمل السماء، فعرفهم مواسم الزراعة، موعد الفيضان، وحساب السنة، إلخ.

حواس الجمهور: تنفعل وتتأثر، وترجع بهم بالذاكرة إلى هذا الماضي، وتتمسك بهذه الإرث، ولذلك مجَّده شعبه وألَّهَهُ بل أنه كلما كان يراه سرعان ما ينطق مترنما بهذا المديح .

كمال زغلول يكتب: مسرح (أوزيريس) علم الإنسان الحضارة بالجهاز الحسي
أنت المعبود، أيا (أوزيريس).. عليك السلام، الثناء والإطراء

مديح (أوزيريس):

أنت المعبود، أيا (أوزيريس).. عليك السلام، الثناء والإطراء يغدق عليك بسبب أفعالك الرائعة، أيا سيد العدالة والحق، وملك القوت الإلهي، أيها الإله المقدس، ويبدو أن هذا المديح كان يرنم به في مسرحية الأسرار (آلام أوزيريس) من قبل الجوقة، مع الجمهور.

وما تظهره هذه المشاهد، أن (أوزيريس) دأب على تطوير البشرية والعمل على ازدهارها، خلال فتره حكمه.

وفي مشهد قتل (أوزيريس) في (مسرحية الأسرار)، نلمح في كلام (أوزيريس) ما قام بعمله من أجل الشعب

مشهد من مسرحية الأسرار:

ست: (يظهر ست حامل السلاسل الحديدية، التي سوف يستخدمها في قتل أوزيريس، بالإضافة إلى الخنجر وبعض الأسلحة).

(أوزيريس): خائفا.. لا تتخلى عن (أوزيريس)، أيا أتون رع، وإلا فهو هالك لا محالة.

ست: يظهر في مركب قداما هو واتباعه، متجها إلي الشاطئ.

(أوزيريس): أني لم أرتكب إثما، لا تجعل بغضك يتفجر ضدي، إنني أمنح ، وسأعطيك وفقا لأوامري، ولا تنتزع قلبي من جنياه، فإنني أنا رب الحياة .

وفي حديث أوزيريس يقول المؤلف أنه يمنح، بمعني أنه من قام بمنح الشعب المصري العلم وتنظيم مدينته، وهذه الكلمات الأخيرة والتي تعني أنه لم يرتكب جرما وأنه يمنح.. إلخ.

يكون التأثير على الجهاز الحسي للجمهور في أوج حالته خاصة بعد استعراض ما فعله أوزير، من أجل الشعب ويتزايد الانفعال ، وتظهر المشاعر الداخلية للجمهور نحو أوزير، ويزداد التأثر، حتى يستقر أوزير في مخيلته بعد انتهاء العرض.

وبرغم ما في عرض الأسرار من أكاذيب وتحريفات، لكن الجمهور يتأثر بشخصية (أوزيريس) وتعاليمه، والسبب يرجع إلي أن بعض ما جاء في كتابات المصريين عن (أوزيريس) في كونه من علم المصريين التحضر بمعناه العام في إقامة المدن والقانون والزراعة وحياكة الملابس والحرف.. إلخ.

 فإن هذه العلوم والتي طبقت في حياة الناس وظهرت المدن، تخص نبي الله (إدريس) – عليه السلام، فهذا النبي كانت آياته، أول من خط بالقلم وعلم  قواعد السياسة المدنية التي انتشرت في ربوع الأرض، صنع الأدوات والآلات واستخدم الدواب أو الخيول للهجرة وللجهاد.

رسم لقومه المدن فبنت كل فرقة مدنا وأنشئت في زمانه 188 مدينة، أنزلت عليه ثلاثون صحيفة ودعا إلى وحدانية الله وآمن به ألف إنسان، ويقال أنه أول من حاك الثياب من الكتان، أنه نبي التحضر والتمدن، ولهذا يتأثر الجمهور من خلال جهازه الحسي، بأعمال هذا النبي التي تلقاها وحيا وعلمها للبشرية.

وهذه هي الحقيقة التي يتأثر بها الجمهور، وسبق أن وضحنا في مقالة سابقة أن التحوير والتحريف ظهر في دمج ثلاث شخصيات، (ابن آدم هابيل، إدريس ، وربما عزير أيضا)، لذلك تأثر الجمهور المصري بالوحي الإلهي الذي تلقاه نبي الله (إدريس)، والعلم الذي أنزل عليه وعلمه للبشر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.