رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

رسمي فتح الله يكتب: (محمد رمضان).. أسطورة كاذبة !

رسمي فتح الله يكتب: (محمد رمضان).. أسطورة كاذبة !
أغانٍ تهبط من اليوتيوب فتشتعل ملايين المشاهدات في ساعات

بقلم الكاتب الصحفي: رسمى فتح الله

في عزبة القصبجي، جنوب المنيب، ولد (محمد رمضان)، لا يحمل من اسمه نصيبًا سوى هذا الجناس الجميل الذي يبرق حين يُنطق، أما في جوهره فشيءٌ آخر.

طفلٌ خرج من الحارات الضيقة يلهث وراء الضوء، لا ليرى الطريق، بل ليُرى هو، ليتحوّل من ظلّ عابر إلى صورة ثابتة على الشاشات، تطرق كل بيت، وتُعيد تشكيل أذهان صغارنا كما يُعاد تشكيل الطين في يد خزّافٍ أعمى.

بدأت رحلة (محمد رمضان) من أدوار صغيرة لا تُرى، لكنها في داخله كانت تنمو كجذور شجرة سامة، إلى أن التقطته العدسة في لحظة (عبده موتة)، لا كممثل، بل كمشروع.. مشروع مخصص لتسويق نوعٍ جديد من الأبطال، أبطالٍ لا يحملون القيم، بل يستعرضون العضلات.

لا يرفعون المظلوم، بل يخلطون بين المظلوم والبلطجي في سردية واحدة، حتى يصعب على المشاهد أن يفرق بين القسوة والعدالة، بين الانتقام والحق.

في فيلم (عبده موته)، لم يكن (محمد رمضان) يُمثّل، بل كان يُبشّر بعصرٍ جديد: عصر فيه العنف وسيلة، والفتوة قيمة، والبطولة تُستخرج من جيب البنطلون لا من عمق الضمير.

ومع مسلسل (الأسطورة) دخل (محمد رمضان) بيوت المصريين لا كفنان، بل كرمز، رمز لمشروع أكبر، مشروع يتسلّل بهدوء من بين أصابعنا، يُزيح صورة الفتى الطيب، ويضع مكانها صورة الشرس، المتغطرس، السريع في الردّ، البطيء في الفهم.

رسمي فتح الله يكتب: (محمد رمضان).. أسطورة كاذبة !
جاءت اللحظة الفاضحة: حفل أمريكا.. دخل (محمد رمضان) مرتديًا بدلة رقص نسائية شفافة

من مغنٍ إلى ظاهرة

ثم تحوّل (محمد رمضان) من ممثل إلى مغنٍ، ومن مغنٍ إلى ظاهرة.. ظاهرة تحمل بذور الدهشة والقلق معًا.

أغانٍ تهبط من اليوتيوب فتشتعل ملايين المشاهدات في ساعات، وكأن هناك من يُدير الزرّ في الخفاء، يُعيد نشرها تلقائيًا، يُوزّعها عبر خوارزميات تشبه الأوامر العسكرية: (أنشروا محمد رمضان!) حتى لو كانت الكلمات بلا معنى، والرسالة بلا قيمة.

وفي خضم هذا الصعود العجيب، كانت الملابس تتبدّل، والهيئة تتقلب.. صدرٌ عارٍ دائمًا، كأنه توقيع حركات مسرحية، ثقة تُلامس الغرور، وعين لا تنظر لجمهورها، بل تتحداه.

ثم جاءت اللحظة الفاضحة: حفل أمريكا.. دخل (محمد رمضان) مرتديًا بدلة رقص نسائية شفافة، لا تنتمي لفن ولا لرجولة، وراح يهزّ بطنه كراقصة محترفة.

لم يكن يرقص، بل كان يهدم، لا يقيم احتفالًا، بل يُقيم مأتمًا لمفهوم الرجل الشرقي، لأبجديات الحياء، لحدود الذوق العام.

هذا المشهد لم يكن انفعالًا لحظيًا، بل تجليًا لمخطط طويل.. مخطط يتسلل تحت جلد المجتمعات المحافظة باسم الفن، ليبدّل مفاهيم الهوية والنوع والجمال.

أن تتراقص على المسرح بهذه الطريقة، وأنت الذي كنت تمثل (الأسطورة) في أذهان الشباب، فهذه ليست سقطة شخصية، بل طعنة ثقافية.

ولم يكن (محمد رمضان) وحده في هذا المسار، فقد سبقه ورافقه آخرون، كأحمد سعد الذي ظهر في إحدى المناسبات مرتديًا بدلة شيفون، وحلقًا يتدلّى من أذنه، وكأنّ على الساحة اتفاقًا ضمنيًا بأن الرجولة يمكن خلعها كما يُخلع المعطف، وأن الذوق الشعبي صار قابلاً للتشكيل بأي يد تمسك بالميكروفون أو بالكاميرا.

رسمي فتح الله يكتب: (محمد رمضان).. أسطورة كاذبة !

رسمي فتح الله يكتب: (محمد رمضان).. أسطورة كاذبة !
تآكل الأخلاق مرحلة ضرورية لتمرير الأجندات: الانحلال الجنسي، تشويش الهوية

تآكل الأخلاق مرحلة ضرورية

من المسؤول إذًا؟: أهو الفنان أم الجمهور؟ أم من صنعوه من خلف الستار؟، تلك الجهات التي ترى في تآكل الأخلاق مرحلة ضرورية لتمرير الأجندات: الانحلال الجنسي، تشويش الهوية، تعظيم ثقافة الاستعراض، وهدم القدوة.

فأن تكون نجمًا اليوم في هذا السياق، يعني أن تُخلع عنك كل ثوبٍ من الداخل، لا أن ترتديه على المسرح.

لم نعد نشاهد فنانين، بل نُشاهد نماذج.. نماذج تصرخ في وجهنا: إن أردت المال، فاترك القيم.. إن أردت الشهرة، خالف الفطرة.. إن أردت أن تكون (نمبر وان)، فكن أول من يخون ذوق أهله، وعادات قومه.

ومع كل هذا، نحن لا نهاجم (محمد رمضان) كفرد، بل نقرأه كظاهرة.. نقرأ من خلاله القصة الأوسع: كيف تُصنع الرموز في زمنٍ باهت؟ كيف تخلع الشعوب قِيَمها من دون أن تشعر؟ وكيف تتحوّل النجومية إلى عربة تجرّ خلفها جيلًا كاملًا نحو المجهول؟

يا من تفتحون بيوتكم لرمضان وأمثاله، انتبهوا: الفن ليس مجرد لهو، بل تشكيل وجداني، وعقلي، وخلقي، وما يغرسه في أولادكم لن يُمحى ببساطة؛ ستُصبح أغانيه قاموسًا، وحركاته مرجعًا، وسلوكه قانونًا.. وستكتشف بعد فوات الأوان أن ابنك لم يكن يقلّده، بل كان يُعيد صياغة نفسه على صورته.

ويا من تُديرون المنصات والمواسم والحفلات: اعلموا أن التاريخ لا يرحم من أسهم في تغييب الوعي، ولو كان يبتسم وهو يفعل، وأن الشعوب التي تُخدر بالفن، تستفيق ذات يوم لتجد نفسها بلا روح، ولا مرآة، ولا تاريخ.

الأسطورة؟: بل هى الكذبة التي ارتدت تاجًا، ومشت فوق المنصات، وصفق لها المساكين وهم لا يعرفون أنهم يودّعون شيئًا فطريًا في أرواحهم.. اسمه البصيرة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.