
كتب: محمد حبوشة
يعد (الدارك ويب) أحد أكثر جوانب الإنترنت إثارة للقلق، حيث يخفي هذا الفضاء الافتراضي المظلم أنشطة غير قانونية وأخلاقية، مما يشكل خطرا كبيرا على سلامة أطفالنا وشبابنا على السواء، ومن هنا عندما تتناول الدراما التلفزيونية هذه المسألة لاينبغي الاستغراق فيه إلى حد لفت نظر شباب هذه الأيام إلى تفاصيل وفنون الدخول إلى هذا العالم المخيف مثل مسلسل (أثينا).
على قدر سذاجة المعالجة الدرامية في مسلسل (أثينا) على مستوى السيناريو الحوار الأداء التمثيلي الذي أقل ما يوصف بالمهترئ لظاهرة (الدارك ويب)، إلا أن الاستغراق في تفاصيلها المخيفة باستفاضة أدى بالضروة إلى سلبية الرسالة في تحذير الجمهور من خطورة الويب المظلم.
لم يدرك صناع مسلسل (أثينا) أن مواقع الإنترنت (الدارك ويب)، والتي كانت السبب الرئيسي وراء ارتكاب الجرائم، ينبغي التصدي لها بحذر دون الدخول في تفاصيل الجرائم التي يروح ضحيتها مراهقون أو شباب جامعات مازال في طور التكوين.
بداية: انتبهت من الحلقة الأولى إلى خطور الظاهرة واستبشرت خير بأن يخصص لها مسلسل كامل لهذا الموضوع المهم، لكن سرعان ما خاب أملي عندما شاهدت سذاجة غير معقولة في المعالجة الدرامية على نحو لايغوص في التفاصيل بقدر ما يوجه رسائل إرشادية مباشرة، نعم مباشرة تحذر الشباب من المخاطر قبل وقوعها.
افتقد السيناريو إلى رسائل مباشرة تحول دون فضول الشباب والأطفال الشديد، حيث يبدي الأطفال فضولا كبيرا لاستكشاف العالم الافتراضي، مما قد يدفعهم للدخول إلى (الويب المظلم) دون إدراك لمخاطره، ومن ثم كان ولابد أن يراعي السيناريو التركيز على مخاطر الويب المظلم، لا أن يروج لمواقع تغرق في الجريمة إلى هذا الحد.
نحن نعلم قلة الوعي لدى الأطفال والشباب حول مخاطر (الدارك ويب): فالعديد من الأطفال والشباب مازال يفتقر إلى الوعي الكافي بمخاطر (الويب المظلم) وكيفية حماية أنفسهم منه، ومن هنا فإن المسلسل وقع في شرك الترويج دون ملامسة واقع المخاطر والتحذير منها.

سهولة الوصول للويب المظلم
هيأ مسلسل (أثينا) – للأسف – إلى سهولة الوصول: وظني أنه بعد هذا المسلسل، بات الوصول إلى (الويب المظلم) أكثر سهولة من ذي قبل، مما يزيد من احتمالية تعرض الأطفال له على جناح دراما تلفزيونية اعتمدت الاستغراق في الظاهرة دون تقديم حلول عملية تحول دون خطورة الدخول إلى عالم من الجريمة الإلكترونية التي أصبحت تحاصرنا.
لم يتضمن السيناريو والحوارالنصائح للآباء والأمهات على النحو التالي: تواصل مع أبنائك، وخصص وقتا للتحدث مع أطفالك حول مخاطر الإنترنت بشكل عام و(الويب المظلم) بشكل خاص.
فقط تم التجسيد الدرامي المهترئ في مسلسل (أثينا) على نحو يبعث على اندهاش الأهالي والبكاء والنحيب على مصير أبنائهم من ضحايا (الدارك ويب).
لم نلاحظ أن السيناريو المكدس بأحداث محرضة على إثارة فضول الشباب، دون لفت إى أهمية لأن نشرح لهم ما هو (الويب المظلم)، ولماذا يشكل خطرا عليهم، بأن نستمع إلى مخاوفهم ونجيب على أسئلتهم بصراحة ووضوح.
كان يكفي أن يركز صناع مسسل (أثينا) الخمس حلقات الأولى في استعراض الظاهرة وعرض سير الضحايا، ثم يحددون في باقي الحلقات قواعد استخدام الإنترنت للأطفال والشباب، بما في ذلك حظر الوصول إلى مواقع (الويب المظلم).
وذلك بترتيب التصعيد الدرامي على أساس التأكد من أن شبابنا يفهمون هذه القواعد والتبعات المترتبة على مخالفتها، وأن نناقش هذه القواعد مع أطفالنا وشبابنا بانتظام والتأكد من التزامهم بها.
ألا يعي كتاب الدراما التلفزيونية من شباب وورش الكتابة الرديئة، أن دورهم التربوي مهم للغاية في مثل معالجة تلك القضايا الشائكة، وذلك بالتلويح بشكل أو بآخر إلى تفعيل استخدم برامج الرقابة الأبوية، من خلال حوار أبوي على لسان أبطالهم، يحرض استخدم برامج الرقابة الأبوية لتتبع نشاط أطفالنا وشبابنا على الإنترنت ومنعهم من الوصول إلى مواقع (الويب المظلم).
هناك مفاهيم لابد أن تتضمن الدراما التلفزيونية بحرفية السيناريو والحوار الذي يحض على التأكد من اختيار برنامج رقابة أبوية موثوق به وسهل الاستخدام، وهذا يتم بمناقشة مع شبابنا عن كيفية استخدام برنامج الرقابة الأبوية، وكيفية حماية خصوصيتهم، وهذا ما لم ألمحه طوال حلقات (أثينا).. فقط تم التركيز على العرض وليس معالجة الداء.

أن يكون الأب قدوة حسنة
كان ينبغي أن الانحياز في الاختيار إلى أن يكون الأب قدوة حسنة لأبنائه لا أن يعنفهم أم يمارس سلطة أبوية مطلقة تحرف مسار التربية إلى الانخراط في عوالم غيبية وتناول أقراص مدمرة، وعندما يقع المحظور لا نجد سوى بكاء وارتباك وندم.
مثل (محمود قابيل) المكلوم على ابنته (مي/ جانا الأشقر)، وصده لابنته (نادين/ ريهام حجاج) في كل ما تفعله في مستقبلها المهني، رئيسة الجامعة (سوسن بدر) التي تخاف على سمعة جامعتها، بالتخلي عن دورها التربوي، دون تخصيص محاضرات أو جلسات نقاش لطلابها لتنفنيد جوانب الظاهرة.
نعم كان يحتاج سيناريو (أثينا) أن يؤكد على أن يكون (الأب) قدوة حسنة لأبنائه من خلال التنبيه إلى استخدام الإنترنت بشكل مسؤول وأخلاقي، وتجنب استخدام (الويب المظلم) أو تصفح مواقع غير مناسبة أمام أبنائك.
القيمة الوحيدة التي لم يركز عليها مسلسل (أثينا) هى إظهار أهمية استخدام الإنترنت للأبناء بشكلٍ آمن وإيجابي، بالتشجيع على التواصل وإخبار الأبناء للآباء بأي شيء مقلق يواجهونه على الإنترنت، أيضا لم يركز على فضيلة أن تخبرهم أنك ستكون دائما هناك لدعمهم ومساعدتهم، وأن تجعل منزلك بيئة آمنة للتواصل حول مخاطر الإنترنت، لا واحة للصراع تفضى إلى الدخول هذا العالم المظلم.
إلى متى سيظل كتاب الدراما قاصرون عن معالجة القضايا الشائكة في حياتنا بأسلوب علمي حقيقي، وذلك بالتنبيه إلى أن (الدارك ويب) أو عالم الجريمة الخفي هو الأخطر على شبكة الإنترنت؟
حيث هنالك حوالي 3 آلاف موقع في غاية الخطورة، وتتم فيه العمليات المحظورة وغير الشرعية والتي تصل لحد تجارة الأعضاء وتأجير البشر لأغراض غير سليمة والمحتوى غير اللائق وتجارة الأسلحة والقتل والرد روم، وغيرها من مواقع تحرضية لشباب فاقد للقيمة والهوية.
ولديّ سؤال أخير في هذا الصدد: أين دور وزارة الاتصالات، وغيرها من الجهات التي تعنى بالرقابة على الإنترنت من حجب تلك المواقع والتطبيقات التي يقوم الشباب بتنزيلها على الهاتف واللاب توب.
ياسادة لابد من التوافق على كل شروط التطبيق، بحيث يجعل هذه التطبيقات تسجل وتراقب وتحصل على كل البيانات المسجلة عبر الهاتف، أو الكومبيتر الشخصي، حتى نتفادي وقع شبانا في المحظور.
ملاحظة أخيرة، أقولها بصراحة ودون مواربة: فشل مسلسل (أثينا) في عرض قضية هى الأكثر خطورة الآن على جناح سيناريو مهترئ وأداء فاتر وعبيط من جانب كل طاقم العمل، الذين انحرفوا عن المسار الصحيح في التصدي لخطورة (الدارك ويب) التي تهدد شبابنا، وراحو في استعراض مشاعر مزيفة لا تغني من جوع.