
بقلم المستشار: محمود عطية *
برنامج (رامز جلال) هو أحد البرامج التلفزيونية التي حظيت بشعبية كبيرة في الوطن العربي، وتحديدًا في شهر رمضان، ومع ذلك لا يمكن إنكار أن هذا البرنامج قد أثار الكثير من الجدل والنقاش حول قيمته الأخلاقية وأثره السلبي على الجمهور.
فبرنامج المقالب الذي يقدمه (رامز جلال) يعتمد على إظهار الآخرين في مواقف محرجة ومهينة، بغض النظر عن مدى تأثرهم النفسي، وذلك مقابل الحصول على المال والشهرة.
قد يعتقد البعض أن الضحك والتسلية هي الهدف الرئيسي، ولكن هناك من يرى أن هذا النوع من البرامج يعكس فوضى وقلة الاحترام للأشخاص الذين يظهرون فيها، ولعل هذا الأمر يرتبط بما يمكن أن يُسمى (إسفاف) مهني لا يمكن السكوت عنها.

إسفاف برنامج (رامز جلال)
أحد أبرز معالم برنامج (رامز جلال) هو افتقاره إلى أدنى درجات الاحترام للمشاركين، يقوم (رامز جلال) باستخدام الأساليب الأكثر استفزازًا لإثارة ردود فعل قوية من الضيوف، وهذا يتم من خلال مقالب تتسم بالتخويف، الصدمات النفسية، وحتى تعرض الضيف للإهانة المباشرة في بعض الأحيان.
فالتهكم على ردود فعلهم، والإصرار على إظهارهم في حالة ضعف أو ذل أمام الكاميرات، يظهر بوضوح أن البرنامج يهدف إلى إهانة الشخصيات العامة والمشاهير من أجل زيادة نسب المشاهدة، وهذا يعكس في جوهره إسفاف في التعامل مع الأشخاص لمجرد أنهم يتقاضون المال مقابل الظهور في هذه النوعية من البرامج.
إضافةً إلى ذلك، تعتبر فكرة المقالب التي تُستخدم كوسيلة للإضحاك طريقة قديمة ومملة، تفتقر إلى الإبداع والتجديد، في حين أن البرامج التي تعتمد على الذكاء الاجتماعي والابتكار هى التي تجذب الجمهور.
نجد أن برنامج (رامز جلال) لا يقدم سوى مقالب سخيفة، مليئة بالعنف اللفظي والتهديدات التي لا تدع مجالًا للكرامة الإنسانية. وفي النهاية، لا يحصد هذا البرنامج سوى تدمير سمعة الأشخاص الذين يظهرون فيه.

السعي وراء المال
لكن، هناك مسألة أخرى جديرة بالذكر: الممثلون الذين يقبلون المشاركة في هذا البرنامج على الرغم من كونه يتناقض مع أي منطق أخلاقي، يبدو أن المال هو المحرك الرئيسي وراء قبولهم لتلك الدعوات، وهو ما يثير تساؤلات كثيرة حول مدى استعداد هؤلاء الفنانين للتخلي عن كرامتهم وقيمهم من أجل المال والشهرة.
ولعل ذلك يؤكد أن هؤلاء الممثلين لا يترددون في بيع أجسادهم وسمعتهم حتى لو كان الثمن هو الحفاظ على مكانتهم الاجتماعية أو الحصول على ثروة مالية سريعة.
من المهم هنا الإشارة إلى أنه لا فرق بين بيع الجسد أو بيع الكرامة؛ فالمشاركة في برنامج يهدف إلى إهانة الآخرين ليس أقل قسوة من بيع الجسد نفسه، فإذا كان هناك من يبيع جسده للحصول على المال، فلا يمكننا أن نتجاهل أولئك الذين يبيعون كرامتهم وشرفهم مقابل نفس الهدف.
ربما يكون أحد الأسئلة المحورية هنا هو: إلى أي مدى يجب أن تتخلى عن إنسانيتك من أجل المال؟ هل يستحق المال أن تبيع نفسك بهذا الشكل المهين؟

تأثيره على الأطفال والشباب
قد تكون المشكلة الأكبر في هذا النوع من البرامج هى تأثيره على الأطفال والشباب، الذين يشاهدون هذه المقالب عن كثب، مما يعزز لديهم مفاهيم خاطئة عن العلاقات الإنسانية وكيفية التعامل مع الآخرين.
إن تقديم (رامز جلال) لهذه الأنماط من السلوك لا يضر فقط بالضيوف، بل يضر أيضًا بجمهوره، وخاصة الأطفال الذين يشكلون جزءًا كبيرًا من المتابعين، إذا كان الطفل يشاهد مواقف تتسم بالقسوة والسخرية، فمن المرجح أن يتبنى هذا السلوك في حياته اليومية، ويقلل من احترامه للآخرين.
والمثال الأكثر وضوحًا في هذا السياق هو التحولات التي يمكن أن تطرأ على تفكير الأطفال في التعامل مع أصدقائهم وزملائهم، إن برامج مثل (رامز جلال) قد تساهم في غرس مفاهيم سلبية في عقول الأطفال، مثل السخرية من الآخرين، الإهانة، وقبول المعاملة القاسية على أنها أمر طبيعي.
هذه المفاهيم تكون مؤذية بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بنشأة الجيل الجديد، حيث أن ذلك يؤثر في بناء الشخصية وتعامل الأفراد مع بعضهم البعض

بيع الجسد من أجل المال
قد يقول البعض أن ما يعرضه برنامج (رامز جلال) ليس أقل قسوة من بيع الجسد ذاته، فالفنانين المشاركين في هذا النوع من البرامج لا يختلفون عن أولئك الذين يبيعون جسدهم. فالمشاركة في هذه البرامج تتضمن في جوهرها نوعًا من الهوان والاستغلال النفسي، حيث يتم عرض المشاركين في مواقف تعرضهم للإذلال والتحقير مقابل المال.
وكما أن بيع الجسد يُعتبر نوعًا من الإهانة للكرامة الإنسانية، كذلك بيع النفس مقابل أموال ورفاهية مادية يعتبر أيضًا تدميرًا للقيم الأخلاقية.
فإن فكرة الحصول على المال بأي وسيلة ممكنة تجعل الشخص يفقد قيمته الإنسانية، ويقبل بأبسط أنواع الإهانة في سبيل هذا الهدف.. من هنا، نجد أن هؤلاء الممثلين الذين يشاركون في برنامج (رامز جلال) يبيعون أنفسهم في عملية تشبه تمامًا بيع الجسد، بل قد يكون أسوأ لأن هذا يخص العقل والروح قبل الجسد.
والخلاصه في هذا البرنامج وحده تعكس بكل وضوح حالة من الإسفاف التي باتت تميز الكثير من الأعمال الترفيهية في العصر الحالي. فهؤلاء الممثلون الذين يوافقون على المشاركة في هذه البرامج، لا يقدمون مثالًا يُحتذى به في كيفية المحافظة على الكرامة الإنسانية، بل يظهرون تهاونًا كبيرًا في قبول المعاملة القاسية والمهينة مقابل المال والشهرة.
وفي النهاية، يتضح أن القيم الإنسانية لم تعد في المقدمة، بل أصبحت الأموال والشهرة هي الهدف الأساسي، وهو ما يضر المجتمع بشكل عام ويشوه قيمه الأخلاقية.
أما البرامج الأخري التي تديرها عاهات للبحث والتنقيب عن فضائح المشخصاتيه فهي أسخم وأدل كل ذ لك من اجل المال بالرغم انهم جمعوا في هذه الحقبه من الزمن ملايين لا تعد ولا تحصى.
أما الجانب الآخر فبرامج المذيعات التي تركز على فضائح المشاهير، سواء كانوا ممثلين أو لاعبي كرة قدم، أصبحت ظاهرة شائعة في الإعلام العربي.. هذه البرامج غالبًا ما تستهدف حياة الأشخاص الخاصة، وتبحث عن أي تفاصيل قد تكون مثيرة للجدل أو محرجة.
رغم أن هؤلاء المشاهير يمتلكون ثروات ضخمة قد تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات، إلا أنهم يعرضون أنفسهم في بعض الأحيان لمواقف مذلة مقابل المال والشهرة.
تكمن المشكلة في أن هذه البرامج تسهم في نشر ثقافة الاستغلال والتشهير، وتؤثر سلبًا على صورة الشخصيات العامة في المجتمع، دون مراعاة لحقوقهم أو خصوصيتهم التي سترها الله ولكن للأسف يبوحون بها في ادني فيستحقون وصفهم بأقذر العبارات والصفات!
إستقيموا يرحمكم الله..
* المحامي بالنقض – منسق ائتلاف مصر فوق الجميع