
بقلم الكاتب الصحفي: بهاء الدين يوسف
مثل العديد من المشاهدين انتظرت بشغف عرض حلقات الجزء الثاني لمسلسل (أشغال شاقة جدا)، بعدما تميز في جزئه الأول بكوميديا لطيفة دون إسفاف أو خروج عن النص، ودون تعقيدات أيضا ليشكل العمل نمطا مختلفا ومتميزا عن معظم الأعمال الرمضانية التي تهاجم شاشاتنا في السنوات الأخيرة.
لكن لا أخفيكم أنني بعد عرض الحلقات الاربعة الأولى من مسلسل (أشغال شاقة جدا)، لم يكن انطباعي ايجابيا عن الجزء الثاني، فحتى الآن هو مجرد استغلال لنجاح الجزء الأول دون تطوير لا في الفكرة الرئيسية للعمل، ولا في نوعية الكوميديا المقدمة من خلاله.
كنت أتوقع أن يستغل مؤلف ومخرج مسلسل (أشغال شاقة جدا)، خالد دياب نجاح الجزء الأول لينطلق منه إلى تقديم ابداع مختلف في الجزء الثاني، لكنه لم يفعل ذلك وفضل العيش في جلباب النجاح السابق، وهنا يمكن أن اسأله سؤالا بريئا للمخرج، هل من الطبيعي أن يواصل في الجزء الثاني نفس الخط الدرامي لمجرد أنه نجح في الجزء الأول؟!
ألم ينتبه أو ينبهه أحد من المحيطين به أو حتى (هشام ماجد) نفسه باعتباره بطل (أشغال شاقة جدا)، إلى أن مفارقات الخادمات التي نجحت في صنع كوميديا غير نمطية أبهرت المشاهدين في الجزء الأول لن تحظى بنفس الترحيب هذه المرة، لسبب بسيط انها ستكون مكررة ومملة؟!
ففي العام الماضي كانت فكرة المزج بين عمل بطل مسلسل (أشغال شاقة جدا)، ومساعده في الطب الشرعي، وبين قصص الخادمات اللاتي يستعينون بهن لمساعدة زوجته في المنزل، جديدة على المشاهدين، ونجح دياب في اللعب بها بمهارة من خلال خلق مفارقات مضحكة تحت عنوان كوميديا الموقف.

لم تقدم فكرة جديدة
وكان من أبرز المشاهد التي لا يزال الكثير من المشاهدين يتذكرونها حينما تسلم د. حمدي (هشام ماجد) كبد شخص ميت طلب منه مديره تحليل السموم فيه، لكنه تركه في فريزر ثلاجة منزله، لتقوم الخادمة التي لا تقرأ ولا تكتب ولا تسمع بطبخه وتقديمة لمديره الذي كان مدعوا على العشاء مع زوجته في منزل د. حمدي.
لكن الجزء الثاني أو تحديدا الحلقات الأربعة التي عرضت حتى الآن لم تقدم فكرة جديدة على غرار فكرة طبخ كبد الميت مثلا، ربما يكون التطوير الوحيد هو إفساح مساحة أكبر من العمل للنجم الصاعد مصطفى غريب، بعدما أثبت نجاحه بشدة في الجزء الأول وكشف عن كوميديان صاعد بقوة في عالم النجومية، لكن الافساح جاء في غير صالح الممثل ولا العمل ككل.
فقد حاول المؤلف التغلب على الملل الناتج عن تكرار نفس أفكار العام الماضي، بالاعتماد على القدرات الارتجالية التي يتمتع بها الممثل الشاب.
وبالتالي كانت أغلب الكوميديا في الحلقات الأربعة عبارة عن إيفيهات من غريب وليست كوميديا مواقف مثلما تميز به الجزء الأول من المسلسل، وتحول العمل إلى ما يشبه ستاند كوميدي من الممثل الشاب في ظل تراجع نسبي في المساحة الممنوحة لهشام ماجد.
السبب الثاني أن الخط الذي يسير عليه مصطفى غريب في الجزء الثاني من (أشغال شاقة جدا)، وفي بعض الإعلانات التي يشارك فيها، سوف يحوله من مشروع فنان موهوب في تقديم الكوميديا إلى كوميديان نمطي يعتمد على الارتجال، مثل عشرات ممن سبقوه ولمعوا لفترة ثم اختفوا بعدما باتت افيهاتهم مكررة مل منها المشاهدون.

طريق الإفيهات أقصر
ربما يكون طريق الإفيهات أقصر وأسهل على أي ممثل لبلوغ النجومية الشعبية على غرار ما حدث من قبل مع (محمد سعد وهنيدي) وآخرين من الفنانين أصحاب المواهب الذين فضلوا أن يسلكوا الطريق الأسهل، لكن على (مصطفى غريب) وهو شاب موهوب بالفعل أن يسأل نفسه، أين هم هؤلاء النجوم الآن؟
كذلك لم تكن فكرة الاعتماد على المفارقات الجسمانية موفقة في رأيي، والتي تجسدت في الحلقتين الأوليين مع الخادمة النيجيرية الضخمة التي لعبت دورها الفنانة السودانية (إسلام مبارك).
واعتمدت على ضخامة جسد الخادمة وقدرتها على حمل د. حمدي بمقعده عندما أرادت تنظيف المكان الذي يجلس فيه وتكاسل هو في ترك مكانه، ثم ضرب مساعده عربي (مصطفى غريب) في نهاية الحلقة الثانية لدرجة أن وجهه أصبح في محل قفاه.
أولا لأن الفكرة نفسها قتلت عرضا في مئات الأعمال الدرامية منذ عقود سواء في السينما أو التليفزيون، سواء في الدراما العربية أو الأجنبية، ولا يزال أغلبنا يحفظ مشاهد الرجل الضخم الذي يضرب الجميع بسهولة، أو الرجل القزم الذي ينتزع ضحكات رخيصة من المشاهدين للسخرية من ضآلة حجمه.