رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شمروخ يكتب: الجزء الثاني من فيلم (طباخ الريس)

وكانت أفلاماً جريئة في طرحها لقضايا سياسية واقتصادية واجتماعية بوضوح وصراحة

بقلم الكاتب الصحفي: محمد شمروخ

فيما أظن أن السبب وراء تكرار فيلم (طباخ الريس) عدة مرات خلال الأيام الماضية على عدة قنوات تلفزيونية فضائية، أنه تذكير غير مباشر فيما جرى في فبراير 2011، وربما يكون مقصوداً  إعادة عرضه، لارتباط شهر (فبراير) بذكرى (تخلي) الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك عن الحكم في يوم 11 منه!

وكلما شاهدت فيلم (طباخ الريس) أتعجب من اتهام زمن مبارك بأنه عهد كبت للإبداع وقمع للحريات!

كيف وهناك سلسلة أفلام سبقت وتلت فيلم (طباخ الريس)، الذي تم إنتاجه في سنة 2008؟!.. بل وكانت أفلاماً جريئة في طرحها لقضايا سياسية واقتصادية واجتماعية بوضوح وصراحة مع اتهام مباشر أو غير مباشر لأجهزة الدولة على عهده بالفساد!.

فكيف ذلك وهناك عدة أفلام لفنان واحد فقط وهو الفنان عادل إمام، كانت تكيل اللكمات المباشرة للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بلا هوادة؟!

من (اللعب مع الكبار)، وإلى النوم في العسل، وطيور  الظلام، ومرجان أحمد مرجان، وبخيت وعديلة.

وكذلك فعلها المرحوم الفنان أحمد زكي في (ضد الحكومة 1992) و(معالى الوزير 2002)، وهناك الفيلم الأكثر جراءة في تاريخ السينما (كشف المستور 1994).

لكن فيلم (طباخ الريس) ينافس بقوة على صدارة الأفلام الجريئة، فهو قد جعل من السينما (في شخص الفنان طلعت زكريا رحمه الله، بدور الطباخ متولى) تدخل بأطقم عملها كاملة، عقر مقر الرئيس.

بل وتجلس السينما معه على مائدة طعامه وفي حديقة قصر الرئاسة بل وتهبط به من سدة الكرسي الرئاسي، لتدفعه للجلوس على كراسي التاكسيات والأتوبيسات وعربيات الأكل والمقاهي والأفراح الشعبية وحتى كورنيش النيل.

ولابد من الإشارة والإشادة – رغم كل ما يثار بالحق أو بالباطل – بأن ذلك لم يكن يسمح به طوال العهود السابقة على عهد مبارك، حيث لم تجرؤ السينما؛ رغم شجاعة كثير من صناعها؛ على الاقتراب من منصب الرئيس فضلاً عن شخصه ولو بالتلميح!.

وجدنا مع طرح موضوعات جريئة في الأفلام، ابتعادا خلال العهود السابقة لمبارك عن هذه المساحة

معلقة  للرئيس مبارك

لكن وجدنا مع طرح موضوعات جريئة في الأفلام، ابتعادا خلال العهود السابقة لمبارك عن هذه المساحة؛ وإن كانت؛ فمن قبيل المدح أو (من بعيد لبعيد) حتى فوجئنا في سنة 1988 بكاميرا المخرج الأستاذ (أحمد يحيى) تصعد إلى صورة معلقة  للرئيس مبارك دون مواربة.

وحسب علمى، فهذه أول مرة يحدث مثل هذا الأمر بهذه المباشرة على حيلة عين الرئيس وفي عهد رئاسته وان كان لأمر إيجابي ولكن كانت المرة الأولى التي تظهر صورة الرئيس الحاكم في فيلم في موقف درامي وليس تسجيلاً تاريخياً!.

ولكن بعد ذلك، وجدنا إشارات أشد وضوحاً في أفلام كثيرة بعدها، لعل منها فيلم (موعد مع الرئيس 1990).

ثم وجدنا الفنان كمال الشناوي رحمه الله في دور وزير الداخلية في فيلم (الإرهاب والكباب سنة 1992) يتلقى منه اتصالاً مباشراً .

وهناك إشارة ساخرة وجريئة لا يقدر عليها سوى قلم الأستاذ وحيد حامد، على لسان الفنان عادل إمام في فيلم (النوم في العسل) سنة 1996 عندما خشي المسئول الأمنى من أن الوباء المسبب للعجز الجنسي، قد يقترب من منطقة (مصر الجديدة) في إشارة خبيثة ومفهومة إلى (قصر العروبة)، حيث مقر السيد رئيس الجمهورية الرسمي!.

كما كان الحضور ملحوظاً في فيلم (معالى الوزير).

لكن فيلم (طباخ الريس) كان له طعم خاص ونكهة مميزة، ذلك لأنه حقق أكبر مساحة للحضور  الدرامي المباشر لصاحب منصب رئيس جمهورية مصر العربية، في شخص الفنان (خالد زكي)، ورغم أنه لم يصرح باسم الرئيس، إلا أنه كان يشير في وضوح إلى الرئيس مبارك شخصياً.

لاسيما في مشهد فرح بصلة صبى الطباخ (الفنان سامح حسين)،عندما قال لمتولي (تقريباً شفته قبل كده في سوق العبور) فأجابه متولى بطريقة كوميدية: (ده العبور نفسه يا بن المحظوظة!).

كانت هناك جراءة غير معهودة من الأستاذ يوسف معاطي كاتب (طباخ الريس)

كاتب (طباخ الريس)

(لا تنسوا أن الرئيس الراحل حسنى مبارك رحمه الله، قد أطيح به إثر ثورة شعبية طلباً  للحرية، في سخرية أنتجها وأخرجها الواقع ولا تقدر عليها السينما)!

كما أن هناك جراءة غير معهودة من الأستاذ يوسف معاطي كاتب (طباخ الريس)، ومخرجه الأستاذ مروان حامد، على التسلل إلى صميم عمل الرئيس عن طريق  حازم بك (الفنان لطفي لبيب) والذي استطاع بمكره ودهائه أن يفرض حصاراً حول الرئيس ليحجب عنه كثيراً من الحقائق.

فكم خدع الرئيس بحجة أنه – أي حازم بك – مسئول عن أمنه وسلامته؟!، وذلك ما بين مشهد تأجير ممثلين لأداء أدوار مواطنين يزورهم الرئيس في أثناء إحدى جولاته، وكذلك زيارة مزرعة المواشي واكتشاف الرئيس أن (البهايم غريبة),

(يذكر أن أصل هذه قصة المواشي حدثت في واقعة كانت على عهد الرئيس الراحل أنور السادات في إحدى زياراته).

فقد تناول الفيلم في منتهى الجرأة، هذه الفئة من المسئولين المقريبن من الرئيس بحكم مواقع مسئولياتهم والتى نطلق عليها في كل العهود بلسان حال الغضب (الناس اللى حواليه).

فحازم بك رجل دولة ومع ذلك مخادع ويمتاز بصلف كريه، وقد تمكن من إزاحة متولى الطباخ بواحدة من حيله الخبيثة، حتى يستطيع أن يحكم الحصار حول الرئيس فلا يتاح له أى مصدر لأي معلومات، سوى ما يمرره حازم بنفسه!

ولم يكن (يوسف معاطي) بحاجة إلى إبراز دوافع هذا الحصار الحريرى الناعم حول شخص ومنصب رئيس الجمهورية، هذا في الوقت نفسه الذي رأينا فيه مسئولاً آخر عاقلاً طيباً مخلصاً (الفنان أشرف زكى) بيد أنه يقف حائراً عاجزاً حيال حيل وألاعيب زميله حازم بك!

وإن كان اسم (حازم) مناسب جداً للشخصية، إلا أننى لا أدرى هل كان كلا من يوسف معاطي ومروان حامد، يقصدان أن تظل شخصية أشرف زكي في الفيلم (بدون اسم) أم لا؟!

إذ ربما نتعرف على اسم هذا المسئول  العاقل المخلص الطيب، إن جاءنا طباخ آخر للريس – لو – أنتجوا لنا جزءًا ثانيا للفيلم يكمل ما لم يقدر عليه المرحوم (طلعت زكريا) بسبب ظروف مرضه في ذلك الوقت الذي عاصرناه جميعاً عياناً بيانا!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.