رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

حسين نوح يكتب: (فطين عبد الوهاب) عملاقاً

لا أتذكر أن الفيلم بكاميرا (فطين عبد الوهاب) كان به أي مشهد مبتذل أو يخدش الحياء!

بقلم الفنان التشكيلي الكبير: حسين نوح

أتابع السينما في مصر والعالم فأنا أعرف مدى تأثيرها على المواطن والعقل الجمعي وكيف قدمت أمريكا للعالم بالسينما أفكارها والحلم الأمريكي وأرض الأحلام ، كيف ساهمت كل القوى الناعمه في التأثير على العالم كما فعلت (فطين عبد الوهاب).

يدهشني ما يحدث في مصر صاحبة ثاني عرض سينمائي في الأسكندرية حين حضر الاخوه لومير.

ماذا قدمت السينما المصريه لكبار الكتاب أعمال عبقرية، وكيف ذهبنا إلى أكبر المهرجانات كما حدث في شباب امرأه إلى أفلام (يوسف شاهين)، وكم كبير من أعمال ساهمت في تسجيل صور ومراحل مرت بها مصر المحروسة.

فقدمنا أفلام مثل (العزيمة) شاهدنا منها الحارة المصرية، و(رد قلبي وبين القصرين، السكرية، ميرمار، ثرثرة فوق النيل)  للمبدع (نجيب محفوظ) إلى أفلام (يوسف السباعي)، الأرض، شيئ من الخوف، الكرنك)، أفلام سجلت مراحل مصرية نتذكر بها كيف كانت مصر وكيف أصبحت من خلال كبار الكتاب والمبدعون في كل مفردات الإبداع.

وحين أتابع ما يحدث الآن، أفكر ماذا حدث وكيف لنا ومصر بهذا التاريخ الفني العريق أن لا يتجاوز عدد الأفلام التي تستحق التقدير نصف ما كان يقدم، وقد بلغ عدد المواطنين في مصر متجاوزاً 110 بعد المليون نسمة.

تزداد دهشتي حين أتذكر افلام كوميدية قدمتها السينما في الخمسينيات والستينيات نعجز أن نقدم مثلها رغم محاولات جيده كثيرة تتوه وسط كثير من أفلام ساذجة لاسكتشات ومواقف تكرس للهطل يفرزها مسرح الاسكتشات التجاري بشباب البعض منه يفتقد الحراسة العقلية ويبذل مجهوداً مضاعفاً في استجداء الضحك بكل الطرق.

وأحياناً كثيره تصل للابتذال واستخدام الألفاظ التي تتجاوز كل الحدود وجرح مشاعر الأسرة المصرية ويزداد شباب النجوم نجاحاً، وهنا الخطوره فيكون النجم والنجمة هما فلتر الاختيار للأعمال وأحياناً المخرج ويتوغل تكريس الهطل والسذاجة وتتجه إليهم  السينما التجاريه وبعض تجار السبوبه ولا علاقة لهم بالمهنة ولا تاريخها.

ونجد سينما الأعياد وسينما المصيف وأفلام بمجرد أن يخرج المشاهد من دار العرض لا يتذكر منها شيئ.

عمر الشريف وسعاد حسني في (إشاعة حب)

فيلم (إشاعة حب)

فعلى سبيل المثال أين الفيلم الكوميدي وقد تجاهلت الاستعراضي  والتاريخي أين فيلم مثل (إشاعة حب) إخراج (فطين عبد الوهاب)، الذي ما زالت الأسرة تجلس لتشاهده للمره المائة.

هل شاهدنا مثل ذلك العمل بالنجوم الكبار أمثال (يوسف بك وهبي وعمر الشريف  وسعاد حسني وهند رستم  وعبد المنعم إبراهيم).. اعتقد لايوجد.

هنا لا أتذكر أن الفيلم بكاميرا (فطين عبد الوهاب) كان به أي مشهد مبتذل أو يخدش الحياء!، ماذا حدث فقط أفلام كثيرة يقدمها شباب من خرجين يبحث عن عمل فيذهب لتنفيذ تلك النوعية ويكتب شهادة انتهاء علاقته بالسينما ويجلس مع كثيراً من مخرجين ومنهم الكبار وتعيش أفلام كوميديا الابتذال  وخريجي مسرح الاسكتشات تجذب تلك النوعية بعض الموهوبين أمثال (أحمد حلمي)؟

وتكون النتيجة  فقط خمس أفلام ساذجه بعد الفيلم العظيم (عسل أسود).. أفلام تحاول لكنها تتوه ولا تحقق أي نجاحاً فنياً يضيف للبطل فيجتهد من أجل مزيد من الأموال ومزيد من إعلانات ويطلق عليه الطيبون نجم والنتيجه أعمال يختارها النجم بثقافة  الطيبين عقلاً!

وهكذا الحال لكثير من نجوم كوميديا التسعينيات ونجد أنفسنا أمام سينما تجارية موسمية تترنح ويضيع تاريخ فني كبير وتبقى فقط أفلام تحاول استخراج ابتسامه عنوة لكنها عبثاً  أفلام كوميدية كوجبات  المرضى سوتيه مسلوق.. أين أفلام مثل (الزوجة13، أم العروسة، آه من حواء، مراتي مديرعام، ابن حميدو، عائلة زيزي). 

تلك فقط أمثله لعظمة العملاق (فطين عبد الوهاب) صاحب الـ 17 فيلماً من بين أفضل مئة فيلم كوميدي، ولا أتجاهل وجود أفلام لغيره من مبدعين تستحق التقدير مثل (الناظر، صعيدي في الجامعه الأمريكية، الارهاب والكباب، النوم في العسل).

هنا أتكلم عن (فطين عبد الوهاب) الذي كان تعاونه مع المؤلف المبدع (أبو السعود الإبياري وإسماعيل ياسين) وإدراكه لقيمة وأهمية السيناريو لتقديم عمل  سينمائي.

بدأ (فطين عبد الوهاب) حياته عاشقا عاملاً ملاحظاً للسيناريو وتدرج منه إلى مساعد مخرج ثم  مخرج قدم افلام التصقت بوجدان الشعب المصري بل العربي، وما زالت تنال أعلى نسب للمشاهدة حين تعرض.

أبدع فطين عبد الوهاب في فيلم (الزوجة 13)

الضحك بالموقف والكوميديا

فقد كانت تعتمد علي الضحك بالموقف والكوميديا التي استقبلتها الأسرة  بالابتسامة دون استخراجها بالابتذال والتهريج الاجوف والمصطنع، فهل كان السبب زياده الوعي عند العاملين من مخرج إلى نجوم واعية مدركة أنها تسجل على شرائط تاريخ يضيف ويحذف من رصيدهم  بعد سنين.

فما زلنا نتذكر أفلام ونجوم تركونا ولكننا نحتفي بهم فهم بيننا بأعملهم، اين أفلام الكوميديا بعيداً عن أفلام الصيف ونجومه، أين أمثال المبدع (فطين عبد الوهاب) الذي قال عنه عمر الشريف أنه من أحسن مخرجي الكوميديا في العالم.

نعم إنه المتفرد الذي عاشت أفلامه حتي الان نستمتع بها  ونضحك دون ابتزال وتعتمد على كوميديا الموقف رغم قلة الإمكانات ومراعاة زمن الإنتاج وقبل تجليات الحداثة والتقنيات للكاميرات والمعدات.

هل نتذكر أفلام مثل (ابن حميدو، مراتي مديرعام، الأستاذه فاطمة، عائلة زيزي، الزوجة 13)، وكيف عاش هذا المخرج العبقري حتى الآن تتابع أفلامه الأسرة المصرية ومن كل الأعمار، واندهش  من كيف كنا وماذا نقدم الان؟!

ماذا يحدث؟.. أعتقد موضوع يستحق الاهتمام والدراسه فالسينما باقية والنجوم لن يبقى منها إلا ما يتركوه على شرائط  تتعرف منها الأجيال وأحفادهم، وأذكر الجميع  وكم من نجوم انتهت بموتها وأخرى نجوم عاشت رغم موتها.

و(فطين عبد الوهاب) عايش بيننا وبالمثل (نجيب محفوظ وصلاح أبو سيف وعاطف الطيب وحسن الإمام، ووحيد حامد، ويوسف شاهين) وتلك فقط أمثله من عظماء نفتخر بهم.. حفظ الله مصر تنطلق وتستحق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.