رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

عمر بطيشة) يكشف لنا لأول مرة المحذوف من أغنية (فايزة أحمد) بعنوان (غريب يا زمان)

المطرب الحقيقي يمتلك حساً استثنائياً بالكلمة التي يغنيها، فهي لابد أن تتسرب إلى أعماقه، وتذوب في وجدانه، ويجب ألا تكون زائدة، أو مكررة، أو ثقيلة على الأذن، وإلا رفضها على الفور وطلب من الشاعر مؤلف الأغنية تغيير هذه الكلمة أو ذلك المقطع، فى هذا الباب سنتوقف مع بعض الأغنيات التى تم تغيير بعض كلماتها، أوحذفه.

لم يعجب (فايزة أحمد) و(محمد سلطان) من كلماتهم إلا كلمة واحدة وهى (زمان)!

كتب: أحمد السماحي

من الأغنيات الجميلة المتميزة التى تغنت بها كروان الشرق (فايزة أحمد) ومازالت ناجحة حتى اليوم ويعشقها الجمهور، أغنية (غريب يا زمان) كلمات الشاعر الكبير عمر بطيشة، ألحان الموسيقار محمد سلطان.

هذه الأغنية كانت أول أغنية يكتبها شاعرنا الكبير عمر بطيشة، الذي حكى لنا قصة هذه الأغنية، والمفاجأة التى خصنا بها بعض الكلمات الأولى للأغنية التى كتبها شاعر ما قبله، فإليكم نص ما قاله لنا شاعرنا المبدع الكبير:

كانت (فايزة أحمد) تأتى دائماً مع زوجها الموسيقارمحمد سلطان للإذاعة يتابعان أغانيهما، وبحكم أني مذيع في إذاعة (البرنامج العام) تعرفت عليهما، وكنت أحضر مع (محمد سلطان) وهو يدندن أغنية جديدة يجهز لها لحناً فأجد شطرة مكسورة فأقوم بتعديلها دون أى مقابل من باب الصداقة تطوعا دون ذكر اسمى.

 وكم من أغنية مشهورة تذاع الآن منسوبة إلى شعراء أفاضل آخرين مع أنى مؤلف نصف الأغنية أو أكثر، وكنت راضيا بذلك، فقد كنت أعمل فى الإذاعة المصرية ومكتفيا بعملى، ولى ديوان بالفصحى، وغيره فى الطريق، ولم يكن من بين طموحاتى أن أكتب الأغانى.

لكن فى حالة (غريب يا زمان) فقد اختلف الأمر، فقد مرت الأغنية على أكثر من مؤلف ولم يعجب (فايزة أحمد) و(محمد سلطان) من كلماتهم إلا كلمة واحدة وهى (زمان)! التى هى أصلا جرى وراء موضة (زمان) التى انتشرت وقتها بسبب نجاح أغنية فريد الأطرش (زمان يا حب)!

كانت الأغنية حائرة بين المؤلفين فترة طويلة

الأغنية حائرة بين المؤلفين

فطلبا من المؤلفين أن يكتبوا أغنية تتضمن فى بدايتها كلمة زمان تيمنا بنجاح (زمان يا حب)، وبقى على موعد حفل الربيع الذى ستغنى فيه (فايزة أحمد) الأغنية على الهواء فى سينما (قصر النيل)، والأغنية حائرة بين المؤلفين ولم تتم.

وكل ما كتب في الأغنية هذا المطلع الذي أخص (شهريار النجوم) به وهو:

زمان.. زمان.. زمان

زمان كنا أصحاب، أعز أصحاب

وعشنا عمرنا أحباب

 وتدخلت كالعادة فكتبت على اللحن مطلع أغنية (غريب يا زمان) الذي يقول:

زمان غريب يا زمان

يا زمان مالكش امان

تفرق ليه قلوب مشيت

سوا مشوارها واتعاهدت

وفرحت قد مافرحت

ويوم ما قربت بعدت

وكنا زمان اعز اصحاب

وعشنا عمرنا احباب

وآه لو بايدنا ما كناش بعدنا

ولا ليلة واحدة وكنا فضلنا

سوا للنهاردة وبعد النهاردة

حبايب حبايب ما يقدر علينا الزمان

غريب يا زمان …

 فأعجبهما المطلع جدا، رغم أنني لم أكن مقتنع بجملة (وكنا زمان أعز اصحاب، وعشنا عمرنا أحباب) التى كتبها شاعرالأغنية الأصلي، فهي زيادة، وليس لها علاقة بموضوع الأغنية!

ولكن الموسيقار (محمد سلطان) كان (يعز عليه) حذف شيئ من ألحانه!، وطلب مني هو والست (فايزة أحمد) الله يرحمهما، أن أكمل الأغنية، وأكملتها ثلاث كوبليهات بالتمام والكمال.

كان هناك جملة في هذا المقطع حذفها الموسيقار (محمد سلطان)

مقطع حذفه (محمد سلطان)

وفي نهاية الكوبليه الأخير الذي يقول:

أنا هاجيلك أنا، والله هاجيلك أنا

ولما أجيلك راح نقول:

احنا كنا لبعض، وهانفضل سوا

 والزمن للعاشقين أحسن دوا

وادى أحنا بعدنا، وادى احنا رجعنا

حبايب مايقدر علينا الزمان

كان هناك جملة في هذا المقطع حذفها الموسيقار (محمد سلطان) وهى: (أنا هجيلك أنا، والله لجيلك أنا، فوق طريق المستحيل)، حذف (سلطان) جملة (فوق طريق المستحيل)!.

 وحفظت (فايزة أحمد) اللحن بسرعة، واستعدت للحفل ولكنها وضعت شرطا للظهور على الهواء وهو أن يتم الإعلان عن إسمي كمؤلف للأغنية!، وطبعا هذا لم يكن فى حسبانى، فقد كتبت لها الأغنية معتقدا كالسوابق أنها ستذاع منسوبة إلى أحد المؤلفين الآخرين.

 ولكن (فايزة أحمد) أصرت وهددت بعدم الغناء، وإلغاء الحفل إن لم يذكر اسمى كمؤلف للأغنية!، ولم يكن معتادا فى ذلك الوقت (عام 1973) أن يؤلف المذيعون الأغانى، ولكنها أصرت.

 وحينما اعترض رئيس الإذاعة قائلا: (أنا ما عنديش مذيعين يؤلفوا أغانى) وأوعز إلى لجنة النصوص أن ترفض نص الأغنية لأى سبب وقد كان.

 فما كان من (فايزة أحمد) إلا أن ذهبت إلى بيت وزير الإعلام السفير(مراد غالب) وجلست إلى جانب الطريق، وما إن رأته قادما بسيارته حتى ألقت نفسها أمام السيارة! وأسرع الحرس بنقلها إلى داخل البيت وجلس وزير الإعلام يطمئن عليها ويسألها عن سبب ما حدث.

فأخرجت من حقيبة يدها نص الأغنية وأعطته له وقالت اقرأ يا معالى الوزير، فقرأ الوزير كلمات الأغنية وقال لها: (مالها؟) قالت: هل تعجبك هذه الكلمات؟ قال: نعم إنها جميلة، قالت: إذن اكتب رأيك على النص وقل إنها جميلة وتعجبك.

فكتب ذلك فعلا، وشكرته وذهبت بالنص وعليه توقيع الوزير إلى رئيس الإذاعة وألقته على مكتبه، فلم يجد جوابا إلا التأشير بإجازة الأغنية التى غنتها (فايزة أحمد) فعلا على الهواء فى الموعد، وكانت بداية لسلسة طويلة من الأغاني جمعت بيني وبين (فايزة أحمد) و(محمد سلطان).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.