بقلم الكاتب والناقد: ناصر العزبي
(تياترو فوتيه)، أحدث الكيانات الثقافية في الحياة المسرحية، وقد وجدت من الأهمية التوثيق له، وهذا الكيان الوليد لا يتبع جهة ولا يتبع جمعية أو مؤسسة بعينها، ولربما يتم اشهاره فيما بعد حين يتم الاستقرار على مقر ثابت له، ولا يحتاج نشاط هذا الكيان إلى تمويل إلى جانب أنه لا يهدف إلى الربحية.
(تياترو فوتيه)، فكرة تبناها كل من الفنان والسيناريست (محمد عسكر)، والفنان والكاتب (ياسر أبو العنين)، والتف حولهما مجموعة من المحبين للمسرح.
و(تياترو فوتيه)، نوع من المسرح كان لجأ إليه الأوروبيين في أوقات الحروب التي يصعب فيها ممارسة المسرح أو تعذر تقديمه، حيث يتجمع المسرحيون والمهتمون بالمسرح لعمل قراءات للنصوص المسرحية.
وربما كانت هناك بمصر بعض محاولات من هذا النوع قامت بها بعض كيانات مختلفة إلا أنها لم يكتب لها الاستمرارية لأسباب مختلفة، منها عدم قصرها على قراءة نصوص المسرح والتوسع بالقراءة للكتب والأصناف الأدبية بشكل عام، مما حد من الإقبال عليها.
وفكرة (تياترو فوتيه)، تعتمد على قيام مجموعة من الممثلين بقراءة نصوص مسرحية أمام الجمهور في مكان ما – مسرح، أو قاعة، أو مكان مفتوح – وهى ببساطة بمثابة بروفة طرابيزة متطورة يحضرها جمهور.
قراءات بأداء تمثيلي تهدف إلى – جانب إشباع المؤديين فنياً – إمتاع الجمهور، أي تقديم عرض أدائي بدون أي عناصر مكملة من ديكور وملابس وإضاءة وموسيقى.
وتهدف في ذات الوقت إلى تقديم نصوص غير مطروقة، لمؤلفين غير معروفين أو جدد، أو قديمة لكتاب معروفين، وقد يتبع تلك القراءات مناقشات حول الأداء التمثيلي، أو حول الأفكار التي تطرحها النصوص المقدمة في تلك الجلسات، بما قد تفتح مسارات جديدة قد يكون لها أثرا على العملية المسرحية.
جلسة القراءة الأولى
هذا؛ وقد سعى القائمين على الفكرة للتواصل مع عدة جهات منها؛ (المسرح القومي – دار الأوبرا المصرية – نقابة الفنون التشكيلية – المركز الكاثوليكي – مسرح آفاق (لإمكانية استضافة جلسات تلك القراءات).
وبالفعل تم عقد جلسة القراءة الأولى يوم الثلاثاء أول أكتوبر، واستضافها الفنان (هشام السنباطي) في (ستوديو آفاق)، ويشار إلى أن تلك الجلسة سبقها لقاءات جمعت فريق القراءة لتوزيع الشخصيات والتدريب على النص.
وقدم (تياترو فواتيه) في جلسته الأولى قراءة للنص المسرحي (تقريبا بيتهيألي)، تأليف (محمد عسكر)، أما فريق القراءة الذي شارك في الأداء التمثيلي فقد تكون من الفنانين (محمد نصار ، إيهاب عز العرب ، ياسر أبو العينين، عبير الفاروق، نيفين أغا، لمياء السعداوي، نيفين المرسي، منال عامر، حور أحمد).
والجدير بالذكر أن التجربة لاقت قبولاً، إذ نجحت في جذب الجمهور لها – رغم الدعاية الغير منظمة والمحدودة – فحظيت بحضور كبير ربما فاق جمهور العروض.
بل أن بعض من الجمهور جاء من المحافظات كالمنصورة والإسكندرية، بما يستدعي التوثيق لتلك التجربة، وقد دار بين الحضور وبين مجموعة القراءة مناقشة حول فكرة (تياترو فوتيه) وجدوها والعمل على تطويرها وأهمية استمرارها.
وقد تم الاتفاق على أن تخصص جلسة القراءة التالية للنص المسرحي (من العدو؟!)، تأليف (ياسر أبو العينين) ، وتحديد يومي الجمعة والسبت لعمل بروفة قراءة على النص بكافيتريا التشكيليين، مع فتح المجال أمام كل من لديه استعداد للمشاركة حيث عدم الالتزام بمجموعة ثابتة.
بما يتيح الفرصة لأكبر عدد ممكن من المشاركة، وقد تكون مجموعة القراءة الجديدة غير تلك التي شاركت في المرة الأولى.
(تياترو فوتيه)؛ تجربة لم يتحدد لها مقراُ ولا موعدا ثابتا حتى الآن، وإن كانت حققت نجاحاً في انعقاد اللقاء الأول لها، وقد أشادنا بفكرتها، إلا أن الحكم النهائي عليها وتقييميها، يتوقف على استمراريتها.
فهل يرحب بها الوسط الثقافي ويتيح لها فرصة الانطلاق والاستمرار، أم تنتهي مثل غيرها من أفكار كثيرة وارفة طالما بزغت ولم تجد من يحتويها ويشملها بالرعاية .
فكرة (تياترو فوتيه)
وأما بعد؛ (تياترو فوتيه) فكرة رغم بساطتها إلا أنها قد تحدث الفارق، ولربما كان منها ما يحرك المياه الراكدة، ولتكن متنفساً جديداً لشباب المسرحين تقدم من خلاله نصوصهم كتجربة حيوية وفاعلة.
ونقترح تفعيلها بنوادي المسرح التابعة لفرق الإدارة العامة للمسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة، بل لماذا لا يتم تفعيلها بفرق مسرح الدولة، وليكن على سبيل إنشاء (نادي للمسرحيين) بكل فرقة على سبيل المثل خاصة وأنها غير مكلفة.
بل ومن الممكن تحديد ميزانية محدودة كمصروف جيب للمشاركين في كل تجربة – تشجيعاً لاستمرارها – بواقع عدد 3 بروفات، وليلتي قراءة (كل شهر) يتم فتح المسرح أو القاعة فيهما لاستقبال الجمهور من المهتمين بالمسرح مجاناً، بما يكون في ذلك متنفساً لشباب المسرح.
وكذلك على سبيل التثقيف وفي ذات الوقت المساهمة في رفع مستوى الذوق العام للجمهور.. (تياترو فوتيه) فكرة تتلمس طريقها فهل من صدى لها لدى المسئولين؟!