بقلم: محمود حسونة
بسبب الحرب على غزة تعرض (موسم الرياض) للكثير من الهجوم بعد أن تجاهلها في جميع لياليه وفعالياته، وبأشياء صغيرة نصرة لغزة كان بإمكان هذا المهرجان وغيره من الفعاليات الفنية العربية تجميل الصورة وإنهاء الانقسام بشأن إقامة مثل هذه المناسبات في الشارع العربي.
صحيح أن الحرب على غزة عطلت الحياة في القطاع الصامد في وجه الهمجية الصهيونية، وحاولت الحكم بالإعدام على كل كائن حي هناك، ولكن ليس مطلوباً أن توقف الحرب الحياة في العالم العربي.
بل تفرض إعادة النظر في بعض الأمور وصياغة الأولويات في حياتنا، بما يعيد وضع القضية الفلسطينية في الأجندات السياسية والفنية والحياتية، بعد أن تاهت منا في زحام الحياة وكادت أن تندثر وتتلاشى من الوجدان العربي.
وتحقق للعدو الصهيوني مبتغاه في تصفيتها، وما يستتبع ذلك من نزع الاستحواذ على كامل الأرض الفلسطينية ومحو كلمة فلسطين من الوجود بعد أن نجح في استبدالها باسم دولته المغتصبة على الخرائط العالمية وفي أروقة المؤسسات العربية والدولية وفي كتب الجغرافيا لدى العديد من دول العالم.
كلنا نعرف أن العدو الإسرائيلي لا يريد فقط أرض فلسطين ولكنه يخطط لقضم أراض عربية أخرى حتى يقيم دولته الموهومة من النيل غرباً إلى الفرات شرقاً ومن مكة والمدينة جنوباً إلى لبنان شمالاً.
ولذا فإن الحرب الحالية على غزة ليست الأخيرة، وتهجيره قسرياً لأهلها إلى سيناء أو غيرها ليس آخر مخططاته، فهناك مخططات لتهجير سكان الضفة إلى الأردن وغيرها، ومخططات لحروب وأزمات مع جميع الدول المجاورة.
هو لا يريد سلاماً ولا يستطيع العيش بلا حروب، ولن يكتفي ولن يشبع حتى يملأ الأرض دماً والاقليم خراباً والعالم توتراً.
(موسم الرياض) هو الأسطع عربياً
من يريدون تنظيم مهرجانات فهذا حق لهم، ومن يريدون الغناء يستطيعون أن يجذبوا كل العرب لمشاركتهم وترديد أغنياتهم.
نريد جميعنا أن نغني، وأن نحلم، وأن نحلق مع الألحان والكلمات في العالم المبتغى، ولكن عندما نجد أشقائنا في فلسطين يُبادون ويُهجرون، وأطفالهم يمزقون أشلاءً، وديارهم تُهدم وأمتعتهم يغمرها الركام.
والمنطقة بأسرها مهددة والمخططات تُحاك لتغيير التاريخ والجغرافيا، فلا نملك سوى أن نتألم مع المتألمين و أن نشاركهم الوجع، وهو ما يمكننا التعبير عنه بكل الأساليب الممكنة، وليس أفضل من الغناء وسيلة للمواساة ولفضح أفعال الصهاينة في أهل غزة من المدنيين، أطفالاً ونساءً وشيوخاً وشباباً.
إقرأ أيضا : كل نجوم التمثيل في مصر في (موسم الرياض) المسرحي!
نرى عبر الشاشات عائلات تُباد وتُمحى من السجلات بكاملها وهو ما يفرض علينا أن نصرخ غناءً وأن نُغيثهم بشتى الوسائل من ضمنها الغناء، ومطربونا يعلمون ذلك، وعديد منهم بادر وغنى لغزة ولفلسطين.
ولكنها المبادرات الفردية الأقل انتشاراً من المبادرات الجماعية التي ينبغي أن تتولى تنظيمها دول وحكومات وهيئات كبرى ونقابات فنية.
(موسم الرياض) اليوم هو المناسبة الأسطع عربياً والمهرجان الأكثر انتشاراً، والذي احتضن معظم الفنانين العرب إن لم يكن جميعهم، الكبار والشباب، المغنون والممثلون، المطربون والشعبيون.
لا ننكر حق منظميه في إطلاقه، إنما كنا نتمنى أن يعكس الحدث نبض الشارع العربي، فالحرب على غزة والابادة الجماعية التي يتعرض لها أهلها تفرض نفسها على أحاديث الناس في المنازل والمقاهي وأماكن العمل ومواقع التواصل ووسائل الإعلام.
فكيف لا يكون لها نصيب من موسم الرياض المزدهر وقد ضم هذا العدد العائل من النجوم العرب والعالميين؟.
(موسم الرياض) يغني للحياة
من حق (موسم الرياض) أن يغني للحياة والحب وأن يحيي ذكرى الرواد ويستعيد الزمن الجميل، ولكن ينبغي له أيضاً أن يفسح حيزاً ولو ضئيلاً للغناء لنصرة المظلوم، وأن يكون وسيلة تحفيز للناس لإغاثة المستغيث، وأن يكون صرخة احتجاج في وجه المحتل القاتل.
أشياء صغيرة لو فعلها (موسم الرياض) لأسكت أصوات الاحتجاج عليه، منها تخصيص أغنيته الرسمية لما يحدث في غزة، الوقوف دقيقة حداد في حفل الافتتاح على أرواح شهداء الدفاع عن الأرض.
إقرأ أيضا : محمد حبوشة يكتب: هل تسحب الرياض بساط الفن من القاهرة؟
تخصيص إحدى لياليه للغناء للقضية الفلسطينية حتى لو كان من خلال أغنيات قديمة، وأعتقد أنه لو تم توجيه الدعوة لرموز الغناء للمشاركة في هذه الليلة فسوف يهرولون.
ورغم أن ذلك لم يحدث من قبل فإن الفرصة لا زالت سانحة أمام هيئة الترفيه السعودية لأخذ هذه المبادرة وتجميل وجه الموسم وإسكات الأصوات المنددة بتجاهله لهذه الحرب التي تفرض نفسها على اهتمامات الناس ليس في العالم العربي فقط ولكن في العالم كله.
(موسم الرياض) ونصرة غزة
وباعتبار أن (موسم الرياض) لا يجذب فقط الفنانين العرب، فلو أنه استجاب ونظم ليلة لنصرة غزة واستعان خلالها بنجم عالمي أو أكثر حتى تنتشر عالمياً فسوف يحرز الهدف المنشود.
ليس (موسم الرياض) وحده الذي ينبغي له أن ينظم ليالي لأجل غزة، فهي مسؤولية كل وزارات الثقافة والمؤسسات المعنية بالفن والنقابات الفنية في العالم العربي، وصوت الحفلات الجماعية سيكون أعلى كثيراً من صوت الأغنيات الفردية التي قدمها العديد من مطربينا نصرة لغزة ولفلسطين الموؤدة.
إسرائيل تحشد فنياً وإعلامياً لتبييض وجه عدوانها على غزة، وغزة لا تجد من ينصرها، ووصل الأمر بإسرائيل إلى حد سرقة ألحاننا لوضع كلمات عليها لتحميس الصهاينة ضد فلسطين.
وآخرها لحن أغنية (يا بنت السلطان) التي وضعت مطربة إسرائيلية تدعrinatbar عليه كلمات أغنية باسم (يا يحيى السنوار) وغنتها أمام جنود إسرائيليين، تدعوهم فيها لقتل جميع الفلسطينيين.