بقلم الإعلامية الكبيرة: هدى العجيمي
اتجهت السينما في وقت مبكر جدا من نشأتها بمصر نحو الأعمال الأدبية، فكما اقتبست أفكارا وموضوعات مختلفة من النصوص الأدبية العالمية فقد اتجهت أيضا الي الكتابات الروائية العربية والمصرية على وجه التحديد، فظهرت على الشاشة قصصا مثل (ظهورالإسلام)، و(دعاء الكروان) للدكتور طه حسين، فضلا عن (درب المهابيل، وبداية ونهاية، وزقاق المدق) لنجيب محفوظ، و(إنى راحلة، وردقلبي، وبين الأطلال، وأم رتيبة) ليوسف السباعي، و(لرباط المقدس) لتوفيق الحكيم، و(الناس اللي تحت) لنعمان عاشور، و(وإسلاماه) لعلي أحمد باكثير، و(لا وقت للحب) ليوسف إدريس و(الحرام) فيما بعد لنفس المؤلف، و(ست البنات، وشباب امرأة) لأمين يوسف غراب، و(غصن الزيتون، وشمس لا تغيب) لمحمد عبد الحليم عبد الله.
وفي هذا الوقت كان المنتج يدفع لمؤلف القصة أجرا كبيرا جدا، وهكذا فإنه من الناحية الفنية أفادت السينما كثيرا من استغلال الأعمال الأدبية لأدباء كبار، ومن الطرائف في ذلك الوقت إنه عندما أعلن المخرج بركات أنه سوف يخرج للسينما فيلما عن قصة (دعاء الكروان) اشفق الكثيرون عليه من الإقدام على هذه التجربة الجديدة لصعوبتها، لكننا عندما شاهدنا فيلم (دعاء الكروان) لاحظنا الجهد الذي بذله (يوسف جوهر) في وضع سيناريو الفيلم، فقد احترم النص احتراما كبيرا وهضم القصة جيدا فجاء السيناريو جيدا مطابقا لروح القصة وحافظ السيناريو علي الشكل الأدبى للقصة فلجأ إلى استعمال الراوي ليلقي عبارات من النص الأدبي وهذا رغم مخالفته للفن السينمائي إلا انه يذكرك بأن هذه هى قصة طه حسين صاحب الأسلوب المميز والصوت المتفرد.
كما لجا أيضا (يوسف جوهر) إلى المونولوج الداخلي وكانت هذه ضرورة لجا إليها السيناريست لترجمة خواطر (آمنة) البطلة الفتاة القروية التي دخلت منزل المهندس الشاب لكي تنتقم لاختها (هنادى) التي قتلها خالها انتقاما للشرف الأسري، وهى بهذا كانت ممزقة بين الرغبة في الانتقام والحب الذي ربط بينها وبين المهندس الشاب بعد ذلك،أما عن فيلم ( بداية ونهاية) لنجيب محفوظ فكان تجربة أخرى تختلف تماما، ذلك لأن قصة (نجيب محفوظ) حافلة بالشخصيات والأحداث فكانت مهمة السيناريست فيها صعبة، فهو مضطر أن يحذف بعض الشخصيات لكي يضغط القصة في المدة التي يعرض فيها الفيلم والمحددة بساعتين.
والمعروف أن قصص (نجيب محفوظ) لا يمكن نقلها على الشاشة في ساعتين فقط لكن كان من المهم الحفاظ علي روح وجو القصة، وقد أخرج الفيلم (صلاح أبو سيف) ضمن أسلوبه في الاتجاه الواقعى الذي عاد إليه في إخراجه لهذا الفيلم، وكان أداء (سناء جميل) في دور نفيسة (وصلاح منصور) في دور صبي البقال قمة في الأداء التمثيلي، وعندما عرض هذا الفيلم في مهرجان السينما الدولي في موسكوعام 1961 نالت (سناء جميل) جائزة أحسن ممثلة، فكانت أول ممثلة مصرية تفوز بجائزة دولية.
وفي هذه الأثناء ظهرت عدة أفلام مأخوذة من قصص إحسان عبد القدوس ونجحت نجاحا مبهرا مما جعل إحسان عبد القدوس يتقاضى أكبر أجر دفعته السينما لمؤلف وهو (أربعة آلاف جنيه، ومن هذه الأفلام (الوسادة الخالية) بطولة عبد الحليم حافظ ولبني عبد العزيز، (ولا أنام، والطريق المسدود، ولا تطفئ الشمس) بطولة فاتن حمامة، (وأنا حرة) بطولة لبني عبد العزيز وقد أخرج كل هذه الأفلام صلاح أبو سيف، (وفي بيتنا رجل) الذي أخرجه بركات بطولة عمرالشريف وزبيدة ثروت.
ومن الأفلام التي بنيت على قصص إحسان عبدالقدوس أيضا (البنات والصيف)، وكان يعتبر تجربة جديدة في السينما المصرية لأنه يتألف من ثلاث قصص لثلاثة مخرجين وهم (عز الدين ذو الفقار، وصلاح أبو سيف وفطين عبد الوهاب).