(محمد الحلو).. كروان مصر: أين هو من حفلات الأوبرا ومهرجانات مصر الغنائية؟!

كتب : أحمد السماحي
أين (محمد الحلو)؟! والسؤال بصورة أدق أين صوت المطرب الكبير (محمد الحلو) من حفلات دار الأوبرا، والمهرجانات الغنائية الكثيرة الموجودة في مصر؟!
وأين (محمد الحلو) من برامج الفضائيات التى تستضيف كل من هب ودب لأسباب واهية، أوبحجة (التريندات) وتدفع لهم مبالغ طائلة؟!هذه الأسئلة منذ فترة تدور في ذهني وذهن كثير من عشاق الطرب الأصيل.
وأيضا شريحة كبيرة من جمهور (السوشيال ميديا) خاصة بعد الاختفاء الغامض لصوت (محمد الحلو) أحد أجمل الأصوات المصرية، الفواح بعطور شرقية، القادم من كتاب (ألف ليلة وليلة) بسحره وعذوبته وجماله.
الشائعات تهمس، والحقائق تؤكد! الشائعات تهمس أن (محمد الحلو) لم يعد قادرا على الوقوف على خشبة المسرح لمدة طويلة، بعد الظروف المرضية التى مر بها منذ حوالي 3 سنوات!
والحقائق تؤكد أن (محمد الحلو) بصحة جيدة والحمد الله، وعلى إستعداد أن يدخل موسوعة (جينيس) في طول المدة التى يقفها على المسرح للغناء؟، والدليل أنه غنى العام الماضي في الحفل الذي نظمته دار الأوبرا المصرية، احتفالا بمشوار الموسيقار الكبير(عمار الشريعي).
وأبدع وهو يغني بعض الأعمال التى لحنها له (عمار الشريعي) من خلال (تترات المسلسلات)، مثل (أديب، وللثروة حسابات آخرى، وزيزنيا) بمشاركة أوركسترا تضم 100 عازف، وقيادة المايسترو تامر غنيم.

السبب وراء منع الحلو
إذا لماذا يغيب صوت (محمد الحلو) عن الحفلات الغنائية الدائمة لدار الأوبرا المصرية، والمهرجانات الغنائية الكثيرة الموجودة في مصر؟!.. بالنسبة لدار الأوبرا المصرية تحديدا، فالسبب معروف!، حيث أخذ المسئولين فيها موقفا متعنتا، وشديد الغرابة عندما جلس (حماده الحلو) ابن مطربنا الكبير ومدير أعماله، مع المسئولين وطلب أن يتساوى أجر والده بأجور كبار المطربيين في الأوبرا.
وهذا طلب بسيط، ومشروع، ول ايغضب أحدا، خاصة أن صوت وتاريخ، ومشوار(محمد الحلو) لا يقدر بمال، مهما أرتفع هذا المال!، ومن يومها قرر المسئولين منع (محمد الحلو) من الغناء دون أن يذكروا هذا علانا أو بصريح العبارة!
أما المهرجانات الغنائية الأخرى البعيدة عن دار الأوبرا، فهذه لا تقدر قيمة ثروة مصر الغنائية المتمثلة في نجومها الكبار، لكنها تريد (دوشة وهيصة) وتفاهه وغناء مهرجانات وراب، ومغنيين لديهم فضائح!
وذلك لجلب أكبر شريحة من جمهور الشباب الصغار الذين يلهثون وراء الفرقعات الغنائية الكاذبة، و(التريندات) والهبوط الغنائي! ومخاطبة الجزء التافه في عيونهم وأذانهم وخصرهم.

علامة فارقة في الغناء
يا مسئولين في مصر (محمد الحلو) علامة فارقة في تاريخ الغناء المصري المعاصر، صوت مثل نبع للماء الصافي، ماء رقراق فيه الوضوح والصفاء.
حيث يجمع في صوته بين خامة الصوت الطيبة، ذات النبرة المميزة والأداء الخبير والمجرب، ومخارج الألفاظ شديدة الوضوح، والتعبيرالغنائي السخي، ويعكس أدائه إمكانات هائلة في التعبير، والأحاسيس الصادقة التى تنطلق عبر أدائه.

محمد الحلو وموسيقار الأجيال
(محمد الحلو) الذي نال صوته إعجاب موسيقار الأجيال (محمد عبدالوهاب) وشهد له: (إنه صاحب صوت قوي يمتزج في تعبيره الحلو القوة والرقة).
ووجد فيه (عبدالوهاب) قنطرة وترية مفتوحة على التيار الحداثي للأغنية القصيرة العصرية الكثيفة الناعمة، لهذا قدمه كأول صوت في النشيد الوطني الشهير (الأرض الطيبة)، كلمات الشاعر حسين السيد، وإخراج حسين كمال.
ويومها وعندما سئل عن سر تقديمه لـ (محمد الحلو) كأول صوت في النشيد؟ قال: (أحلى أفتتاح، أفتتح به نشيد الأرض الطيبة، هو صوت محمد الحلو الذي سبق واستمعت إليه كثيرا من خلال حفلات الموسيقى العربية).

الحلو وبليغ حمدي
(محمد الحلو) الذي وجد فيه الموسيقار (بليغ حمدي) تربة خصبة لإعادة استنبات مشروعه القديم، توسيع معنى الأغنية الشعبية، وتطعيمها بآفاق نغمية حريفة لتتواءم مع اتساق الذوق الشعبي، فلحن له (أشكي لمين) كلمات الشاعر عبدالرحيم منصور.
وقال يومها (محمد الحلو من الأصوات الجميلة جدا، صوت قادر على غناء الأغنية الكلاسيكية، والأغنية الشعبية، ورغم أن الكوبليهات في اشكي لمين زي بعض، لكن فيها حرفية غناء).

الحلو ونجوم التلحين
على مدى مشواره تعاون (محمد الحلو) مع مدارس لحنية مختلفة، حيث غنى لأساطين النغم، كما غنى لأجيال تالية، ثم لجيله من الملحنين، فغني لـ (محمد الموجي، كمال الطويل، حلمي بكر، محمد الشيخ، حسن أبوالسعود، منير الوسيمي، هاني شنوده، إبراهيم رأفت، سيد إسماعيل، طه العجيل، محمد قابيل..
وليد فايد، صلاح، وفاروق الشرنوبي، سامي الحفناوي، رياض الهمشري، سامي علي، عمر سليم، هشام طاهر، ممدوح صلاح، وعماد عاشور، وحمدي صديق، ومحمد ضياء، وليد سعد..
وحيد ممدوح، عصام كاريكا، وأمير عبدالمجيد، محمد الطوخي، مدثر أبوالوفا، وحلمي عامر، ومحمد عماد الرشيدي،) وغيرهم.
الحلو ومصر
(محمد الحلو) الذي أنشد لمصر أروع أناشيدها الوطنية منذ بداية مشواره، ففي بدايته غني نشيد (الأرض الطيبة) الذي كان يقول فيه:
من صوت التاريخ يامصرى تقدر تعرف ذاتك
وهبت للدنيا دنيا جديدة من نبض حياتك
وقت ماكان العالم بيعيش تاية فى الغابة
مصر كانت دولة، وليها راية فوق أعلى سحابه..
بعدها توالى غنائه لمصر المحروسة، فلم تمر مناسبة وطنية إلا وغنى لها (محمد الحلو)، والذي قدم واحدا من أروع أناشيدها الذي يغنى حتى الآن في بعض المدارس الحكومية وهو (يا بوي يا مصر) كلمات الشاعر عصام عبدالله، وألحان هاني شنوده، والذي يقول مطلعه:
يابوى يا مصر اما الواحد بيحبك حب
منين ما راح البال، واخد حبك فى القلب
(محمد الحلو) الذي كان واحدا من الذين أهتموا بالأطفال، بإعتبارهم رجال المستقبل، وقدم لهم في بداياته، ألبوما بعنوان (عصافير الجنة) من كلمات جمال حمدي، وإبراهيم رجب، وألحان طه العجيل.
وكانت أغنياته ترفيهيه وتعليميه من هذه الأغنيات (عمو حسين، أقروأ كتير، ياسمين، جرى أيه، أهلا بالحب) وغيرها.

الحلو، وسيد درويش ومحمد فوزي
(محمد الحلو) الذي أهتم بالتراث الغنائي المصري القديم، وكان أول من قدمه في ألبوماته الغنائية الأولى خاصة الخاص بتراث الشيخ سيد درويش، ومحمد فوزي.
وبعد سنوات طور الفكرة وقام بإصدار ألبوم كامل بعنوان (أحبابنا) تضمن 7 أغنيات من أجمل أغنيات التراث المصري وهي (تعب القلوب، جميل وأسمر، إن شاالله ما أعدمك، تمرحنة، جانا الهوى، أحبابنا يا عين، لعبة الأيام).

كلمة لوزير الثقافة
(محمد الحلو) واحدا ممن حباهم الله موهبة سخية تتمثل في صوت قوي يعكس خصوبة العطاء، وقدرة التعبير، وملكة الحضور، ونتمنى من الدكتور (أحمد فؤاد هنو) وزير الثقافة أن يحل مشكلة مطربنا الكبير، الخاصة تحديدا بالغناء في دار الأوبرا المصرية، وإعطائه الأجر الذي يتناسب مع تاريخه ومشواره وعطائه الفني.