الوزير الاستثنائي المتعدد المواهب الفنان فاروق حسني:
مصر دولة ثقافية فريدة بثقافاتها بين كل الأمم!
مصر دولة ليست زراعية.. ولا صناعية.. بل هي دولة ثقافية متفردة بالعالم!

بقلم الدكتور: إبراهيم أبوذكرى *
لم تكن هذه الجلسة هى الأولي مع الفنان الوزير (فاروق حسني).. ولم تكن أيضا هي الأخيرة.. لكنها كانت الأولي من نوعها وجمالها وحلاوة ما دار فيها انه انها جلسة مع آخر وزير ثقافة حقيقي متعدد المواهب ومثقف في مصر كما وصفوه.. كما وصفوا أيضا معالي (صفوت الشريف) بأنه آخر وزير إعلام مهني في مصر كانت هذه الجلسة التاريخية بالربع الأخير من عام 2017
وبعيدا عن الاتهامات التي تلاحقت كل الشخصيات التي كانت قريبة من الرئيس الأسبق حسني مبارك.. فلا أحد ينكر أن لكل من هذه الشخصيات التي حاول الإخوان والمأجورين والمخربين تلويثها وتلويث تاريخها وإخفاء إنجازاتها من هذه الحقبة الزمنية التي كان لها مالها وعليها ما عليها والأهم أن الجميع بلا استثناء قولا متجردا لهم لمسات مضيئة علي الدولة المصرية بل على الإنسانية بالعالم.
الإرهابيون يعلمون علم اليقين أن هذه الرموز المصرية رموزا وطنية يحبون مصر وحبهم متغلغل في صدورهم للنخاع وما قدموه لمصر من خدمات وانجازات الكثير.. وأن لهم أيضا من الإيجابيات الكثير رغم محاولة طمسها.. ولهم مواقف وانجازات متعددة سيذكرها التاريخ رغم أنف الاخوان وأنف الجميع الذين تجنوا على التاريخ..
التاريخ لا يقطن ميادين ولا يرفع شعارات ولا يلوي الحقائق لصالح أحد.. وليس له أغراض.. أو اجندات.. فهو التاريخ واسمه التاريخ.. والجميع يعلم انه مجردا شفافا.. حتى ولو جاء بمعلوماته وسجلاته متأخرة.
هذه المقدمة كان لابد منها قبل ان أتحدث عن الجلسة الفنية الثقافية السياسية الرائعة التي أمتعتني وعشت من خلالها في عالم واسع.. وكأنه فيلم خيالي داخل قاعة معزولة بعيدا عن الواقع الذي نحياه يوميا.

إنسان شفاف ورجل راقي
جلسة وحديث مع رمز من الرموز المصرية التي بصمت في تاريخ الأمة، هو إنسان شفاف ورجل راقي وعلى مدار أكثر من ساعتين.. في جو فيه يصل الي أسماعك الموسيقي الكلاسيك الهادئة.. وتري من حولك لوحات تجريدية فنية رائعة.. وورود بألوانها الزاهية المقطوفة بالتو واللحظة تحيطك من كل جانب..
أشياء وضعت بعناية وبفن من أروع ما تري من جمال.. تري الواقع الذي تجلس فيه.. والخيال الذي تحسه من عظمة المكان هو خليط من الواقعي والخيالي والتشكيلي كل هذا تجده وأنت جالس في معيته بمتحف الفنان الغالي (فاروق حسني).
تحدثنا في هذه الجلسة في كل شيء وعن كل شيء.. في الماضي وكيف نتعلم منه.. والحاضر وكيف نعيشه.. والمستقبل.. وكيف وما يجب أن نستعد له.
استشعرت في صوته غصة عندما سألته عن المتحف الكبير.. ورأيتها في عينيه على الرغم من البهجة التي تحدث بها عن المتحف الكبير الذي فكر فيه.. وأسسه.. وعاش مع كل تفصيله فيه.. ولمساته في تصميمه وتخطيطه والذكريات مع مشاكله وتمويله وكونه مشروع القرن.
يقول عن المتحف الكبير.. إذ تم كما خطط له هو مشروع القرن هو هرم رابع حقيقي كما رَآه الفنان فاروق حسني).. كان للأسف يحلم بيوم يري فيه الافتتاح كامل المشروع كما خطط له!
ومازال الكلام عن المتحف الكبير الذي ينعش ذاكرة الفنان (فاروق حسني) متناسيا تهميشه في مشروعه الذي عاش ونام واستيقظ بأحداثه من الحلم الي أن أصبح واقعا على الأرض المصرية وفي معقل الفراعنة كما أنعش الفنان الفريد من نوعه ذاكرتي..
وذكرني بالمخازن الكبيرة الملحقة بالمتحف.. وبجميع الآثار التي تحتويه هذه المخازن.. وحجم ما تم بناءه وإنشاءه في وجوده.. وأكد لي أن ثلثي حجم هذا المتحف بأنفاقه التي تربط المخازن بصحن المتحف قد بنيت في وجوده وتحت إشرافه..
كما أكد لي أيضا بأن (الهانم) ويقصد هنا (السيدة سوزان مبارك) التي هى التي افتتحت ثلثي ما تم من بناءه وإنشاءه وحجم ما تم تخزينه من التماثيل والآثار المنقولة والمحفوظة في المخازن.. ولديه الأفلام والوثائق والصور التي يستعرضا مع نفسه كل فترة للذكري.. وأن الرئيس حسني مبارك رفض افتتاح أجزاء من المتحف الكبير..

افتتاح أجزاء من المتحف الكبير
وأصر على أن يكون الافتتاح بكامل أجزاء المتحف والمشاريع التي تحيطه وبالشركات الأجنبية التي تروج له.. ويتم بناء وافتتاح الفندق الأرضي والمطار الذي يخدم الطائرات السياحة وطائرات أثرياء العالم المهتمين بالآثار..
وبعد أن يعاد تنسيق مشروع الصوت والضوء مع كل المنظومة ليصبح الكل في واحد وتشعر بها لكل هذه المساحة الشاسعة المليئة بعبق التاريخ. وإفساح الرؤية لمنطقة الاهرامات الثلاثة وتبادل الرؤية بين كل المناطق دون اَي عوائق لتكون هذه المنطقة بالكامل قطعة واحدة..
وبكل المساحات المحيطة والمتممة بالمشاريع وتكون مرتبطة كلها مع بعض في مساحة واحدة.. ومنطقة واحدة.. هذا هو حلم الفنان (فاروق حسني) والمخطط له والموجود في ذاكرة الفنان (فاروق حسني).
إن إنجاز هذا المشروع والمشاريع الملحقة.. من وجهة نظر الفنان (فاروق حسني) هو مشروع عبقري وإنجاز مصري يتعدى حجمه وأهميته أي إنجاز من إنجازات أجدادنا الفراعنة التي نفخر ونتباهى بها.. بشرط استكمال المشاريع الخدمية واللوجستية الملحقة به ممكن ان تقدم للعالم بمشروع متكامل حتى ولو تأخر سنوات..
المهم أن يتم بهذا بالشكل الذي أسس من خلاله ثم يفتتح في احتفالية عالمية يشهد عليها التاريخ.. ويصبح مشروع القرن بحق كما قدر له.. ويكون الوحيد من نوعه والغير موجود مثيله على وجه الأرض!
ثم انتقل بي إلى مشروع اخر تم انجازه في عصره، وتحدث عنه بكل الفخر والاعتزاز.. عن متحف الحضارات الذي انجزه تماما ولم يبقي على افتتاحية سوي ايّام ثم حدث ما حدث وطمس المتحف واختفت أخباره!
ومتحف الحضارات هذا تم وضع به مستندات وآثار استعرض فيها كل ما تملكه مصر من آثار لكل الحضارات التي مرت على مصر منذ سبعة آلاف عام والي الآن.. وللأسف تم افتتاحية منذ عام تقريبا ولم يحظي بأي تغطية إعلامية عالمية أو ترويج من خلال شركات سياحية متخصصة عالمية، وتجلب له سياحا من نوعية خاصة تهتم بمثل هذه المتاحف..
ويؤكد لي الفنان (فاروق حسني) أن متحف الحضارات الموجود حاليا بمصر هو المتحف الفريد من نوعه في العالم.. وانه لا يقل أهمية ولا حجما عن المتحف الكبير، ويخدم مصر ويوثق لها تاريخها العظيم وحضارات الشعب المصري عبر آلاف السنين ويشاهد العالم مصر بمكانتها المتميزة بين الامم وعلى المستوي العالمي وعلى المستوي الشخصي وعلى ارض الواقع..
تحدثنا أيضا عن مستقبل العلاقة بين مؤسسة الفنان (فاروق حسني) والاتحاد العام للمنتجين العرب والشعبة العامة للإعلام.. ومونديال القاهرة للأعمال الفنية والإعلام بدورته السابعة لهذا العام 2017.. ومستقبل هذه المؤسسات لخدمة الفن والمجتمع الفني العربي!، ومعرض الفنون التشكيلية من خلال مبادرات الاتحاد العام للمنتجين العرب.

حديث فيه البهجة والغصة
ولن أبالغ إن قلت أن هذه الجلسة من أرق وأروع الجلسات التي جلستها في حياتي مع كل الشفافية والجدية والانتصارات والإخفاقات.. حديث تجد فيه البهجة والغصة.. تجد فيه الانتصار وتخطي الهزيمة ومقدرة الرجل على الصمود وتمسكك بفنه وثقافته وحبه لهذا الوطن الذي ينتمي إليه.
أكد لي الوزير الفنان (فاروق حسني) أن مصر لا تنافس أي دوله في الصناعة مهما وصلنا بها وهى مطلوبة، أو الزراعة وهى مهمة جدا، أو الإنشاءات المميكنة أو الخرسانية، والتي نعيش فيها ونستخدمها وتمثل حضارة تضاف الي حضاراتنا الا إنك تجد مثيلاتها في كل الدول!
أما ما لدينا نحن من مخزون ثقافي وآثار وثروة هو كنز كبير.. لن تجد له مثيلا أبدا في الكرة الأرضية هو موجود في مصر فقط.. فمصر دولة ثقافية من الدرجة الأولي.. دولة فريدة بثقافاتها بين كل الأمم.. وكل الحضارات الانسانية التي خلقت على سطح الارض.. فهي دولة ليست زراعية.. ولا صناعية.. بل هي دولة ثقافية متفردة..
لم نشعر بمرور الوقت غير إصرار من زوجتي في طلبي بالتليفون وجرس منها لم يتوقف من الموبايل الذي اصطحبته معي للأسف بغرض التصوير.. ولم أرد عليه.. وسألني عن هذا الطالب اللحوح..
وطلب مني أن أرد على هذا الزّن التليفوني والذي أفاقنا من حديث ما كنا فوق السحاب وسط زخم من مخزون ثقافي، في حيث سلس جميل يطوف بي الوزير الفنان (فاروق حسني) مستعرضا فيه حضارات يجيد الحديث عنها من معرفة وقراءات.. ومجاورا لوزيرا بنوعية خاصة بالإدارة..
وخبرة فائقة في إدارة ثقافة أمه بنوعية خاصة جدا.. وحديث عن بلد نتباهى ونزهو بتراثها وثقافاتها التي لا يوجد لها مثيل ولا تجده مهما بحثت او غالط وكنت كارها الا في هذا البلد!
تأرجحت مشاعري بين الحنين لتلك اللحظة المليئة بالثقافة والمعرفة والفن الراقي والجو المخملي المحيط بنا من كل جانب، وبين المسؤولية التي تفرضها علينا الحياة اليومية.
سامحها الله زوجتي التي أنهت هذه الجلسة لأنها لم تصدق ان تطول هذه الجلسة كل هذه المدة، وهي تعرف أني ملول لا أستطيع ان أبقي في مكان واحد كل هذه المدة.. ولكن لا تدري أن لكل قاعدة فيها استثناء ولا تعرف أيضا أن هذا الوزير هو استثناء ضمن عالم مليء بالتحديات.

يجمع بين الفن والعلم والثقافة
يبرز وزيرنا (فاروق حسني) كفنان استثنائي يجمع بين الفن والعلم والثقافة، ويعكس طموحاته وأحلامه لوطنه بكل حب وعشق.. إن حياته ليست مجرد مسيرة سياسية، بل هى لوحة فنية رسمها بإبداعه وحنكته، حيث يتجاوز دوره الرسمي ليصبح رمزًا للأمل والتغيير.
تجسد موهبته الفنية رؤيته العميقة لمستقبل بلاده.. فهو يستخدم الفن كوسيلة للتعبير عن قضايا المجتمع، مسلطًا الضوء على الظلم والمعاناة التي عاشها الكثيرون وهو في المقدمة.. من خلال أعماله، يدعو إلى التغيير ويشجع الآخرين على السعي نحو العدالة والمساواة.. إن الفن بالنسبة له ليس مجرد هواية، بل هو واجب ووسيلة للتواصل مع الشعب.
بجانب فنه، يتمتع الوزير (فاروق حسني) بمعرفة واسعة في مجالات متعددة.. فهو يجمع بين الثقافة والمعرفة، مما يمكنه من اتخاذ قرارات مستنيرة.. يسعى دائمًا إلى تعزيز التعليم والثقافة في بلاده، مؤمنًا بأنهما هما الأسس التي تبنى عليها المجتمعات القوية.
الفنان (فاروق حسني) رغم التحديات التي تواجهه، يبقى طموحه لا حدود له.. يحلم بمستقبل مشرق لوطنه، حيث يسود السلام والازدهار.. يدعو الله في كل لحظة أن يزيح الغمة عن بلاده، ليتمكن من تحقيق أحلامه وأحلام شعبه.. إن إيمانه القوي بقدرة التغيير ينعكس في كل خطوة يخطوها.
في الختام، يمثل وزيرنا الفنان (فاروق حسني) نموذجًا فريدًا يجمع بين الفن والعلم، ويعكس الحب العميق لوطنه.. إنه فنان استثنائي، يحارب من أجل العدالة، ويعمل بلا كلل لبناء مستقبل أفضل.. دعونا ندعم هذا الإبداع ونشجع كل من يسعى للتغيير، آملين أن يزول الظلم وتتحقق الأحلام.
أخذت نفسًا عميقًا، وأجبت على المكالمة.. بينما كانت كلمات زوجتي تتردد في أذني، شعرت بقلق يتسلل إلى قلبي، وكأن تلك اللحظات الجميلة بدأت تتلاشى والتي تمنيت لو أستطيع أن تستمر هذه الجلسة، ولكن للأسف مع متطلبات الحياة ذهبت بنا إلى العالم الحقيقي على أرض الواقع.. وودعني الوزير علي أمل لقاء تركناه للأيام.

فكرة الوزير (فاروق حسني)
وللذين لم يتعرفوا عن إنجازات الفنان (فاروق حسني) بعد أن تحدثنا عن المتحف المصري الكبير كان أساسًا فكرة الوزير (فاروق حسني)، وبدأ في بنائه الذي تأخر نتيجة للأوضاع التي مرت بها مصر بعد 2011 وباختصار وفي نقط سريعة:
* هو صاحب مشروع ترميم وتطوير منطقة (القاهرة الفاطمية)، وجعلها ممشى عالمي.
* هو صاحب مشروع تطوير وتأهيل منطقة وسط البلد (القاهرة الخديوية).
* بناء وافتتاح مكتبة الإسكندرية بمساهمة قوية من السيدة سوزان مبارك.
* ترميم وتطوير مبنى دار الكتب المصرية، وبناء مبني جديد لدار الوثائق القومية.
* ترميم وتوسعة المتحف القبطي ومتحف الفن الإسلامي.
* الاهتمام بنوادي الأدب وقصور الثقافة وتطويرها حتى شعر الجميع بقيمتها الفكرية والثقافية حتى نهاية التسعينيات. ولم ينته دورها إلا بعد أن بدأ الفكر الرجعي وتحريم الفنون والموسيقى، والسيطرة عليها من قبل موظفين لا علاقة لهم بالثقافة أو الفن والآداب.
جدير بالذكر أن الوزير (فاروق حسني) تخرج في كلية الفنون الجميلة، شغل منصب مدير قصر ثقافة الأنفوشي (الإسكندرية). حين سافر إلى فرنسا، كان يراسل المجلات الثقافية، وله تقرير بالغ الأهمية عن دور الحكومة الفرنسية في نشر الوعي والثقافة لدى الفرنسيين،
أرسله إلى مجلة (الثقافة الجديدة) في عددها الأول برئاسة الأستاذ (سعد الدين وهبة) في بداية السبعينيات، وعندما تقرأ هذا التقرير تتأكد بأن هذا الرجل سوف يكون له مستقبل عظيم وسيلعب دورًا عظيمًا في الثقافة المصرية.. كما ترأس الأكاديمية المصرية للفنون في روما – إيطاليا.