
بقلم المستشار: محمود عطية *
يا شعب مصر الطيب اللي دايمًا بيتقال عنه إنه واعي وبيفهم وبيتحمل وساكت على اللي بيحصل له من سفه ملايين (الإعلانات)، بدعوى إنه صابر وبيستحمل وبيحب بلده جه الوقت اللي لازم نصحى فيه ونفهم إحنا بنتسرق إزاي وإزاي بيستغفلونا وبيستغلوا صمتنا الطيب واللي سايبينه يتحول لغفلة وخضوع ورضا بوضع مش من حقنا نرضى بيه ولا نقبله ولا نكافئ أصحابه عليه.
اللي بيحصل دلوقتي في السوق العقاري تحديدًا وفي قطاع (الإعلانات) بقى شيء مهين للعقل ومهين للإنسان اللي عايش في البلد دي، وبيدفع من دمه وعرقه ثمن السفه والجنون اللي إحنا شايفينه في (الإعلانات) على مدار الساعة، في كل شارع وكل موقع وكل قناة وكل مسلسل وإحنا عارفين كويس إن (الإعلانات) مش لله ولا لخدمة الناس دي أدوات لجر رجل الزبون واستنزاف جيبه وتحويله لكائن استهلاكي بيشتري بأي تمن ومن غير تفكير.
بس المصيبة إن (الإعلانات) مش وسيلة تعريف بمنتج أو عرض مميز بقى أداة استنزاف حقيقية بيتصرف عليها ملايين الملايين عشان تتدفع في جيوب لاعيبة كورة وممثلين ومغنيين، ما بيقدمولناش حاجة غير قشرة براقة وشو زائف وكأننا بنتباع بالمنظر والوش الحلو بس مش بالمضمون ولا الخدمة ولا القيمة الحقيقية.
وده معناه إن الفلوس اللي بتندفع في الإعلانات السفيهة دي اللي بنشوف فيها المشخصاتية بيتنططوا وبيغنوا وبيمثلوا في كم ثانية بأرقام فلكية بالملايين، دي مش فلوسهم ولا من جيبهم دي فلوس حضرتك وفلوس كل مواطن غلبان شايل هم المعيشة ومضغوط في الأسعار.
وبيتسحل عشان يلاقي شقة يعيش فيها أو يحجز وحدة تعينه على الزمن يعني حضرتك ببساطة بتدفع تمن إعلان اتعمل عشان تشتري منتج أغلى من تمنه الحقيقي عشان يعوضوا اللي اتصرفوا على (الإعلانات) التافهة اللي المفروض ما تبلعوش، أو تسكت عليه ده إحنا في وقت لازم كل واحد فينا يعيد حساباته ويشوف هو بيتعامل مع مين وبيشجع مين وبيدفع لمين.

لاعب كورة بياخد 30 مليون
لما تشتري شقة من شركة عقارية صرفت على (الإعلانات) مئات الملايين من الجنيهات عشان يطلع فيه لاعب كورة بياخد 30 مليون ومطرب بياخد 15 مليون، وممثلة عاملة نفسها ملكة جمال تاخذ عشرين مليون ومذيع وزوجته عشرات الملايين فاعرف إنك أنت اللي بتدفع ده من جيبك إنك بتتخان وبتتسرق وبتضحك عليك في وشك.
وإنت ساكت ولا كأنك شايف ولا سامع ولا حاسس لكن لازم تحس ولازم تصحى لأن سكاتك ده مشاركة في الجريمة ورضا بالاستغفال والغباء، لازم نقاطع الشركات اللي بتستفزنا بالمظاهر الكذابة وبتعاملنا كأننا مجرد جيب مفتوح لازم نقفل جيوبنا ونقفل أبوابنا ونقفل قلوبنا قدام النوع ده من الاستغلال، لازم نرجع إحنا نحدد السوق ماشي ازاي مش يحددونا هما بمزاجهم ويضغطوا علينا بأسعار فوق طاقتنا.
ونقول أصل (الإعلانات) غالية.. طب ما تنزل (الإعلانات) دي بدل ما تطلعوا لاعب كورة متسول شبعه بعد جوعه يتكلم عن حلم الشقة وسكن المستقبل وهو عايش في قصور بالمليارات وإنت جايبني من الحي الشعبي عشان أصدق وأحلم!
ولا الممثلة اللي كل يوم وشها متغير من عمليات التجميل تطلع تتكلم عن الجمال الطبيعي والشعور بالانتماء للمكان، وهو أصلًا مش بيتكلموا غير لغة الفلوس والاستعراض إنت فاكر إيه؟ إنهم بيحبوا البلد ولا بيحبونا؟
دول بيقبضوا وبس كل حاجة بيعملوها بمقابل ومقابل ضخم كمان مش بس كده لا ده كمان الشركات دي بتصرف ملايين على تنظيم حفلات، واستضافات وسفر ورفاهيات للنجوم والبلوجرز عشان يعملوا دعايات تافهة وسخيفة على السوشيال ميديا وأنت تفرج وتنبهر وتشتري وتقول السعر غالي عشان الخامات والاستيراد.
لا يا سيدي مش بس كده ده لأنك بتدفع تمن المسرحية اللي اتعملت عشان تبهرك لازم نوقف ده لازم نقول لأ وبأعلى صوت لأي منتج أو شركة أو كيان بيدفع ملايين لمشاهير عشان يغسلوا بيهم دماغك، لازم نقاطع ونفضح ونقول للناس الحقيقية البسيطة اللي شبهنا خلوا بالكم من اللي بيحصل ده نصب بالإعلانات تغليف للسرقة تسويق للاستغفال مش تسويق للعقار.
ولا السلعة الناس لازم تشتري بعقل وتبطل تمشي ورا النجم اللي بيعلن وتفكر هو ليه بيقبض الملايين دي؟ عشان هو بيعرف يقنعك تشتري اللي مش لازمك بالسعر اللي ما تستحقوش، وعشان يفضل هو عايش على حساب تعبك وسكوتك وصبرك الساذج اللي طول أوانه لازم نقول بصوت واضح ما تشتريش من شركة عقارات تدفع ملايين في إعلان لشخص مالوش علاقة لا بالسكن ولا بالمجتمع ولا بالطبقة اللي بيكلمها.
ولا بيعرف عنها حاجة لازم نضغط عليهم يقربوا من واقعنا مش من النجوم لازم نرفض يتحول الإعلان لأداة تلاعب واستفزاز، لازم نرجع نشتري بعقل وبمنطق ونوقف المهزلة دي اللي بقت شيء مقزز ومستفز ومؤذي للإحساس والكرامة ليه تكون الشقة بملايين؟ عشان إعلانها اتكلف ملايين؟

الإعلان يبقى محترم ومهني
طب نلغي (الإعلانات) دي ونشتري على قد القيمة الحقيقية مش على قد الشو لازم الناس تفهم إن كل جنيه بيتصرف في (الإعلانات) ليس من جيبهم ولا من جيب صاحب الشركة ولا الفنان ولا اللاعب لازم نحط شروطنا كجمهور، وكشعب إن الإعلان يبقى محترم ومهني وواضح وموجه بعقل مش استعراض بصري.
وغسيل مخ لازم نقاطع أي شركة بتخاطبنا كأننا مغيبين أو مبهورين بنجوم الفلوس، إحنا مش فقرا في عقلنا إحنا فقرا عشان سايبينهم يضحكوا علينا، ويفرضوا علينا أسعار وأوهام وعقارات وحياة شكلها براق وجواها فاضي خلونا نوقف المهزلة ونبطل نشتري وهم لازم نرفع وعينا ونوعي غيرنا.
ونبقى جبهة شعبية بترفض الاستغفال وبتقاطع التاجر اللي بيشيلنا تمن نجومية كاذبة و(الإعلانات) المبالغ فيها، وإحنا أولى بفلوسنا نعيش بيها مش ندفعها في فقاعات مزيفة إحنا أصحاب القرار، وإحنا نقدر نغيّر ده لو بس قررنا نقول لأ ونصرخ في وشهم كفاية كفاية تضليل كفاية استغلال كفاية إعلانات شكلها مبهر ومضمونها خراب علينا وعلى جيوبنا وعلى مستقبل أولادنا.
مش بس شركات العقارات اللي دخلت سباق الجنون ده لأ كمان المشخصاتية بقى ليهم تسعيرة في بورصة الإعلانات واحدة تاخد 30 مليون والتانية 20، واللي ما يرضاش منهم يزوّد ويفاوض وكأننا بنتكلم عن نجوم علماء ولا عباقرة بيحلّوا أزمات البلد دي.
في الحقيقة هما ما بيقدمولكش غير وش على شاشة وشوية جمل مكتوبة بيتقاضوا عليها ملايين من جيبك ودمك وانت ساكت وبتتفرج، وأكتر من كده إن شركات المحمول بقت بتتنافس مش في تحسين الخدمة ولا في تقوية الشبكة ولا في تخفيف الضغط عن المواطن اللي بيدفع دم قلبه في باقة بتنتهي في يومين لا المنافسة بقت في العزومات والبوفيهات والنجوم والوشوش اللي بتلمع.
و(الإعلانات) اللي بتتكلف أكتر من مشاريع تطوير مدارس أو مستشفيات ملايين بتتصرف عشان إعلان مدته دقيقة وكل دقيقة منهم إعلان كأنها حفلة من ألف ليلة وليلة، عزومة ملوك على حساب الفقرا والغلابة اللي مش لاقيين شبكة ولا خدمة محترمة.
وكأن الفلوس الكتير دي بتتدفع عشان ننبهر مش نرتاح عشان نضحك مش نفهم عشان ننسى الغلاء وسوء الخدمة ونسكت على المهزلة، مش كده وبس البنوك دخلت السباق كمان والبريد كمان نفس النسخة نفس النوعية نفس السفاهة يطلع بنك المفروض إنه بيدير أموال الناس ويحافظ على مدخراتهم ويشتغل في التنمية.
يعمل إعلان خيالي تكلفته ميزانية حي فقير كامل يظهرلك فيه مشاهير الهشك بشك على أنهم واجهة البنك الوطنية وكأن الفلوس اللي بتدخل البنك جاية من مهرجانات الرقص وهز الوسط مش من عرق المودعين.
* المحامي بالنقض – منسق ائتلاف مصر فوق الجميع