رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(المرأة المصرية) في مرمى القبح.. (رداحات) دراما رمضان 2025

فيفي عبده
ميمي جمال
زينة
محمد حبوشة

بقلم الكاتب الصحفي: محمد حبوشة

في مواسم رمضان السابقة تعرضت صورة (المرأة المصرية) في الدراما التلفزيونية للتشويه، حيث قدمت هذه المسلسلات نماذج كثيرة من نساء مشوهات نفسيا وأخلاقيا، ورفعت شعار (إهانة المرأة واجب وضرورة درامية) وجاءت غالبية مشاهد المرأة بصورة سلبية.

واتفق بعض كتاب السيناريو على إهانة (المرأة المصرية)، وبشكل لا يتفق مع ما حصلت عليه من حرية وحقوق، وتمكينها في كافة مؤسسات الدولة، وفي شتي المجالات، فالخيانات الزوجية والأخلاقية، والعنف، والنصب، وتعاطي المخدرات كانت هى العنوان الأبرز لصورة المرأة فى معظم المسلسلات.

والمتابع الجيد لدراما رمضان 2025 يجد أن صورة (المرأة المصرية) تغيرت تماما على مستوى الشكل والمضمون، فبعد أن كانت شخصية مكسورة الجناح، وضعيفة، وغير مسئولة، وتتعاطى المخدرات، ونصابة، أصبحت ذات جبروت وطاغية، ويأتي سر قوتها في (الردح) بطريقة فجة تكسبها رونقا وبريقا في خيال كتاب السيناريو الذي يتمتعون بالجهل الواعي.

فبنظرة سريعة على مسلسلات مثل (العتاولة، فهد البطل، سيد الناس، إش إش)، نجد أن المرأة المصرية صارت تنافس الرجال في الانفلات الأخلاقي بألفاظ نابية والتفنن في أساليب (الردح) من العيار الثقيل، ولا تقتصر أساليب (الردح) على المناطق الشعبية وحدها، بل امتد الأثر السييء إلى داخل الكومباوندات، والأحياء الراقية.

دروب من (الردح) لاحظناها من جانب أول النماذج الصارخة في دراما رمضان المدعوة (فيفي عبده) التي يعتبرونها (فاكهة العتاولة) على ثقل ظلها وطلتها القبيحة، وعدم تمتعتها بأبجديات التمثيل الاحترافي لا هى ولا ابنتها التي تشاركه نفس المسلسل.

فقد ضربت هذه الراقصة المعتزلة – الممثلة حاليا – الأمثلة عبر سنواتها الطويلة في مشوار تشويه صورة (المرأة المصرية) من جانبها، ناهيك عن الاستظراف الذي تلجأ إلى في أدائها المترهل دائما.

إلهام شاهين
مي عمر
انتصار

على درب البذاءة

ولست أدري لماذا الإصرار على الاستعانة بما يسمونها (فوفة) وكأنها (تميمة حظ) لتلك الأعمال التي تشارك فيه، رغم أنوف المشاهدين الطامحين لمشاهد دراما حقيقية تعبر عن جوهر المجتمع المصري وشهامة المرأة الشعبية، بعيدا عن الإسفاف الذي ترسخ له (فيفي عبده) وأمثالها،  في أعمال كثيرة تعمد لتشويه (المرأة المصرية).

تشاركها في درب البذاءة و(الردح) على أصوله (زينة) التي تتمدى يوميا في بث سمومها بألفاظ تخرج عن النص الدرامي، ويبدو أنها اعتادت الأداء الانفعالي بمكسبات التوابل الحارقة في (الردح) والصوت العالي، وكأنها تخاطب أصماء لا يدركون ما تقوله من تعبيرات قميئة.

النموذج الثاني الأكثر فجاجة في الردح ولوي البوز والتلفظ بألفاظ نابية هى (إلهام شاهين) التي أظهرت جبروت الشعبية في (سيد الناس) بأداء (أوفر)، يعكس قبح ملامح المرأة المصرية في الحارة الشعبية التي تتمتع بدفء العلاقات الإنسانية فراحت تغوص في الشر المركب، وتساندها في هذا المسلسل (ريم مصطفي) التي كانت إلى وقت قريب تلعب أدوار البنت الكيوت.

النموذج الثالث كان مفاجأة لي، وهى (ميمي جمال) التي لعبت خلال السنوات القليلة الأخيرة دور المرأة المكافحة، لكنها للأسف تدخل في مباراة يومية بفصول من (الردح) مع (فيفي)، والغريب أنه انضمت لهما مؤخرا (شيرين) التي مثلت دورها الفتاة نقية السريرة عبر أدوارها تعكس جوهرها الراقي.

ريم مصطفى
ميرنا نور الدين

صاحبة الوجه البرئ

النموذج الرابع هى (مي عمر) صاحبة الوجه البرئ، لكنها تصر على تشوية صورة (المرأة المصرية) – ولا تقل لي أنها طبيعة الدور في تجسيد شخصية الراقصة (إش إش) – فكثير منهن لعبن هذا الدور دون اللجوء إلى الردح الذي طفح على حياتنا في عصر التكنولوجيا، ولعل الموهوبة بقوة (انتصار) تدخل حلبة القبح في نفس المسلسل.

النموذج الخامس (ميرنا نور الدين) – التي على ما يبدو – تقترب لأول مرة  من البيئة الشعيبة في (فهد البطل)، لتسجل لنفسها نموذجا جديدا في (الردح الكيوت)، على العكس تماما مما أدته من أدوار ناعمة على جناح رومانسي يظهر ملامحها الجميلة، لكنها آثرت الدخول في حلبة جديدة عليها تماما.

كثيرة هى الأمثلة في أداء الردح والصوت العالي ولوي البوز من جانب ممثلات قدمن أدوارا اجتماعية لا تقترب من الإساءة لـ (المرأة المصرية) بقدر ما تعكس جوهرها المكافح والمحافظ على الكيان الأسري، قبل أن تصيبه سهام التجريف على جناح خيال المؤلفين الذين لايدركون أثر ما يكتبون على مايبدو لدى شباب هذه الأيام.

العنف والقسوة موجودة في قلب الدراما المصرية، لكنها كانت تعتمد على أداء جميل في أغلبه يعتمد على الإيحاء والإيماء والصمت بالغ الأثر، قبل أن تعم الفوضى والعشوائية التي تنال من (المرأة المصرية) وتصيبها في مقتل، فبعد ما شوهت صورتها في نظر المجتمع كامرأة خاطئة وخائنة، ها هى تجهز عليها بالردح والصوت العالي والعنف غير المبرر.

هل عجز كتاب الدراما عن إدارك أن المرأة هى النصف الحلو

هل عجز كتاب الدراما؟

والسؤال هل عجز كتاب الدراما عن إدارك أن المرأة هى النصف الحلو، عماد المجتمعات، لا يمكن أن نجد عملا دراميا، تليفزيونيا كان أو سينمائيا، إلا وعنصر المرأة يأتى رئيسيا ومحركا للأحداث فيه بشكل كبير، إن لم يكن هو البطل الفعلى  فى أغلب الأوقات؟

ألم يدرك هؤلاء أن (المرأة المصرية) هى الأم، والأخت، والصديقة، والزوجة، والابنة، والجارة، وغيرها من الأدوار، وصرنا نجد الآن نجمات يشار إليهن بالبنان يتحملن مسئولية عمل درامى كامل، كنجمة أولى للعمل ويباع تسويقيا باسمها، لمجرد أنها تجيد الردح والصوت العالي.

ومن ثم تأتى قصتها داخل الأحداث كبطل أساسى، فتارة نراها فى أطيب وأروع وأنبل حالاتها، ثم فجأة نجدها شريرة، مستبدة، شديدة القسوة، وبين هذا وذاك نتساءل: هل أنصفت الدراما التليفزيونية المرأة واقتربت من واقعها الحقيقى؟، أم أنها ترسم نماذج من وحى الخيال لمجرد الجذب الجماهيرى؟

أغلب الظن أن الصورة الإعلامية التي تقدمها المسلسلات المصرية عن (المرأة المصرية) أصبحت سلبية في ثوبها الجديد، ولا زالت المسلسلات تقدم أشكال العنف المختلفة ضد المرأة، ومن هنا تأتي خطورة القوة الناعمة وتأثيرها علي تشكيل صورة ذهنية ونمطية عن المرأة لدي أفراد المجتمع بفرط من خيال مريض لايعني بقرة أعيننا.

يا صناع الدراما المصرية، رحمة بالمرأة المصرية: حيث إن الإنتاجات الدرامية التلفزيونية وكذلك الإذاعية، لا تزال تتعاطى مع قضايا المرأة بشيء من السلبية، من خلال تناول مسائل لا تعبر عن هواجسها وطموحاتها، بل إن بعض هذه الإنتاجات يساهم في نسف العديد من القيم الحضارية، ويمعن في الحط من قيمتها كعضو فاعل في المجتمع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.