
بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
ظلت (مصر) حلما يراود معظم أهل منطقتنا العربيه سواء المتطلعين للنجومية والشهرة في مجالات الفن والغناء أو الراغبين في التعلم والبحث العلمي، أو الحالمين بمعالم مصر والسياحة فيها، وكانوا دوما معجبين بحياة أهلها ولهجتهم وجدعنتهم وجدعنة ورجولة بنت البلد خاصه من المناطق والأحياء الشعبية، تلك التي أساءات لها دراما كثيرا.
وظلت صورة (مصر) هكذا حلما حتي في رويات نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ومحمد عبد الحليم عبدالله والحكيم وإدريس وغيرهم، كان الخيال في وصف الحارة والمناطق الشعبية يلهب قلوب القراء نحو رؤية مصر في واقعها الساحر الجميل الذي أسر قلوب وعقل إخواننا العرب.
وظلت الحياه في (مصر) وتفاصيلها حلما يراود الكثيرين وكم ساهم ذلك في تنشيط السياحه عموما وسياحة التعليم والتداوي بشكل خاص، حتي دخلت السينما التجارية الصفراء الهادفه للربح على حساب سمعة الوطن وتمادت في عرض مشاهد الدعاره والمخدرات والبلطجه والبؤس وحياة المقابر وفساد القيم وقدمت مصرا ليست مصرنا.
وهذا أضر كثيرا بسمعة (مصر) وبأبنائها في الخارج وبالسياحه والاستثمار وبأشياء كثيرة، ولم يتحرك أحد تجاه تغول هذه السينما الصفراء وأضرارها، فلا تحركت وزارة الثقافه ولا الخارجيه ولا المغتربين ولا الأجهزة لوضع حد لهذه الإساءات لمصر وأهلها.

الطعنات لصورة (مصر)
ثم جاءت الدراما التليفزيونية لتقدم لنا (مصر) في دراما رمضان هذا العام كما يلي:
قدمت لنا أخلاق المناطق الشعبية – التي كنا نتعلم منها كل جميل – بصوره تستوجب غسيل الشاشات بالمطهرات بعد كل حلقة مسلسل لإعادة تطهيرها من البلطجه والعوام والهوام وسوء الأدب وقاع المجتمع الآسن.
ورأينا بخلا وإنحلالا وقتلا وحرقا وخطفا وحبسا وتآمرا وألفاظا تشتكي من سماعها الآذان، رأينا هذا في منطقة السبتيه من خلال أحداث مسلسل (سيد الناس) ورأينا أسوأ منه في منطقة شبرا ووسط البلد في احداث مسلسل (إش إش) ورأيناه متوغلا في قري صعيد مصر من خلال احداث مسلسل (حكيم باشا)، ورأيناه في رقصات العتاولة وألفاظها.
وتمادي أهل الدراما في توجيه الطعنات لصورة (مصر) كي يمزقوا هذا البورتريه المرسوم بعنايه لتفاصيل أم الدنيا، جريا وراء إفيه يضحك أو تعبير يعلم مع الناس أو جماهيرية مشاهده أو إعلانات.
ونسو أو تناسوا أن (مصر) التي على الشاشات في الدراما أو برامج الردح وفضح الأسرار وتدمير الحياة والعلاقات الشخصية أو التي في تنويهات الجمعيات أو المستشفيات وحالات البؤس لدي المحتاجين من أهل مصر البسطاء.
أضف لذلك هذا الكم من الاستفزاز والطبقية والتمييز والتنمر في إعلانات المنتجعات العقارية، الذي يقدم صورة مقسومة لأم الدنيا جزئين، جزء صغير يعتلي القمة وماتبقي ينظر إليهم خادما حاقدا يندب حظه.
وأقسم لكم أن مصرنا ليست التي علي الشاشات أبدا، لأن مصر توليفة ونسيج ممزوج من الأحياء الراقيه وظهيرها الأحياء الشعبيه ومن البهوات وولاد البلد، ومن التكاتف والتعايش في لوحة لايمكن ان تري جزءا منها فقط.
بل إن حلاوة مناظرها وجمال طعمها وسر جاذبيتها في هذا النسيج المتكامل المتآلف معا، والغريب أن اللذين أساءوا لمصرنا في الدراما لم يقلدوا الأتراك في دراماهم حيث يقدمون في كل كادر جمالا لبلدهم ولبيوتهم ولحياتهم.

مظاهر (مصر) الجمالية
والغريب أن أهل الدراما والبرامج لم يقدموا لنا مظاهر (مصر) الجمالية الحديثة في العلمين والقاهرة الجديدة والشيخ زايد ومرسي علم وشرم الشيخ، وغيرهم من الأماكن الجميله الجديده وأيضا العتيقه حتي تكون مصر التي على الشاشات هي مصرنا في الواقع.
وهذا لن يتحقق إلا بتدخل الدوله في هيئة متابعة خطط الإنتاج البرامجي والدرامي ومتابعته قبل البث ومنع المسئ لمصر أرضا وشعبا ومعالما وعادات وتقاليد وبشرا، والسماح بما يتفق مع واقع (مصر) ويجمله.
ونحن لا نخترع العجله فقد سبقتنا دول كثيرة في تصدير صورتها للخارج حسب ما تراه مثل أمريكا في الدراما والسينما المصدرة، وكذلك الصين في كل إنتاجها للخارج ولعل تركيا خير شاهد علي جماليات كل تفاصيلها وكم ساهمت الدراما التركية في دعم السياحه فيها.
ونحن أحوج وأولي بذلك جدا إذا أحسنا التصرف في انفلات الدراما والبرامج ومحتواهما.. حمى الله مصر، وجمل صورتها، وأحسن الترويج لها.. آمين، وتحيا مصر.