رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(مصطفى النجار) يقدم لنا درسا في كيفية اعتدال مسار إعلام الدولة المصرية

البرنامج بكورة إنتاج الإعلامي الواعي (طارق نور) من خلال (الشركة المتحدة للإنتاج الإعلامي)

بقلم الكاتب الصحفي: محمد حبوشة

أن تستقبل مصر 30 مليون سائح، وأن نحصل من وراء هذا الرقم على 30 مليار دولار على الأقل يليق بمصر الحضارة والتاريخ، وأن يتحقق ذلك فى مساحة زمنية غايتها 2030، هذا أمر يحتاج إلى تفكير عقلاني وعصري، وهذا ما فعله الكاتب الصحفي الكبير (مصطفى النجار) من خلال برنامجه (المواجهة – حق المعرفة).

البرنامج بكورة إنتاج الإعلامي الواعي (طارق نور) من خلال (الشركة المتحدة للإنتاج الإعلامي)، والذي آمن – على مايبدو – بأن الكاتب الصحفي (مصطفى النجار) بصفته خبير سياحي يستطيع أن يفعل هذا القطاع الحيوي، بحيث يمكنه دفع عجلة الاستثمار في التنمية الحقيقية، لذا استضاف في الحلقة الأولى من برنامج (المواجهة – حق المعرفة) ستة من كبار رجال الأعمال العاملين في قطاع السياحة.

الدرس العملي الذي قدمه الكاتب الصحفي الكبير (مصطفى النجار) في كيفية تفعيل إعلام الدولة، جاء على عدة محاور:

أولا: اختياره الواعي والذكي إلى حد كبير خبراء وطنيين حقيقيين من القطاع الخاص، وناقشهم بموضوعية في إطار من الشفافية المطلقة التي من شأنها فض بكارة القضية بجرأة ومكاشفة.

ثانيا: أن (مصطفى النجار) ابتعد تماما عن سفصطة مذيعي هذه الأيام، وقام بإدارة ذكية للقضية التي تصب في مصلحة الوطن، انطلاقا من وعيه الكامل بوظيفة الإعلام  في التوعية والتثقيف والحث على التنمية، وهو ما نفتقده في أغلب برامجنا الغارقة في التفاهة والتراجع المهني والتردي الأخلاقي الذي اتعب كاهلنا عندما عمد غالبية الإعلاميين إلى ركوب (الترند) اللعين.

ثالثا: أدار (مصطفى النجار) الحوار بقدر كبير من الحياد الإيجابي الذي ننشده من إعلامينا، حيث ترك المجال لضيوفه بتفنيد جوانب القضية الحيوية، وهى كيفية النهوض بقطاع السياحة من خلال أسئلة ذكية يطرحها على ضيوفة، ويترك لهم المجال للإجابة بصراحة تمكنهم من وضع خطة عملية لإنجاح السياحة المصرية التي تستحق أن تكون في مقدمة العالم.

شرح ضيوف (مصطفى النجار) المشكلة من كافة جوانبها وأبعادها الأمنية والقانونية

دفع عجلة السياحة المصرية

ولهذا شرح ضيوف (مصطفى النجار) المشكلة من كافة جوانبها وأبعادها الأمنية والقانونية التي تشكل معضلة في دفع عجلة السياحة المصرية في بلد أكبر حضارة في التاريخ الإنساني، ولايليق بها هذا الحجم الضئيل من أعداد السائحين، ومن ثم تعرض الخبراء الستة لكيفية تفعيل قطاع الطيران المدني.

لم يشأ (مصطفى النجار)، أن يتوقف عند حدود الأمل الشفوي، وهو الذي كتب عنه كثير في صفحات (سياحة وسفر) بالأهرام طوال أكثر من ثلاثة عقود فائتة، فاستضاف ستة من الأسماء الكبيرة فى عالم السياحة المصرية، وجلس يسألهم ويسمع منهم فى ساحة (المتحف الكبير).

ثم أذاع ما قاله ضيوفه على قناتين فضائيتين (on، والقاهرة والناس)، وكان مجلس الوزراء فى الخلفية راعيا وساعيا إلى أن يخرج هذا اللقاء المهم إلى النور، وختم حلقتيه بعدد (15 توصية) تقدم روشتة لإنقاذ السياحة المصرية من براثن الروتين الذي أضاع علينا مليارات الدولار ما أحوجنا إليها، فلقد منح المولى عز وجل هذا البلد بموارد طبيعية أثرية تستطيع أن تغنيها كثيرا لو كنا نملك الإرادة.

برنامج (المواجهة – حق المعرفة) استضاف فيه (مصطفى النجار) ستة خبراء من الوزن الثقيل هم: (سميح ساويرس، كامل أبوعلى، حامد الشيتى، حسام الشاعر، ونورا على، أحمد الوصيف)، جمع هذه الباقة فى مكان واحد هو ساحة المتحف الكبير، باعتبار رمزا مهما في السياحة المصرية والعالمية.

فضلا عن هذا وذاك فإن مقدم البرنامج (مصطفى النجار) هو بالأساس مرجع مهم فى قضايا السياحة فى مصر، لذا جاء الحوار ملىء بالأفكار، نظرا لأن الضيوف جميعهم أهل خبرة وتجربة فى القطاع الساحي، ولأنهم عاشوا يمارسون هذا العمل من سنين طويلة، وبالتالى، فما طرحوه من أفكار للاستثمار السياحي حصيلة للعمل الطويل، وخلاصة للممارسة على أرض الواقع، ليصنعوا لمصر فرصا حقيقية تليق بحجمها وحضارتها العريقة.

أجواء المناقشة أقرب إلى مباراة حامية الوطيس في تدفق الأفكار في حديثهم عن تلك الأركان الثلاثة

مباراة حامية الوطيس

لاحظت من خلال المشاهدة أنه  لو أن كل ضيف من الضيوف الستة قدم فكرة واحدة، فسوف نجد أنفسنا أمام ست أفكار مهمة من أهل الشأن فى الموضوع، هى خلاصة خبراتهم العملية وتبقى المرحلة القادمة فى ملعب الحكومة، التى سيكون عليها أن تأخذ ما قيل فتجعله واقعا فى صناعة السياحة، وذلك بحكم أن رعاية البرنامج من جانب رئاسة مجلس الوزراء.

ولأن السياحة صناعة تقوم على ثلاثة أركان: (سائح، وخدمة متميزة للسائح، ثم طيران ينقله إلى مكان الخدمة)، لهذا طرح (مصطفى النجار) على ضيوفه الذين كانوا حيويين إلى أقصى درجة، ما جعل أجواء المناقشة أقرب إلى مباراة حامية الوطيس في تدفق الأفكار في حديثهم عن تلك الأركان الثلاثة، لكن يبقى السؤال: أين تذهب هذه الأفكار في دولاب عمل مجلس الوزراء؟

هنالك حقيقة لابد أن أقرها: لم أشاهد طوال أكثر من 20 سنة ماضية، ولم أستمتع بحوار اقتصادي يحمل في طياته جوانب السياسة والتاريخ والحضارة مثل برنامج (المواجهة – حق المعرفة المعرفة)، فعلى الرغم من كونه برنامجا اقتصاديا إلا أنه كان برنامجا تعليميا تثقيفيا بالدرجة الأولى، لا يحمل قدرا من الملل بقدر ما حمل من الإثارة في المعلومات والأرقام.

فضلا عن وذاك، ظهر الكاتب الصحفي (مصطفى النجار) وكأنه يلقن إعلامي مصر والعالم العربي دروسا في كيفية إدارة حوار يبدو فيه صامتا أغلب الوقت عن التدخل في براثن القضية – التي يعلمها جيدا، بل إنه لايقل خبرة عن ضيوفه – لكنه آثر الصمت لمصلحة قضية وطنه التي كانت طوال نصب عينيه، وتلك وظيفة الإعلامي لو أن كثير منهم يعلمون ويدركون ويعرفون قيمة الانتماء للمهنة والوطن.

طارق نور.. يحمل بين جوانحه فكرا وطنيا واعيا بأهمية دور إعلام الدولة إذا كان رأس منظومتها

تحية تقدير واحترام

لابد من تحية تقدير واحترام للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وعلى رأسها الإعلامي الكبير (طارق نور) الذي أثبت في أولى تجاربه العملية في الإعلام، أنه ليس رجل إعلانات فقط بمفهوم السوق كما نتصور جميعا، بل إنه يحمل بين جوانحه فكرا وطنيا واعيا بأهمية دور إعلام الدولة إذا كان رأس منظومتها.

وأخيرا: يقيني أن (مصطفي النجار) بقوة دفع (طارق نور) يمكنه تحريك المياه الراكدة في الإعلام المصري، ذلك الذي تكلس من سنوات، ليهب من ثباته ويدرك وظيفته في الانحياز بشكل واقعي لمشكلاتنا المعقدة وللناس أولا، وأن يكون محرضا على دفع عجلة التنمية وترسيخ الهوية المصرية التي ضاعت بأفعال بعض السفهاء والغوائيين من إعلامينا البلهاء.

تحية تقدير واحترام لـ (طارق نور)، قائد كتيبة الإعلام المصري حاليا، فقد ظهرت بوادر أفكاره الجريئة، وأثبت أنه في مجال تنمية الوطن لايقل عن كونه أكبر خبير في الترفيه القائم على الجرأة، ومن ثم ننتظر منه الكثير في اعتدال مسار الدراما التلفزيونية، التي وصلت إلى الدرك الأسفل من وظيفتها، فكما قال أرسطو: (التاريخ يكتب الأحداث كما وقعت، أما الدراما فتكتب الأحداث كما ينيغى لها أن تحدث).

لن نحاسب (طارق نور) على موسم رمضان الحالي، لأنه لم يكن شريكا في الاختيار، بل أصبح مشاهدا، وبالتأكيد سيكون ناقدا شرسا لمحتوى أغلب الظن أنه سيكون رديئا، (فها هو رمضان 2025 جانا بمزيد من المهلهلات التي ترسخ للعنف والعشوائية وضرب القيم والتراجع الفني لدور القوى الناعمة).. نتمى أن يكون آخر مواسم الهزل الدرامي الذي لايليق بمصرنا الحبيبة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.