رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد عبد الواحد يكتب: (ميمي شكيب) و شقيقتها (زوزو).. لغز الانحدار (2)

تداعى الحال أكثر مع نفقات الأم على الأسرة ومرض (ميمي شكيب)

بقلم الكاتب والأديب: محمد عبد الواحد

كان هروب العروس الصغيرة أمينة/ (ميمي شكيب) من قصر الزوجية عائدة إلى بيت أمها (هانم أفندى) نكسة اجتماعية و مادية للأسرة.. فقد انعقدت آمال الأم على زوج ابنتها (شريف باشا) في إنقاذهم من الغرق في وحل الإفلاس.. أضاف شلل (ميمي شكيب) و خرسها تماما صبيحة عودتها الى بيت أمها صدمة جديدة..

شخص الطبيب أنها حالة شلل نفسى يستدعى الكثير من العلاج والتكاليف.. باعت الأم ما تبقى من أثاث وستائر وسجاد في القصر.. غادرهم الخدم واحدا اثر الآخر .. اضطرت الأسرة الى مغادرة القصر تماما والانتقال الى شقة من ثلاث غرف في باب اللوق و لم يصاحبهم إلا دادة (كسب)..

تداعى الحال أكثر مع نفقات الأم على الأسرة ومرض (ميمي شكيب) فأصبحت تسهر الليالى في شغل لوحات الكانفاة بالآبرة لتبيعها إلى شيكوريل.. ذات صباح فاجئت (ميمي شكيب) الجميع بعودة النطق و الحركة إليها..

فسر الطبيب شفائها انه نتيجة بعدها عن أجواء الزاوج الذى تخشى نفسيا فكرة العودة الى تجربته خاصة بعد أن رضخ شريف باشا الى طلبهم المتكرر بالطلاق.. كان في ذلك عبئا جديدا على الأسرة، وهو استحالة زواج (ميمي شكيب) في المستقبل..

فجأة تداعى طلب شيكوريل على لوحات الكانفاه مما أفقدهم مصدر رزقهم الوحيد.. كانت مربية المنزل القديمة (لوتيشيا) تتابع أخبار الأسرة وترى الأم تحمل اللوحات سيرا على الأقدام إلى شيكوريل لتوفير المواصلات و أدركها نبأ توقف شيكوريل عن طلب لوحاتها فذهبت إلى (هانم أفندى).

وعرضت عليها مائة جنيه بحجة أنها فائضة معها ولا تحتاج إليها مما أنقذهم من جوع كان يدق الأبواب في قوة.. بعد أسبوع ماتت (لوتيشيا) ليلف الأسرة اكتئاب عميق.. قررت (ميمي شكيب) فجاة أن تلتحق بالدير، رغم أنها مسلمة لكنهم هناك سيوفرون لها الطعام و السكن المجاني..

واجهت الفكرة رفضا قاطعا من الأم واستهجانا من دادة (ميمى شكيب) فتراجعت عنها بعد صعوبة.. فى شقة باب اللوق تأثرت (ميمي شكيب) بصديقتها (كورنيللي) المتطلعة إلى الحرية والاستقلال المادى عن أسرتها..

أقنعت (كورنيللي) هانم أفندى بالسماح لـ (ميمى شكيب) بمصاحبتها في نزهات يومية

(كورنيللي) و(ميمى شكيب)

أقنعت (كورنيللي) هانم أفندى بالسماح لـ (ميمى شكيب) بمصاحبتها في نزهات يومية.. خلالها تسللت معها إلى أتليه (مدام سوزان) في الجمالية ليبحثا عن عمل لديها..

التقطت (مدام سوزان) جمال (ميمي شكيب) كهدية.. خصصتها للجلوس على الخزينة لمحاسبة الزبائن الرجال في أغلبهم.. بينما عملت (كورنيللي) خياطة.. فلا أحد من الرجال سيتردد في دفع ما تطلب ميمى دون فصال.. كان ذلك يثير حفيظة الزوجات.. أصبح مرتب (ميمي شكيب) عشرة جنيهات كانت تصرف معظمها على الثياب وأدوات التجميل لتزداد رونقا حتى أصبح الأزواج لا يروا في الأتيليه سوى (ميمي شكيب)..

اضطرت (مدام سوزان) ذات صباح أن تنهى عمل (ميمى شكيب) لديها بعد أن فقدت بسببها بعضا من العميلات المهمات لديها ونصحتها أن تعمل في مكان مخصص للرجال دون زوجاتهم..

بالفعل التحقت (ميمي شكيب) و معها (كورنيللي) بمحل (كرنفال دى فينيس) بشارع القصر العينى.. توالى وقوع الوجهاء من زبائن المحل أسرى لجمال (ميمى شكيب).. تراكم أمامها مئات من كروت تحمل أرقام تليفوناتهم عارضين تقديم أي خدمات تحتاج إليها في أي وقت..

أخفت (ميمي شكيب) خبر انتقالها للعمل في محل للرجال عن أمها لأنها تدرك رفضها القاطع.. كاد قلبها ذات ظهيرة أن يتوقف حينما طالعها وجه أمها تتفقد فاترينة المحل إلى جانب مكتبها لتهبط بسرعة أسفله مختبئة حتى غادرت الأم المكان..

كانت (ميمي شكيب) تدخر مرتبها والبقشيش الذى يضاعفه مرات عند صديقتها (كورنيللي) حتى لا تشك أمها في الأمر.. صادفها ذات صباح من بين زبائن المحل ابنا لإحدى عماتها كان قد طلب منها الزواج ورفضته..

تطلع اليها في شماته وبدأ في معايرتها بأنها الآن مطلقة وتعمل بمحل.. لترد عليه في قوة أن ذلك أشرف من اللجوء الى أمثاله وأمثال عماته.. لم ينسى الرجل قبل مغادرته المحل أن يضاعف من إهانتها فألقى إليها ببقشيش ردته في وجهه ثم سقطت إلى الأرض مغشيا عليها..

حملها الجميع إلى بيتها.. هناك اضطرت الى مصارحة أمها بأمر عملها في محل للرجال وانقطعت عنه ليضيق الحال أكثر حتى أن (هانم أفندي) اضطرت إلى بيع الأثاث قطعة وراء أخرى لتنتهى في النهاية بقص شعرها الطويل لتبيعه..

سارعت (ميمي شكيب) حينها الى إحضار ما ادخرته عند كورنيللى وأعطته الى أمها وهى تقسم أنه من مرتبها والبقشيش، وليس من أي طريق يسئ الى شرف الأسرة فأخذتها صامته..

انتقلت الأسرة بعد ذلك مع (ميمى شكيب) وأختها (زوزو) إلى شقة أصغر في مصر الجديدة

انتقلت الأسرة مع (ميمى شكيب)

انتقلت الأسرة بعد ذلك مع (ميمى شكيب) وأختها (زوزو) إلى شقة أصغر في مصر الجديدة.. هناك عرضت عليهم (أبلة توتو) عريسا لـ (ميمي شكيب) هو جمال ابن (محمود باشا عزت).. و الذى زاد إصراره على الزواج من (ميمي شكيب) بعد علمه أنها مازالت بعد زواجها الأول مازالت عذراء..

وافقت الأسرة في سعادة استمرت حتى حفل الزفاف حيث عاود (ميمي شكيب) نفس هواجسها السابقة.. في غرفة النوم جلس (جمال) على الفراش إلى جانبها وشاركها شرب عصير ما لبثت بعده أن راحت في النوم..

في صبيحة اليوم التالى فوجئت بنفسها على الفراش في قميص نوم شفاف بينما (جمال) إلى جانبها يغط في نوم عميق.. انطلقت فزعة تصرخ خارجة من الغرفة لتجد في انتظارها وجه (هانم أفندي) تقف بقسمات غاضبة تكيل لها صائحة الشتائم بالتركية لتعود بعدها (ميمي شكيب) راضخة الى فراش الزوجية..

كان (جمال) يقضى كل نهاره ومعظم ليله خارج قصره ما بين جلسات الأصدقاء والسينما .. تعرفت (ميمي شكيب) إلى صديقة لم تعد تفارقها حتى أنها كانت تنام إلى جوارها في الفراش لتفاجأ ذات صباح بجمال نائما إلى جوار صديقتها في الفراش و عليهما بادية كل آثار الخيانة..

سارعت (ميمى شكيب) إلى (أبلة توتو) تخبرها بالحدث لتغضب وتقنع (هانم أفندي) بطلب الطلاق من (جمال).. رفض جمال الطلاق وتزوج من صديقة (ميمي شكيب).. فوجئ الجميع أن (ميمى حامل).. اقتنع جمال بتطليقها.. حاولت بعدها (ميمي) اجهاض نفسها لكن الجنين أصر على التشبث بأحشائها لتدخل في شهور حمل مشحونة بالاكتئاب..

فى الشهر الأخير من الحمل لجأت (ميمي شكيب) الى الذهاب الى (أبله توتو) في عوامتها على النيل لتدخل هناك عالما آخر.. عالم من الأثرياء في حفلات لا تنقطع تراق فيها أنهار الخمر ويلتف الجميع حول مائدة القمار .. ترتفع الموسيقى التي ترقص عليها راقصة في ملابس شفافة بينما دخان السجائر يلف الجميع في ضباب كثيف..

تدريجيا انساقت (ميمي شكيب) إلى حب التدخين و القمار.. آلام الولادة فنقلوها الى بيت أمها حيث استمر صراخها لساعات طويلة راحت في أثرها إلى غيبوبة لم تنتهى إلا على صراخ وليدها محمد..

اكتشفت دادة (كسب) بالصدفة أن (ميمى شكيب) تدخن

(ميمى شكيب) تدخن

بعد الولادة تقدم للزواج منها (د. إبراهيم شوقي) الذى تقلد فيما بعد منصب وزير الصحة، لكنها رفضته لزهدها تماما في الزواج.. اكتشفت دادة (كسب) بالصدفة أن (ميمى شكيب) تدخن..

نقلت الخبر مذعورة إلى (هانم أفندي) التي واجهتها فاعترفت (ميمي شكيب) في ثورة غاضبة أنها أيضا تلعب القمار.. بدأت (هانم أفندي) في تجنبها تماما والاكتفاء بتربية حفيدها (محمد) لتبعده عن أجواء أمه..

تقدم إلى أمينة عجوز متصابى بالغ الثراء هو (إحسان بك) الذى يعمل في الديوان الملكي، وقد جن بها لكنها أيضا رفضته..لم يستسلم.. اشترى شقة في العمارة التي تسكن بها واتخذها مكتبا يدير منه أملاكه الواسعة..

اشترى العمارة بكاملها في استعراض لقواه المالية.. أصبح يتقرب من (هانم أفندي) متوددا دون فائدة.. ورغم يأسه من قبولها الزواج به فقد اكتفى بقبولها صداقته و قربه الدائم منها..

بلغ الأم فجأة قصة حب بين ابنتها (زوزو) و شاب من أسرة ثرية.. أمرتها أن يحضر لطلب الزواج منها.. كعادتها تمردت (زوزو) على الأوامر.. غادرت المنزل غاضبة لتبيت في الخارج وتعود في اليوم التالى بصحبة الشاب شاهرة عقد الزاوج..

وبهذه المناسبة دعت (ميمي شكيب) إلى مشاركتهما حفل تنكرى.. ارتدت (ميمي) في هذا الحفل ثياب ملكة استعارته من (أبله توتو) لتجذب أنظار الرعية في الحفل. راقصها شاب سرعان ما أسلمها إلى أبيه المتصابى (صادق باشا) الذى طلب منها الزواج فرفضت لكنها قبلت دعوته لها في حفلات يقيمها بقصره.. في هذه الحفلات التقت (ميمي شكيب) مرة أخرى بإحسان باشا لتشارك رجلين يهيمان بها شغفا لعب القمار والرقص كل ليلة مع الحفاظ على نفسها في حدود الصداقة.. أغدقا عليها من الهدايا و المجوهرات ما أعاد اليها ذكريات الرغد و نعومة الحياة..

عرض عليها الرجلين السفر معهما في رحلة على السفينة إلى أوروبا.. في فرنسا قضت معهما شهرين بعيدة عن مصر.. بينما (هانم أفندي) ترعى حفيدها محمد تنتظر عودة (ميمي شكيب) بفارغ الصبر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.