كتب: محمد حبوشة
بَرَزَ الثَعلَبُ يَوماً
في شِعارِ الواعِظينا
فَمَشى في الأَرضِ يهذي
وَيَسُبُّ الماكِرينا
وَيَقولُ الحَمدُ لِل
هِ إِلَهِ العالَمينا
يا عِبادَ اللَهِ توبوا
فَهوَ كَهفُ التائِبينا
وَاِزهَدوا في الطَيرِ
إِنَّ العَيشَ عَيشُ الزاهِدينا
وَاطلُبوا الديكَ يُؤَذِّن
لِصَلاةِ الصُبحِ فينا
فَأَتى الديكَ رَسولٌ
مِن إِمامِ الناسِكينا
عَرَضَ الأَمرَ عَلَيهِ
وَهوَ يَرجو أَن يَلينا
فَأَجابَ الديكُ عُذراً
يا أَضَلَّ المُهتَدينا
بَلِّغِ الثَعلَبَ عَنّي
عَن جدودي الصالِحينا
عَن ذَوي التيجانِ مِمَّن
دَخَلَ البَطنَ اللَعينا
أَنَّهُم قالوا
وَخَيرُ القَولِ قَولُ العارِفينا
مُخطِئٌ مَن ظَنَّ يَوماً
أَنَّ لِلثَعلَبِ دينا.
هل يفهم (نينياهو) معنى القصيدة؟
هل يعلم رئيس وزراء الكيان الصهيوني (نيتنياهو) أن هذه هذه القصيدة لأمير الشعراء (أحمد شوقي) كانت مقررة علينا بالصف الرابع الابتدائى بكتاب القراءة والمحفوظات وهى بعنوان (الثعلب والديك) والتى بكل أسف ـ حرم أبناؤنا من دراستها منذ فترة.
فلم تعد مقررة على أى صف من الصفوف الدراسية لما قبل المرحلة الجامعية، فقد كنا ـ ومازلنا ـ نحفظها عن ظهر قلب لحلاوتها وطرافتها وما بها من مغزى عميق للجميع.
وبالتاكيد لا يعلم (نيتنياهو) المعنى الحقيقي للقصيدة، حيث خرج (الثعلب) يبحث عن طعام ولما تعب من كثرة تجواله خطرت له فكرة ماكرة تمكنه من اصطياد الديك، فلبس (العمة والكاكولا) وهو لباس الواعظين تماما مثل نيتنياهو في رسالته للشعب اللبناني.
وعلى طريقة (الثعلب المكار) مشى (نيتنياهو) فى الأرض يدعو الشعب اللبناني للوحدة على جناح التقوى والصلاح، عبر فيديو متلفز، بل زاد على ذلك أن طلب منهم أن يمتنعوا عن (حزب الله)، ولورعه الشديد طلب من الناس أن يطلبوا من الديك أن يؤذن لهم بصوته الجميل لصلاة الصبح وأنه ـ الثعلب ـ سيؤمهم فى الصلاه.
وبالفعل ذهبت رسالة الثعلب للديك، وطلب منه ما أراده الثعلب، ولكنه الديك كان أكثر ذكاء من الثعلب ففطن إلى ماكان يصبو إليه الثعلب، وقال مقولته الشهيرة فى آخر القصيدة وتقول كلمات القصيدة: (برز الثعلب يوما فى ثياب الواعظينا).
القصة تبدأ عندما خرج علينا (نيتنياهو) في ليلة غبراء ووجه رسالته للشعب اللبناني قائلا:
هل تتذكرون عندما كان يسمى بلدكم لؤلؤة الشرق الأوسط؟.. أنا أتذكر.. إذن ماذا حدث للبنان؟.. عصابة من الطغاة والإرهابيين دمرته.. هذا ماحدث.. كان لبنان معروفا في السابق بتسامحه وجماله.. أما اليوم فأصبح مكانا تعمه الفوضى وساحة حرب!
إسرائيل انسحبت من لبنان قبل 25 عاما.. لكن الدولة التي غزت لبنان ليست إسرائيل.. إنها إيران.. إيران التي تمول وتسلح حزب الله لخدمة مصالحها على حساب لبنان.. وقد حول حزب الله إلى مخزون من الأسلحة والذخيرة وإلى قاعدة عسكرية إيرانية متقدمة.
يتشدق بقتل المدنيين!
بعد يوم واحد من مجزرة 7أكتوبر.. قبل عام انضم حزب الله إلى الحرب على إسرائيل.. إذ شن هجوما غير مبرر على مدننا وعلى مواطنينا.. ومنذ ذلك الحين أطلق أكثر من 8000 صارخ باتجاه إسرائيل.. مما أسفر عن مقتل مدنيين دون تمييز.. يهودا ومسيحيين ومسمين ودروز.
فقررت إسرائيل وضع حد لذلك.. فقررنا أن نفعل كل مايلزم لإعادة مواطنينا بأمان إلى ديارهم.. لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها.. إسرائيل لها الحق أيضا في النصر، وإسرائيل ستنتصر.. لقد أضعفنا قدرات حزب الله.. وقضينا على آلاف الإرهابيين.. بما فيهم المدعو (نصر الله) نفسه.
وخليفة (نصر الله)، وخليفة خليفته.. اليوم.. حزب الله أضعف مما كان عليه وهكذا سيبقى لسنوات طويلة.. والآن أنتم أيها الشعب اللبناني تقفون عند مفترق طرق هام.. إن الخيار متروك لكم.. حيث يكمنكم الآن استعادة بلدكم.. يمكنكم إعادته إلى طريق السلام والازدهار.
إذا لم تفعلوا ذلك.. فسيتمادي حزب الله في محاولة لمحاربة إسرائيل من المناطق المكتظة بالسكان على حسابكم الخاص.. فهو لايهمه إذا تم جر لبنان إلى حرب أوسع.. أيها اللبنانيون المسيحيون والدروز والمسلمون من السنة والشيعة.. جميعكم تعانون بسبب حرب (حزب الله) العبثية على إسرائيل.
اليوم أطرح على كل أم وكل أب في لبنان سؤالا بسيطا: هل كان الأمر يستحق ذلك؟..لأن الأمور لا يجب.. لأن الأمور لايجب أن تكون بهذه الطريقة..أعلم أنكم تريدون مستقبلا أفضل لأطفالكم.. لذا أتحدث إليكم جميعا اليوم.. هناك طريق أفضل.. طريقة أفضل لأطفالكم ولمدنكم ولقراكم وبلدكم.
إنكم تستحقون أن تعيدوا لبنان إلى يوم حيث ساد فيه الهدوء.. إنكم تستحقون لبنان مختلف.. بلد واحد.. علم واحد.. شعب واحد.. لا تدعوا هؤلاء الإرهابيين يدمرون مستقبلكم أكثر مما فعلوه.. قفوا واستعيدوا بلدكم.. لديكم فرصة لم تكن موجودة من عقود.. فرصة مرعاة مستقبل أطفالكم وأحفادكم.
لديكم فرصة لإنقاذ لبنان قبل أن يقع في هاوية حرب طويلة من شأنها أن تؤدي إلى الدمار والمعاناة كما نراه في غزة.. لا يجب أن تكون الأمور على هذا النحو.. كل واحد منكم أن يتخذ خطوة لمستقبلكم.. حتى خطوة صغيرة.. يمكنكم أن تحدثوا فرقا.
أقول لكم أيها الشعب اللبناني: حرروا بلدكم من (حزب الله) لتنتهي هذه الحرب.. حرروا بلدكم من (حزب الله)
يدعو للعيش في سلام!
حرروا بلدكم من (حزب الله) لكي يذدهر بلدكم مرة أخرى.. حتى لاتعرف الأجيال القادمة من الأطفال اللبنانيين والإسرائليين الحرب ولا إراقة الدماء.. بل سيعيشون معا في سلام.
وأقول لـ (نيتنياهو): لم تكن كلمات أحمد شوقي (برز الثعلب يوما.. في ثياب الواعظينا) تعني لي أكثر من نشيد ضمن المقرر المدرسي؛ حفظته كما حفظت غيره، ونسيت منه مثل ما نسيت من غيره!!.
غير أني تذكرت هذ النشيد وأنا أسمع فحواه من خلال فيديو (نيتينياهو) قبل أيام حيث اعتلا رئيس وزراء الكيان الصهيوني المغتصب للأرض المنبر!!، فبدا لي رقيقا، عذبا، سائغا، سهلا!، وأصبحت صور القصيدة تتداعى إلى مخيلتي!! كلما رأيت (نيتنياهو) يتثعلب، أو ثعلبا يعظ!
وقد تداعت ذات الصور إلى ذهني عندما رأيت (نيتنياهو) يتوجه إلى كل أم وأب لبناني!! رأيته يريد أن يجعل لبنان كحمار (كليلة ودمنة)؛ خدمة للأسد العجوز؛ الذي عندما عجز عن الصيد، أوعز للثعلب أن يقنع الحمار بزيارة الأسد حتى يتوجه ملكا بعده!!
فلما انقض عليه، وقطع أذنيه برر الثعلب ذلك بأن الأذنين تحولان دون لبس التاج؛ فلابد من قطعهما!!، وعاد الحمار لزيارة الأسد؛ فانقض عليه وقطع ذيله؛ فبرر الثعلب ذلك بأن الذيل يمنع من الجلوس على كرسي الملك؛ فلا بد من قطعه!، وعاد الحمار لزيارة الأسد؛ فانقض عليه وقضى عليه!
نيتنياهو أراد أن يجعل لبنان ذلك الحمار، وأن تقتطع منه الأذنين (المقاومة) بحجة أنها تمنعه من اللحاق بركب الدول المتقدمة.. ثم تقتطع الذيل بعد ذلك (وأظن أن الذيول كثيرة؛ ولا حاجة لتسميتها).
لقد جاءت (رسالة نينياهو) تحمل تأييدا معلنا لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وإدانة صريحة لحزب الله (الإرهابي)!، ولم يقل كلمة واحدة في حق الأطفال الأبرياء، والشيوخ الضعفاء؛ الذين تقتلهم إسرائيل صباح مساء.. وليس بعيدا عنا ما حدث بالأمس في (قانا) واليوم في (غزة) والجنوب في (لبنان)
دعا (نيتنياهو) في رسالته إلى (الحق الذي يريد به باطلا) إلى توحد اللبنانيين، لكن هدفه غير المعلن أن تستدرج لبنان للوقوع فريسة لإسرائيل، لكن لبنان ليست حمار (كليلة ودمنة).
ظني أن الشعب اللبناني لايمكن أن يبلع رسائل (نيتنياهو)، فلقد أظهرت لهم أن إسرائيل ليست أحسن حالا من الأسد العجوز، وأنها دوماً في حاجة إلى الثعالب ليغطوا ضعفها، ويجملوا مظهرها!!، كما بينت لهم أن نواطيرها ليسوا بنائمين عن ثعالبها!!
وأبلغ من ذلك أنها أكدت لـ (نيتنياهو) صدق من قال: (واهم من ظن أنه سيزداد طولا بوضع عزته تحت قدميه)!
إلعب غيرها يا (نيتنياهو).. أيها الشيطان الإرهابي، الذي ارتكب أكبر مجازر في التاريخ الإنساني الحديث، فلا يكمن لمن سفك الدماء وهتك العرض واعتصب الأرض أن يصبح واعظا في أرض المحبة والسلام في فلسطين ولبنان!