(خالد الهبر).. صوت المهمشيين الذي غني للحرية، للوطن، للبنان، للمقاومة، لفلسطين!
كتب: أحمد السماحي
(خالد الهبر).. مغني لبناني من الملتزمين بالقضايا الوطنية والانسانية، اقترن فنه بالهم العربي عامة، واللبناني خاصة، لهذا عندما تشتد الأزمات حولنا، أو يطل علينا شبح الحرب، فالذاكرة السمعية تستدعي أغنياته على الفور.
ولا نجد أمامنا إلا الرجوع إليه، وإلى الأصوات الملتزمة التى تقدم رسائل في أغنياتها مثل (لطفي بوشناق، زياد الرحباني، سميح شقير، أحمد كعبور، مارسيل خليفة، علي الحجار، جوليا بطرس) وغيرهم.
و(خالد الهبر) هو صوت المهمشين، الذي غني للحرية، وللوطن، وللبنان، وللمقاومة، ولفلسطين أروع الأناشيد التى لا تنسى، فعلى مدى مشواره، ومنذ ظهوره في سبعينيات القرن الماضي حتى اليوم وأغنياته حقيقية، وتعكس الواقع الذي يعيشه الجميع.
(خالد الهبر) وأحداث بيروت
من يرجع إلى أغنيات (خالد الهبر) على مدى مشواره الذي اقترب من الخمسين عاما يجد فيه توثيق واعتراض واحتجاج على كل المواقف المترددة والمتردية التى مرت على عالمنا العربي، خاصة في لبنان وفلسطين.
ويجد أيضا في أغنيات (خالد الهبر) روح ثائرة متمردة مليئة بالأمل والتفاؤل، ويمكن أن نستخرج من هذه الأغنيات كثير من الأحداث التى مرت علينا منذ عام 1975، وحتى اليوم.
فأغنياته ليست تعبير وجداني عن النضال والأحداث التى مرت بها لبنان تحديدا، بل هي وثائق سياسية اجتماعية واقتصادية، وأبسط مثال على صحة كلامي ما كتبه (خالد الهبر) على صفحته على الفيس بوك، حيث قال:
(كنّا قاعدين في معسكر، أثناء الاجتياح عام 1982، وعلى أساس ما في حدا ببيروت إلّا المقاتلين، وكان المعسكر في ملعب مدرسة رسمية، وحوالينا بنايات بحيْلها مطفيّة، بيروت كانت مدينة أشباح.
طلبو منّي المقاتلين انّي غنّيلهُم، حملت الجيتار، وبلّشنا نغنّي، فجأة ونحنا وعم نغنّي صارت تضوي الشبابيك بهالبنايات، شبّاك ورا شبّاك، و تطلّ هالناس من الشبابيك.
كنّا مفتكرين كنّا وحدنا ببيروت، طلع في ناس باقية مخبّاية ببيوتها، ناس حلوة قليلة، كانت خايفة تطلّ عالواقع، ناس مش عارفة انّو في مقاتلين مستعدّين يخسرو حياتُن كرامة بيروت كتبت بوقتها:
(بيروت شويّة ناس، وزواريب وشوارع
وعيون ع شبابيك، وحلم من جرحها والع.
وبيروت بواريد وأبطال وخنادق
وحريّة سهرانة ع حيطان البيوت، بيروت !
بيروت بكرا أن قالوا شو صار ب بيروت؟
بترفع راسا الشوارع وبتبتسم البيوت
ترجع أحلى مدينة، بعيون ما بتموت
صوب الحلم تتطلع يرجع حلم بيروت)
ألم أقل لكم أن أغنيات (خالد الهبر) وثائق حية لما مر في لبنان، وعندما كتب وغنى ولحن (ما تنسوا فلسطين) قال: (القضية التي يمكن أن توحدنا الآن وفي المستقبل هي القضية الفلسطينية).
(خالد الهبر) والفضائيات
(خالد الهبر) هو ابن مدرسة موسيقية متعددة الوجوه، بداية من الأخوين رحباني، وبعض المدارس الإنجليزية والفرنسية واللاتينية، وصولا للشيخ إمام.
و(خالد الهبر) يحترم المستمع جدا من خلال دقة إختياراته وصدقه في كل ما كتب ولحن وغنى، فهدفه ليس النجومية والبقاء تحت الأضواء، بل أداء رسالته بأفضل صورة لها.
لهذا فهو يؤمن ويقول: (عندما لا تملك أن تقول أي شيء جديد للناس، أجد من الأفضل أن تبقى صامتا).
و(خالد الهبر) حاله مثل حال كثير من المطربيين الملتزمين الذين لديهم وعي وثقافة، وقضية ورسالة، لهذا تبعد عنهم كثير من الفضائيات، ولا تستضيفهم حتى لا يحدث وعي عند الجمهور، فالفضائيات هي لسان حال السلطة الحاكمة التى تريد الشعوب في حالة غيبوبة!.
ألبوم (حين يصمت المغني)
هذا الأسبوع في باب (غلاف ألبوم) نتوقف عند ألبومه الرائع الذي قدمه عام 1979، أي منذ 45 عاما وحمل اسم (حين يصمت المغني) يتكون الألبوم من 14 أغنية كتبها ولحنها وغناها، ووزعها وقاد الفرقة الموسيقية العبقري زياد الرحباني.
وهذه الأغنيات هى: (صباح يوم جديد، الجنوب، نشيد كمال جنبلاط، أغنية لرلي، أود أن أتوب، مبقى صامدين، رنا، الربيع، نشيد العمال، سيدة القلب العاشق، الحرب القادمة، في بيروت، حين يصمت المغني)، فضلا عن أغنية (دموعك يا أمى) غناء فدى أديب.
تتميز كل أغنية من هذه الأغنيات بفكرتها وموضوعها، ولحنها المختلف، وأداء (خالد الهبر) البسيط الواعي الذي ينتقل من أغنية لأخرى بمهارة الفراشات.
كان بودي أن أنشر كلمات كل أغنيات الألبوم التى مازالت تنبض بالحياة، لكن عزائي الوحيد أن هذه الأغنيات كلها موجودة على موقع الفيديوهات الشهير (اليوتيوب) وأي قارئ يريد أن يغذي روحه فليستمع إليها.
وفي النهاية أتوقف عند مطلع أغنية (الحرب القادمة) التي تصف الوضع اللبناني الحالي، حيث تقول الكلمات:
في زحمة الحلول يتحدث الزعماء عن حرب قادمة
ولكن الزعماء ويا أسفي
لا يعلمون أن الحرب القادمة، قادمة!