بقلم: بهاء الدين يوسف
لا يمكن لأحد أن يجادل في موهبة الفنان (أحمد مكي) ولا في تمتعه بميزة تكاد تكون مفتقدة في العديد من نجوم الصف الأول في الوطن العربي وهي منحه مساحات ابداع لمن يشاركونه في اعماله دون خوف أو قلق من أن يؤثر ذلك على نجوميته.
موهبة (مكي) هى التي تدفعني للقول بأن قرار التوقف عن تقديم أجزاء جديدة من مسلسل (الكبير أوي) كما ذكرت بعض المواقع يصب في مصلحة (مكي) الذي يشبه في سلوكه اللاعبين الموهوبين الكبار الذين يتسبب عشقهم للملعب وتفاعل الجمهور في افتقادهم القدرة على اختيار الوقت المناسب للاعتزال.
الجزء الثامن من مسلسل (الكبير أوي) الذي عرض في رمضان الماضي كان موسما للنسيان، ترقيع واضح في السيناريو وتسول مشاهد كاملة من دراما أجنبية، واعتماد كلي على القدرات الكوميدية لمكي وعدد من نجوم العمل ليتحول المسلسل إلى ما يشبه ستاند كوميدي.
رغم أن تجربة الاستعانة في الموسم الماضي بفكرة استغرقت عدة حلقات من المسلسل الكوري (لعبة الحبار) أو (The Squid Game) لم تكن موفقة في اعتقادي الشخصي.
فقد واصل (الكبير أوي) اقتباس أفكار مشاهد وموضوعات أجنبية في الموسم الحالي دون بذل أي جهد في الربط بينها او صياغتها في قالب درامي متماسك ما جعلها حلقات يمكن حذفها دون أن يتأثر العمل نهائيا.
لعل المثال الأبرز هنا هو حلقات السطو على بنك بقيادة (حزلقوم وومربوحة) وعدد آخر من النجوم في نسخ مشوه لفكرة المسلسل الأسباني الشهير (قصر من ورق)، أو (La Casa De Papel)، حيث افتقدت المشاهد المنسوخة الحبكة والعمق الاسباني وتحولت الى ما يشبه المسخرة التي تتسول الضحك من المشاهدين.
حلقات اختطاف (الكبير أوي)
كذلك حلقات (الكبير أوي) التي ظهرت فيها الفنانة (شيماء سيف) التي قدمت دور (الجنّية)، وبدلا من أن يحاول السيناريو الاستفادة من الفكرة لجأ إلى الحل الأسهل وهو حشر مشاهد خارجة عن السياق الدرامي.
مثل المقابلات المطولة التي أجرتها (شيماء) مع العرسان الثلاثة (الكبير وهجرس وجوني)، رغم أن أحدا منهم لم يتقدم لها بعرض للزواج لكنها رغبة المخرج لكسب حلقة كاملة من (اللاشيء).
هناك أيضا حلقات اختطاف (الكبير أوي) بواسطة (الجنّية الشمامة) التي جسدتها الفنانة (صفاء الطوخي) ومساعدها الفنان (محمد ثروت).
نفس الكلام يمكن قوله على حلقات السفير الأفريقي الفقير والفاتنة الروسية التي تلاحقه بهدف اغتياله في بيت (الكبير أوي) الذي تحول إلى فندق بسبب طمع الكبير في جني عشرات آلاف الدولارات من السياح الأجانب.
كذلك فقد أضر مسلسل (الكبير أوي) عدم تطور الشخصيات الرئيسية المشاركة فيه فلم يظهر أي تطور في شخصيتي (حزلقوم وجوني) في الموسمين الأخيرين، وتحول أداء (مكي) في الشخصيتين إلى تكرار ممل لما كان يقدمه ويثير الإعجاب من قبل.
ونفس الحال ينطبق على (بيومي فؤاد) في شخصية (الدكتور ربيع)، حيث يكرر نفس الإفيهات ونفس التعبيرات وردود الأفعال التي قدمها طوال المواسم السابقة.
عدم التطور يتضح أكثر في أداء شخصية (نفادي) التي جسدها الفنان (حاتم صلاح)، خصوصا الغمزة التي يغمزها بعينه، والتي تحولت بكثرة التكرار ومرور الوقت إلى سبب لانزعاج المشاهدين بدلا من أن تكون وسيلة لاضحاكهم.
الفنان الشاب (مصطفى غريب)
والمشكلة هنا يتحملها المخرج (أحمد الجندي) تحديدا باعتباره المشرف العام على السيناريو، كما كان حريصا على كتابة ذلك في مقدمة كل الحلقات، وفي ظل عدم وجود كاتب واحد للسيناريو.
ربما كانت الحسنة الوحيدة في الجزء الثامن هى إفساح المزيد من المساحة للفنان الشاب (مصطفى غريب) لتقديم نفسه كصاروخ كوميدي صاعد، وتزامن ذلك مع مشاركته المميزة في مسلسل (أشغال شاقة) مع النجم (هشام ماجد).
وأظن أن رهان المنتجين عليه في المستقبل القريب سيكون رابحا لهم وللمشاهدين وللكوميديا المصرية التي تمر بمرحلة جمود في الفترة الأخيرة نتيجة الفجوة بين الأجيال.
الخلاصة: أن الجزء الثامن من (الكبير أوي) يشبه كثيرا الموسم الأخير في حياة لاعب كرة موهوب فشل في اتخاذ قرار الاعتزال وانتظر حتى تعالت صافرات الاستهجان من الجماهير ضده، ليجد نفسه مجبرا على مغادرة الملاعب من الباب الصغير.
بينما كان يجب أن يحظى وقت مغادرته بمراسم وداع أسطورية تماثل تلك التي حظى بها (يورجن كلوب) مدرب ليفربول في مباراته الختامية بعدما قضى هو الآخر 8 سنوات مع الفريق.