بقلم: محمود حسونة
سقط الإعلام الغربي كله في المستنقع الإسرائيلي، بعد أن قتلت رموزه ضمائرهم وانساقوا عمياناً يروجون لكليشيه (حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها)، ولم تر عيونهم ضحايا المجازر اليومية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في حق المدنيين، ومن بينهم بعض (فنانون) الذين ينحازون لإسرائيل!
لم تتحرك مشاعرهم وهم يرون الأطفال إما أشلاءً ممزقين أو جرحى يصرخون وفي أفضل الأحوال، مشردين تمتلئ عيونهم بالرعب بعد فقدانهم المأوى والأهل والأصدقاء والكتاب المدرسي واللعبة البسيطة التي كانوا يُشبعون بها براءتهم أصبحت مفقودة.
الإعلام الغربي تصهين أكثر من عتاة الصهيونية، وسار في ركبهم ليفقد إنسانيته ويكشف عن عوراته التي كانت تسترها ادعاءاته المزيفة بحرية التعبير وحقوق الإنسان.
وأحل للجيش الاسرائيلي حق القتل والتدمير والتخريب والتجويع والتشريد وأحل للحكومة الصهيونية حق الإبادة والتهجير والتطهير العرقي، وحرّم على أهالي غزة حق مقاومة من احتل الأرض ودنس المقدسات وقتل الأبرياء وحاصر المحاصرين وارتكب جرائم الحرب وانتهك القيم.
سقط الإعلام الغربي في معركة الفصل بين الحق والباطل، ليصبح باطلاً فاقداً للمصداقية داهساً على مواثيق الشرف معتدياً على المهنية، وسقط معه فنانون ونجوم من المرتزقة الذين يتحكم في مواقفهم منتج صهيوني.
إقرأ أيضا : محمود حسونة يكتب: (جولدا).. كذبة إسرائيلية سينمائية جديدة
يضحون بالقيم لأجل فيلم أو مسلسل أو حفل غنائي، يؤيدون حرب إسرائيل لإبادة شعب وتصفية قضية عادلة، وهؤلاء يبلغ عددهم 700 فنان ومثقف قاموا بالتوقيع على رسالة دعم للكيان.
في المقابل، فإن (فنانون) ممن يرفضون العدوان حول العالم يزدادون يوماً بعد يوم بعد مشاهدتهم للمشاهد المفزعة التي تتداولها مواقع التواصل الاجتماعي لأطفال غزة، وهى نفس المشاهد التي غضت الطرف عنها الشاشات الغربية المنحازة للباطل.
لا يشغل هؤلاء من الـ (فنانون) ضغوط رأس المال الصهيوني الذي يتحكم في هوليوود بقدر ما يشغلهم أن يتجاوز الكيان كل القيم والأعراف والقوانين الدولية، ويواصل حربه الوحشية ضد المدنيين في غزة.
(الفنانون) أصحاب ضمائر حية
هؤلاء (فنانون) هم أصحاب ضمائر حية، ينتمون للإنسانية ولا يعتنقون العنصرية الغربية، أداروا ظهورهم لتعليمات دولهم التي تجرم المجاهرة بتأييد الحق الفلسطيني ولفظوا إعلامييهم ساستهم الذين تحولوا إلى موظفين عند الكيان الصهيوني.
يرددون أكاذيبه ويبررون جرائمه ويمنحونه الحق في قتل الأطفال والنساء والشيوخ، وأدانوا الاحتلال وجرائمه.
الأرقام المنشورة تقول بأن أكثر من 2000 فنان ومثقف من الغرب وقعوا على رسالة ضد الحكومة الأمريكية والحكومات الغربية التي تحرض إسرائيل على مواصلة القتل والإبادة للشعب الفلسطيني.
تدعو إلى وقف الحرب على غزة، ووقف الحصار عن القطاع، متهمة الحكومات الغربية بأنها (تتسامح مع جرائم الحرب على غزة، وتساعد في
التحريض عليها)، بعد عملية (طوفان الأقصى) التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية رداً على الانتهاكات التي لا تتوقف للاحتلال.
مطالبة حكومات تلك الدول بإنهاء الدعم العسكري والسياسي للأعمال الإسرائيلية، وأدان الموقعون على الرسالة، وصف وزير الحرب الإسرائيلي للفلسطينيين بأنهم (حيوانات بشرية)، مستغربة أن يُطلب من الفلسطينيين مرة أخرى.
أولئك الذين أجبر أجدادهم على ترك منازلهم تحت فوهة البندقية، أن يهربوا أو يواجهوا عقاباً جماعياً على نطاق لا يمكن تصوره.
إقرأ أيضا : إسرائيل تستهدف (الصحفيين) لحجب حقيقة جرائمها البشعة !
من بين هؤلاء النجوم، الممثلة البريطانية الحاصلة على الأوسكار تيلدا سوينتون و(سوزان ساراندون، واكين فينيكس، أندرو جارفيلد، كريستين ستيوارت، كيت بلانشيت، ريز أحمد، ماهر شالا علي).
وغيرهم الكثير من (فنانون) ملأوا الدنيا إبداعاً وشهرة، واليوم يعبّرون عن الجانب الإنساني الذي أصبح منسياً عند حكام الغرب وداعمي قتل الأطفال، وأهمية هؤلاء أنهم نجوم عالميون لهم جمهور في أربع جهات الأرض.
يتابعونهم ويعتنقون أفكارهم ويسيرون على نهجهم، وهو ما يضاعف الباحثين عن حقيقة الحرب على غزة وجذور الأزمة الممتدة إلى 75 سنة احتلت خلالها إسرائيل الأرض بدعم حكومات نفس الدول المؤيدة لها اليوم.
وشردت شعباً وهجرت أبناءه إلى قارات الأرض المختلفة لتُفتت الأسر ويفترق الأشقاء ويذهب كل منهم إلى حيث يجد فرصة للحصول على لقمة العيش.
(الفنانون) المصريون والعرب
منهم (فنانون) منحازون للحق الفلسطيني ليسوا هؤلاء هم فقط ولكن هناك الكثير غيرهم، فمنهم من قاموا بتشكيل منظمة باسم (فنانين لأجل وقف إطلاق النار)، موجهين رسالة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن جاء فيها:
(إننا نحث إدارتكم، وجميع قادة العالم، على تكريم جميع الأرواح في الأراضي المقدسة والدعوة إلى وقف إطلاق النار وتسهيله دون تأخير وإنهاء قصف غزة، والإفراج الآمن عن المحتجزين).
إقرأ أيضا : محمود حسونة يكتب : فيلم عربي .. حيلة إسرائيلية مكشوفة
نعلم أن (بايدن) وغيره من الرؤساء والساسة الداعمين لإسرائيل لن يستمعوا
لأصوات السلام المطالبة بوقف الحرب، وسيواصلون الدعم حتى تستعيد إسرائيل هيبتها المزعومة.
ولكن هذه الأصوات ترفع صوتها يوماً بعد يوم، ومعها يرفع الرأي العام العالمي الصوت بعد أن بدأت تتكشف أمامه أبعاد وحقيقة الصراع العربي الإسرائيلي، وهو ما يمكن أن يغير اتجاهات الرأي العام العالمي الذي كان مخدوعاً بالدعاية الصهيونية التي زعزعتها مواقع التواصل الاجتماعي وكشفت أكاذيبها.
ولعل ذلك يكون دافعاً لإعادة كتابة تاريخ هذه الأزمة بما ينصف أصحاب الأرض ويعيد إليهم حقوقهم المسلوبة.
وفي الوقت ذاته هناك (فنانون) المصريون والعرب كانت لهم أيضاً مواقفهم المشرفة والتي تستحق التناول المستقل في مقال آخر.