
بقلم : محمد شمروخ
واقعة تغاضت عنها أجهزة الإعلام حتى لا تفسد عرس مونديال الدوحة وفرحة العرب قاطبة، باستضافة نهائيات كأس العالم، وذلك حتى لا تتأثر قطر أو المنطقة العربية أو العالم الإسلامي بما حدث في تلك الواقعة المجهولة.
فقد قام مجموعة من الشباب المنتمين إلى إحدى الدول الإسلامية من مشجعى فرقة بلدهم بالخروج في غفلة لحضور إحدى المباريات وهم يرفعون راية تنظيم داعش السوداء ويرتدون ملابس وعمائم سوداء أيضا، ويتمنطقون بالكلاشينكوف!
وإن كان المشهد مشهدا تمثليليا وإن كانت الملابس مجرد مظهراحتفالى وإن كانت مدافع الكلاشينكوف عبارة عن هياكل بلاستيكية ولا شيء حقيقي إلا الراية! إلا أن ما حدث كان (…………………..)
ستووووووب!
كل ما سبق ليس سوى وقائع من نسج خيالاتى الجامحة ولم يحدث منها شيء، فلا شباب عربي مسلم ولا ملابس ولا عمائم سوداء ولا كلاشينكوفات بلاستيكية ولا رايات سوداوية!
فلو حدث هذا أو شبيه منه، لقامت الدنيا ولم تقعد ولربما طالبت دول المشجعين بإجلائهم فورا عن الأراضي القطرية خشية عليهم من حركات داعش القرعة!
بل وربما دعا ذلك السيد سكرترير عام الأمم المتحدة إلى أن يعرب عن قلقه!
لكن ستووووووب تانى..!
فيه إيه تانى؟!

الذي حدث شيء معاكس تماما في الحدث وفي الأثر، إذ أن مجموعة من الشباب الإنجليز من مشجعى منتخب بلدهم ورغم التحذيرات من بعض مؤسساتهم نفسها، قاموا بارتداء زى الحروب الصليبية وبالتحديد زى (القديس جورج) أحد الرموز الروحية للحروب الصليبية ووضعوا الخوذات على رؤوسهم (زى لويزا في فيلم الناصر صلاح الدين بالضبط) وتمترسوا بالتروس وتمنطقوا بالسيوف (البلاستيكية)، ورفعوا شارات الحملات التى غزت المشرق العربي للاستيلاء على بيت المقدس وارتكبت أبشع المذابح سواء في بيت المقدس أو حوله أو حتى في الطريق إليه، حملات لم ينج من دمويتها ووحشيتها حتى المسيحيين من سكان البلدان التى وقعت في طريق تلك الحملات تحديدا في البلقان وشرق أوربا!
لن أطيل في الحديث عن تلك الفترة، فليس هنا مجال استعراضها أو تطويل الإشارة إليها، ففي الرجوع للمصادر التاريخية الشرقية والغربية (الضد والمع والمحايد) ما يكفى لللوقوف على أن ما كان يتم خلال الحروب الصليبية، هو أعمال أقل ما توصف بأنها (وحشية تتصاغر بجانبها جرائم داعش).
لكن الذي يهمنى هنا هى (الميوعة) أى (الليونة) أى (الخنوعة) في ردود الفعل في الاستديوهات الإعلامية والمنتديات الثقافية على هذه الظاهرة الخطيرة ومرورها مرور الكرام واعتبارها.. شوية عيال وبيلعبوا!
– وما خطورتها؟!.. إنها صدرت من بضعة شباب مهاويس كورة وليست من جهات رسمية أو حتى شبه رسمية.
– يا رااااااجل.. إن كان كونهم (شبابا مهاويسا) هو أساس المشكلة نفسها!.. ثم إنه لو صح الافتراض بتمثيل مشاهد هزلية لداعش أو حتى (الفتوحات الإسلامية).. هل كنت ستراها هوسا؟!.. هل كنت ستراهم مهاويسا!
القضية أيها الأعزاء، أن خطورة الدعاية بهذا الشكل تشير بوضوح دون لبس إلى معتقدات لدى بعض الشباب تجاه الشرق، وإلا فما معنى ارتداء زى حروب كانت موجهة إلى هذه المنطقة تحمل شعارا دينيا وما زالت تشكل غصة تاريخية كبرى بين الشرق والغرب.
المزيد من المشاركات

فماذا يرى هؤلاء الشباب في بلاد حملوا إليها متاعهم لتشجيع فريقهم القومى، حتى يذكروها بصفحات سوداء ملطخة بالدماء في التاريخ؟!
ماذا كان يدور تفكيرهم وهم يعدون العدة للسفر لحضور المباريات، حيث بذلوا جهدا لشراء وإعداد هذه الملابس ومستلزماتها؟!
أظن أن محلات (هارودز) على ناصية شارع (برومتون رود) فيما لايوجد في طوابقه المتعددة من بين أقسامه الثلاثمائة قسم مخصص لبيع أزياء الحروب الصليبية، حتى بعد أن باع محمد الفايد المحل لشركة قطرية منذ 12 سنة!.. (الله يرحمك يا دودى).
فقد مر الحدث وكأنه نكته لم تضحك أحدا – ولم تبك أحدا – لكنى مصر على أن دلالته خطيرة وتبدو كذلك فوق ما أبديته: هو أن السادة المتمدينين من الإعلاميين والمثقفين العرب والمسلمين الناهضين ضد التطرف والفكر (ومنهم الذين رأو في فوز السعودية على الأرجنتين في المونديال علامة على تخطى مرحلة الوهابية) لم يقفوا إزاء ما حدث وتجاهلوه، فلايمكن لديهم أن يمارس الأوروبي الإنجليزى تطرفا من أى نوع ولو مجرد رمز!
فقط الإرهاب والتطرف والدموية واستلهام تجارب الحروب التاريخية والاستعراض بالشارة والسيف، هو من نصيبنا كعرب وكمسلمين وكشرقيين، ولكن الغرب المتمدن لا يدعو لحروب ولا يشنها ولا يبث كراهية إلا ضد الإرهاب، غاية ما يمكنهم فعله أن يحدث هو ارتداء شارة المثليين (الشواذ جنسيا!).
