إلهام شاهين الشهيرة بـ (أم جهاد) .. كسبت الرهان ونجحت في كراهية الإخوان لها !
كتب : أحمد السماحي
الفن اختيار، ونحن لا نستطيع أن نمنح إعجابنا أوتقديرنا لفنان إلا إذا أدركنا بحس فطرى نوعية اختياراته، فكل فنان يتعامل مع إبداعه طبقا لفلسفته الخاصة، وقانونه الذي يسنه لنفسه وبكامل إرادته، فالبعض يري الفن أكل عيش فيرضخ أمام تبعاته ولا يفكر في نوعية وهدف أي عمل يقدمه أو يعرض عليه، والبعض الآخر يراه جزءا لا يتجزأ من شخصيته فيسعى لتقديم فن يعبر عنه ويتلاءم مع ثقافته وموهبته ويحقق أحلامه ولا يتناقض مع فطرته السليمة وضميره الحى وقراءاته الدائمة.
والنجمة (إلهام شاهين) منذ بداية مشوارها وهى معروف عنها أنها فنانة الصدمات الكهربائية!، أي التى تصدم الجمهور كل فترة باختياراتها الجريئة التى تؤكد عشقها للفن ولموهبتها، (فيلم سيضيف لعمرها الحقيقي أعمار موجودة بقوة، عمل ستظهر فيه بدون مكياج على الإطلاق أحسن، فهي أصلا كارهه للمكياج في حياتها الحقيقية والإنسانية، فيلم ستظهر فيه في مشاهد تعد على أصابع اليد الواحدة يا أهلا به).
الفن في حياة (إلهام) هو موقف من الحياة يرفض الزيف والترخص، وهى باختياراتها هذه تطبق مقولة صديقتي النجمة الراحلة (نادية لطفي) التى كانت تقول: (الفن ليس بنت حلوة، وليس فستان شيك، ولا أحدث صرخة في المكياج، وقصة الشعر، ولكنه مواقف إنسانية وأعمال جريئة تهز المجتمع!).
وهذا ما طبقته (إلهام شاهين) في شهر رمضان الماضي من خلال تجسيدها الرائع لشخصية (أم جهاد) الداعشية في الأيقونة الدرامية (بطلوع الروح) إخراج المبدعة كاملة أبوذكري، فالمسلسل يمثل مرآة الفن الصافية التى تعكس الصورة الحقيقية للواقع، ويفضح زيف الجماعات الإرهابية بكل أقنعتها، هذا الإرهاب الذي حاصرنا في السنوات الأخيرة بجنازيره ورموزه الزائفة وطنطنته الجوفاء وسعى ويسعى – حتى الآن – إلى تكبيل العقل بأغلال القمع والمنع والتجريم والتحريم، ويدعم القيد بسياط التكفير وإهدار الدم، في هذا الزمن الأغبر الذي يريد فيه بنا البعض أن نتقهقر إلى عصور الجاهلية والهمجية لذا ظهرت (إلهام) وقالت كلمتها.
ولم تتوقف نجمتنا عندما قالت كلمتها عند مساحة الدور، ولا الشخصية العنيفة الكريهه التى تجسدها، ولا أنها ستظهر في الحلقات بعد حوالي أربع حلقات في مسلسل عدد حلقاته 15 حلقة، كل هذا ليس مهما، المهم النتيجة، فهي تعلم بحكم موهبتها وثقافتها وخبرتها أنها من خلال هذا الدور في معركة والمعارك لا تقاس فيها مساحة الأدوار، ولكن الكل يردد (يا أهلاً بالمعارك، يا بخت مين يشارك، بنارها نستبارك، و نطلع منصورين).
وبالفعل حققت (أم جهاد) المطلوب منها، وقدمت مشاهد لا تنسى، وكان كل مشهد (مستر سين)، فمن منا سينسى مشهدها مع الشيخ (نصار) وهى تتحدث عن التحولات المالية، ومن منا سينسى مشهدها وهى تطلب الزواج من (عمر – أبو أسامة) هذا المشهد الذي أضحكنا وكشف زيف أحزان تلك الجماعات الإرهابية، فرغم عدم مرور أيام على وفاة زوجها الذي كانت تحبه! إلا أنها تحولت بمشاعرها بعد وفاته مباشرة إلى آخر!.
ولا ننسى مشاهدها عندما أيقنت أن (أبو أسامة) يتهرب من الزواج منها فتصرخ الأنثى الجريحة بداخلها بأعلى صوت وتتوجع بقوة، أو مشهدها عندما علمت أن (أبوأسامة) أنقذ (روح) من القتل واتخذها (سبية)، وأيضا مشهد النهاية وهى فوق سيارة الترحيلات الكردية تتألم وتهزي بكلمات غير واعية، وتصرخ بأعلى صوتها وهى غير مصدقة الهزيمة قائلة : (دولة الخلافة باقية، النصر لنا بإذن الله)!
إلهام شاهين كانت عاصفة كريح عاتية فجسدت بكل خلجاتها وبروعة شديدة شخصية (أم جهاد) ونفثت من مشاعرها الملتهبة روحا جديدة، وأعطت من موهبتها ثقل للشخصية، وكتبت اسمها بحروف من ذهب في مسلسل (بطلوع الروح) الذي راهنت عليه منذ البداية وكسبت الرهان، وطبقت أغنية عمنا (محمد نوح) مغنى القرية في مسرحية (المشخصاتية): الفن هو اللي فاضل، ويا الغلابة يقاتل يناضل، لحد الفجر ما يطلع، لحد الحق ما يرجع أخضر بلون السنابل.