رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

أدوار رايل: كمائن الموت في (غزة) برعاية المخابرات الأمريكية !

أدوار رايل: كمائن الموت في (غزة) برعاية المخابرات الأمريكية !
تلك الجرائم التى ترتكبها إسرائيل، بدعم أمريكي يومياً دون تحركاً جاداً لوقفها ومحاسبة مرتكبيها الفاشيين
أدوار رايل: كمائن الموت في (غزة) برعاية المخابرات الأمريكية !
أحمد الغريب

بقلم الكاتب الصحفي: أحمد الغريب 

جسد مشهد استهداف طائرة مُسيّرة صهيونية مواطناً يحمل كيس من الدقيق على ظهره في حي الشجاعية في مدينة (غزة) قبل أيام قليلة، مآسأة شعب أعزل تتقن فيه إسرائيل ممارسة فنون السادية والوحشية، وجاء كتوثيق لواحدة من الجرائم اليومية التي يرتكبها جيش الاحتلال الفاشي بحق المدنيين الجائعين الباحثين عن الطعام من أهل (غزة).

الإعلام الإسرائيلي ذاته وليس غيره كشف فور الحادث عن أن قادة في الجيش الإسرائيلي أصدروا تعليمات مباشرة لقواتهم بإطلاق النار على الحشود الفلسطينية لتفريقهم أو إبعادهم عن مراكز توزيع المساعدات، (رغم أنهم لا يشكلون أي تهديد)، والأكثر من ذلك هو ما تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية عن أحد الجنود، ووصفه الوضع بأنه (انهيار تام للمعايير الأخلاقية للجيش الإسرائيلي في غزة).

تلك الجرائم التى ترتكبها إسرائيل، بدعم أمريكي يومياً دون تحركاً جاداً لوقفها ومحاسبة مرتكبيها الفاشيين أمام المحاكم الدولية، بينما تُغلق إسرائيل، منذ 2 مارس الماضي، بإحكام، معابر (غزة) أمام شاحنات الإمدادات والمساعدات المكدّسة على الحدود، ولا تسمح إلا بدخول عشرات الشاحنات فقط، في حين يحتاج الفلسطينيون في غزة إلى 500 شاحنة يومياً حداً أدنى.

وتواصل إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة جماعية في قطاع (غزة)، خلّفت نحو 190 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات الآلاف من النازحين.

أدوار رايل: كمائن الموت في (غزة) برعاية المخابرات الأمريكية !
تلك الجرائم التى ترتكبها إسرائيل، بدعم أمريكي يومياً دون تحركاً جاداً لوقفها ومحاسبة مرتكبيها الفاشيين

المشهد الدموى الفج

هذا المشهد الدموى الفج، أعاد معه مجدداً الحديث عن الدور الأمريكي في حرب الإبادة اليومية، خاصة دورها القذر في تأسيس شركة تحمل أسم (مؤسسة غزة الإنسانية)، وهى بعيدة تماماً عن أى إنسانية أو أى أخلاق.

تلك المؤسسة التى يتولى مسؤوليتها مسؤول سابق استخباراتي أمريكي، يدعى (فيليب رايلي)، سعى من أجل استغلال أزمة الفلسطينيين في قطاع غزة وتحويل مأساتهم إلى (غنيمة) يحقق من خلالها الأرباح المالية.

ويضمن في ذات الوقت تحقيق أهداف إسرائيل في القطاع، ليبدأ بعد ذلك بأشهر العمل يداً بيد مع مسؤولين في إسرائيل ومع أجهزتها الأمنية، ليتمخض عن هذا التعاون حصر توزيع المساعدات بشركته في القطاع وعسكرتها.

عبر تحويل مراكز توزيع فتات المساعدات، التي يسعى الفلسطينيون للحصول عليها يومياً في ظل المجاعة ومنع وكالات الأمم المتحدة الإغاثية من أداء مهامها، إلى مصائد موت يُقتل فيها المدنيون يومياً.

عمل (فيليب رايلي)، الضابط السابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية، على خداع العالم، في الأشهر الماضية عبر الإعلان عن (مؤسسة غزة الإنسانية) باعتبارها مستقلة، بينما كان يعمل ويخطط بناء على مطالب إسرائيلية لتطوير نموذج لتوزيع مساعدات (غزة).

إضافة إلى ضمان وجود مقاولين عسكريين تابعين له يشرفون على العملية، وكيف عمل جنباً إلى جنب مع إسرائيل لتعميق معاناة سكان القطاع، وهو ما تطلب تأسيس أكثر من شركة في أوقات متقاربة والاستفادة من عمله استشارياً في شركة أخرى.

أدوار رايل: كمائن الموت في (غزة) برعاية المخابرات الأمريكية !
فيليب رايلي

التعاون مع إسرائيل

كان (فيليب رايلي) الخيط الذي خطط بالتعاون مع إسرائيل، منذ بدايات عام 2024، لوضع خطة (عسكرة المساعدات الإنسانية) في (غزة)، وهو الخيط الرابط بين جميع الشركات التي عملت في القطاع، بعضها تأسس حصراً بغرض بدء العمل في (غزة).

في الأشهر الأولى من عام 2024، كان (فيليب رايلي)، الرئيس السابق لمركز الأنشطة الخاصة التابع لوكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي آي إيه)، يرتب بناء على طلب إسرائيلي، خلف الأبواب المغلقة مع إسرائيليين، خطة سرية جديدة يمكن تنفيذها في (غزة) وتُبعد من خلالها الوكالات الدولية ومؤسسات المساعدات الأممية.

وهو ما فضحته وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية، منها صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية، التى نقلت بدورها في مايو الماضي، تصريحات مقتضبة (لرايلي)، قال فيها (إنه بدأ مناقشة ملف مساعدات غزة في أوائل 2024 مع مدنيين إسرائيليين، ثم التقى لاحقاً (ليران تانكمان).

وهو مستثمر تكنولوجي انضم إلى مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق (وهو قسم عسكري يشرف على إيصال المساعدات في غزة)، و(مايكل آيزنبرغ)، وهو مستثمر إسرائيلي أمريكي.

اجتمع الرجلان مع آخرين عقب السابع من أكتوبر، وناقشوا فكرة التحكم في مساعدات (غزة) في الاجتماع، الذي أطلقت عليه وسائل الإعلام الإسرائيلية مصطلح (منتدى ميكفيه إسرائيل)، نسبة إلى الكلية الواقعة قرب تل أبيب التي احتضنت اجتماعهم التأسيسي في شهر ديسمبر 2023.

كان (رالف رايلي) المهندس الرئيسي الرابط أو الذي لديه صلات بين خمس شركات أسست للوضع الحالي في غزة، وهى شركات المقاولات العسكرية (سيف ريتش سوليوشنزsafe reach solutions ) التي أسسها في نوفمبر 2024، و(يو جيه سوليوشنز) التي عمل فيها سابقاً والتي تبين أوائل 2024 إرسالها عناصر أمنيين لإدارة نقاط التفتيش عند وقف إطلاق النار بين حماس وإسرئيل، وشركة (بوسطن) الاستشارات التي كان مسؤولاً كبيراً فيها.

وهى التي وضعت الهيكل لمؤسسة (غزة) الإنسانية، وشركة (تو أوشن ترست) التي تعمل من الباطن لتأسيس الشركات الأمنية وتولت تأسيس شركتي (سيف ريتش سوليوشنز) و(يو جيه سوليوشنز) في أمريكا.

التفاصيل التى تم الكشف عنها تثبت معها، أن (مؤسسة غزة الإنسانية) ما هى إلا نموذج بُنيَ من الباطن، لضمان استمرار شركة أمنية، وهى (سيف ريتش سوليوشنز) التي أسسها (رايلي) وتعمل لخدمة إسرائيل وبدأ عملها في القطاع مع بدء وقف إطلاق النار في غزة.

وتضم عناصر استخبارات وعسكريين سابقين، على غرار شركة (بلاك ووتر) التي تورطت في قتل مدنيين في بغداد في عام 2007 قبل أن يصدر الرئيس (دونالد ترامب) لاحقاً قراراً بالعفو عنهم.

أدوار رايل: كمائن الموت في (غزة) برعاية المخابرات الأمريكية !
منع دخول المساعدات والغذاء والدواء إلى سكان القطاع وانتقاداتها للأمم المتحدة

مؤسسة غزة الإنسانية

كان أول إعلان رسمي عن (مؤسسة غزة الإنسانية) في منتصف شهر مايو الماضي، في بيان نشرته صحف أمريكية وإسرائيلية أولاً، لكن التمهيد للحاجة لها بدأ قبل قيام إسرائيل بنقض اتفاق وقف إطلاق النار، إذ كانت قد بدأت في منع دخول المساعدات والغذاء والدواء إلى سكان القطاع وانتقاداتها للأمم المتحدة في مارس الماضي.

وفي الوقت ذاته، مهّدت الإدارة الأمريكية في تصريحات متعددة للحاجة لوجود شركة خاصة جديدة تتولى مسؤولية مساعدات غزة مبدية عدم رضاها عن المؤسسات الدولية والأمم المتحدة.

وأشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية (تامي بروس)، في أحد مؤتمراتها مطلع الشهر الماضي، إلى العمل وفق خطة جديدة مبتكرة لتوزيع مساعدات (غزة) عن طريق شركة خاصة، تبنت علناً إدارة (ترامب) هذه الخطة وانحازت إلى الجانب الإسرائيلي، وقررت في شهر يونيو تمويل هذه المؤسسة، حسب ما أعلنت، بـ30 مليون دولار.

وسرعان ما أن انتشرت أنباء في وسائل الإعلام الدولية عن أن (مؤسسة غزة الإنسانية)، مقرها في سويسرا التي تصنف دولةً محايدةً عالمياً، وأنه جرى اختيار أحد الحاصلين على جائزة نوبل لرئاستها، وأن أعضاءها شخصيات معتبرة وذوي قيمة عالمية، ووصفت (بروس) الشركة بأنها موثوق بها في أكثر من تصريح.

لكن المفاجأة أن الشركة لم تعمل نهائياً من سويسرا، ليتبين أن الغرض كان الإيهام بأنها مؤسسة مستقلة، وليست مؤسسة منشأة خصيصاً بطلب إسرائيلي وبتخطيط أفراد يعملون في شركات أمنية أمريكية.

الشركة كانت تُجهّز بالفعل لتولي ملف مساعدات (غزة) حتى قبل قيام إسرائيل بوقف إطلاق النار في القطاع بأسابيع، وأُنشئت في الولايات المتحدة وليس في سويسرا.

وطبقاً لمعلومات رسمية من الحكومة السويسرية، سُجّلت الشركة في الثالث من فبراير 2025، أي بعد أقل من ثلاثة أسابيع على اتفاق وقف إطلاق النار الذي تولت فيه شركتا أمن أمريكيتان مسؤولية نقاط تفتيش رئيسية في القطاع مع انسحاب القوات الإسرائيلية.

وهما شركتا (سيف ريتش سوليوشنز) و(يو جيه سوليوشنز)، وترتبط شركة (سيف ريتش سوليوشنز) ارتباطاً مباشراً (برالف رايلي)، الذي أسسها في 21 نوفمبر 2024 طبقاً لبيانات التسجيل.

أسس (فيليب رايلي) شركته (سيف ريتش سوليوشنز) في الأيام الأخيرة من شهر نوفمبر 2024، وفي الوقت ذاته، كان مستشاراً لمجموعة (بوسطن) للاستشارات، وهي واحدة من أكبر أربع شركات على مستوى العالم في مجال الاستشارات.

كانت هاتان الشركتان التي أسس (رايلي) واحدة منها، والتي يعمل في الثانية في منصب له علاقة باتخاذ القرارات، الشركتين اللتين بني على أساسهما عمل مؤسسة غزة، لكن قتل الفلسطينيين المدنيين أثناء حصولهم على مساعدات غزة دفع شركة (بوسطن)، خشية على سمعتها، إلى سحب فريقها من العمل وإعلان أنها لن تتقاضى أي أجر مقابل أي من الأعمال التي قامت بها نيابة عن (مؤسسة غزة الإنسانية).

أدوار رايل: كمائن الموت في (غزة) برعاية المخابرات الأمريكية !
صمم (رايلي) الإطار الأمني لمواقع توزيع مساعدات غزة للفلسطينيين

مواقع توزيع مساعدات غزة

صمم (رايلي) الإطار الأمني لمواقع توزيع مساعدات غزة للفلسطينيين، وبموجب الخطة الحالية، كما كشفت صحيفة (نيويورك تايمز) في تقرير لها في مايو الماضي، تتولى شركة (فيليب رايلي) وشركات أمنية أخرى تأمين مواقع توزيع مساعدات غزة الخاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، على أن تمول مؤسسة غزة الإنسانية هذا الترتيب.

ويعني ذلك أن جزءاً كبيراً من أموال المساعدات الإنسانية قد توجه لدفع رواتب لمقاولين أمنيين وعسكريين سابقين، ولن توجه في الغالب لتقديم الغذاء والدواء والطعام للمدنيين الفلسطينيين على عكس مؤسسات الإغاثة الأممية، كما أشارت تقارير صحفية إسرائيلية إلى أن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة أموالاً لتغطية عمل المؤسسة مدة 180 يوماً.

وقبل أيام أكدت وزارة الخارجية الأمريكية ما نشرته وكالة (رويترز) عن أن الولايات المتحدة ستقدم 30 مليون دولار لـ (مؤسسة غزة الإنسانية)ٍ، لكن لم تشر إلى أي تفاصيل أخرى، غير أن تقرير الوكالة كان قد كشف أن منحة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أقرت في 20 يونيو الحالي بموجب (توجيه ذي أولوية) من البيت الأبيض ووزارة الخارجية.

وأنه جرى صرف دفعة أولية قدرها 7 ملايين دولار، وأنه قد يُوافَق على منح شهرية إضافية قيمتها 30 مليوناً.

وأعفت وزارة الخارجية الأمريكية بموافقتها على التمويل (مؤسسة غزة الإنسانية) من التدقيق الذي يطلب عادة من المنظمات التي تتلقى منحاً من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية للمرة الأولى، فضلاً عن ذلك لم تعلن (مؤسسة غزة) عن مصادر تمويلها وأعلنت فقط عن حصولها على 100 مليون دولار تبرعات.

إجمالاً: تؤكد شهادات لجنود في جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة أن الجيش يطلق النار عمداً على الفلسطينيين بالقرب من مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، باستخدام المدفعية والقناصة والدبابات وغيرها، من دون اكتراث بحياة الأبرياء، فيما أقصى المخاوف تتعلق بانتقادات المجتمع الدولي، وعواقب ارتكاب جرائم حرب، أما قتل الباحثين عن لقمة يسدون بها جوعهم، فهو أمر عادي.

أخيراً يمكن اقتباس ما قاله ضباط إسرائيلي لصحيفة (هآرتس): (إن الجيش الإسرائيلي لا ينشر للجمهور في إسرائيل أو في الخارج توثيقاً لما يحدث حول مواقع توزيع الغذاء)، وبحسب قوله، فإن (الجيش راضٍ عن أن نشاط منظمة مؤسسة غزة الإنسانية الأمريكية حال دون انهيار كامل للشرعية الدولية)، لمواصلة حرب الإبادة على القطاع.

كما يعتقدون أن الجيش نجح في تحويل قطاع (غزة) إلى (ساحة خلفية)، خاصة في أعقاب الحرب مع إيران، كذلك قال أحد جنود الاحتياط، الذي أنهى هذا الأسبوع جولة أخرى في شمال القطاع: (غزة لم تعد تهم أحداً. لقد أصبحت مكاناً بقوانين خاصة به. فقدان الأرواح لم يعد يعني شيئاً).. وللحديث بقية..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.