(فؤاد المهندس).. النجم الذي توازنت (إيفيهاته) في المسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة


بقلم الباحث والناقد السينمائي: محمود قاسم
توازنت الايفهات التي أطلقها (فؤاد المهندس) في الحالات الفنية الأربعة وهى (الاذاعة والتلفزيون والمسرح والسينما)، حيث ظل يعمل بها بنفس الكيفية طوال حياته، وهو يطلع علينا بشخصية الزوج (محمود) الذي يعاني الكثير من غباء زوجته (خيرية).
وفي الإذاعة أيضا كون (فؤاد المهندس) ثنائيا مع (عبد المنعم إبراهيم) في مسلسل (موهوب وسلامة)، وأيضا في المسرح امتلأت اعماله بموقف الشخص المثقف الواعي في مسرحيات (السكرتير الفني، وسيدتي الجميلة، وسك علي بناتك).
بينما انهالت السينما عليه بقوة ليعمل في أفلام خفيفة مليئة بالمطارات، والايفيهات علي راسها أفلام (أنت الي قتلت بابايا)، و(شنبو في المصيدة).
وهى أعمال إذاعية بسبب نجاحها الجماهيري في الشارع المصري تحولت إلى أفلام، مليئة بالعبارات العربية التي كتبها الكاتبان (أحمد رجب) و (أنور عبد الله)، ومن هذه العبارات مثلا (الفيل في المنديل)، و(الفلة في الفانلة).

إطلالة على عالم فؤاد المهندس
(فؤاد المهندس) حالة إضحاكية خاصة، ولا سيما في السينما، وإذا كان الكثيرون يربطون بين ما قدمه، وبين الثنائي الذي مثله مع (شويكار)، فإن وجود المهندس، كممثل كوميدي له علاماته التى سبقت ظهور هذا الثنائي بعشر سنوات على الأقل.
وبشكل بارز، ليس فقط في الإذاعة، ولكن في كل مجالات التمثيل الكوميدي التى عمل بها (فؤاد المهندس)، كما أنه ظل يعمل في نفس المجال في السينما بعد أن أنفصل الثنائي، وإن كانت خصوبته بدت أقل، مما يعني أن الثنائي كان في أفضل حالاته حين عمل الإثنان معا.
برز (فؤاد المهندس) بقوة من خلال برنامج (ساعة لقلبك) الذي كانت تقدمه الإذاعة المصرية في الخمسينات، وذلك من خلال العديد من الشخصيات التى جسدها في حلقات البرنامج.
ولكن كان أبرزها دور (محمود) وزوجته التى تنطق إسمه بأسلوب خاص قائلة: (أسخن لك السلطة يا محموووووووووود)، وقد كانت هاتان الشخصيتان سمتين بارزتين في الكوميديا في الشارع المصري.
وصار على الناس أن يروهما في السينما، لكن التجربة لم تنجح في فيلم (عريس مراتي) للمخرج عباس كامل عام 1959، وقد بدت اسكتشات (زوجة محمود) وكأنها محشورة من أجل الإضحاك داخل أحداث الفيلم.
وإذا كانت بدايات (فؤاد المهندس) من خلال المسرح، فإنه قد نقل الكثير مما كان يؤديه على خشبة المسرح إلى الشاشة، ليس بطابع المسرحيات وموضوعاتها وحوارها، ولكن أيضا الحركات الجسدية التى تسبب الإضحاك على خشبة المسرح.
ولذا فإن الأفلام التى تم نقلها إلى الشاشة، كانت إما أقل إضحاكا من المسرح، أو أن المخرجين قد غيروا من طبيعة الموقف المضحك، وكل ما يهمنا الإشارة إليه بالنسبة للمهندس أنه أعتمد على الحركة في المقام الأول.
بالإضافة إلى العبارة، والأداء المسرحي، وقد تميز (فؤاد المهندس) منذ اللحظات الأولى بمرونته الجسدية، وصوته القوي، وقدرته على تلوين الأحرف التى ينطق بها، وليس الأمر غريبا بالنسبة لإبن الدكتور (زكي المهندس) أحد علامات اللغة العربية في مصر في القرن العشرين.

الريحاني وشرفنطح القدوة والمثل
كان الفنان (فؤاد المهندس) في شبابه البكر متأثرا بالفنان الكوميدي (شرفنطح) الذي برز في الإضحاك من خلال شكله، ثم انتقل إعجاب الشاب (فؤاد المهندس) إلى الفنان الكبير (نجيب الريحاني) الذي كان يتمتع أيضا بنفس السمات على المسرح ثم في السينما.
ورغم الإعجاب الشديد الذي أبداه (فؤاد المهندس) بالريحاني، فإنه كان صاحب أداء يختلف كثيرا عن أستاذه الذي ينتهج أسلوبه، وكان دخول (المهندس) إلى السينما من خلال دوره في فيلم (بنت الجيران) إخراج محمود ذوالفقار بمثابة انتصار حقيقي لما مثله من نجاحات على خشبة المسرح.

محمود وعز الدين ذوالفقار
لا شك أن (محمود ذوالفقار) وشقيقه (عز الدين ذوالفقار) قد منحا (فؤاد المهندس) فرصتين ذهبيتين في السينما، الأولى عندما منحه (محمود ذوالفقار) بطولة أول أفلامه (بنت الجيران)، وقام (عز الدين ذوالفقار) بمشاركته في أفلام مهمة قام بإخراجها مثل أدواره في أفلام (نهر الحب) و(بين الإطلال) و(موعد في البرج) و(الشموع السوداء).
ولكن هناك فارقا بين الأدوار التى لعبها (فؤاد المهندس) مع كل من (محمود، وعز)، فمع الأول كانت البطولة الأولى المطلقة.
أما مع الآخر، فلم يكن سوى صديق البطل، وهى شخصية كان السيناريو يضيفها إلى الفيلم من أجل تصنيع البهجة في أجواء مأساوية، أي أن الضحك هنا بمثابة ديكور للتخفيف من حدة المأساة.

غدر السينما بنجوم الكوميديا
قدم فؤاد المهندس مشوار سينمائي ومسرحي وإذاعي وتليفزيوني حافل، بأداء الشخصيات المختلفة، ورغم أنه قام بأداء شخصيات مقتبسة عديدة فإنه يظل نموذجا عربيا في الكوميديا، قد يكون متأثرا بأساتذة يحبهم.
ولكن له أسلوبه الذي لم يخرج عنه في أغلب الأحيان، لكنه حاول التعبير في أداء أدواره بين حين وآخر، وخاصة في السنوات الأخيرة، والغريب أن السينما التى لمع فيها (بشارة واكيم، وشرفنطح، ونجيب الريحاني).
وهم أكبر سنا من (فؤاد المهندس) عندما اقتحموا مجال السينما، بدت في حقبة التسعينات كأنها تعطي ظهرها إلى نجومها المضحكين المسنيين!