رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(الحرب السيبرانية).. معركة أخرى حامية الوطيس بين (إسرائيل) وإيران!

(الحرب السيبرانية).. معركة أخرى حامية الوطيس بين (إسرائيل) وإيران!
خبراء سيبرانيون في (إسرائيل) يؤكدون إن قدرات (إسرائيل) السيبرانية أعلى بكثير من قدرات إيران
(الحرب السيبرانية).. معركة أخرى حامية الوطيس بين (إسرائيل) وإيران!
محمد حبوشة

بقلم الكاتب الصحفي: محمد حبوشة

في تواز تام مع وقائع الحرب الدائرة بين تل أبيب وطهران، هناك على الطرف الآخر، تخوض (إسرائيل) و(إيران) سرا حربا سيبرانية ضد بعضهما البعض، في إطار الصراع الدائر بينهما على المشروع النووي الإيراني، وهو الجانب الذي تغفل عنه تماما وسائل الإعلام العربية، بينما تدركه وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية التي تعمل لصالحها.

خبراء سيبرانيون في (إسرائيل) يؤكدون إن قدرات (إسرائيل) السيبرانية أعلى بكثير من قدرات إيران، وتقول مصادر سياسية في (إسرائيل) إن الحرب السيبرانية تحولت إلى بديل من استخدام سلاح تقليدي في الحرب بين إسرائيل وإيران، وهو ما يحظى باهتمام وسائل إعلام (إسرائيل)، بينما تغفل عنه وسائل إعلامنا.

قبل سنة من الآن قدرت مصادر أمنية رفيعة المستوى في (إسرائيل) أن الحرب السيبرانية ستزداد في السنة المقبلة في موازاة الصراع السياسي الإسرائيلي ضد الاتفاق النووي، ومحاولات إسرائيل منع التمركز العسكري لإيران وحزب الله في سورية.

لقد تحولت الحرب السيبرانية إلى جزء لا يتجزأ مما يسمى في الجيش الإسرائيلي (المعركة بين الحروب)، رئيس الحكومة قال مؤخراً إن (الهجمات السيبرانية الإيرانية هي أمر يومي)، وفي ديسمبر الماضي تطرق رئيس الأركان (أفيف كوخافي) إلى موضوع الحرب السيبرانية الهجومية للجيش الإسرائيلي في جبهات متعددة.

وهذه مسألة اختار الجيش حتى الآن عدم التطرق إليها بصورة علنية، وذكر رئيس الأركان بواسطة الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن (مجال القتال الأهم الذي تغير هذه السنة هو المجال السيبراني – حيث نفذنا فيه عمليات هجومية كثيرة).

 في السنوات الأخيرة كان المجال السيبراني الهجومي تابعا لمسؤولية شعبة الاستخبارات العسكرية، والمجال الدفاعي تابعاً لمسؤولية شعبة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والدفاع في السايبر، ومن ثم درست  قيادة الأركان العامة إقامة شعبة سيبرانية تُعنى بالدفاع والهجوم في هذا المجال.

(الحرب السيبرانية).. معركة أخرى حامية الوطيس بين (إسرائيل) وإيران!

(الحرب السيبرانية).. معركة أخرى حامية الوطيس بين (إسرائيل) وإيران!
ارتفاع معدل هذه الهجمات منذ اليوم الأول للحرب إلى 700 في المئة

ارتفاع معدل الهجمات 700%

والحقيقة أن للهجمات السيبرانية دور مهم في الردع الإسرائيلي إزاء إيران، التي تكتشف شيئاً فشيئاً القدرات الهجومية الإسرائيلية، بالاستناد إلى مصادر أمنية، تملك إسرائيل القدرة على القيام بهجمات سيبرانية على منشآت نووية لإيران، وعلى أهداف عسكرية ومدنية في وقت واحد. هذه الهجمات تجري من دون أن تترك (توقيعا)، وهى تستخدم لممارسة ضغط على إيران بموازاة الضغط السياسي في موضوع الاتفاق النووي.

ولعل إسرائيل تشهد  منذ اليوم الأول لحربها مع إيران (معركة سيبرانية) غير مسبوقة تشنها إيران ومن سماهم الإسرائيليون (داعميها من الهاكرز) من مختلف أرجاء العالم، وأدت المعركة إلى ارتفاع معدل هذه الهجمات منذ اليوم الأول للحرب إلى 700 في المئة، ونجحت في عرقلة منظومة صفارات الإنذار وبنى تحتية في مختلف مجالات الحياة، بما في ذلك عمل منظومات الدفاع.

وكشف في (إسرائيل) عن أن منظومة الدفاع (سبايك) من صناعة (رفائيل) الإسرائيلية باتت أداة نشطة للإيرانيين لاستخدامها في عرقلة فعالية منظومات الدفاع الإسرائيلية بعد الحصول عليها في المبنى الذي تركه عناصر الكوماندوز التابعون لـ (الموساد) الإسرائيلي بعد استخدامه للتخطيط لعمليات، بينها أولى عمليات الهجوم الذي فاجأ به (الموساد) الإيرانيين وأسفر عن مقتل قيادات إيرانية.

مع تدمير منشأة (بازان) في خليج حيفا، وهى محطة الطاقة المسؤولة عن إنتاج الكهرباء وجزء من البخار، يجري البحث في إسرائيل عن إقامة (مفاعل نووي لإنتاج الكهرباء) وذلك في إطار خشية (إسرائيل) من أن تلحق أضرار الهجمات السيبرانية شبكات الكهرباء في مناطق مركزية.

منذ اليوم الأول للحرب اعترفت إسرائيل بصعوبة تصدي منظومات الدفاع التي في حوزتها لعدد من الصواريخ التي تطلق في كل رشقة من إيران، وكان الأخطر هو التصدي للصواريخ التي تصل إلى المركز وحيفا، حيث ألحقت أضراراً بالغة من الصعب تقديرها حتى الآن، إضافة إلى مقتل 24 إسرائيلياً وإصابة قرابة 300 حتى صباح الثلاثاء.

وكشف تقرير إسرائيلي عن أن جانباً من عملية عرقلة منظومة الصواريخ من قبل إيران تعود بالأساس لاستخدامها منظومة صواريخ (سبايك) من النوع المتقدم من إنتاج شركة (رفائيل) الإسرائيلية بعدما تركها (الموساد) في المبنى الذي كان يخطط فيه عملياته قبل اندلاع الحرب في إيران، كما استخدمه أيضاً لصناعة المسيرات.

(الحرب السيبرانية).. معركة أخرى حامية الوطيس بين (إسرائيل) وإيران!
تم تشغيل منظومة (سبايك) للمرة الأولى داخل الأراضي الإيرانية كسلاح مركزي

تشغيل منظومة (سبايك)

ويشير التقرير الإسرائيلي إلى توقعات بأنه تم تهريب هذه المنظومة خلال أسابيع قبل الحرب عبر حقائب أو من طريق البحر، وجاء فيه أنه خلال العملية تم تشغيل منظومة (سبايك) للمرة الأولى داخل الأراضي الإيرانية كسلاح مركزي لاستهداف وسائل الدفاع التابعة للحرس الثوري.

مشيراً إلى أن (إسرائيل): (استعدت لمهاجمة إيران على مدى العقدين الماضيين من خلال جمع منهجي للأهداف، ورسم خرائط لكبار مسؤولي المنظومة الأمنية الإيرانية، ومتابعة دقيقة للعلماء العاملين في البنى التحتية النووية الإيرانية).

إلى جانب هذه المنظومة، وفق الإسرائيليين، هناك أيضا محاولات سيبرانية لعرقلة نشاطات منظومات الدفاع، لكن الخطر الأكبر يتمثل في عرقلة منظومات تفعيل صفارات الإنذار.

وتشير التقارير الإسرائيلية إلى أن اختراق عمل هذه المنظومات بدأ في اليوم الثالث من الحرب، وهو ما أبطل تفعيل إطلاق صفارات الإنذار للسكان من أجل دخول الملاجئ أو الأماكن الآمنة قبل وصول الصواريخ الإيرانية إلى مناطق سكناهم.

وخلال الإثنين والثلاثاء الماضيين لم تسمع صفارات الإنذار في مناطق واسعة بينها حيفا، وذلك قبل رشقة الصواريخ التي طاولتها عند العاشرة من صباح الثلاثاء.

في تقرير لشركة (رادفير) للأمن السيبراني الإسرائيلي، جاء أن الهجمات السيبرانية منذ بداية الحرب ارتفعت بنسبة 700 في المئة، لتواجه إسرائيل، وفق التقرير، موجة هجمات غير مسبوقة تستهدف نطاقاً واسعاً من الأهداف، تمتد من البنى التحتية الحكومية والمؤسسات المالية إلى شركات الاتصالات والأنظمة الحيوية.

ويقول نائب مدير استخبارات السايبر في (رادفير) المتخصص في تحليل التهديدات السيبرانية العالمية، (رون ميران)، إن (ارتفاع الهجمات بنسبة 700 في المئة خلال يومين فقط من بداية الحرب يعود إلى عمليات انتقام سيبرانية من قبل جهات إيرانية رسمية ومجموعات هاكرز موالية لإيران.

وتشمل الهجمات استخدام الخوادم بحركة مرور مفرطة لتعطيلها ومحاولات اختراقها، والإضرار بالبنى التحتية الحرجة، وسرقة بيانات، وحملات نشر برمجيات خبيثة، وتستهدف هذه الهجمات مجموعة واسعة من المواقع، منها مواقع حكومية ومؤسسات مالية وشركات اتصالات وبنى تحتية حيوية.

من جهته اعتبر المدير التنفيذي لشركتي Inocom وCitrix Israel، (تومر بيري)، أن طبيعة الهجمات في حرب إيران قد تغيرت جوهرياً، موضحا: (في الماضي كانت الهجمات السيبرانية أكثر كما وأقل تعقيدا، إذ تعتمد على رموز خبيثة عبر استخدامات إلكترونية أو استغلال ثغرات معروفة، أما اليوم، فنحن نرى انتقالا حادا إلى عالم يقف فيه الذكاء الاصطناعي في مركز الدفاع والهجوم على حد سواء.

(الحرب السيبرانية).. معركة أخرى حامية الوطيس بين (إسرائيل) وإيران!
نحن أمام ساحة معركة جديدة كليا: ذكاء اصطناعي في مواجهة ذكاء اصطناعي

مواجهة الذكاء الاصطناعي

وبحسبه يستخدم القراصنة الذكاء الاصطناعي لتنفيذ هجمات دقيقة ومتغيرة باستمرار، وأحياناً تعتمد على تقنيات صور أو مقاطع فيديو مزيفة تبدو حقيقية بهدف تجاوز أنظمة الدفاع التقليدية، مضيفا: (نحن أمام ساحة معركة جديدة كليا: ذكاء اصطناعي في مواجهة ذكاء اصطناعي، ومن لا يتبنى الابتكار في الوقت الحقيقي سيتخلف ببساطة).

ونقل تقرير إسرائيلي عن (أوفير زيلبيغر)، وهو شريك ومسؤول نشاط السيبر لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة BDO، أن الهجمات السيبرانية في الحرب مع إيران تتماشى مع تصاعد تلك الهجمات خلال العامين الماضيين، وبحسبه فإن (المحاولات الحالية تركز على أساليب الهندسة الاجتماعية، ونشر الأخبار الزائفة، ومحاولات بث الذعر والفوضى بين الجمهور).

وشمل التقرير الإسرائيلي كثيراً من الأمثلة لما يقصده (زيلبيغر)، بينها البلاغات عن رسائل مزيفة تتعلق بانقطاع الكهرباء، وانتحال شخصيات قيادات الجبهة الداخلية وهيئات عامة، ومحاولات سرقة معلومات بطاقات الائتمان من الجمهور.

من جهة ثانية، شدد (تومير بيري) على أن الحاجة الآنية تتطلب أن تتوقف المؤسسات الإسرائيلية عن التفكير برد الفعل، والبدء في اعتماد نهج الاستعداد الدائم، أي بحسب تفسيره (الاستثمار في تدريب الموظفين والرصد الاستباقي والعمليات التلقائية لتحليل الأحداث والاستجابة الفورية).

وأوصى (بيري) بأن تكون الاستراتيجية الحديثة متعددة الطبقات، كالتالي:

الطبقة الأولى، الوقاية: أي تعزيز ثقافة الوعي والمسؤولية الرقمية، وتدريب الموظفين على التعرف إلى محاولات التصيد والانتحال، واستخدام تقنيات تمنع الاختراق حتى في حال ارتكاب خطأ بشري.

الطبقة الثانية، حماية المعلومات: من خلال التشفير، والفصل بين البيئات المختلفة، وتطبيق سياسة وصول صارمة.

الطبقة الثالثة، التعافي: أي امتلاك قدرة نسخ احتياط ذكية تتيح العودة إلى الوضع الطبيعي بسرعة.

كان لافتاً في اليومين الثالث والرابع للحرب تعرض قنوات تلفزيونية لهجمات سيبرانية، بينها القناة (14) الموالية لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وتعتبر أكثر القنوات تطرفاً وعنصرية ضد كل ما هو عربي.

(الحرب السيبرانية).. معركة أخرى حامية الوطيس بين (إسرائيل) وإيران!
خلال برنامج (الوطنيون) تم تعطيل الصوت كليا وفجأة صدرت صورة لمقدم البرنامج (يانون ميغل)

تعطيل الصوت كليا

فخلال برنامج (الوطنيون) تم تعطيل الصوت كليا وفجأة صدرت صورة لمقدم البرنامج (يانون ميغل)، وهو أبرز الشخصيات العنصرية التي تتعرض يومياً حتى لانتقادات من الإسرائيليين، ليظهر بحركات غريبة، ثم خرجت القناة إلى فاصل إعلاني.

هجوم آخر أيضاً تعرضت له قناة (كان) الإخبارية، وهى القناة الرسمية في (إسرائيل)، وذلك خلال تقديم برنامج إخباري حول الحرب على إيران، كذلك أعلنت قنوات تلفزيونية مساء الاثنين الماضي أنها تتعرض لتهديدات بعد قصف ستوديوهات التلفزيون الإيراني.

وفي أعقاب الهجوم المباشر على منشأة إنتاج الكهرباء في حيفا وتوقيفها عن العمل، تبحث إسرائيل اتخاذ خطوات في حال تعرض شبكات الكهرباء والاتصالات في مناطق مختلفة للضرر، خصوصاً أن التقديرات تشير إلى استمرار الحرب أسبوعين في الأقل.

وفي سياق الأبحاث طرح التساؤل حول مدى صمود الجبهة الداخلية الإسرائيلية تحت هجوم طويل وخطر على المدن الإسرائيلية يتم خلاله تدمير شبكة الكهرباء المركزية عبر هجوم سيبراني، أو حتى ضعف تزويد السكان بالكهرباء أسباب مالية.

في تصريحات إعلامية، قال رئيس مركز السيبر لشركة GE Vernova (ليئور عطيرت)، إن (إسرائيل توجد بمستوى أعلى من المتوسط الصناعي من جهة فهم أهمية أمن المعلومات، وتستخدم تقنيات حماية متقدمة.

لكن على رغم كل هذا يحذر (عطيرت) من تداعيات التحديات الكبيرة التي تواجهها إسرائيل في هذه الحرب مع إيران، فـالخوف الحقيقي هو من هجوم واسع ومنسق يهدف إلى ضرب محطات طاقة عدة في وقت واحد، وهذا سيلحق دماراً هائلاً، على حد وصفه.

بعد الهجوم على خليج حيفا وتعطيل مركز توليد الكهرباء تبحث إسرائيل سبل العمل على مصادر الكهرباء، والحاجة إلى تنويعها بعدم الاعتماد على الغاز والفحم لأسباب أمنية أيضا.

(الحرب السيبرانية).. معركة أخرى حامية الوطيس بين (إسرائيل) وإيران!
ضرورة العمل على ضمان الطاقة المتجددة كمصدر إضافي ومهم لتنويع مصادر الطاقة في إسرائيل

تعطيل مصادر طاقة إسرائيل

ومن بين الأمور التي طرحت للنقاش بين جهات مهنية فكرة إقامة مفاعل نووي لإنتاج الكهرباء في إسرائيل، وفق (عطيرت)، الذي يقول إنه (مقترح جيد ولكنه غير مضمون بصورة كاملة في المستقبل، وقد يتحول المفاعل النووي إلى هدف استراتيجي للهجوم، ودولة صغيرة ومكتظة مثل إسرائيل قد تتضرر بصورة كبيرة من هجوم على منشأة كهذه..

وهناك حاجة إلى مساحة مخصصة لمعالجة النفايات المشعة، وحالياً لا توجد في إسرائيل بنى تحتية مخصصة لمعالجة النفايات النووية المدنية)

يرى (عطيرت) ضرورة العمل على ضمان الطاقة المتجددة كمصدر إضافي ومهم لتنويع مصادر الطاقة في إسرائيل، وبينها طاقة المياه الرياح والشمس، لكن هنا أيضاً توجد قيود.

فإنتاج طاقة الرياح والشمس يتغير مع حال الطقس، الألواح الشمسية في المناطق الصحراوية تعاني تراكم الغبار والرمال، وتوربينات الرياح تتطلب صيانة معقدة، لذا فإن أي توقف غير مخطط في إنتاج الكهرباء قد يؤدي إلى تعطيل أنظمة كاملة)

وأخيرا في ظل تصعيد متواصل بين إيران وإسرائيل، وانتقال النزاع بين البلدين إلى ساحة الحرب السيبرانية، بعدما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بتعرض إسرائيل لهجوم إلكتروني استهدف الهواتف النقالة، هل تحسم إيران بحربها السيبرانية المعركة؟، هذا ما سوف تكشفه الأيام القليلة القادمة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.