السوشيال ميديا تغتال (أحمد السقا) بحماقة كبرى!


بقلم الكاتب الصحفي: محمد حبوشة
في زمن تحكمه شاشات الهواتف الذكية وتطبيقات التواصل الاجتماعي، أصبح العالم قرية صغيرة، لكنها قرية تعج بالضجيج والفتن. فبقدر ما قدمت لنا هذه المنصات من مزايا وتسهيلات، بقدر ما حملت في طياتها (خطايا) تهدد أفراد المجتمع وقيمه، بل وتنسف في بعض الأحيان أبسط مفاهيم الإنسانية، تماما كما حدث مع النجم (أحمد السقا).
إن الحديث عن خطايا السوشيال ميديا ليس مجرد ترف فكري، بل هو ضرورة ملحة لاستعراض الجانب المظلم الذي يتسلل إلينا دون أن ندري، ويفرض سيطرته على حياتنا اليومية وسلوكياتنا، مغيرًا إياها ببطء شديد، يتفق النجم (أحمد السقا)، بوصفه شخصية عامة تتعامل يوميًا مع تحديات هذه المنصات، على أن هذه الخطايا ليست مجرد ظواهر عابرة، بل هي قضايا مجتمعية تستدعي وقفة جادة وتفكيرًا عميقًا في كيفية التعامل معها.
وعلى الرغم من إيماني بأن حياة النجوم الخاصة لاشأن لنا بها، إلا أن النجم (أحمد السقا) فرض علينا التدخل، وأرغم جمهوره قبلي على الخوض في سيرته، عندما أشعل البعض مواقع التواصل بتصرحاته المسيئة في حق طليقته (مها الصغيرة)، في إشارة إلى أن هذا تم في غيبة من وعيه لم يراعي مشاعر أبنائه الذين انقسموا بينهما، ما يؤكد فقدان توازنه وأفول نجمه حاليا.
لاحظت أن (أحمد السقا) أقحمه جمهور السوشيال ميديا بتصريحات أقل ما توصف بالحماقة، وفقدان التوازن والإساءة لنفسه وأبنائه، ما يؤكد أنه – من وجهة نظرهم -في حالة نفسية مزرية، جراء تلك التصرفات التي جعلته طرفا أصيلا في معادلة السوسيال ميديا القبيحة، بينما زملائه وأصدقائه يقفون في خانة المتفرجين، ولا يحاول أحدهم وقف انفعاله ونصحه.
لقد أصبح (أحمد السقا) مؤخرا ظاهرة غريبة مريبة عجيبة.. كانت لاتظهر إلا بظهوره كل عام فى موسم رمضان الدرامى بعمل فنى جديد.. حيث نفاجأ مع عرض أول حلقة فى مسلسلات (السقا) فى رمضان، وآخرها مسلسل (العتاولة)، حيث يحظى بهجوم جارف جارح جاحد على أدائه المترهل من وجهة نظر البعض، وزوال فروسيته التي استمدها من حبه للخيول.
فبمجرد عرض أولى حلقات (العتاولة) في جزئه الثاني رأى البعض من الجمهور وأنا أيضا أنه يشكل العنصر الأضعف فى العمل الفنى الذى هو فى الأساس بطله ونجمه الأول، والذى تم بيع العمل على اسمه هو أولا وأخيرا.
ومع مرور حلقات (العتاولة 2) تطور الهجوم على (أحمد السقا) وتحول الجمهور إلى النيل من أدائه، في ظل إجادة أقرانه (طارق لطفي، وباسم سمرة)، مع ملاحظة أنهما ينجحان ويتألقان ويبدعان، بينما هو للأسف يفشل ويتراجع ويقل عن كل من حوله، مع أن العمل من البداية لو لم يكن فيه السقا ماكان يحقق نفس نسب المشاهدة التى يحققها والسقا بطل العمل.

سباق القدرة والتحمل
وعلى ما يبدو فإن هذا الهجوم على أداء (أحمد السقا) أثر بشكل سلبي على حياته الشخصية، وصار مثار التندر والتنمر عليه بعد تصريحاته السوشيال ميديا النارية غير المسئولة عن مطلقته (مها الصغير)، والتي بدت هى برباطة جأش تحسد تجاه من أحبته نظرا لحبه للفروسية، وكأنها كانت تخوض سباقا يشبه سباقات القدرة والتحمل.
وسباقات القدرة والتحمل ياسادة: تعني تحكم الفارس الذي يعتلي صهوة جواده في نبض الحصان والأرض والمسافة وزمن السباق، وهو ما أبدته (مها الصغير) في قدرتها على قيادة أسرتها بحنكة كي تصل إلى نهاية السباق، لكن كانت هناك مفاجأة غير سارة من جانب طليقها (أحمد السقا).
طني أن كل من يهاجمون أحمد السقا) وليس من ينتقدوه كان سببا رئيسيا في اهتزازه النفسي، فهناك فرق شاسع بين الهجوم والنقد.. فالنقد تطرح من خلاله الإيجابيات والسلبيات فى أداء للممثل وكذلك العمل الفنى ككل بكافة عناصره.. أما الهجوم فهو هجوم ليس على أساس علمي يركز على سلبيات العمل الدرامي.
وهو ما أصاب (أحمد السقا) في القلب والوجدان، وتحول إلى تريند جراء سلبيات بالتأكيد تنال منه وتصيبه باضطراب نفسي، حيث تنتشر تصريحاته وتتوغل ويصبح تريند على كل لسان، والكثير يردد بلا تفكير جملة (السقا سقط في براثن الأداء الضعيف)، وفقد بريقه ونجوميته السينمائية التي لم تشفع له فى الأعمال التلفزيونية.
ربما إشادة البعض بأداء (باسم سمرة، وطارق لطفى)، وشن هجوم قاس على (أحمد السقا) قد نال منه، خاصة أن هذا ليس العمل الوحيد الذى يحدث فيه ذلك.. فإذا نظرنا الى (نسل الأغراب) هاجموه وأشادوا بأمير كرارة، بينما تراجع (كرارة) في تجاربه اللاحقة.
وبعيدا عن الترصد والتنمر الذى دائما مايحيط (أحمد السقا) مع كل عمل جديد والهجوم الكاسح عليه إلا أن الأمر ببساطة يتلخص فى أن (أحمد السقا) لو لم يكن نجما وناجحا وموهوبا ماكانت التفت حوله الجماهير، ولننظر إلى مسلسله (جولة أخيرة) الذي جاء أداءه جيدا إلى حد ما، ومع ذلك نال قدرا من الهجوم ونال (أشرف عبد الباقي) قدرا من الثناء.

نجم يثق فى قدراته
هنالك حقيقة مؤكدة تتلخص في أن الأعمال الفنية التي يشارك فيها (أحمد السقا) تباع باسمه سواء في السينما أو التلفزيون، كما يبدو واضحا أنه لأنه نجم فهو يثق فى قدراته وموهبته ولايحاول أبدا تحجيم أى فنان يعمل بجانبه، بل إنه يسعى لزيادة المساحة لهم لإبراز موهبتهم فى تجسيد الشخصية الدرامية التى يؤدونها.
ولأنه يحمل أخلاق الفروسية فلا تجد فنانا وقف أمام (أحمد السقا) إلا ويكتب له النجاح، ليس فقط لأن هذا الفنان أو ذاك موهوب فقط، ولكن لأن نجم العمل لايهتم بنفسه فقط ولايرى إلا دوره فقط، بل يهتم بكل تفاصل وعناصر العمل الفني، انطلاقا من إيمانه فى النهاية بأن نجاح العمل ينسب له.
ولكن يبدو أن فكرة (التريند) قلبت حال (أحمد السقا) رأسا على عقب، حتى وإن كانت علي حساب حياته الشخصية، عندما لعبت بدماغ البعض ممن يبحث عن الشهرة والتواجد المستمر على السوشيال ميديا حتى لو يهاجموا من أجل الهجوم.
ولأن (أحمد السقا) نجم النجوم الذي لعبوا أدوارا مهما في السينما المصرية الحديثة، – وهذا ليس كلامى – ولكنها الحقيقة، فتجد مثل هؤلاء الباحثين عن (التريند) والشهرة يسيروا بمبدأ (يللا نهاجم السقا).. ونشكر فى من حوله من نجوم آخرين.
وإن كان هدم (أحمد السقا) يحدث فقط عبر السوشيال ميديا، أما على أرض الواقع فالسقا مازال من أهم نجوم الوطن العربي، وله جمهوره الذى يعشقه من المحيط الى الخليج، بدليل أنه يبقى على رأس النجوم المطلوبين في أعمال من إنتاج شركات غير مصرية.
ولكن فكرة الهجوم المتكرر عليه هذا لايضره بقدر الضرر الذى يصيب الفن المصرى ككل.. فماذا لو فقدنا نجومية نجومنا وتأثيرهم.. بالتأكيد سنفقد مجال مهم كنا مبدعين فيه، وله تأثير كبير على المواطن العربى ككل وليس المصرى فقط كما يرى رواد السوشيال ميديا.

نقاد مواقع السوشيال ميديا
أرى أن هجوم البعض على النجوم وأعمالهم كل همه البحث عن (التريند) والشهرة دون تقديم نقد فنى حقيقي.. خاصة ممن يطلقون على أنفسهم (نقاد مواقع السوشيال ميديا والتيك توك واليوتيوبر والبلوجر).. وكل ماهو جديد من مسميات يطلقها أصحابها على أنفسهم دون وعى حقيقي بقيمة النقد البناء أو دراسة وعلم لكل قواعد الفن الحقيقي.
على(أحمد السقا) أن ينتبه إلى السوشيال ميديا تساهم في تآكل القيم الاجتماعية التي بُنيت عليها المجتمعات. فالتواصل الافتراضي، رغم كثرته، يفتقر إلى العمق والصدق الذي يميز العلاقات الحقيقية. يقل الالتزام بالزيارات العائلية، والتجمعات الاجتماعية، والفعاليات المجتمعية، لصالح التفاعل عبر الشاشات. يقل الاحترام بين الأفراد، وتزيد حدة النقاشات والخلافات، وتنتشر ثقافة الإقصاء والتعصب.
كما أنها تساهم في نشر القيم الاستهلاكية والسطحية، وتقلل من قيمة العمل الجاد والإنجاز الحقيقي، في مقابل التركيز على المظاهر والنجاحات الزائفة. يصبح التركيز على (عدد المتابعين) و(الإعجابات) أهم من بناء علاقات حقيقية ومفيدة، مما يخلق جيلاً يعاني من الانفصال عن الواقع والقيم الأصيلة.
وعلى الرغم من ما مضى يظل قلبي مع (أحمد السقا) في محنته التي انفرط عقدها من بين يديه – رغما عنه – في لحظة غضب السوشيال ميديا عليه، وهو ما أدى بالضرورة للنيل من سمعته أمام أسرته وجمهوره المحب، وأقول له: عليك أن تتمسك يا أحمد بأخلاق الفروسية التي تربيت عليها، وليبعد الله عنك شياطين الإنس على السوشيال ميديا.