رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

هزيمة (إسرائيل) والغرب فى غزة!

هزيمة (إسرائيل) والغرب فى غزة!
فور بدء عملية التبادل، تساءلت وسائل إعلام (إسرائيل).. من أين خرج كل هؤلاء؟
هزيمة (إسرائيل) والغرب فى غزة!
أحمد الغريب

بقلم الكاتب الصحفي: أحمد الغريب

أثارت مشاهد تسليم المقاومة الفلسطينية طوال الأيام الماضية”، أسرى (إسرائيل) الذين تم الإفراج عنهم في غزة، غضب وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية على حد سواء.

فور بدء عملية التبادل، تساءلت وسائل إعلام (إسرائيل).. من أين خرج كل هؤلاء؟ ماذا كان يفعل الجيش الإسرائيلي طوال 14 شهرًا؟ ما الذي حققه الجيش في قطاع غزة.

وأضافت: ألم يخرج إلينا وزير الدفاع الإسرائيلي السابق (يوآف جالانت) من رفح ويعلن القضاء على لواء رفح وخانيونس، ولواء الشمال وأن الحركة أصبحت مشتتة ومنهكة وغير قادرة على التعافي؟، مشيرة إلى أن هذه الاسئلة الصعبة يجب أن يكون لها جواب.

لم يقف الأمر عند هذا الحد بل تخطاه ليصل لأبعد من ذلك، إذ أثارت مشاهد إفراج حركة (حماس) عن عدد جديد من أسرى إسرائيل، السبت الماضي 1 فبراير، ردود فعل غاضبة في وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي رأت في الطريقة التي تتبعها الحركة عند كل تسليم، استعراضا للقوة وسخرية من الاحتلال وتوجيه رسائل قوية للداخل والخارج.

واعتبرت أن هذا التصرف يهدف إلى إرسال رسائل نفسية واستغلال الرموز لتعزيز صورة حماس كمنظمة رحيمة وذات نفوذ.

هزيمة (إسرائيل) والغرب فى غزة!
صحيفة (معاريف) ركزت على الصور التي أظهرت عناصر (حماس) مبتسمين وفخورين بما وصفته بـ (الغنائم)

حماس لم تنتهي

ففي مشهد حمل الكثير من التحدي، سلّمت (كتائب القسام)، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الأسير الإسرائيلي الأمريكي (كيث شمونسل سيغال)، وسلَّمت وحدة الظل التابعة للقسام، (سيغال – 65 عاما) في ميناء غزة، بحضور مئات من مقاتلي كتائبها المختلفة.

وكما حدث في مشاهد التسليم السابقة، كانت أسلحة (إسرائيل) التي غنمتها المقاومة من الجيش الإسرائيلي خلال عملية (طوفان الأقصى)، حاضرة على أكتاف مقاتلي القسام، بيد أن أسلحة أكثر نوعية ظهرت خلال عملية تسليم (سيغال).

أما صحيفة (معاريف) ركزت على الصور التي أظهرت عناصر (حماس) مبتسمين وفخورين بما وصفته بـ (الغنائم) التي حصلوا عليها من جيش الاحتلال، خاصة البنادق من نوع (تافور)، وهو سلاح يُستخدم من قبل وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي.

معتبرة أن هذا الاستعراض يهدف إلى تعزيز صورة (حماس) كمنظمة منتصرة وقوية، محذرة من تأثيره على الروح المعنوية في (إسرائيل).

كما اعتبرت (القناة الـ 24 الإسرائيلية)، أن اختيار (حماس) لميناء غزة لتسليم (كيث)، يحمل رسالة تحد لنتنياهو، حيث إن المنطقة تتبع لكتيبة الشاطئ وهم من يشرفون على عملية التسليم، كما كانت القوة البحرية التابعة للقسام تقوم بتدريبات فيه.

وقالت القناة إن ميناء غزة كان يعتبر مركزا مهما لحضور قيادات عسكرية وسياسية إسرائيلية كبيرة، فنتنياهو وصل مرتين إلى ميناء غزة عبر زوارق حربية، وكذلك وزير الدفاع الإسرائيلي السابق (يوآف غالانت).

ورئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الذي كان يزور القوات الإسرائيلية من خلال هذا الميناء، ويقومون بجولات داخل غزة وكانت دبابات إسرائيلية تصل في بعض الأحيان.

هزيمة (إسرائيل) والغرب فى غزة!
أظهرت التغطية الإعلامية البريطانية لحرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة وكذلك لصفقات التبادل المتتالية

دعم وغض طرف غربي

على اتصال بالتناول الإسرائيلي لصفقات التبادل، جاء تناول وسائل الإعلام الغربية لحرب (إسرائيل) على غزة بشكل معبر وبقوة عن حالة الدعم والتوافق مع الرؤى الإسرائيلية، فعلي سبيل المثال لا الحصر، برزت تغطية وسائل الإعلام البريطانية التي دعمت من جانبها وبقوة تل أبيب معنوياً بشكل غير مسبوق.

إذ أظهرت التغطية الإعلامية البريطانية لحرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة وكذلك لصفقات التبادل المتتالية، رفض مُطلق من جانب المؤسسات الإعلامية البريطانية بيمينها ويسارها، استخدام مصطلح (إبادة جماعية) إضافة إلى التستّر على تعاون ودور المملكة المتحدة في دعم هذه الإبادة من خلال تزويد بريطانيا لإسرائيل بالسلاح والمعلومات.

وبحسب تقرير صدر الشهر الماضي لموقع (ديكليسفايد) البريطاني، فإنه منذ أكتوبر 2023 لم تبلغ (هيئة الإذاعة البريطانية – بي بي سي) بشكل أساسي عن الطرق الرئيسية التي تعمل بها حكومة المملكة المتحدة مع إسرائيل وذكرت أربع مرات فقط في 15 شهراً أن سلاح الجو الملكي البريطاني كان يجري رحلات استطلاعية فوق غزة.

كذلك اعتذرت (بي بي سي) قبل يومين عبر الهواء مباشرة عن استخدامها مصطلح (سجناء) بدل (رهائن) خلال إحدى التغطيات الإخبارية للقناة عن صفقة التبادل بين الحكومة الإسرائيلية وحركة حماس، جاء الاعتذار سريعاً وفي نفس اليوم عن هذا الوصف الذي قيل عن الإسرائيليين الثلاثة الذين أفرجت عنهم حركة (حماس) في أول عملية تبادل.

ورغم حصول بعض التغيرات الإيجابية في عدد من هذه المؤسسات لصالح إعطاء مساحة أكبر للصوت الفلسطيني ورواية قصصه الإنسانية، وذلك بفعل مطالبات وانتقادات داخلية من موظفين وصحفيين وأخرى خارجية من نشطاء وجمهور.

وأيضاً كون الجرائم الإسرائيلية لا يمكن إخفاؤها، إلا أن منطق التغطية في صفقة التبادل يبقى لصالح أنسنة الإسرائيليين الذين هم (مختطفون ورهائن) لديهم عائلات، مع تجاهل لتعذيب وقمع الأسرى الفلسطينيين الذين يوصفون بـ (السجناء).

وفي تقرير لقناة (سكاي نيوز) بعنوان: (كل ما تحتاج إلى معرفته عن أحدث صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وغزة)، يبدأ مراسل القناة (آدم بارسونس) تقريره بالتساؤل عما إذا كانت حماس سوف تستمع إلى الوسطاء لتكون عملية التبادل أكثر تنظيماً بعد ما وصفه بالفوضى في تبادل يوم الخميس.

ويظهر في نفس الوقت فيديو تسليم الإسرائيلية (أربيل يهود) وهى محاطة بعناصر (القسام) مع بعض التدافع من الناس، ثم يجيب عن سؤاله بالقول نعم كانوا أكثر تنظيماً وأقل (مسرحية)، بعد ذلك يبدأ المراسل بذكر اسم كل إسرائيلي من الإسرائيليين الثلاثة الذين أُفرج عنهم يوم السبت، وسرد بعض المعلومات عن كل شخص وعن عائلته مع صور له وهو يحتضن عائلته.

ويعطي التقرير (مدته دقيقة وعشرون ثانية) مساحة كبيرة من الوقت للإسرائيليين وصورهم مع عائلاتهم بينما يُختصر الأسرى الفلسطينيون بجملة واحدة عن الإفراج عنهم (السجناء بحسب وصفه) وصور خروجهم من الحافلات لمدة عشر ثوان دون قصص أو أسماء أو عائلات.

هزيمة (إسرائيل) والغرب فى غزة!
شهد العالم تصريحات ترامب المستفزة

مساعي (دونالد ترامب)

تقرير آخر نُشر يوم في موقع صحيفة (ذا تايمز) بعنوان: (غزة تستقبل 183 سجيناً بعد الإفراج عن ثلاث رهائن إسرائيليين)، يوحي أن التقرير المكتوب سيكون عن الأسرى الفلسطينيين العائدين إلى عائلاتهم في قطاع غزة، إلا أن التقرير يبدأ بالحديث عن الإسرائيليين الثلاثة المُفرج عنهم مع صورهم وهم يحتضنون عائلاتهم.

ثم يخصص التقرير فقرة خبرية عن عودة الأسرى الغزيين (يُوصفون بسجناء)، وبعدها الحديث عن بعض التطورات والتصريحات السياسية المتعلقة بصفقة التبادل ومساعي (دونالد ترامب) والجدل حول إخراج الغزيين من القطاع.

ليعود التقرير والتحدث مرّة أخرى عن القصص الإنسانية للإسرائيليين المُفرج عنهم وعن عائلاتهم وكيفية أسرهم والمزيد من الصور لهم، دون أي ذكر للأسرى الفلسطينيين سوى أعدادهم.

كذلك الصحف المحسوبة على اليسار مثل صحيفة (ذا جارديان)، ومنذ الأيام الأولى لعمليات التبادل الشهر الماضي، كانت المساحة وصور الأغلفة والصور الرئيسية في الموقع للإسرائيليين مع الإشارة إلى أن الصحيفة تعطي مساحة أكبر للقصص الإنسانية الفلسطينية مقارنة مع وسائل الإعلام البريطانية الأخرى.

مع ذلك لا تذكر الصحيفة أسماء الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم وهو ما يدل على قصور في الوصول للمصادر الفلسطينية وتوظيف صحفيين فلسطينيين.

في غلاف صحيفة (فاينانشال تايمز)، وُضعت صورة الإسرائيلية المُفرج عنها (أربيل يهود) على الصفحة الرئيسية وهي محاطة بعناصر من كتائب (القسام) و(سرايا القدس) قبل تسليمها للصليب الأحمر، وهي الصورة التي جرى تناقلها من قبل وسائل إعلام عالمية عديدة مع كل ما تحمله من حمولة استشراقية منزوعة السياق.

ليصبح بعض التدافع حالة من (الفوضى) والخطر على الإسرائيلية التي كُتب عنها في وسائل الإعلام الغربية أكثر من الأسيرات الفلسطينيات.

كذلك كان من اللافت تجاهل الإعلام البريطاني حالة الأسرى الفلسطينيين الجسدية والنفسية التي يخرجون بها وشهادات مئات الأسرى المُفرج عنهم حتى الآن، عن التعذيب والقمع ومحاولات الإذلال التي يعيشها الأسرى في سجون الاحتلال.

كما تجاهل عدد من التقارير التي أصدرتها مؤسسات فلسطينية وأخرى دولية بهذا الشأن وحتى الإسرائيلية مثل تقرير منظمة (بتسيلم) الصادر قبل أشهر والذي حمل عنوان (أهلاً بكم في جهنم) لوصف السجون الإسرائيلية.

هزيمة (إسرائيل) والغرب فى غزة!
يتجاهل الإعلام البريطاني المركزي معاناة الفلسطينيين وقصصهم خلال لحظة الإفراج عنهم الآن

تجاهل معاناة الفلسطينيين

لم يتجاهل الإعلام البريطاني المركزي معاناة الأسرى الفلسطينيين وقصصهم خلال لحظة الإفراج عنهم الآن فحسب، بل على مدى العام والنصف الأخير التي تحوّلت فيها السجون الإسرائيلية إلى معتقلات للتنكيل الجسدي والنفسي، ينعدم فيها العلاج الطبي وتفتقر لأبسط أسس مقومات الحياة الكريمة، وصلت إلى حد العقاب بالتجويع.

إضافة للاعتداءات الجنسية وهو ما أشار له تقرير للأمم المتحدة في شهر سبتمبر الماضي الذي دعا للتحقيق في (الإهانات الجنسية على نطاق واسع والتهديدات بالاغتصاب والاغتصاب الجماعي، وعمليات التجريد من الملابس، المهينة والمتكررة، بغرض التفتيش، والتعري القسري لفترات طويلة.

والضرب والصعق الكهربائي للأعضاء التناسلية وفتحة الشرج، وإدخال أجسام في شرج المعتقلين، واللمس غير اللائق للنساء بواسطة الجنود والجنديات، وتصوير المعتقلين عراة أو عراة جزئياً في أوضاع مهينة”.

في المقابل، حظيت عائلات أسرى (إسرائيل) والممثلين عنهم والناشطين لأجلهم باستضافات دائمة في وسائل الإعلام البريطانية خلال السنة والنصف الأخيرة، بينما غابت أصوات عائلات الأسرى الفلسطينيين بشكل شبه كامل عن الاستضافة والتغطية رغم الفرق الكبير بالأعداد مقارنة بالإسرائيليين ووجود آلاف الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

كما غُيبت الأصوات الممثلة للأسرى وغُيبت صورهم وقصصهم، منهم الأسرى الإداريون الذين سجنوا دون أي تهمة.

بطبيعة الحال لم يقف الإعلام الأمريكي هو الآخر بعيداً عن تقديم الدعم لإسرائيل، بل ذهب من جانبه لنشر التصريحات الصادرة على لسان الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) التي حاول من خلالها مراراً وتكراراً الترويج لمقترح تهجير أهل غزة إلى مصر والأردن.

وهي التصريحات التي جاءت في أعقاب لقاءه بوزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي (رون دريمر)، وحاولت (إسرائيل) من خلالها التشويش على الهزيمة الواضحة لها في قطاع غزة، خاصة ما يتعلق بفكرة إمكانية القضاء على المقاومة.

أخيراً.. من يتابع الإعلام الإسرائيلي والغربي يمكنه وبسهولة التيقن أن الهدف الرئيسي من وراء إطلاق مثل هذه التصريحات هو التأثير سلباً في الروح المعنوية التي تعالت أصداءها في غزة بعدما تعرضت له إسرائيل من إذلال علي يد المقاومة جرى عرضه وفي بث حي ومباشر على مرئ ومسمع العالم أجمع.

وللحديث بقية..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.