
بقلم المستشار: محمود عطية *
أين أولئك الذين يُطلق عليهم (فنانين وفنانات)، الذين يؤيدون المقترح المجنون الذي يسعى لتهجير جزء من الأشقاء الفلسطينيين إلى مصر والأردن؟ سواء في (رفح) بعمق سيناء أو الضفة الغربية الملاصقة لحدود الأردن الشقيقة.
بل على العكس، أصبح همهم الوحيد هو اللهاث خلف الدولار والريال والمشاركة في المهرجانات هنا وهناك، لقد سعدنا بموقف بعضهم أثناء مهرجان القاهرة السينمائي، حين عبّروا عن دعمهم لغزة ورفضهم للجرائم الصهيونية، ورغم أن هذا الموقف جاء بعد عام من اندلاع الأحداث، إلا أنه كان أفضل من عدمه.
لكن الغريب أنه منذ أيام قليلة، وبعد المقترح المجنون بالتهجيرإلى (رفح) في عمق سيناء، لا نسمع سوى أصوات قليلة، وإن كانت صحيحة، تمثلهم في مسح الجوخ تجاه الأشقاء في المملكة العربية السعودية.
والأغرب من ذلك أنهم يظنون أن السعوديين لا يعلمون أنهم يسعون إليهم ويغازلونهم من أجل المال والرفاهية والترف الذي يجدونه هناك، وإذا دُعي أحدهم أو إحداهن لحضور أي ملتقى تطوعي، حتى وإن كانت التكلفة نصف أو ربع ما يتوقعون، لن يحضر أحد.
ألم يتوجه أحد منهم حتى الآن بإصدار تصريحات ضد هذا المقترح المجنون؟ من جانب الرئيس الأمريكي (رونالد ترامب)، أم أنهم خائفون من غضب الدول التي تستضيفهم والتي قد يكون لها رأي مخالف بشأن دعم غزة أو فلسطين؟.. هل يخشون أن يفقدوا المنح والعطايا والهبات والسيارات التي قُدّمت لهم من قبل؟
منذ سنوات طويلة، وأنا أؤكد أن هذا المجتمع يعيش في كوكب آخر، إذا كانت مواقف هؤلاء الفنانين مخزية تجاه بلدهم في الشدائد، فهل نتوقع منهم أن يدعموا غزة وفلسطين؟.. إنها مجرد أحلام مستحيلة.

إخفاق التغطية الإعلامية
واليوم، وأنا أكتب تعليقي، لا أجد أي تغطية إعلامية للوفود من المحافظات المصرية وهم يؤدون صلاة الجمعة قرب معبر (رفح)، ويقومون بعمل وقفة مصرية ضد المقترح الترامبي الذي أثبت بالدليل القاطع أنه صهيوني أكثر من الإدارة السابقة، في انحياز وإصرار على دعم الكيان الإسرائيلي في تحد سافر.
والحديث عن هذا الدعم جاء بعد أن تم استنكار هذا المقترح من قبل الأحزاب السياسية، فهل تأخرت تعليمات التغطية الإعلامية لهذا الحدث في (رفح)؟ وإذا كانت الأحزاب قد استنكرت هذا المقترح، فلماذا لا يكون هناك توجيه بنقل الوقفة بشكل محترف؟ من جانب وسائل الإعلام المصرية الفاشلة.
لماذا لا يظهر حدث (رفح) بشكل يُظهر عددًا كبيرًا من المشاركين؟ الرسالة موجهة إلى (بلطجي العالم) الذي يظن أن بإمكانه فرض إرادته على الجميع سواء في منطقة الشرق الأوسط أو يستهدف الاتحاد الأوروبي.
وكان الرد القوي من الرئيس عبد الفتاح السيسي على هذا الاقتراح الخبيث دليلاً على موقف مصر الثابت ضد هذا المشروع، ومن المثير للسخرية أن هذا الشخص الذي يطلق المقترح رد بقلة أدب قائلاً (سيفعلون) وكأنما يستطيع أن يُرغمنا على الخضوع وفرض مقترحاته العرجاء على دول المنطقة العربية المجاورة لإسرائيل.
أما في المجال الفني، فلن أستطيع إلا أن أذكر الراحلة (سهير الباروني)، الموهوبة التي قابلتها مرة في مسرح (ريفولي)، لقد كانت سعيدة جداً عندما أخبرتها أنني أُعجب بأدائها آنذاك.
وتذكرت كيف كان الجمهور يقدّرها، ولكن للأسف لم تجد تكريماً يليق بها، رغم أنها كانت قد قدّمت أدوارًا لا تُنسى مثل الحلقة الخاصة بالفرح في مسلسل (عبد الغفور البرعي) مع العملاق (نور الشريف).

وقفة (رفح) الرمزية
ومن المؤسف أن تلك الأجيال التي قدمت أفضل الأعمال الفنية لم تجد التقدير المناسب، سواء كانوا أموات أو أحياء، بدلاً من ذلك، نجد بعض الأشخاص الذين لا يملكون شيئًا سوى الهبوط إلى مستوى الاستجداء من الدول الشقيقة، رغم أنهم يعيشون حياة الرفاهية والترف ويتمتعون بخيرات هذا البلد في ظل ظروفه الاقتصادية الضاغطة.
أين هو (خجل) هؤلاء؟.. هل وصل بهم الحال إلى هذا المستوى من الدناءة؟.. نعم، لقد تجردوا تمامًا من أي ذرة من الكرامة، وخاصة أنهم لم يتفاعلوا مع حدث (رفح) الذي عكس الالتفاف حول القيادة السياسية برئاسة الرئيس السيسي.
نعم أصبحت وقفة (رفح) الرمزية تؤكد بطولة الشعب في الالتفاف حول القائد في ظل الأزمات التي تحيط بمصر في الوقت الراهن، بما يعكس إيمان الجماهير بقضية فلسطين، خاصة تعرضه لحرب إبادة عنصرية من جانب كيان غاشم وغاصب الأرض والحجر، لذا كان أعتب على الفنانين ووسائل الإعلام التي لاتعبر عن هموم الوطن.
* المحامي بالنقض – منسق ائتلاف (مصر فوق الجميع).