برحيل (عامر التوني).. (المولوية) تفقد صوتها الشجي

كتب: أحمد السماحي
رحل المنشد الديني العالمي الدكتور (عامر التوني) صاحب ومؤسس فرقة (المولوية)، وأقيمت صلاة الجنازة عليه أول أمس التاسعة صباحاً بمحافظته المنيا، وتحديدا في مركز (ملوي) قرية (الروضة) في مسجد (الدماريسي) أمام منزل العائلة.
وسيقام عزاء الدكتور (عامر التوني) بالقاهرة يومي (الجمعة والسبت) القادمين، بمنزله بالمقطم في حى (الدبلوماسيين) بعد صلاة المغرب، وقد شكل رحيل المنشد (عامر التوني)، صاحب ومؤسس فرقة (المولوية) ظهر أول أمس الأحد مفاجأة لعشاق صوته حيث أنه كان بصحة جيدة.
ومنذ أيام أحيا (عامر التوني) أمسية صوفية رائعة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، على مسرح (بلازا 1)، وسط حضور جماهيري كبير في فعالية نظمها صندوق التنمية الثقافية.
وقبلها وفي يوم الجمعة 24 يناير أحيا الدكتور (عامر التوني) مع فرقتة (المولوية) أمسية متميزة في (قبة الغوري)، استمتع الجمهور فيها، بموسيقى مولوية أصيلة، وأجواء مليئة بالسحر والجمال في قلب القاهرة.
وقد نعى الدكتور (أحمد فؤاد هنو) وزير الثقافة، الفنان المنشد (عامر التوني)، كما نعته الدكتورة (لمياء زايد) رئيس دار الأوبرا المصرية، وعدد كبير من النجوم والفنانيين.

(عامر التوني) وفرقة (المولوية المصرية)
قدم (عامر التوني) وفرقة (المولوية المصرية) العديد من الحفلات في أهم المحافل الثقافية مثل (قبة الغوري)، و(ساقية الصاوي)، ودار (الأوبرا المصرية).
وأبدع (عامر التوني) في أداء قصائد صوفية لكبار شعراء التصوف مثل (رابعة العدوية، وابن الفارض، وابن عربي، والحلاج)، حيث كان صوته يحمل المستمعين إلى عوالم من السكينة والهدوء النفسي، والصفاء الروحي، والتأمل العميق.
وقد أسس (عامر التوني) فرقة (المولوية) منذ حوالي ثلاثين عاما، وبالتحديد عام 1994 بهدف إلقاء الضوء على التراث (المولوي المصري) ونشره في مختلف دول العالم، تأكيداً على خصوصية الثقافة والفنون المصرية وهويتها المميزة.
وكانت الفرقة تقدم أناشيدها وسط جدران البيوت الأثرية المصرية والعربية مثل (قصر الأمير طاز، قبة الغوري، بيت السحيمي، بيت الست وسيلة) في أجواء مفعمة بالبهجة.
وقدم (عامر التوني) من خلال فرقة (المولوية) التي تعد إحدى أقدم وأعرق التجارب الفنية في الإنشاد الصوفي، تجربة صوفية فريدة، تضمنت أناشيد مثل: (لاموني يا رسول الله، والله ما طلعت شمس ولا غربت، ويا طارق الباب، وكل شيء في الكون مخلوق يصلي عليه، وطلع البدر علينا، وتضيق بنا الدنيا، ومتى يا حبيب القلب، لأجل النبي، وإن شكوت الهوى..
والله لو حلف العشاق، طالما أشكو غرامى يا نور الوجود) وغيرها من الأناشيد الصوفية، التى امتزجت فيه الرؤى الإيقاعية مع المعنى الصوفي الذي يبحث عن جمرة الذات وهي تحلق في فضاء الملكوت سعيا وراء العلاقة التكاملية بين الخلق والخالق والوجود.

طاف بنا في عالم المتصوفة الشعري
حيث طاف بنا (عامر التوني) في عالم المتصوفة الشعري سعيا وراء التقاط جملة من الدوائر المضيئة التى تشكل من المعنى الصوفي حالات الزهد والمحبة والرقي إلى جانب الإشارة إلى قيمة العلاقات الروحية التى تربط الفرد مع خالقه.
وتميز (عامر التوني) بحرفية عالية واستيعاب واثق لمقامات العزف والغناء وطبقاته ومستوياته، وأيضا بحضوره المسرحي المتميز، حيث كان يظهر مرتديا زيه الأبيض التقليدي، حافي القدمين، في تعبير صادق عن الصفاء الروحي، والتجرد من الماديات، مانحا الجمهور حالة من السكينة والهدوء والراحة.
وكان يصاحب بعض الأناشيد عروض التنورة المميزة التي كان يستقبلها الجمهور بحفاوة بالغة، إلى جانب الإيقاعات المتنوعة التى كانت تثري وتشعل الجماهير بنور المحبة.
وفرقة (المولوية) كما صرح (عامر التوني) من قبل تعتمد على الدوران حول النفس والتأمل، بهدف الوصول إلى الكمال المنشود، وكبح النفس ورغباتها، والرقصة التى كانت تؤديها الفرقة بشكل عام يقال إنها مأخوذة من فكرة دوران الكواكب حول الشمس.
وخلال (المولوية) ينظم المتصوفون رقصات معينة يلبسون فيها تنانير واسعة لها ألوان متعددة، ويتحركون بشكل دائري، حيث يقوم الشخص برفع يده اليمنى، وخفض اليسرى إلى الأسفل بهدف مناجاة الخالق، وتعبيراً عن الحالة المعنوية.
وأضاف الراحل (عامر التوني): إن الفرقة قد لاقت قبولاً كبيراً منذ تأسيسها، وجمهورها من مختلف الأعمار يزداد كل يوم فهو بالآلاف في كل الحفلات، ولها جمهور كبير في العالم ينتظر مشاركتها من خلال المهرجانات الدولية.
ولم يتغير منهج (المولوية المصرية) عن تلك التي أسسها جلال الدين الرومي، رغم محاولات التطوير لمواكبة العصر.
وعن إصراره على تسمية فرقته بـ (المولوية المصرية)، أكد أن جذور هذا الفن تعود لمصر قبل عصر (جلال الدين الرومي)، إذ مارس المصريون القدماء طقوس الدوران التعبدية في المعابد.
وكانت مصحوبة بتراتيل وآلات نفخ وإيقاع كانت تُتلى لتقوية الصلة الروحية مع الآلهة، وبهذا المعنى، أعاد (عامر التوني) تعريف المولوية كتراث مصري أصيل يمتد عبر العصور.