رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

إبراهيم رضوان يكتب: (مدد.. مدد) في المعمل الجنائي الأدبي!

محمد نوح يصدح بمدد.. مدد

بقلم الشاعر الكبير: إبراهيم رضوان

بقدر نجاح أغنية (مدد.. مدد) ..شدى حيلك يا بلد، بقدر ارتفاع الضجيج حولها وانعقاد غيوم اللغط في الأفق ..و قد صدحت بالحق أصوات عدة لفنانين و شعراء و مثقفين  في مجابهة بعض النفعيين و المتسلقين و آكلى الجثث .. و من بين أصوات الكتاب كان هذا المقال للقاص (محمد عبد الواحد ).. رفع البصمات في (المعمل الجنائي الأدبي) أيضا لا تتكرر بصمات الأصابع..

المتخصصين من نقاد وأكاديميين يستطيعون بفحص (البصمات) تمييز الاختلافات الدقيقة في التفافات خطوط اللغة.. انحناءات الأقواس الفكرية.. تقاطعات دوائر المشاعر الوطنية منها والعاطفية والثورية..

انتظرنا – دون جدوى – أن يرسل المعمل الجنائي بخبرائه حينما ثار لغط متعمد وتآمري حول نسب أغنية (مدد.. مدد) لأبيها الشرعي الشاعر(إبراهيم رضوان)..

لم يكن مجرد لغطا عابرا وإنما تواطؤا مع أصوات يجمعها عدائية للشاعر، او اختلافا أيديولوجيا غير ناضج، إضافة إلى التفات ورثة شاعر آخر في تلمظ إلى بخار القيمة المادية الساخنة التي تقاضاها شاعر الأغنية لحق أدائها الإعلاني.. خصوصا أن بعض الصحف نشرت أن الشاعر (إبراهيم رضوان) قد تقاضي مبلغ 4 ملايين من شركة اتصالات استغلت الأغنيه في إعلان لها..

هرع الورثة إلى صحفى مزيف ومعروف عنه كما يقول الشاعر ابراهيم رضوان أنه هارب من قريته في الصعيد بعد ارتكابه جريمة أخلاقيه هرب بعدها إلي القاهرة ثم زار إسرائيل بعد ذلك.. هرعوا إليه عملا بمبدأ (اعطى العيش لخبازه)، تشمم الصحفى رائحة الوجبة المتبلة بالمال، انتقل إلى كل باب خلفه معاد للشاعر/ إبراهيم رضوان، يحثه على الخروج في تظاهرة لإسقاط بنوة الأغنية عن أبيها..

لم نلمح في هذه التظاهرة وجها محايدا واحدا، مما يفضح سبق الإصرار والترصد..

حتى أصحاب الصلة المباشرة بالواقعة، سواء تسجيلات صوتية لمحمد نوح، أو شهادات حالية لسحر محمد نوح، أو حسين نوح، أوالفنانة سميحة أيوب، قد تم استبعادهم من شهادات الصحفى والذي تبنى جبهة واحدة اختلقها لغرض أبعد مايكون عن إحقاق الحق..

أمير الشعراء أحمد شوقي

أمير الشعراء أحمد شوقي

عنكبوت ضخم نسج على مفارق أبواب معملنا الجنائي الأدبي خيوطا علقت بها جثث الذباب المتيبسة.. فقد كان آخر نشاطاته مع مسرحية (عروس فرعون) لأمير الشعراء أحمد شوقي..

توفى أحمد شوقى عام 1932.. وفى عام 1949 تواصل أمير الشعراء تلباثيا – بالتراسل العقلي – مع وسيطة الإلهام بحسب أسمها كما جاء على غلاف المسرحية بعد اعتمادها للنشر (السيدة / حرم الدكتور/ سلامة سعد)..

جاء النشر بعد تحرك نشط للمعمل الجنائي الأدبي، سواء نقادا، أو حتى أعضاء في المجمع اللغوي.. وبشجاعة متناهية أقروا للشاعر المتوفى نسب شعره اليه..

تماما مثلما أقر المعمل الجنائي الموسيقى الأوروبي ما قدمته الوسيطة (روتر ماري) ما استقبلته من إملاءات أرواح بيتهوفن وشوبرت وشوبان من نوتات موسيقية كاملة.. رغم إلمامها بالكاد بمفردات الكتابة الموسيقية..

لم يكتف المعمل الجنائي الأدبى المصري – في الخمسينات – باعتماده مسرحية (عروس فرعون) ونشرها تحت اسم الشاعر المتوفى، وإنما أقر تباعا عددا من قصائده، وعلى رأسها قصيدة (هذا نداء الخلد يهتف عاليا) ذات المائتي بيتا.

والتي شهد لها من المتخصصين والأكاديميين، وعلى رأسهم الشاعر والأستاذ الجامعي بجامعة عين شمس (محمد زكريا البرديسى)، مؤكدا أن هذه القصيدة من أعلى مستوى في شعر شوقى.. بل و تزيد في بلاغتها و حرفيتها عموم الشوقيات !!

كان اعتماد خبراء المعمل الجنائى الأدبى على تناول كل الجوانب التحليلية الدقيقة، وخطوط بصمات أصابع أمير الشعراء مثل التنقل السلس في المسرحية بين الشعر الغنائى والتمثيلى، وإدارة الحوار على جميع الأوزان والبحور الشعرية، وتقديم البحر المناسب بموسيقاه للمعنى والسياق الدرامى الموازى..

وحينما تسائل البعض عن سبب طول هذه المسرحية (عروس فرعون) بشكل ملحوظ عن سابقاتها، انبرى د. سعيد عبده بعلمه التام بأن أحمد شوقى عند تبييض مسودات مسرحياته كان يحذف ثلاثة أضعاف طول المسرحية..

ما سبق كان نشاط المعمل الجنائى الأدبى لإعادة حق مبدع متوفى إليه بعد وفاته.. ونشر مسرحية وقصائد كاملة تحت اسمه، وباعتماد كبار متخصصى النقد واللغة..

 الآن.. والمبدع على قيد الحياة.. ينادى بتدخل الخبراء، فيجيبه صمت مطبق يلف سحابة الغبار حول أغنية لها موضعها المتميز في وجداننا الوطنى، سواء بعد هزيمة يونيو، أو بعد انتصار أكتوبر، لمبدع حاصل على جائزة أحسن كاتب أغاني عن العالم الثالث من اليونسكو.

وصاحب أحسن أغنية عربية من ليبيا عام 1973، وتخصيص شارع لاسمه في جدة بالسعودية ليشهد على فضله الإبداعي كل من تطأ قدماه الشارع و ان لم يكن يعرف فسيسأل ..

إبراهيم رضوان.. شار المدد

تاريخ أغنية (مدد.. مدد)

 لم يتحرك ساكن سوى فيسبوكيات خائبة تشى بالخلافات الشخصية او الأيدولوجية..

ولتاريخ أغنية (مدد.. مدد)، فقد كتبها الشاعر/ إبراهيم رضوان بألم هزيمة 67..

تخضبت الكلمات حينها بدماء شهداء خيبة القيادات العسكرية والسياسية.. كانت الكلمات نازفة.. لكنه أيضا نزيف الرافض لارتطام رأسه بأسفلت يونيو الملتهب.. الرافض لتسليم بقايا وعيه  لغيبوبة الموت ..

(يا بلدنا سيبك م الدموع

قومى اقلعى توب الخضوع

دا الحق لسه بيتجلد)

ولأنه فضح جلد الحق.. فقد تم جلده هو بشكل شخصى داخل سجن القلعة.. ودفع داخل أسواره  ثمنا غاليا لهذه الكلمات التي كانت لاتزال كلمات في ديوان.. لم يدفع التهمة عن نفسه تحت التعذيب و الصاقها بشاعر آخر.. ولم يتقدم هذا الآخر بصفته الوطنية و تحت تأثير المبادئ.. لتلقى هذه الجلدات كونها كلماته..! 

تم التلحين والغناء عن طريق محمد نوح علام 67..

تحولت (مدد.. مدد) من أغنية إلى طاقة نهوض تفترش الصحراء النازفة بدم أسوأ تخطيط لانسحاب في معركة، بحزن القرى وقد ذبلت حقولها باليأس، بارتجاف  المدن بالخوف من طلعات الطيران الإسرائيلي ..

قررت الفنانة (سميحة أيوب) استغلال طاقة الأغنية بأن توظفها محورا لمسرحية شعرية، يساهم فيها شعراء الوطن (الأبنودى – سيد حجاب – سامح حمدى.. إلخ )، وكلفت بذلك الفنان عبد الغفار عودة و الذى كان صديقا للشاعر الآخر.. فكلفه بدوره أن يربط بأشعاره بين قصائد هؤلاء الشعراء بروابط درامية شعرية ..

هذا الاختلاط الشعرى الوطنى تحول الآن إلى خلط متعمد وموظف.. فلأن اسم  الشاعر الآخر هو الاسم الظاهر على إعلانات المسرحية.. وأصبح هو الممثل لكيان المسرحية، ولشعر شعرائها في كل التجمعات الثقافية والشعبية، والتي شهد بعض حضورها كذبا بأنه قد القى أغنية (مدد.. مدد) فيها..

 لم يعترض حينها أحد من شعراء المسرحية، فالزمن زمن حرب، والمبتغى (طاقة أمل ووطنية) كانت تبثها أشعار المسرحية بصوت هذا الشاعر لتخرج بعدها الجماهير في تظاهرات تنادى بالحرب وباسم مصر، لا بإسمه ، ولا باسم إبراهيم رضوان..

تم نصر أكتوبر.. طالب السادات (محمد نوح) أن يلقى في أتون الوطنية بالمزيد من طاقة (مدد.. مدد) والتي بالفعل كانت تتردد في فيلم سينمائى يعلوا أفيشه اسم الشاعر (إبراهيم رضوان).. وشريط كاسيت لمحمد نوح مطبوع عليه اسم (إبراهيم رضوان).. وضمن قصائد ديوان شعر لابراهيم رضوان.. وحقوق الأداء العلنى في جمعية المؤلفين و الملحنين.. دون اعتراض او حتى مجرد إشارة احتجاج من الشاعر الآخر..

طالب السادات (محمد نوح) بتغير بعض كلمات الأغنية النازفة دما، وغضبا على القيادات حينها، إلى كلمات لها طعم النصر الذي تحقق و الأمل في الغد.. 

يا حبيبتى راجعه زى طير..

راجعه لأحضان الصحاب..

بالحضن يا أم الشوك حرير

ياللي فتحتي ألف باب

يا سينا مانسينا اللي فات

يا أحلى أحلى الذكريات

يا شراع في بحري بينفرد

و(مدد مدد.. مدد مدد.. شدي حيلك يا بلد).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.