(زكي طليمات).. أحب الكويت بسبب (النجرور) وينشئ فيها فرقة باليه!
إعداد: أحمد السماحي
الجمهور البسيط لا يعرف للفنان الكبير (زكي طليمات) إلا اثنين من الأدوار، الأول دور (الدوق أرثر) في فيلم (الناصر صلاح الدين) إخراج يوسف شاهين.
وقد عرفه مشاهدو هذا الفيلم بجملته الشهيرة لليلى فوزي التى يقول فيها (في ليلة أقل جمالًا من ليلتنا ستأتين زاحفة إلى خيمتي يا فرجينيا).
والدور الثاني الذي يعرفه الجمهور لـ (زكي طليمات)، دور المليونير (أبوعجيلة) والد (زبيدة ثروت) في فيلمها مع عبد الحليم حافظ (يوم من عمري).
لكن المتخصصين يعرفون أن (زكي طليمات) كان ممثلا ومؤلفا ومخرجا، وأحد رواد المسرح المصري، أسس المسرح المدرسي في عام 1937، وشغل منصب أول مدير للمعهد العالي للتمثيل في عام 1944.
وعمل على ترجمة عدد من الأعمال المسرحية العالمية، وحاز على جائزة التفوق المسرحي، ومنحه المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية جائزتي الدولة التشجيعية والتقديرية في الفنون في عام 1961 وعام 1975.
ولم يقتصر دور وبصمات (زكي طليمات) على المسرح المصري فقط، ولكن كان له بصمات واضحة على عدد من المسارح في العالم العربي، حيث كان مشرفًا فنيا على فرقة البلدية في تونس من 1954 إلى 1957 .
ثم مشرفًا فنيًا على المسرح العربي في الكويت بداية من عام 1961، وكان يحلم للمسرح الكويتي بأشياء كثيرة.
سر حب (زكي طليمات) للكويت
تعالوا بنا نعود إلى الماضي، وبالتحديد إلى عام 1964 لنعرف سر حب (زكي طليمات) للكويت، وما هى المشاريع الفنية التى يحلم بها، وذلك من خلال حوار له مع مجلة (الكواكب):
الفنان (زكي طليمات) مازال يعمل ويكد في الكويت منذ ثلاث سنوات، وينفذ رغبة الدولة في أن يكون لها مسرح عربي لا يكتفي بعكس الحياة الإجتماعية في الكويت فحسب.
بل يتجاوز هذا الأمر إلى أن يكون وسيلة في إقامة توازن بين التقدم الذي انتهت إليه الكويت في مجالات الاقتصاد والعمران، وبين التنمية الاجتماعية اللازمة في قطاعات الإجتماع والآداب والفن، حتى يقوم تناسق بين الناحيتين.
و(زكي طليمات) يحمل على أكتافه جهاد أكثر من ثلاثين عاما في خدمة المسرح العربي، وتخطيطه، وتكييفه، هذا وحواريوه وتلاميذه يمثلون القطاع الفني بالقاهرة في مختلف أقسامه، ويمتدون إلى تونس والمغرب العربي.
وقد كان هذا (السندباد المسرحي) ضيف القاهرة في عطلة العيد، وقد التقته (الكواكب).
* أين أنت مما تحب أن يكون عليه المسرح في الكويت؟
** (زكي طليمات): أنا في منتصف الطريق، وما أطوله، لو كانت مهمتي إنشاء عمارات، أو هى إختراع وسيلة لتنظيم المرور وتأمينه في بلد يتجاوز عدد السيارات به خمسين ألفا، في حين أن سكانه لا يتجاوز الـ 350 ألف نسمة.
لو كان الأمر كذلك لهانت المهمة، وقلت مصاعب الطريق، أن مهمتي هى بناء فنانيين، وشق شرايين لإيجاد وعي فني، بعد تصحيح مفاهيم المسرح وإعلاء ذاته.
ودفع المفتريات التى تحوطه بحكم أنه فن مستحدث في الشرق العربي عامة، وفي الكويت خاصة، إذ ليس له ممارسة لفنون المسرح قبل خمسة عشر عاما أو عشرين على أكبر تقدير.
والمسرح كما هو معلوم له ظاهر يجعل الناس تظنه لهوا في لهو، أو تسلية لمجرد التسلية، فأنا أعمل لنشر فن تكاد قيمه وقواعده وأهدافه ووسائله تكون مجهولة كل الجهل.
أو هي معروفة في بعضها بعض المعرفة، أعمل بحذر وبحيث لا أثير الهيئات التى لا ترى في المسرح إلا أنه عبث وفساد، وهذه الهيئات قائمة في كل قطر عربي وإسلامي، وليست مقصورة على الكويت.
إن الكويت لم تكن بها دار للتمثيل بالمعنى الكامل، تتضمن الإمكانات الفنية اللازمة لإبراز المسرحية، كانت ومازالت هناك (أشباه دور تمثيل) لا تصلح إلا للاجتماعات والمحاضرات.
هذا والمسرحية الكويتية لم تكتب بعد، وإنما هى مقتبسات من مسرحيات غير كويتية تصاغ في لهجة كويتية، مما تقدم يتضح مهمتي التى تدفعني أن أحارب وأن أبني في جهات متعددة.
وما يساعدني ويخفف عني عبء هذه الرحلة أن هناك شباب كويتي صاعد مبشر ورائع، يريد أن يكون للكويت مسرح يعكس صور حياته الواقعية، ويؤلف ميدانا لصراع الهواة والاتجهات الاجتماعية.
* وكيف استطعت أن تشق هذا الجبل من الصخر؟
** (زكي طليمات): بالصبر والحب والتفاؤل ثم بأكل (النجرور)!
* وما هو (النجرور)؟
** (زكي طليمات): النجرور أفخم وألذ سمك في الخليج العربي، وعيونه جميلة كعيون الكويتيات، وتؤكد الرواية المتناقلة بأن من يكثر من أكل هذا (النجرور) ويلتهم عيونه فإنه يصاب بحب الكويت وأهله.
أجل أنا أحب الكويت ولا أعرف إذا كان هذا الحب يرجع إلى هذا السمك وعيونه التى بأطرافها (ريميل) وحور، أو إلى أننى أرى في انطلاقات الكويت إلى التطور، شبابا فائرا جريئا يحطم القيود، كما كان شبابي الأول الذي ما زلت اتمسك بأذياله.
* ماذا عن المسرح الكويتي الآن؟
** (زكي طليمات): أنشأت وزارة الشئون الإجتماعية للارتقاء بالمسرح (فرقة المسرح العربي) إلى جانب (فرقة المسرح الشعبي) وتعمل الفرقتان، ولكل فرقة اختصاصها.
الفرقة الأولى بما تقدمه، ثم بجلسات التدريب العامة المباح حضورها لجميع هواة المسرح تعتبر مدرسة للممثلين ولكتاب المسرحية، وهى تتوخى فيما تقدمه للجمهور أن يجئ سليما ورفيعا.
والفرقة الثانية لا تقدم غير المسرحيات المحلية المكتوبة باللهجة الكويتية، وهى بحق حقل للتجارب للأفلام الكويتية للممثل.
وللمسرحية المحلية، واستعجال ظهورها في أسلوب قويم، تقيم الوزارة مباريات للتأليف المسرحي بين الكتاب الكويتيين، وفي مباراة هذا العام تقدمت 40 مسرحية مازالت قيد القراءة والفحص من جانب لجنة خاصة، وجائزة كبيرة قدرها ستمائة دينار، أي ما يساوي عندنا 700 جنية مصري تنتظر الفائز الأول.
كما يؤدئ المسرح المدرسي مهمة تعريف الطلاب بماهية المسرح، وقيمه ومفاهيمه، وتحبيبه إليهم، بعد أن يزاولوه في أوقات فراغهم بإشراف فنيين.
وهكذا يبدو واضحا أن التخطيط الذي وضع للارتقاء بالمسرح الكويتي يشمل كل مرافقه، ثم هو يمتد للفنون الشعبية الفولكلورية أيضا، إذ سيجري تطويرها ابتداء من العام القادم، كما يشمل هذا التخطيط تقديم الإمكانيات الفنية إلى فرق الهواة.
* وهل يوجد ممثلون أكفاء في الكويت يبشرون بالخير؟
** (زكي طليمات): يوجد ممثلون يبشرون بكل خير، ويسعدني أن أقرر أنه يوجد بين أعضاء فرقة المسرح العربي ممثلون ترفعهم مواهبهم إلى أن يقفوا على قدم المساواة بين كبار ممثلي السينما والمسرح والإذاعة، والتليفزيون عندنا.
* وماذا قدمت (فرقة المسرح العربي) في هذا الموسم؟
** (زكي طليمات): قدمت مسرحيات (أبودلامة) للكتاب علي أحمد باكثير، و(الكنز) لتوفيق الحكيم، و(أدم وحواء) لفتوح نشاطي، و(سويتها يا مسعود) للكاتب الكويتي حسن يعقوب العلي.
وتجري الآن تقديم (طارق الأندلس) لمحمود تيمور، هذا ويستمر عرض كل برنامج مما تقدم خمسة عشر يوما في حفلات متتابعة.
* وما هي مشكلة عدم وجود ممثلات؟
** (زكي طليمات): لم تعد هناك مشكلة ولا عقدة، الشابة الكويتية اعتلت المسرح بقدومي إلى الكويت، وإنشاء المسرح العربي عام 1961، وبالفرقة الآن ثلاث كويتيات، إلى جانب ممثلتين من العراق، وواحدة من سوريا، وواحدة من فلسطين، إنهن يؤلفن (جامعة عربية).
ومع هذا الأكتفاء الذاتي في العنصر النسائي، فإن المسرح العربي يستضيف في كل موسم ممثلة كبيرة من القاهرة أو ممثلين للعمل مع أعضاء المسرح العربي.
وفي هذا العام كانت ضيفة الشرف السيدة (نعيمة وصفي) ومثلت دورها العظيم في مسرحية (أبودلامة) بنجاح يشرف التمثيل العربي عامة.
* وماذا عن جديد الموسم القادم؟
** (زكي طليمات): إنشاء مؤسسة المسرح والفنون الشعبية، تجمع بين أقسام النشاط المسرحي، وكذلك أقسام النشاط الشعبي، بحيث تتناسق الجهود والخطة في تنميتها وتطويرها وسيكون (معهد للتمثيل) بين هذه الأقسام.
كما لن يتأخر طويلا تشكيل فرقة للإيقاع والبالية، فالكويت غني بتشكيلاته الفنية وبموسيقاه العربية الأصيلة وبشبابه الموهوب.