( هدى المفتي).. نجمة المستقبل الموهوبة، تتمتع بملامح هادئة وبريئة!
بقلم: محمد حبوشة
بحسب خبراء التمثيل: ينبغي أن يكون مفهوما أن الممثل لا يمكن أن يقنعنا بما يفعل أو يجعلنا يستجيب لكل ما يقوله على الشاشة بمجرد اكتفائه بألقاء كلام الشخصية، دون أن يعبر ذلك الكلام من تفاعل داخلي صادق لابد أن تعكسه كل وسائل التعبير التي يملكها، وهو ما فعلته الفنانة الشابة (هدى المفتي) في تجلياتها الإبداعية بمسلسل (مفترق طرق).
فمع أولى حلقات عرض (مفترق طرق)، لفتت (هدى المفتي) أنظارنا بدورها الجديد في المسلسل أمام المبدعين الكبيرين (هند صبري، وإياد نصار)، حيث تجسد شخصية (ولاء) أو (حنفي)، وهو اسم الشهرة الذي اكتسبته في مكتب المحاماة الذي تعمل به.
تتمتع (هدى المفتي) بشخصية قوية، يغلب عليها اهتمامها بالعمل على اهتمامها بمظهرها كأنثى ما أكسبها لقب (حنفي) بدلا من اسمها الحقيقي (ولاء حنفي)، بحضور قوي وأداء سلسل خال من مساحيق التجميل، فضلا عن ارتدائها الملابس الفضفاضة التي تؤكد خشونتها، أو ميلها إلى فئة الرجال.
من خلال المشاهدة لفتت (هدى المفتي) نظري في شخصية (حنفي) التي لم تكمل دراسة المحاماة، لكنها تبرز قدرتها على المزج بين الجمال الأنثوي الهادئ والشخصية القوية، التي يتم الاعتماد عليها في الاستقصاء والبحث في تفاصيل القضايا المعقدة، في محاولة لحل ألغازها.
الذكاء وسرعة البديهة
تتمتع (هدى المفتي) عبر شخصية (حنفي) بقدر كبير من الذكاء وسرعة البديهة، يجعلها عونا لكل المحامين العاملين معها في المكتب وعلى رأسهم (أميرة/ هند صبري) التي تلجأ إليها في بداية مشوارها، حيث تضطر لدخول عالم المحاماة بعد انقطاع دام 15 عاما كي تعيل نفسها وأبناءها.
تعين (هدى المفتي) من خلال تجسيد شخصية (حنفي) صديقتها (أميرة) في حل ألغاز القضايا التي تعمل عليها، وذلك بعد تورط زوجها (عمر المنسي/ ماجد المصري) ذو المنصب الحساس، في قضايا فساد أدت إلى مصادرة كل ممتلكاته.
تكشف (هدى المفتي) أو (حنفي) تآمر (عمر) بالتعاون مع (دراين/ جمانا مراد)، من خلال (رامز/ علي الطيب)، الذي يتنافس مع (أميرة) على فرصة التعيين في مكتب المحاماة الكبير، وذلك في محاولة خسيسة من جانبه لإجهاض علاقة الحب القديمة بين (أميرة) بـ (يحيى/ إياد نصار)، والتي بالطبع ترجح كفة (أميرة) في التعيين.
تظهر (هدى المفتي) الفعل الداخلي للمثل، الذي يوجه ويصوغ الحركات الجسمية بقدر الذي يتفاعل في داخله، ومن ثم ظهر بعدها جسد (هدى المفتي) في حركه جسميه ذات لون معين تحمل بين ثناياها فكره الفعل والهدف الذي تسعى ورائه
واستناد لهدا الفعل الداخلي، نستشهد بقول الفنان والمخرج الروسي الكبير (ستانسلافسكي) الذي أسس لآليات فعل الممثل، حين يخاطب تلاميذه: (فن هدفنا ليس حياه بشريه بل إبرازها في قالب فني، لأن ليس على الممثل أن يعيش في صميم دوره فحسب..
ولكن يجب أن يبرزه ويعطيه المظهر الخارجي، وهو ما تعتمده (هدى المفتي) في إبراز الحياه الداخلية الدقيقة للشخصية التي تجسدها، فنراها في أدائها تبرز ما هو جسماني من خلال دراسة دقيقه لما يجب أن تبرزه نتيجة ذلك في أدق المشاعر بمنتهى الحساسية والأخلاق الذي تتصف به (حنفي) في محاولتها مساعدة (أميرة).
(هدى المفتي) قادرة على التعبير بحساسية
تبدو لي (هدى المفتي) كممثلة شابة قادرة على التعبير بحساسية عالية للغاية من خلال العين التي قد تعطي دلالات مختلفة، سواء أكانت تلك العين تعبر عن حالة مودة أو حالة من التشنج والرفض لما يحدث من قبل الطرف الآخر.
وكذلك تبدو إيماءة الرأس عند (هدى المفتي) تعطي تعبيرات لغوية حركية تعبر عن الرفض والقبول والتردد، وهذا ينطبق على الفم بحركاته المختفلة، وينطبق أيضا على الحاجب، ولا ننسى الأطراف، والتي قد تكون معبرة بصورة أكثر وضوحا.
وربما يلعب بذلك حجمها الذي يختلف عن الأعضاء الأخرى مثل العين والفم والرأس أيضا، فإذا ما استخدمت الأعضاء الصغيرة لتخفي الأمور عن الآخرين، فإن الأعضاء الكبيرة تفضحها وهى تؤدي الدور نفسه الذي تقوم به الأعضاء الصغيرة.
كما أن لغة الجسد عند (هدى المفتي)، هى لغة ذات دلالات متنوعة، تتموضع حسب السياق كما يقال لكل مقام مقال، والمقال هنا بلغة الإشارة وليس باللغة المنطوقة، كما تجلي كل ذلك في شخصية (ولاء/ أو حنفي).
العلاقة بين الممثل والآخر، تتطلب وعيا ذهنيا بما يفعله الممثل وحضورا جسديا، لندرك أن الجسد هو من يقوم ببث إشارات، والقيام بحركات جسدية محفزة للآخر، لينتج فعلا ما بسبب تلك الإشارة الجسدية، وهو ما ربما نلاحظه بقوة في أداء (هدى المفتي) ليس في (مفترق طرق) فقط ولكن نلاحظه في كل أعمالها.
ولدت (هدى المفتي) في القاهرة، وتخرجت من كلية الآداب قسم (الدراما والنقد المسرحي) وبدأت حياتها العملية في سن السابعة عشر من خلال الظهور في عدد من الإعلانات التجارية ثم اتجهت للتمثيل بجانب عملها كعارضة أزياء.
(هدى المفتي) نجمة شابة من قلب القاهرة الصاخبة، ومن وسط النسيج الثقافي والفني المصري النابض بالحياة، طغى شغفها بالتمثيل على أضواء المدينة، تلك هى الممثلة الشابة التي وجدت ضالتها في عالم التمثيل الآسر.
أصبحت (هدى المفتي) ممثلة تلفزيونية بارعة بعدما شاركت في مسلسل (هذا المساء) في دور (نادين)، والمسلسل بطولة (إياد نصار وأحمد داود وحنان مطاوع وأروى جودة)، كان مسلسلا ناجحا وبسبب وقوفها أمام الكاميرا كان من السهل عليها الوقوف أمام كاميرات التصوير.
(هذا المساء) منحها الثقة
بعد دور (هدى المفتي) في (هذا المساء)، كانت خائفة كثيرا من رفض الجمهور لها، لكنها على العكس أعطاها المشاهد ثقة كبيرة في الإقدام على التمثيل بصورة أكبر، حتى قدمت مسلسل (كأنه أمبارح)، تأكدت من نجاح المسلسل منذ أن كانت العمل في مرحلة الإنتاج، وبالكواليس أيضا.
نجحت (هدى المفتي) بالتمثيل وحصلت على استحسان الجمهور والنقاد، ومن ثم حصلت على دور كبير في مسلسل (لدينا أقوال أخرى)، بطولة (يسرا عمر زهران ونجلاء بدر)، ثم شاركت في الموسم الثالث من (مسلسل نصيبي وقسمتك) الجزء الثالث، وشاركت (هدى المفتي) في مسلسلات (فلانتينو، ستوتس، ما وراء الطبيعة، الصندوق).
كانت أول أعمال (هدى المفتي) السينمائية في فيلم (رأس السنة)، وقدمت فيه شخصية (سيرين)، وهو الذي لاقا هجوما كبيرا، ثم تواجدت في بطولة مشترك بفيلم بنات ثانوي الذي تناول قصة 5 فتيات في الثانوية العام، ثم شاركت في فيلم (ديدو)، وأيضا في فيلم (كيرة والجن).
وتتذكر الفنانة الشابة مغامرتها الأولى في عالم التمثيل أيام دراستها الجامعية قائلة: (أعجبتني التجربة آنذاك، واكتشفت أن التمثيل هو ما أود عمله طوال حياتي)، لقد كانت لحظة من لحظات التجلي والإدراك وضعتها على الطريق الذي قدر لها أن تسير فيه، ولم يبهرها عالم التمثيل لأضوائه فقط، بل لقدرة السرد القصصي على التغيير.
ومع كل دور تلعبه، تسعى لمفاجأة جمهورها بشخصية جديدة لم يتوقعوها، توضح: (ما أن أستلم نصا جيدا، حتى أحاول المواءمة بدقة بين تطلعاتي الفنية وما يجتذب الجمهور.
تمتد اهتماماتها المتنوعة من الدراما السياسية إلى السير الذاتية، إلى جانب افتتانها بالدراما الكورية التي تقدم حبكات معقدة وسرديات فريدة، بينما تتألق عيناها بالفضول: (أحب مشاهدة الأفلام الوثائقية أو المسلسلات التي تتناول قصة حياة إنسان ما وتعرضها للناس من زوايا مختلفة.
التعمق داخل نفوس الشخصيات
ولكن في مسألة التحضير للأدوار المختلفة تقول (هدى المفتي): (ليس بالأمر السهل، إذ يتطلب التعمق داخل نفوس الشخصيات التي تلعبها، وتصف طريقتها الدقيقة في الانغماس داخل الشخصية والبحث عن تفاصيلها قائلة:
(عندما أستلم النص، أقرأه بكل تركيز، وأضع نفسي مكان الشخصية، وأتساءل كيف سأتصرف وكيف ستكون حركات جسمي لو كنت في موقفها).
ومع ذلك، وسط تحديات المهنة وتعقيداتها، هناك مبدأ توجيهي يغذي شغفها – ألا وهو رغبتها في ترك انطباع يدوم لدى جمهورها، وتوضح بصوت مملوء بالثقة: (أسعى جاهدة لأداء الأدوار التي لا يمكن أن ينساها الناس لتأثيرها القوي عليهم)، وتضيف: (هذا هو الوقت الذي أشعر فيه أنني نجحت حقا).
وعلى مدار رحلتها، حظيت (هدى المفتي) بشرف العمل مع نجوم أسطوريين أسهموا في تشكيل مسيرتها الفنية وإلهامها الازدهار، أبرزهم الزعيم (عادل إمام)، إلى جانب تامر حسني، وإياد نصار، وهند صبري).
كما تقر (هدى المفتي) وعلامات الامتنان تظهر واضحة في كلماتها: لقد كان كل تعاون بمثابة تجربة للتعلم، وفرصة لاستخلاص الحكمة ممن ساروا على الدرب قبلها.
وعندما تتطلع (هدى المفتي) إلى المستقبل، ترى إمكانات لا حصر لها للازدهار والإبداع في مجال الترفيه العربي، ومع كل مشروع تقوم به، تأمل أن تتخطى الحدود، وأن تثير النقاشات، وتترك إرثا يستمر طويلا بعد إسدال الستار الأخير.
وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام لنجمة المستقبل الموهوبة (هدى المفتي)، والتي تعتبر من الفنانات التي ظهرت بالسنوات الأخيرة بالأعمال الفنية المخلتفة (سينما ودراما تلفزيونية)، واستطاعت لفت الأنظار إليها بشدة بسبب ملامحها الهادئة والبريئة.
بالإضافة الى طبيعتها في الشكل، فهي من الفنانات التي لا تفضل وضع المكياج كثيرا علي وجهها و غالبا ما تظهر بطبيعتها أو بمكياج هادىء وبسيط، فضلا عن عينيها المعبرتين.
(هدى المفتي) لا تؤمن بالنهايات بل بالبدايات، لا شي اسمه نهاية!.. لذا تتمنى أن تمتلك عصا سحرية تمحو كل أنواع الأذى والعنف الواقع على النساء والأطفال في العالم.