بقلم الدكتور: كمال زغلول
لعبت (العلامة الحيوانية) في المسرح المصري القديم دورا كبيرا، وشكلت علامة من العلامات المسرحية المصرية القديمة، بعض هذه العلامات الحيوانية، لعبت دورا مهما كبطل من أبطال العرض المسرحي.
والبعض الآخر شكل رمزا دال على فكرة معينة، تخص المعتقدات المصرية القديمة، ونستعرض بعضا من تلك (العلامة الحيوانية)، ولكي نقف على محتواها النفسي، وأول ما نلاحظه بالنسبة للشخصيات المسرحية المصرية.
ظهور الحيوان والطير كشخصيات بطولية داخل البناء العام للحبكة المسرحية، ونتعرض إلي شخصيتين من أبطال المسرح المصري القديم.
والشخصية الأولي هو أنوبيس، ابن أوزيريس من نفتيس، وقد حدث اقتران بينهما، بوازع من ست، الذي أقنعها بفعل ذلك، وتخفت ودخلت إلي القصر في ملابس وعطر إيزيس، وأنجبت منه أنوبيس.
وقد ظهر أنوبيس في صورة ابن أوى*، وهى صورة حيوانية، وقد أعتبر أنوبيس، رب الجبانات، ويمثل عادة على هيئة رجل له رأس ابن أوى (أو كلب) أو في صورة كاملة لحيوان ابن أوي، وشخصيته في الأسطورة المصرية القديمة.
أنه ساهم في عملية إحياء أوزيريس، وكان الراعي للكهنة القائمين بعملية التحنيط، ولهذا كانوا يرتدون قناعا بشكل وجهه، وحيوان ابن أوى يعد من حيوانات ست حيث ينتشر في الصحارى.
إلا أن شخصيته داخل المسرح المصري القديم، تعد (العلامة الحيوانية) رمزية، فهو ابن أوزيريس، الذي ساعد في قيامه من الموت مع إيزيس، وقام بتحنيطه، وعن ابن أوزيريس من إيزيس، يظهر الصقر حورس.
(حورس) حامي العرش
وبالطبع حورس هو من استرد عرش مصر من ست وأصبح حامي العرش، في مصر القديمة، ولهذا أعتبر المصريون القدماء الصقر تجسيد للآلهة التي تحلق فوق أجواء العالم.
ولذلك اتخذ منذ بدء الخليقة حيوان راعي و مقدس، يحظى بالتبجيل والاحترام، ولهذا فهو يرمز إلى حورس، والروح، واتخذ شارات لبعض مقطعات مصر القديمة، فصقر واحد يرمز إلى المقاطعة الثانية في مصر العليا ، وصقران للمقاطعة الخامسة ، وصقر واحد محلق في الفضاء إلى المقاطعة الثامنة عشر بنفس المنطقة.
أما إذا كان الصقر جالسا فهو بمثابة شارة للمقاطعة العشرين في مصر السفلى، وقد تحدثا من قبل عن حورس كشخصية ملكية باستفاضة.
وعن العلامات الرمزية داخل المسرح المصري القديم، سنجد مجموعة من الحيوانات لها أدوار خيالية منها (أبوفيس – أو أبوبيس)، وهو ثعبان ضخم طوله مائة ذراع (حوالي اثنين وخمسين مترا ) وتتخلله الكثير من الثنيات والتعرجات.
وهذا الثعبان لايألو جهدا ليلا ونهارا لتدمير رع الشمس، ولهذا مثل بست عدو أوزيريس الأزلي، ويرمز أبو فيس إلي مبدأ الظلمات الذى يهدد دائما النور والضياء.
ونجد علامة (العجل أبيس)، وكثيرا ما نسمع عن هذا العجل، وله قصة أيضا في المعتقد المصري القديم.
أنه العجل الذي استعان به ست، من أجل صنع الدثار الجنائزي لأوزيريس، أما عن وصفه فكان جلده أسود وتتصدر جبهته نجمة بيضاء اللون، وهذا الثور أبيس اعتبر بمثابة الرمز الأعظم للخصوبة والنماء.
بل كان روح بتاح قبل أن يصبح إلها جنائزيا، وهو المعبود في معبد منف، وقد خصص السيرابيوم كجبانه لدفن العجل أبيس، نجد أيضا العلامة الحيوانية) المتمثلة في علامة الإوزة.
(البقرة) تجسد حتحور وإيزيس
وهى واحدة من خصائص جب، وتعبر إيزيس ابنتها، وسميت إيزيس أيضا ببيضة الإوزة، ولقد ظهرت الإوزة وفق المعتقد المصري القديم، عند بداية العالم، وهى تنتمى إلي الترددات والذبذبات المضيئة والضوئية الأولية.
ومن (العلامة الحيوانية) أيضا في المسرح المصري القديم (البقرة)، وهى تجسد حتحور وإيزيس، وظهرت في مجال نشأة الكون المصرية، لما تتسم به من خصوبة وإرضاع.
وتتجلى (العلامة الحيوانية) أكثر أيضا في صورة نوت السماء التي فصلها شو الهواء عن زوجها جب، ومن العلامات أيضا حشرة الجعران (الجعل)، وهو من الصور والأشكال الأساسية في الدينية المصرية القديمة.
ويرمز إلي الحياة الوليد ، ويصور وهو يرفع أمامه كرة صغيرة من الروث، ومن منطلق رمزيته، إلى الحياة الوليدة يعمل الجعل على صياغة مصير المتوفين، فهم من خلال جسدهم الفزيائي المحنط يولدون.
ثانيا: في نطاق النور الإلهي مثلهم مثل أوزيريس، وتوجد أيضا علامة حشرة أم أربعة وأربعين التي لدغت حورس، وكان على وشك الموت وقامت إيزيس بسحق هذه الحشرة ، وحولتها إلى عجين، وبللتها بلعابها، وجعلت حورس يبتلعها، وشفى.
وتظهر العلامات الحيوانية أيضا في الأرنب البري، وهو يعتبر من الحيوانات القمرية، لممارساته الليلة.
وهو يعبر عن الخصوبة الطبيعية للأرض الذي ينعشها كلا من رع و أوزيريس، وهو يوضع فوق الشارة الخاصة بالمقاطعة الخامسة عشر في مصر العليا.
ونكتفي بهذا القدر بالحديث عن (العلامة الحيوانية) ودلالاتها داخل المسرح المصري القديم، ونلاحظ أن المصري القديم أدخل الحيوان كشخصيات لها دور مثل أنوبيس، وحورس، واستغل باقي الحيوانات الأخرى في رموز خاصة.
وهذا ما يذكرنا بفكرة القناع في المسرح المصري، ويوضح فكرة الأقنعة الحيوانية، وعلى ما يبدو فإن المصري القديم كان على علم بأن المتوفي لا يجنب، فكانت فكرة أنجاب إيزيس لحورس في شكل صقر هي حل لعدم إنجاب المتوفي.
وكذلك أنوبيس، كان في شكل أبن أوي، لأن الميت أوزيريس لا يحيى، وقد ساهم في تحنيط جسد أوزيريس، ويبدو أن تحنيط الجسد رمز لإعادة الحياة لأوزيريس.
وهذا من غرائب وعجائب المسرح المصري القديم ، في تفكيره بالاستعانة بالرموز على غرار (العلامة الحيوانية).
* ابن أوى: (حيوان ابن أوى، يجسد أنوبيس، ابن نفتيس).