شنب (محمد شاهين) ونظارته يفسدان واقعية الأداء في (لحظة غضب)
كتب: محمد حبوشة
مما لاشك فيه أن شكل وملامح الممثل يؤثران على أدائه في التجسيد الدرامي الواقعي، وهو ما لاحظته في أداء الممثل المصري (محمد شاهين) في الحلقة الأولى من مسلسله (لحظة غضب)، حيث بدا بشخصية كاريكاتورية تجنح نحو المبالغة.
حاول (محمد شاهين) استجداء مواقف كوميدية من خلال (شنب كث) يبلتع ملامح وجه، ويبرزه في صورة (معلم) في حارة شعبية، فضلا عن ارتداء نظارة مزيفة فارغة من عدساتها، ما عكس عدم المصداقية في الأداء خاصة عندما كان ينفعل ويعمد المصور التركيز على جانب واحد من وجهه.
المكياج المبالغ فيه كحالة (محمد شاهين) هى آفة الفن المصري ربما من قديم الأزل، على مستوى الذقن والشنب غير المهندمين، والذين لايتناسبان مع قسمات الوجه، وكذلك الملابس غير المناسبة للشخصية على مستوى الشكل الذي يفشل في أن يعكس حقيقة المضمون.
حين تراقب أداء (محمد شاهين) في الحلقة الأولى من مسلسله الرمضاني (لحظة غضب) ستلاحظ على الفور أن لغة جسده غير معبرة على الإطلاق عن الموقف أو الحالة التي يعيشها داخل الاشخصية.
معروف أن الجسد ينطوي على قوانين داخلية تحكمه في عملية الإرسال والتوصيل العلامي، على وفق تراكيب متناغمة بين أجزائه التي شكلت صيرورته النهائية، وهو مالا نلحظه في أداء (محمد شاهين)، فجاء تعبيرات وجهه غير موفقة على الإطلاق.
على ما يبدو أن (محمد شاهين) لايدرك حقيقة الظاهرة الجسدية، بوصفها معطى بيولوجيا، غير عابئ بأن الجسد هو ظاهرة بيولوجية لها دلالات اجتماعية، ذات علاقات اشتغال في الأداء الجسدي لممثلي الدراما التلفزيونية، كما هى نفس الدلالات في المسرح.
لغة جسد (محمد فراج وصبا مبارك)
ظني أن (محمد شاهين) في مشاهد الحلقة الأولى لم يوفق في فهم حقيقة أن جسد الممثل هو الأساس الذي يقدم للمتفرج بسبب الحضور القوي الذي يتمتع فيه الممثل سواء على خشبة المسرح أو على الشاشة، فالجسد له التأثير والسطو على المتفرج في خلق حالات من التوتر والشد والانتباه وتوصيل الفكرة الدرامية.
وهو ماحدث تماما مع زميل (محمد شاهين) ضيف الشرف (محمد فراج) الذي بدت لغة جسده معبرة للغاية في تناغم مع النجمة (صبا مبارك) التي جسدت دور الزوجة المقهورة ببراعة مطلقة.
ومن ثم كان ينبغي على (محمد شاهين) – صاحب الملامح المرنة – إدراك وفهم أن الممثلون يحتاجون إلى أجساد مرنه مطواعة معبرة، ويتحتم عليهم استخدام اجسادهم لعرض مواقف عديده ومتنوعة، لذا يجب على الممثل أن يجعل الجسد منتج للمعاني والاشارات التي تشكل صورا درامية رائعة تجعل من المتفرج ينشد وينجذب إليه.
إن لغة الجسد كما ظهرت لنا في أداء (محمد فراج وصبا مبارك) في مسلسل (لحظة غضب تعني أنهما يمتلكان القدرة على ترجمة النص المكتوب إلى التعبير والإيماءة، على أساس أن الممثل ليس فقط لسان بل هو جسد أيضا.
فعلى عكس (محمد شاهين)، ظهر (محمد وصبا) في أدائهما أن هناك هامش واسع وكبير له استخدماه لخلق استجابة بين الطرفين، هما المثل والمتفرج، وتجسد ذلك من خلال لقائهما وجها لوجه في مشهد نهاية الحلقة حيث قتلت (يمنى) زوجها (شريف) في لحظة غضب.
كل الكلمات وكل المعاني وكل الأفكار تذهب إلى داخل الجسد وتولد مرئية من جديد، وجسد الممثلان (محمد فراج وصبا مبارك) يمتلكان من قدرة على الحركة والإيماء والنطق يعد الافضل بين وسائل التعبير الابداعي، النابضة، والقابلة للتغيير، والنمو والتكيف، والاستجابة للأفعال المحيطة بها.
ويبدو لي من خلال مشاهدة الحلقة الأولى لمسلسل (لحظة غضب) أن (محمد فراج، وصبا مبارك) أثبتا أن حركة جسد الممثل ليست نتاج إرادة فردية يحددها الشخص وحسب، بل هى نتاج مجاميع من العلاقات الاجتماعية.
هذه العلاقات تجعل من لغة الجسد تختلف من ممثل إلى آخر، وتتغير هذه اللغة تبعا لتغيرات خارجية وداخلية محدده ويؤثر فيها العامل السياسي والاقتصادي أيضا، لغة الجسد رقصا وأداء فرديا وجماعيا، هى لغة الإنسان العام ولغة الحضارة .
استرخاء (محمد شاهين)
ربما يتحسن أداء (محمد شاهين) في القادم من الحلقات، لكنه على أية حال في الحلقة الأولى من مسلسل (لحظة غضب) افتقد لأدوات الممثل وخصائصه التي تميزه عن باقي الفنون والمهن والحرف وأبرزها:
الاسترخاء: يجب أن يتعود الممثل حالة الاسترخاء قبل التدريب وقبل العرض مباشرة وهناك عدة تمارين يمكن لممثل الدراما التلفزيونية بها للوصول الى حالة الاسترخاء والاسترخاء هنا نوعان:
الأول جسدي وهو في ترخية عضلات الجسم والثاني ذهني وهو إزالة كل توتر وتشويش يؤثر على تفكير، حيث يستلقي على كرسي للاسترخاء قبل التصوير، ويغمض عينيه ويتخيل نفسه يؤدي مشهدا ويراقب ويلاحظ مع الاسترخاء الكامل لكافة الأعضاء، ثم يقرر أن لا يفكر بشيء على الإطلاق بعمله ودوره التمثيلي .
هذا مالم يفعله (محمد شاهين) الذي بدا متخشبا، عصبيا، ينفعل لأتفه الأسباب، فجاء أداءه مرتبكا يفتقد ما يسمى بالغريزة الدرامية: وهى خاصية أساسية لكل من يريد احترام التمثيل.
وهى تعني أن على الممثل أن يمتاز بقدرة أو موهبة درامية وتكشف الغريزة الدرامية نفسها في جملة الأشكال، فهي تظهر أحيانا من خلال ميل إلى الفكاهة والهزل وأحيانا من خلال ميل إلى الجد والصرامة.
وتمتاز الغريزة الدرامية التي افتقدها (محمد شاهين) – بينما اكتسبها (محمد فراج وصبا مبارك) – بمزايا محدده فهى تنطلق أساسا من حاجة إلى أدوار مختلفة مقرونة برغبة في مشاركة الآخرين في الأداء، وتنطوي الغريزة الدرامية كذلك على احساس قوي بالصراع، وعلى إحساس بالحيوية سواء كانت بدنية أو روحية .
الخبرة الدرامية فعل استثنائي لم يتوفر عند (محمد شاهين)، وهذا جعله من المتعذر عليه أن يكون شخصية استثنائية في أدائه في مسلسل (لحظة غصب)، حيث ظهر متأرجحا على سلم غير مثبت على أرضية صلبة.
الخيال المبدع هو اسمى نشاطات العقل البشري عند كل من (محمد فراج، وصبا مبارك) فبواسطه هذا الخيال تمكنا من القفز بين ما هو ممكن، وبين وماهو كائن وما يجب أن يكون، بينما فشل (محمد شاهين) في القفز على الحواجز ليأتي أداءه باهتا.