الإخوة الأعداء.. ظاهرة قبيحة تهدم الدراما المصرية في رمضان!
كتب : أحمد السماحي
المتأمل لحال الدراما المصرية خاصة في شهر رمضان الكريم يجد أنها تهدم ولا تبني، فكل عام تبث سمومها من خلال تقديم عادات وتقاليد تعمل على تفكيك الأسرة، ولا تعمل على تجميعها، فرغم أن المارثون الرمضاني هذا العام يشهد تنوعاً كبيراً ما بين الدراما الاجتماعية، والدينية، والوطنية، والكوميديا، والأكشن، والإثارة والتشويق، ولكن هناك 5 مسلسلات يربطها حدث رئيسي مشترك، هو صراع الإخوة والأزمات بين الأشقاء.
وهذا الصراع موجود بقوة في السنوات الأخيرة في الدراما المصرية، ففي العام الماضي شاهدنا مسلسلات كان صراع الإخوة فيها عنيفا ومتشابكا وهى (أحلام سعيدة، توبة، رانيا وسكينة، يوتيرن، راجعين يا هوى) وفي السنوات السابقة (خيانة عهد، البرنس، لما كنا صغيرين، ليالينا 80، الفتوة) وغيرها.
لا أحد ينكر أن صراع الإخوة موجود منذ البدء والدليل (قابيل وهابيل)، وبرز بقوة في المجتمع المصري والعربي خاصة في السنوات الأخيرة، لكن دور الدراما تجميل الواقع وليس إبرازه وتضخيمه في كل عام، فمعظم أعمالنا الدرامية كل عام نجد فيها صراع أخوة، وكأنه أصبح ضرورة درامية حتمية في معظم المسلسلات التى تحرص على تقديم المثال الأسوأ للأخوة الطامعين في إرث والدهم المتوفى من ناحية، أوالغيرة والحقد من بعضهم من ناحية أخرى.
وبذلك يجرح صناع الدراما واحدة من أجمل علاقاتنا الإجتماعية، وهى علاقة الأخ بشقيقه، فعندما يتحوّل أقرب الناس إلى عدو، ويصبح شريك الطفولة والأحلام واللحظات الحلوة خصماً كما نرى كل عام يفقد المرء ثقته بالجميع وبالمجتمع، خصوصاً حين يترصد الأخ لأخيه ساعياً للانتقام! .
عملة نادرة وجميلة
من المسلسلات التى جاء الصراع فيها بين الإخوة عنيفا وشرسا ووصل لقتل الأخ لأخيه بالنار، في خسه وندالة، مسلسل (عملة نادرة) تأليف مدحت العدل، إخراج محمد العدل، إنتاج شركة (العدل جروب) التى تنتج مسلسل آخر وهو(جميلة) تأليف أيمن سلامه، وإخراج سامح عبدالعزيز، حيث وجدنا تشابها كبيرا في الأحداث مع إختلاف بيئة كل عمل وشخوصه، ففي كليهما فضل الأب أحد أبنائه على باقي الأخوات ليخصه بنصيب الأسد في الميراث، أو يخصص له جزء من أمواله، ليشعل نارا لا تنطفئ بين الأخوة.
وليجعل العلاقات بين الإخوة مسمومة، وكلا منهم يخطط ويتأمر، ويدير المكائد للآخرين، ففي مسلسل (عملة نادرة) نجد (الحاج عبد الجبار/ جمال سليمان) يقرر كتابة 50 فدان مطلة على النيل باسم حفيده المولود الجديد (يوسف) ابن ابنه (بلال/ على الطيب) وسط ذهول أبنائه، وهذه الواقعة لا تمر مرور الكرام حيث يعمي الحقد قلب (مسعود/ أحمد عيد) ويستدرج شقيقه (بلال) وسط طريق مظلم بين جبيلين، ويقوم بقتله بقلب بارد بعدة رصاصات، وحتى يبعد الاتهام عن نفسه يضرب نفسه برصاصة! وتشتعل الأحداث بسبب الـ 50 فدان التى كتبهم (الحاج عبدالجبار) لحفيده وسنرى ماذا سيحدث خلال الأيام القادمة؟!
وفي مسلسل (جميلة) يموت الأب المحامي الكبير (سالم الألفي) مما يشكل صدمة لأولاده، وبعد مراسم العزاء، يقررون فتح خزنتة والاطلاع على الوصية التي تركها، وفور فتحها ينتاب جميع أفراد عائلته حالة من الذهول والدهشة بعد العثور على أوراق وعقود بيع وشراء تركها الوالد جميعًا باسم ابنتة (جميلة/ ريهام حجاج)، وهو ما يشعل نار الفتنة بينهم خاصة من زوج الأخت (شريف/ هشام إسماعيل) زوج (أية/ سامية عاطف) الذي بدأ يدير المكائد، وتتوالي الأحداث.
المثير أن العملين إنتاج شركة واحدة هي (العدل جروب)، التى قدمت من قبل صراع الأخوة في أكثر من عمل من أعمالها، لكن الطريف أن أجمل وأروع ما في هذه الشركة في الحياة أنهم كأشقاء على قلب راجل واحد – ونمسك الخشب – ومثال رائع للتماسك الأسري.
ستهم
من الأعمال التى رفعت شعار (الإخوة الأعداء) وجاء الصراع فيها عنيفا شرسا بين الأخوة مسلسل (ستهم) تأليف ناصر عبدالرحمن، إخراج رؤوف عبدالعزيز، حيث يحاول (رماح/ جهاد سعد) الاستيلاء على ميراث شقيقته (ستهم/ روجينا) بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، حتى لو وصل الأمر للتعذيب والضرب والقتل!.
علاقة مشروعة
صراع الإخوة في مسلسل (علاقة مشروعة) يغلب عليه الطمع والجشع والإبتزاز، حيث يحاول (شريف/ محمود فارس) ابتزاز شقيقته (بثينة/ مي عمر) التى تتزوج من أكثر من رجل أعمال غني، مما يؤجج نار الغيرة والحسد في قلب (شريف) الحاصل على معهد فني تجاري ولا يعمل، ويحاول الاستفادة من زيجات شقيقته بمحاولة تهديدها بفضح ماضيها القديم القذر!.
جعفر العمدة
صراع الإخوة في مسلسل (جعفر العمدة) فهو نار تحت الرماد حتى الآن، حيث يشك (جعفر العمدة/ محمد رمضان) أن شقيقه (سيد/ أحمد فهيم) هو وراء خطف ابنه الرضيع (عبدالجواد) من زوجته الأولى (ثريا/ مي كساب)، وإجهاض زوجته الثانية (دلال/ إيمان العاصي)، كما يوجد علاقة أخرى نموذجا سيئا للإخوة هي علاقة (رمزي) الذي يحاول التبليغ عن شقيقه (إسماعيل) بغرض الحصول على مبلغ مالي كبير من (جعفر العمدة)!.
كلمة أخيرة
يا صناع الدراما أرحمونا من صراع الإخوة الذي يتكرر كل عام في العديد من الأعمال الدرامية وكأن الحياة أصبحت غابة مليئة بالوحوش المفترسة من الإخوة الجاحدين الحاقدين الأندال، وراعوا ربنا في أجيال قادمة تنظر إلى علاقة الأخوة بشيئ من التقديس والاحترام!، فالأخوة ليست أسماء مرصوصة في بطاقة رسمية.. ولا أوراقا مرسومة في شجرة العائلة، إن الأمر يختلف تماما عند الرحم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الواصلُ بالمُكافئِ، ولكنَّ الواصلَ مَن إذا قطَعَتْه رَحمُه وصَلَها)، فمن يقيس عطاء الأخوة بقانون الأخذ والعطاء لن يحصد سوى جفاف المشاعر، وقسوة القلب، إن رابطة الأخوة من أعظم نعم الله تعالى علينا، ففيها يعيش الناس في دنياهم متحابين متراحمين مترابطين متناصرين، يجمعهم شعور أبناء الأسرة الواحدة، التي يحب بعضها بعضا، ويشعر كل منهم بحزن أخيه وتعبه وألمه، ويشد بعضهم أزر بعض، يحس كل منهم أن قوة أخيه قوة له، وأن ضعفه ضعف له، وهذه والله هى السعادة في دنيا الناس، ومن ثم ينبغي على صناع الدراما الانتباه إلى قيم الإخوة التي تنتهك على قارعة الشاشة الرمضانية بفعل درامي رجيم.