بقلم : بهاء الدين يوسف
تابعت خلال الأيام الماضية الجدل الدائر على مواقع التواصل الاجتماعي حول حقيقة الحالة المرضية للفنان (عادل إمام)، بعدما ظهر مذيع وصحفي ليؤكد في برنامجه أن (إمام) مصاب بالزهايمر وأن عائلته تخفي الخبر عن الناس في حين أن كبر السن أو المرض ليس عيبا حتى نخفيه.
ثم تحدث المنتج (عصام إمام) شقيق (عادل) مع برنامج تليفزيوني آخر لينفي تماما خبر إصابته بالزهايمر، معتبرا أن ما قاله المذيع المعروف بصلاته الواسعة مع جهات سيادية شائعات يستهدف بها (التريند) على حساب شقيقه الذي يستعد كما أوضح عصام لتصوير فيلم (الواد وأبوه) مع نجله الأصغر محمد.
لا أعرف في الحقيقة إذا كان الفنان (عادل إمام) مريضا – كما زعم المذيع – أم أن الامر لا يعدو كونه شائعة انتشرت مثل المئات من الشائعات المشابهة على (عادل) أو فنانين آخرين، لكن الأمر المؤسف بالنسبة لي أن كلا الاحتمالين واردين بنفس النسبة المئوية تقريبا، وذلك لأننا في مجتمع يفتقر للوضوح والشفافية والمصارحة كما يعتمد بشكل أساسي على الثقافة السمعية.
هذه السمات تجعل غالبية الشعب يصدق ما يسمعه ربما في الأتوبيس أو مترو الأنفاق أو الميكروباص، ثم يبدأ في ترديده ونشره لمن يلتقيهم في العمل أو من الأقارب والأصدقاء ليس فقط كمعلومة سمعها من مصدر مجهول وغير موثق التقاه صدفة في وسيلة مواصلات، وإنما يرددها باعتبارها معلومات موثوقة استقاها الراوي شخصيا من مصادرها الأصلية، وغالبا لا يكتفي بترديد ما سمعه ولكنه يضيف بعض البهارات الخاصة من عنده ليكسب الشائعة مصداقية إضافية، ولهذا أقول انني لا أستبعد أن يكون مرض (عادل إمام) شائعة انتشرت بفضل ثقافة المصريين السمعية.
إذا احتكمنا للمنطق فمن الوارد أن يكون الفنان الكبير – متعه الله بالصحة والعمر الطويل – يعاني من أعراض كبر السن بحكم بلوغه الثانية والثمانين من عمره، وبالتالي لا يمكن استبعاد أن يكون المرض حقيقيا وأن أسرته تخفي الخبر لأسباب لا أعرفها، وهو ما يتماشى مع طبيعة المجتمع الذي بتنا نعيش فيه والذي يفتقد للمصارحة والشفافية بشكل كلي تقريبا في كل المجالات وليس فقط الفن.
جرب أن تتابع أي شخصية عامة وحاول أن تتبع أخباره وتصريحاته ستجد عشرات الأخبار والتصريحات المتناقضة، وهو ما يعني أن هذا الشخص كاذب فاشل لا يستطيع حتى إتقان الكذب، أو أنه يرغب في خلق حالة من الحيرة لدى الناس لزيادة متابعيه وترويج عمله.
قديما قال أديب نوبل العظيم (نجيب محفوظ) في روايته (أولاد حارتنا) الذي تعرض للطعن يوما ما بسببها (إن آفة حارتنا النسيان)، لكنه لم يمتد به العمر حتى يعيش في زمننا هذا الذي تعددت فيه آفات حارتنا لتشمل النميمة والكذب وغير ذلك من نقائص، بحيث تحول النسيان إلى نعمة نتمنى أن نحظى بها ولم يعد أبدا آفة نخجل منها.